اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جدو عبده
لا لالا --- إنت أكتر منى وطنية ---- هذا حقك
لكن من حقى أقول لك أنها وطنية بطعم الأنانية ----هذا حقى الذى تكره أن نسمعه منى
أما أن تضع الاحتلال العثمانى وما نتج عنه من تخلف وتدهور تام لأمه بأكملها ضمن الخلافة التى ينتظرها نبض كل مسلم
فهذا الموضوع ضرورى مراجعته بنفسك لنفسك
شكرا
|
لا ياسيدى لم أقل أنى أكثر وطنية من أحد ولا أملك أن أقول ذلك
وليس من حقك لا في أي عرف ولا في أي دين أن تصفنى بصفة الانانية .... هذا غير مقبول بالمرة
اما عن الخلافة العثمانية
فالمقال برمته لم يتعرض للخلافة العثمانية ولا حتى الدولة التركية الا من جانب التأثيرات الأيرانية على حالة الاستقرار الداخلى لتركيا من عدمه كنتيجة لانشطة ايران التوسعية في المنطقة
وأري أنه يجب تجاوز مثل هذا الخلاف حول الدوله العثمانية لان هذا الامر أصبح تاريخ ومن ثم نذكر السيئ منه والحسن لنتعلم منه
....
-------------------------------------------------
الدولة العثمانية مالها وما عليها
إيجابيات وسلبيلت الحكم العثمانى
حسنات الخلافة العثمانية:-
1 - توسعة مساحة الأرض الإسلامية: ويكفي أنها فتحت القسطنطينية ونتذكر هنا حديت الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " لتفتحن القسطنطينية، ولنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش ". وقد تقدمت في أوروبا حتى أنها وصلت إلى النمسا وحاصرتها أكثر من مرة، كما أنها استولت على كل جزر البحر المتوسط وجذبت لها الإسلام.
2 - الوقوف في وجه الصليبيين على مختلف الجبهات: فتقدموا في أوروبا الشرقية لتخفيف ضغط النصارى على الأندلس ولكن الأندلس سقطت لشدة ضعفها، وأنهوا الوجود البرتغالي في بلاد المسلمين. وجدير بالذكر أن الزحف البرتغالي كان من خططه السيطرة على البحر الأحمر واجتياح الحجاز والاستيلاء على قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ولكن الوجود العثماني منعهما ووقفوا في وجه الأسبان عندما حاولوا الاستيلاء على بلاد المغرب بعد سقوط الأندلس. ودعموا المسلمين ضد الروس في أواسط آسيا ومنطقة البحر الأسود.
3 - الإمبراطورية العثمانية تواجه الصهيونية: كان حلم اليهود منذ زمن بعيد إقامة وطن لهم في فلسطين. وفي هذه الفترة زاد نشاطهم، ويذكر أنهم قدموا عروض خيالية مغرية للسلطان عبد الحميد الثاني لنيل موافقته، فواجهوا الرفض بكل قوة وإصرار. كما أن العثمانيين منعوا اليهود من الإقامة بمنطقة سيناء بمصر.
4 - الإمبراطورية العثمانية حاربت الشيعة الرافضة المتمثلين في الدولة الصفوية، وقد كان المسلمون في بلاد الخليج والعراق يعانون أشد المعاناة من هؤلاء الرافضة.
5 - عملوا على نشر الإسلام: وقد أسلمت أكثر قبائل الشركس على أيديهم، ونشروا الإسلام في البلاد التي وصلوها في أوروبا وأفريقيا.
6 - أن دخول العثمانيين في بعض الأمصار الإسلامية حماها من بلاء الاستعمار الذي ابتليت به غيرها.
7 - كانت تضم أكثر أجزاء البلاد الإسلامية (تجاوزت مساحتها 20 مليون كم 2).
8 - كانت أوروبا تحارب العثمانيين على أنهم مسلمون لا بصفتهم ترك، فدافعها كان الحقد الصليبي، وهي ترى أنهم أحيوا الجهاد الإسلامي من جديد.
