(28) أَبُـــو الـمُــظَـــفَّـــــرِ الـسَّــمْـــعَـــــانِـــــــيُّ
هُـــــوَ: مَنْصُوْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ أَحمَدَ التَّمِيْمِيُّ، أَبُو المُظَفَّرِ السَّمْعَانِيُّ، المَرْوَزِيُّ، ثُمَّ الشَّافِعِيُّ المَذْهَبِ؛ الإِمَامُ الحَافِظُ، المُفَسِرُ العَلاَّمَةُ، الفَقِيهُ الفَهَّامَةُ، النَّحْوِيُّ الأَدِيبُ، مُفْتِي خُرَاسَان، وشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ فِي وَقْتِـهِ.
مَـوْلِــدُهُ: وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وعِشْرِيْنَ وأَربَعِ مِائَةٍ (426 هــ).
نَـشْــأَتُـــهُ: تَفَقَّهَ بِأَبِيْهِ عَلَى المَذْهَبِ الحَنَفِيِّ، فَصَارَ مِنْ فُحُولِ أَهْلِ النَّظَر، وأَخَذَ يُطَالِعُ كتبَ الحَدِيْث، وحَجَّ، فَرَأَىَ رَبَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ، فَقَالَ لَهُ: "عُد إِلَيْنَا يَا أَبَا المُظَفَّر". فَانْتبهَ، وعَلِمَ أَنَّهُ يُرِيْد مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ، وتَرَكَ طرِيقَتَه الَّتِي نَاظَرَ عَلَيْهَا ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وتَحَوَّلَ شَافِعيّاً، وأَظْهَرَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وسِتِّيْنَ وأَربَعِ مِائَةٍ، فَاضْطَرَب أَهْلُ مَرْو، وتَشَوَّشَ العَوَامُّ، حَتَّى وَرَدَت الكُتُب مِنَ الأَمِيْرِ بِبَلْخَ، فِي شَأْنه والتَّشدِيْدِ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ مِنْ مَرْوَ، ورَافقه أَبُو القَاسِمِ المُوسَوِي، وطَائِفَةٌ مِنَ الأَصْحَاب، وفِي خِدمته عِدَّةٌ مِنَ الفُقَهَاء، فَصَارَ إِلَى طُوْس، وقَصَدَ نَيْسَابُوْرَ، فَاسْتقبله الأَصْحَابُ اسْتِقبالاً عَظِيْماً أَيَّامَ نِظَام المُلْكِ، وعَمِيد الحضرَة أَبِي سَعدٍ، فَأَكرمُوْهُ، وأُنْزِلَ فِي عِزٍّ وَحِشْمَةٍ، وعُقِدَ لَهُ مَجْلِسُ التَّذكير فِي مَدرسَةِ الشَّافعيَّة، وكَانَ بَحْراً فِي الوعظِ، حَافِظاً ثَبْتاً، فَظَهَرَ لَهُ القَبُولُ، واسْتَحكمَ أَمرُه فِي مَذْهَب الشَّافِعِيِّ، ثُمَّ عَادَ إِلَى مَرْوَ، ودَرَّس بِهَا فِي مَدرسَةِ الشَّافعيَة، وقَدَّمه النِّظَامُ عَلَى أَقرَانِهِ، وكَانَ شَوكاً فِي أَعْيُن المُخَالفِيْن، وحُجَّةً لأَهْلِ السّنَّة؛ فَهُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ بِلَا مُدَافَعَةٍ، أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ المُوَافِقُ والمُخَالِفُ؛ مُتَّفَقٌ عَلَى إِمَامَتِهِ وفَضْلِهِ وعِلْمِهِ.
أَشْـهَـــرُ مُـصَـنَّـفَـاتِـــهِ: كِتَابُ (تَفْسِيْر السَّمْعَانِيّ) ثَلاَثُ مُجلَّدَات، وَ (الاِصطِلامُ) وَ (القَوَاطع) فِي أُصُوْل الفِقْه، وَ (البُرْهَان)، وَ (الأَمَالِي) فِي الحَدِيْثِ، وَ (الانْتِصَار بِالأَثَر) فِي الرَّدِّ عَلَى المُخَالفِيْن، وَ (المِنْهَاج لأَهْل السُّنَّة)، وَ (القَدَر).
قَـالُــوا عَـنْـــهُ:
- قَالَ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ: لَو كَانَ الفِقْه ثَوْباً طَاوِياً، لَكَانَ أَبُو المُظَفَّرِ السَّمْعَانِيّ طِرَازَهُ.
- وقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ: هُوَ وَحِيدُ عَصْرِهِ فِي وَقْتِهِ فَضْلاً وطَرِيقَةً، وزُهْداً ووَرِعاً، مِنْ بَيْتِ العِلْم والزُّهْد.
- وقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّفَّارُ: إِذا نَاظرتُ أَبَا المُظفَّر، فَكَأَنِّي أُنَاظِرُ رَجُلاً مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ، مِمَّا أَرَى عَلَيْهِ مِنْ آثَارِ الصَّالِحِيْنَ.
- وقَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ: الإِمَام الجَلِيلُ، العَلَم الزَّاهِد الوَرِع، أَحَدُ أَئِمَّة الدُّنْيَا.
- وقَالَ الذَّهَبِيُّ وابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ حَجَرٍ: إِمَامٌ.
وَفَــاتُــــهُ: تُوُفِّيَ أَبُو المُظَفَّرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، الثَّالِثَ والعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْع الأَوّل، سَنَةَ تِسْعٍ وثَمَانِيْنَ وأَربَعِ مِائَةٍ (489 هــ)، وقَد عَاشَ ثَلاَثاً وسِتِّيْنَ سَنَةً (63)؛ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 20-12-2014 الساعة 03:48 PM
|