6 - تلقى تنظيم «التوحيد والجهاد» ضربات قاصمة من الأمن المصرى، ورجع معظم أفراده عن فكرهم، وحكم على بعض قادته،
خاصة الذين ساهموا فى تفجير شرم الشيخ 2004 بالإعدام، وقِتل الآخرون، وبذلك استقرت الأمور فى سيناء من 2005 حتى نهاية عهد مبارك.
لكن الحكومة لم تستفد من هذا الاستقرار شيئًا، فلم تنشر تعليمًا جيدًا، ولا أعطت لأهل سيناء حقوقهم، ولا ملكتهم بعضًا من أراضى سيناء،
بل تركتها صحراء جرداء فاصلة بغير علم، ولا صحة، ولا زراعة، ولا صناعة، ولا تعمير، وأصبح السيناوى الشاب بين أمرين،
إما أن يصبح تكفيريًا مستترًا إذا كان متدينًا، وإما أن يكون مهربًا أو تاجرًا للمخدرات، ولا وسط بين الاثنين،
فمعظم السيارات فى شمال سيناء كانت بلا لوحات ولا تراخيص، وليست هناك قاعدة بيانات حقيقية لأى شىء فى منطقتى رفح والشيخ زويد.
7 - فى أثناء ثورة 25 يناير هرب كل قادة «التوحيد والجهاد» من السجون المصرية بعد اقتحام السجون مع مجموعات أخرى من تنظيم «جند الله»،
وكانت قد نشأت علاقة بينهما، واستطاع أحد قادة «الناجون من النار» نشر فكر التكفير فى هذه المجموعات فى السجن،
حتى الذين تركوا هذا الفكر عادوا إليه بفعل هذا الرجل.
8 - استتبع انهيار الشرطة المصرية وأجهزتها السيادية انهيار كامل للأمن فى سيناء،
حتى أن أى ضابط أو شرطى لم يكن يستطيع أن يسير فى أى شارع من شوارع شمال سيناء،
وتم اقتحام معظم أقسام شمال سيناء، والاستيلاء على أسلحتها، ورفع علم القاعدة عليها، وإعلان سيناء إمارة إسلامية مستقلة،
وكان قسم ثالث العريش يتعرض للقصف المدفعى أو الصاروخى يوميًا ودون انقطاع، وكان يتم خطف ضباط وجنود الشرطة أو ***هم أو عمل كمائن لهم باستمرار،
لكن مصر المشغولة بالثورة وتداعياتها، حكومة وشعبًا، أهملت كل هذه الأخبار وسط سعى كل القوى السياسية إلى السلطة،
وإهمالها التام لسيناء. وقد كتبت مقالاً فى جريدة «الموجز» الأسبوعية بعد ثورة يناير بعدة أشهر، عنوانه «سيناء التمرة والجمرة»،
أى أنها إما أن تكون تمرة تحلى حلوق المصريين، أو جمرة تحرق قلوبهم وأفئدتهم، ويشهد على هذا المقال الذى كان نبوءة مبكرة لما سيحدث فى سيناء
الأستاذ ياسر بركات، رئيس تحرير «الموجز»، والأستاذ علاء إبراهيم، المحرر بالجريدة،
حيث تحادثنا تليفونيًا قرابة الساعة عن أن سيناء ستكون ملاذًا لكل الجماعات التكفيرية فى العالم، وأن تنظيم القاعدة قد يكون فيها بالفعل،
وسوف يسيطر عليها كاملاً خلال أشهر، وهذا ما حدث، وكل هؤلاء أحياء والحمد لله.
9 - انفتحت سيناء على الدنيا كلها، وبنيت آلاف الأنفاق لكل الأهداف، سواءً للتجسس، أو إدخال أو إخراج أسلحة أو مجموعات هاربة،
أو أغراض سياسية أو تجارية، أو مخدرات أو تهريب سيارات ووقود.. تدفق جزء كبير من السلاح الذى تم تهريبه من ليبيا إلى سيناء،
ومنها إلى أماكن كثيرة، وبعضه بقى فى سيناء، وكانت فيه أسلحة نوعية متطورة، منها صواريخ «سام» أرض جو،
وهى التى أسقطت بها «أنصار بيت المقدس» الطائرة العسكرية المصرية بكل سهولة، ومنها آلاف قذائف «آر بى جى»، وصواريخ وقذائف متطورة أخرى،
وامتلك التنظيم كل هذه الأسلحة المتطورة.
10 - انضم أفراد كثيرون من الجماعات التكفيرية القديمة، مثل جماعات «الشوقيين»، ومجموعات المطرية وإمبابة وبولاق وبنى سويف والفيوم والشرقية
إلى حركة «حازمون» التى جندت أيضًا كثيرًا من الشباب الجدد، وهؤلاء جميعًا انضموا بالتبعية إلى جماعة أنصار بيت المقدس
التى تلقت قبلة الحياة بهذا الكم الهائل من الأتباع، مع توفر الأسلحة التى لم يخطر ببالها أن تمتلكها، وتحققت لها سيولة مالية ضخمة فى ظل الفوضى
التى حدثت بعد ثورة 25 يناير، وانهيار معظم مؤسسات الدولة.
__________________
الحمد لله
|