9 - كانت تمثل المسلمين، فهي مركز الخلافة، ولا يوجد سوى خليفة واحد في ديار المسلمين. لذا فهو رمز للمسلمين وينظرون إليه نظرة تقدير وإجلال واحترام.
سيئات الخلافة العثمانية:-
1 - في قمة السيئات نظام الحكم المطلق الذي يضع مقدرات هذه الإمبراطورية الفسيحة في يد شخص واحد هو السلطان، وسلطانه بلا حدود.
2 - الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، فمالية الدولة فاسدة، ولا توجد ميزانية ولا إصلاحات، والرشوة تملأ كل مكان، والحرية مفقودة، والمصادرات تهدد كل مالك، والجواسيس منتشرون في كل مكان بينما السلطان لا يهمه إلا هواه وشهواته.
3 - توالي السلاطين المنحرفين الطغاة على الحكم، وشهد القرن 13 هـ/19 م مجموعة من أشد الخلفاء استبدادًا وأ***هم بطشًا، بدأت بمصطفي الرابع، فمحمود الثاني، فعبد المجيد الأول، فعبد العزيز، فمراد الخامس.
4 - إضعاف العرب (خوفًا من بروزهم) فعزلوهم عن الوظائف المرموقة وأهملوهم تمامًا، فأصبح العرب في هذه الفترة جهلاء، مرضى، متخلفون، فقراء.
5 - إهمال اللغة العربية التي هي لغة القرآن والحديث الشريف وهما المصدر الأساسي للتشريع.
6 - عدم الوعي الإسلامي الصحيح لديهم، وعدم فهم الإسلام على أنه منهج حياة متكامل، فكان كثيرون منهم لا يعرفون من الإسلام سوى العبادات.
7 - كانوا يحرصون على تغيير الولاة باستمرار، وخاصة في أواخر عهدهم خوفًا من استقلالهم بولاياتهم. وهذا يؤدي إلى عدم معرفة الوالي الجديد بالمنطقة، وبالتالي يؤدي إلى الضعف والتأخر.
8 - عرف لدى بعض السلاطين *** إخوتهم خوفًا من المنافسة.
9 - كان بعضهم يتزوجون من النصرانيات لجمالهن فقط، ورغم جواز ذلك، فإن فيه إساءة كبيرة للأمة، لأنها قد تأثر على زوجها أو أبنائها السلاطين، أن تكون عين لقومها ضد المسلمين.
10 - سار العثمانيون على الحكم الوراثي كـ الأمويين والعباسيين، وكلهم مخالف للسنة.
11 - أعطوا العسكريين أكثر من حقهم، مما دعاهم إلى التسلط والتدخل في شؤون الحكم، حتى أفسدوا وطغوا.
12 - كان العثمانيون يكتفون من البلاد المفتوحة بالخراج ويتركون السكان على وضعهم القائم من العقيدة واللغة والعادات، فالحرص على نشر الإسلام لم يكن بالقدر المطلوب.
------------------------------------
13 - عندما أصبحت الخلافة ضعيفة في أواخر عهدها، ركز الجميع على النواحي السلبية فقط، فسلطت عليها الأضواء إلى أن سقطت الدولة.
عهد السطان بايزيد الصاعقة
السلطان الغازي بايزيد الأول (791- 804هـ)
تسلم السلطان الغازي بايزيد الأول الحكم وهو يبلغ من العمر 30 عامًا واشتهر بدوام الجهاد والحماسة الشديدة للإسلام حتى لقب باسم يلدرم، أي الصاعقة لإقدامه وانقضاضه المفاجئ على العدو.
نشاط السلطان الغازي بايزيد الأول في الأناضول:
بايزيد الأول الصاعقة السلطان العثمانيفي عام 793هـ ضم إمارات منتشا وآيدين وصاروخان دون قتال، ولجأ أبناء حكامها إلى قسطموني عاصمة إمارة أسفنديار، كما فتح مدينة الأشهر آخر المدن للروم في غرب الأناضول، كما تنازل له أمير القرمان علاء الدين عن جزء من أملاكه بدلاً من ضياعها كلها.
واشتهر علاء الدين بالمراوغة والخيانة كما سبق في عهد السلطان مراد الأول، فاستغل انشغال السلطان بايزيد بالجهاد في أوربا وهاجم العثمانيين واستطاع أن يسترد بعض الأراضي التي تنازل عنها، وأسر كبار القادة العثمانيين في الأناضول، فأسرع إليه الصاعقة بايزيد فهزمه وأسره هو وولديه، وبذلك انتهت إمارة القرمان, ولحقتها إمارة سيواس وتوقات ثم شق طريقه إلى إمارة أسفنديار ملجأ الفارين من أبناء الأمراء، فطلب من أمير أسفنديار تسليم الأمراء الفارين فأبى، فانقض عليه بايزيد وضم بلاده إليه، والتجأ الأمير إلى تيمورلنك الذي سيرد ذكره بعد قليل.
جهاده في أوربا:
عين السلطان بايزيد الأمير أصطفان بن لازار ملكًا للصرب، وسمح له بالاستقلال مقابل دفع جزية سنوية، ومساعدته هو وجنوده في أي وقت يطلبهم، وتزوج السلطان بايزيد أوليفير أخت أصطفان.
اتجه إلى القسطنطينية عام 794هـ وحاصرها، فهو بذلك أول سلطان عثماني يحاصر القسطنطينية، وتركها محاصرة ثم انطلق إلى الأفلاق وأجبر حاكمها على معاهدة يعترف فيها بسيادة العثمانيين على بلاده مقابل جزية يدفعها سنويًّا.
ضم السلطان بايزيد الأول نصف بلاد البلغار المتبقى بعد موت ملكها سيسمان، وأسلم ابنه فأخذه السلطان وجعله واليًا على صامسون، وبذلك أصبحت بلغاريا ولاية عثمانية.
دب الذعر في أوربا من انتصارات الدولة العثمانية, واستغاث ملك المجر بالبابا ونصارى أوربا فأعلن البابا قيام حرب صليبية على العثمانيين، واستجاب له دوق بورغونيا (تقع في شرق فرنسا) وأمراء النمسا وبافاريا (جنوب ألمانيا) وفرسان القديس يوحنا، الذين أخرجوا من عكا ثم إلى قبرص ثم رودس فمالطة, وسار الجميع في عام 798هـ وحاصروا مدينة نيكويلي شمال بلغاريا، ووصل جيش العثمانيين وكان بقيادة أمير الصرب أصطفان، ومعه كثير من النصارى الخاضعين للدولة العثمانية والجنود العثمانيين، والتقى الجمعان وهزم الجيش الصليبى هزيمة منكرة, وأسر الكثير من أمراء أوربا في هذه المعركة، منهم دوق بورغونيا الذي فدى نفسه بفدية كبيرة وأقسم للسلطان بايزيد ألا يقاتله أبدًا مادام حيا فرد عليه بايزيد بقولته الشهيرة: (إني أجيز لك ألا تحفظ هذا اليمين، فأنت في حل من الرجوع لمحاربتي؛ إذ لا شيء أحب إليَّ من محاربة جميع مسيحيي أوربا والانتصار عليهم).
وبعد هذا الانتصار دفع إمبراطور بيزنطة 10000 دينار ذهبية مقابل فك العثمانيين للحصار المفروض على القسطنطينية، وسمح للمسلمين ببناء مسجد لهم فيها.
الحرب مع تيمورلنك وتجزؤ الدولة العثمانية:
نتصور فيما ذكرناه حتى الآن عن الدولة العثمانية أننا نعيش في حلم جميل لا نريد الاستيقاظ منه, فإذا بنا نفاجأ بكابوس مفزع يصرفنا مؤقتا عن الحلم الجميل.
يأتي ذكر هذا الكابوس المفزع مع قدوم الهجوم الشرس الذي يشنه تيمورلنك من الشرق على الأمصار الإسلامية، وتيمورلنك كما أوردنا في تاريخ التتر المسلمين أنه ينتسب للإسلام اسمًا فقط، وقد جعل منه أعداء الإسلام سلاحًا من أسلحتهم المتعددة, يشوهون به الإسلام والإسلام بريء من أفعاله.
عندما وصل تيمورلنك إلى بغداد وخربها عن آخرها فر أميرها إلى السلطان بايزيد, فأرسل إليه تيمورلنك يطلب تسليم الأمير الفار، فرفض السلطان بايزيد فانطلق تيمور إلى الدولة العثمانية ودخل مدينة سيواس، و*** الأمير أرطغرل بن السلطان بايزيد الأول، وأخذ يتوغل في الدولة العثمانية حتى التقى بجيشه البالغ قوامه 80.000 مع الجيش العثمانى البالغ 150.000 في أنقرة سنة 804هـ، واستمرت المعركة من قبل شروق الشمس إلى ما بعد غروبها، ولكن أثناء المعركة انضمت من جيش السلطان بايزيد فرق آيدين ومنتشا وكرميان وصاروخان إلى جيش تيمورلنك، فانهزم السلطان بايزيد ووقع هو وابنه موسى في الأسر واختفى ابنه مصطفى وفر أبناؤه سليمان وعيسى ومحمد, وحاول السلطان بايزيد الفرار 3 مرات، ولكنه فشل فشلاً ذريعًا فأصابه الحزن الشديد من الإهانة التي لحقت به، وتوفي في عام 805هـ وقيل إنه انتحر.
استولى تيمورلنك على بقية أراضي الدولة العثمانية في الأناضول، ولم يتركها إلا وقد عادت الإمارات التي كانت موجودة فيها قبل أن تضمها الدولة العثمانية إلى التجزؤ من جديد.
وانتهزت الولايات الأوربية التي تحت الحكم العثماني ما حل بالدولة فأعلنت استقلالها, وهي البلغار والصرب والأفلاق فانكمشت الدولة العثمانية.
ومما زاد الدولة تمزقًا تنازع أبناء السلطان بايزيد على السلطة، فاستقل سليمان بالجزء الأوربي من الدولة العثمانية بما فيها مدينة أدرنه، وعقد حلفًا مع عمانويل الثانى إمبراطور بيزنطة ليساعده ضد إخوته, وأعطاه في سبيل ذلك مدينة سالونيك وبعض سواحل البحر الأسود وتزوج من إحدى قريباته.
أما عيسى فبمجرد وفاة أبيه أعلن نفسه سلطانًا في مدينة بورصة.
وأما محمد الذي كان مختبئًا في الأناضول فحينما خف ضغط التتار خرج ومن معه من الجند يقاتل ما بقي من التتار وتمكن من السيطرة على توقات وأماسب، واستطاع تخليص أخيه موسى من الأسر وسار لمحاربة إخوته.
انتصار محمد على إخوته وانفراده بالسلطة:
استطاع محمد أن ينتصر على أخيه عيسى بعد عدة معارك بينهما، و*** عيسى ثم أرسل جيشًا بقيادة أخيه موسى لمحاربة أخيهما سليمان، ولكنه عاد يجر ذيل الخيبة وراءه، ولكنه لم ييئس فحاول موسى مرة أخرى الهجوم, واستطاع في هذه المرة أن ينتصر و*** سليمان على أبواب أدرنه عام 813هـ.
اتجه موسى لتأديب الصرب على موقفهم أثناء الهجوم التتري، وحارب ملك المجر الذي حاول مساعدة الصرب وانتصر موسى عليه.
وأراد موسى أن ينفصل بالجزء الأوربي، وضرب الحصار على القسطنطينية، فاستنجد إمبراطورها بالأمير محمد الذي أسرع فعقد حلفًا مع إمبراطور القسطنطينية، وملك الصرب ضد أخيه، وانتصر الحلف و*** الأمير موسى وانفرد الأمير محمد بالسلطة
----------------------------------
دور أتتاتورك في القضاء على الخلافة
د/مصطفي حلمى
طال بنا العهد منذ حركة الانقلاب الكمالية على الخلافة العثمانية؛ حتى نسي الجيل الحاضر أنه كانت هنا أمة إسلامية واحدة تضافرَت عليها القوى العادية للإجهاز عليها. والواقع أن معالجة الخلافة بالطريقة التي تُدرس بها حاليًّا في المدارس والجامعات، ما هي إلا مجرَّد ترديد لآراء المُستشرِقين مِن اليهود والنصارى، ذات القوالب التفسيرية التي تُساوي بين الخلافة والاستعمار، وتمجِّد الثورة العربية، وغير ذلك مِن آراء غربية، لا يُمكن لباحث مسلم أو حتى محايد أن يوافِق عليها؛ إذ تتضمَّن تزويرًا للتاريخ، وتشويهًا للحقائق، لا سيما حينما تُصوِّر مصطفى كمال أتاتورك في صورة البطل المنقذ.
ولذلك فهذه الأبحاث تتجاهل واقعتَين هامتين:
أولاهما: رفَض السلطان عبدالحميد بَيع أرض فلسطين لليهود، فقام أعضاء جمعية الاتحاد والترقي بحركة انقلاب ضده وأقصَوه عن الخلافة، وقدم له " قرصوه " وهو يهودي قرار العزل نكاية فيه وانتقامًا منه؛ لرفضه إجابة المطالب اليهودية، ثم شوَّهوا سُمعتَه، وأساؤوا إلى تاريخه في صفحات الكتُب، ويَنبغي على كل مَن يتعرَّض لبحث العلاقة بين اليهود وإسقاط الخلافة أن يَقرأ مُذكِّرات السلطان التي نُشرت أخيرًا[1].
الثانية: كان مصطفى كمال أتاتورك مِن طائفة الدونمة ذات الأصل اليهودي، ولمَن شاء أن يعرفه، فليَرجع إلى المُدافع عنه وكاتب سيرته المسمى بـ أرمسترونج، الذي ضمَّن كتابه كثيرًا من الأوصاف التي تَجعل منه منافسًا لأعتى جبابرة التاريخ.
والحق أنَّ الكتاب بأكمله يعدُّ وثيقة إدانة لا سجلَّ شرف وفخر كما حاول أرمسترونج أن يفعل، مثال ذلك قوله: "ولو أنه وجد في عصر جنكيزخان لبزَّه في عبقريته الحربية، وعزيمته الجبارة، التي لا تُضعفها عاطفة أو رحمة أو وفاء"[2].
ولِمَ يحتاج إلى الرحمة والوفاء، وقد خلَع رداء الإسلام فانقلب كالوحش الكاسر ضدَّ الشعب التركيِّ طاعنًا إياه في عقيدته؟ فقد كان معروفًا للملأ إهماله للدِّين في حياته الخاصة، ومخالفته لكل قواعد اللياقة، وسُخريته من كل الأوضاع "المقدَّسة"[3].
ولو مضَينا في تتبُّع أدوار حياته، لخرجْنا بفِكرة صحيحة عنه.
كلمة عن الخلافة العثمانية[4]:
إذا التزمنا بمنهج الدراسة التحليلية النقدية لتاريخ الخلافة العثمانية، فإنه ينبغي التدقيق في بحث عوامل ثلاثة تشكل أعمدة هذه الدراسة، وهي:
أولاً: الالتزام بمنهج التصور الإسلامي في نظرته للتاريخ؛ حيث تتشكَّل أحداثه وتمضي حركته وفق قاعدتَي:
(أ) المد والجزر: إن المد والجزر في تاريخ الإسلام وأحوال المسلمين تابعان للمد والجزر في الإيمان وقوة معنوياتهم التي تَنبثِق مِن الدِّين[5].
(ب) حقيقة الدفع بين أهل الحق وأهل الباطل؛ قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251]؛ أي: لولا الله يدفع عن قوم بآخرين كما دفع عن بني إسرائيل بمُقاتلة طالوت وشجاعة داود، لهلَكوا، كما قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40][6].
ومثل هذه النظرة تحذِّرنا عِلميًّا وإسلاميًّا مِن اقتفاء أثر كتابات المُستشرِقين، الذين نظروا إلى الخلافة نظرةً حاقدةً متحيِّزةً، سببُها ما ورثوه مِن آبائهم وأجدادهم عن الدور الذي لعبتْه هذه الخلافة في تاريخ أوربا؛ فقد كانت جيوشها بين كرٍّ وفرٍّ حتى طرقت أبواب فيينا، إلى جانب خطأ وضع الخلافة في مصافِّ الدول الاستعمارية وتشبيهها بها.
ولعلاج مساوئ هذه النظرة، على الباحث أن يتحرَّك مِن نظريات بصمات الحقد والعداء، التي لا بد وأن يظهر أثرها في مؤلفاتهم.
على الباحث إذًا البدء مِن التصور الإسلامي للخلافة كنظام للحكم، ورابطة دينية وسياسية وحَّدت المسلمين على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم في إطار واحد، فأوجدت روح التضامن بينهم، وميَّزتهم كأمة إسلامية بصرف النظر عن تضارُب المصالح، أو ظهور الاختلافات التي لا بد منها بين عناصر الأمة.
والدراسة طبقًا لهذا المنهج تقتضي بحث ما آلت إليه الخلافةُ العباسية بعد انحلال رابطتها على أثر سقوط بغداد عام 656 هـ، مع استمرارها في شكل ولايات متناثرة حافظت على اسم الخلافة ثم قيامها مرة أخرى على أسس قوية بواسطة الأتراك العثمانيِّين، الذين قاموا بفتح القسطنطينية وهي العاصمة الشرقية للدولة الرومانية بواسطة محمد الفاتح.
ولا يَنبغي أيضًا إغفال الدور الكبير الذي قام به السلطان عبدالحميد في المحافَظة على الخلافة في وجه أعدائها.
يقول الدكتور الريس رحمه الله:
"إن تاريخ الخلافة الإسلامية في الدول التي تفرَّعت عنها كانت سلسلة مِن أمجاد، وحلقات مِن انتصارات؛ ففي عهودها حدثَت المواقع المجيدة، في اليرموك، والقادسية، ونهاوند، وأجنادين، وبابليون، والقيروان، وغيرها، ثم مواقع حطين، وعين جالوت، والمنصورة وأمثالها، فليت لنا اليوم جزءًا مِن قوَّة أو أمجاد الخلافة الإسلامية والدولة الإسلامية التي كانت مُرتبِطة بها أو مماثلة لها"[7].
abdo.jpg
السلطان عبد الحميد الثاني
السلطان عبد الحميد الثاني
ويُحدِّثنا التاريخ بأن الخلفاء أو السلاطين العثمانيِّين الأوائل أبلوا بلاءً حسنًا في رفع شأن دولتهم، وفي نصرة الإسلام ونشرِ لوائه، وظلَّت الخلافة مُزدهِرة ومؤثِّرة في سياسة العالم في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، فكانت الدولة العثمانية تمثِّل الإسلام أقوى الدول في أوربا كلها، وربما العالم[8].
أما الانهيار، فقد ظهرت بوادرُه في القرن الأخير، وقبل إعلان سقوطها بواسطة حركة الانقلاب العسكري بواسطة جمعية الاتحاد والترقي.
حيث أسهم أعضاء هذه الجمعية بالقِسط الوافر في إنهائها، وثبَت أنهم لا يَنتمون إلى السلالة التركية العُثمانية، ولكنهم خليط مِن أجناس وأديان وقوميات مختلفة، وقاموا بحركة الانقلاب ضدَّ السلطان عبدالحميد؛ بسبب رفضه السماح لليهود بشراء أراضي فلسطين[9].
وفي هذا الصدد، كتب السيد رشيد رضا في مجلة المنار آنذاك يقول: "وإن ملاحدة الترك هم الذين يَبثُّون الدعوة إلى تشويه الدولة العثمانية، ويبثُّون الدعوة إلى الإلحاد، ويُحرِّضون الزنادقة والمرتابين على ترك الإسلام واحتقار تشريعه وآدابه، ولبس قلانس الإفرنج، وإثارة الغيرة القومية والعصبية ال***ية، وقلما ثبَت لهؤلاء الملاحدة نسبٌ صحيح في الشعب التركي الذي صار عريقًا في الإسلام، بل هم أوشابٌ؛ منهم الروسي، والرومي، والبلقاني، واليهودي الأصل، وقد سلطوا على إفساد هذا الشعب؛ بدعاية العصبية ال***ية، وترجمتهم للقوانين الأوربية، ولبسهم البرنيطة، وإن السواد الأعظم من الترك يمقتون هؤلاء الكماليين أشد مما كانوا يمقتون إخوانهم الاتحاديِّين"[10]؛ لذلك يقتضي البحثُ الاستنادَ إلى المصادر الإسلامية التي أُبعِدت عن عمدٍ في الكتب الدراسية، وقُدِّم بدلاً منها مصادر الدوائر الاستشراقية وتلاميذها.
ونقصد بالمصادر الإسلامية الكتبَ التي ألفها العلماء المسلمون المعروفون بالصدق والنزاهة العلمية، والذين نذروا أنفسهم لخدمة الحق، وتصوير التاريخ بمحاسنه ومساوئه[11].
يَنظر نقادُ الخلافة مِن زاوية واحدة، ويَتجاهلون العوامل الآتية:
1- روح العداء الصليبي واليهودي نحو الخلافة الذي ظل حيًّا لم يَخمد، وظهر في أشكال المعارك العسكرية الضارية، والغزو الثقافي المتواصِل. ولعل القارئ لكتاب الدولة العلية كمثال يلاحظ أن الدول الأوربية كثيرًا ما فرضَت الحروب على الدولة العثمانية فرضًا، وكان معظم السلاطين يتفادَون الحروب، لا سيما السلطان عبدالحميد.
2- التفوق العسكري الغربي الذي أخذ يعمل لتحقيقه منذ صدمة الغرب لهزيمته في الحروب الصليبية، فعاد بروح الانتقام والتصميم، فطوَّق العالم الإسلامي بالسيطرة على المحيطات (إنجلترا والبرتغال).
3- لم يُحقِّق أتاتورك أغراضه إلا بكسر إرادة الجماهير المسلمة، التي خدَعها في البداية ثم تنمَّر عليها، فقمع ثورات المسلمين وعلماءهم بأشدِّ أنواع القوة والقسوة، وتاريخ حركة الجهاد الإسلامية بقيادة الشيخ سعيد النورسي تشهد بذلك، وقام أتاتورك بقمع الحركات الإسلامية الشعبية بالقوات العسكرية والمحاكم الثورية الظالمة، التي لا تَحمل مِن حقيقة المحاكم إلا الاسم؛ لأنها كانت تُنفِّذ أحكامًا صدرت قبل انعقادها!
4- هذه العوامل وغيرها ينبغي أن تُحفِّزنا إلى دراسة ذلك كله بمنهج التفسير التاريخي، وبالنظر إلى أحداث التاريخ بمنظار "التدريب القرآني"؛ فإننا نرى استمرار تدافُع الحق والباطل، ولكي نُمسِك بخيوط التدافع في عَصرِنا الحاضر، لا بد أن نبدأ بالغزو الغربي وموجات الاصطدام بالشرق الإسلامي، وأيضًا فإن النكبة التي سببها أتاتورك ما زالت تتفجَّر لتَهدم ولا تبني.
5- البحث عن المخطوطات المدفونة في المكتبات الشرقية والمنهوبة في المكتبات الغربية، واتخاذها كمصادر لأبحاث جديدة، بدلاً مِن الحلقات المفرغة الدائرة في فلك نفس المصادر المعتادة، والتي روجها أعداء الخلافة العثمانية[12].
المصدر: شبكة الألوكة
[1] مذكرات السلطان عبدالحميد، ترجمة د. محمد حرب عبدالحميد، ط دار الأنصار بالقاهرة 1978 م، وأيضًا مذكرات نُشرت باللغة العربية.
[2] أرمسترونج: مصطفى كمال (ص: 244)، ترجمة حلمي مراد، دار المعارف بمصر، سلسلة اقرأ 407 سنة 1976 م، أو الذئب الأغبَر.
[3] أرمسترونج: مصطفى كمال أو الذئب الأغبَر (ص: 206).
[4] يسرُّنا التنويه بالموسوعة التي أصدرها الأستاذ الدكتور عبدالعزيز الشناوي تحت عنوان: "الدولة العثمانية - دولة إسلامية مفترى عليها" في ثلاثة أجزاء - مكتبة الأنجلو المصرية 1984، ولكن لم نطَّلع عليها إلا والكتاب ماثل للطبع، ولعلنا نعود إليها في أبحاث أخرى - بمشيئة الله تعالى.
[5] أبو الحسن الندوي: المد والجزر في تاريخ الإسلام (ص: 92) الشركة المتحدة، بيروت - دمشق، دار القلم 1391هـ - 1971م.
[6] تفسير ابن كثير (1: 3004) دار الفكر، بيروت 1401هـ - 1981م.
[7] د. محمد ضياء الدين الريس: الإسلام والخلافة في العصر الحديث؛ (نقد كتاب الإسلام وأصول الحكم) (ص: 284)، منشورات العصر الحديث 1393 هـ - 1973 م.
[8] نفسه (ص: 40، 41).
[9] والآن، وبعد نشر مذكرات السلطان عبدالحميد، وظهور كثير مِن الوثائق التاريخية، فضلاً عن واقع أحوال المسلمين بعد كسر شوكة الخلافة ومعرفة الأسرار وراء حركة إلغائها، الآن ينبغي إنصاف هذا السلطان المفترى عليه، وكتابة تاريخ الخلافة العثمانية أيام سلطنته بأمانة وصدق؛ لمَحوِ آثار الأكاذيب التي أحاطه بها المؤرخون الغربيون من اليهود والنصارى؛ لدوافعهم التي لم تعد خافية.
ولمناسبة حديثنا عن الخلافة، فإن الرجل رحمه الله تعالى كان بحكْم موقعه يدرك تمامًا أهمية هذا النظام السياسي الإسلامى وخشية الدول الأوربية منه، قال في مذكراته: "ولكن الدول الكبرى التي تحكم شعوبًا مسلمة عديدة في آسيا، مثل إنجلترا وروسيا، ترتعد مِن سلاح الخلافة الذي أحمله؛ لهذا السبب استطاعوا الاتفاق على إنهاء الدولة العثمانية"؛ (ص: 67)، مِن مذكرات السلطان عبدالحميد، ترجمة وتقديم د. محمد حرب عبدالحميد، دار الأنصار بالقاهرة: 1978 م.
[10] ينظر كتاب الأستاذ أنور الجندي "تاريخ الصحافة الإسلامية" الجزء الأول: المنار (ص: 149)، دار الأنصار بالقاهرة سنة 1983 م.
[11] ونقصد مؤلفات أمثال الأساتذة الأفاضل: مصطفى كامل بكتاب "المسألة الشرقية"، محمد فريد "تاريخ الدولة العلية"، مصطفى صبري "النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة"، "موقف العقل والعلم من رب العالمين وعباده المرسلين" الجزء الرابع، د. محمد ضياء الدين الريس: "الإسلام والخلافة في العصر الحديث"، "الشرق الأوسط في التاريخ الحديث"، الموسوعات التاريخية للأستاذ أنور الجندي ومقالاته وكتبه عن الخلافة العثمانية، موسوعة الدكتور عبدالعزيز الشناوي "الدولة العثمانية - دولة إسلامية مفترى عليها" في ثلاثة أجزاء، وما كتبه عن الخلافة العثمانية أمثال الأساتذة: د. فهمي الشناوي، لا سيما بمجلة "المختار الإسلامي"، والأستاذ سعيد الأفغاني، والأستاذ فتحي رضوان، والشيخ رشيد رضا، والأمير شكيب أرسلان، وينظر أيضًا مذكرات السلطان عبدالحميد التي نُشرت حديثًا وصحَّحت كثيرًا مِن المفاهيم بعد أن فضحت التاريخ المزوَّر في العصر الحديث.
[12] ومما يَجدر ذكره بهذا الصدد أن في إستانبول - وهي العاصمة التي لم يتمَّ غزوُها، وبالتالي لم يتم سرقة مخطوطاتها ووثائقها وآثارها مِن قِبَل المستعمرين - ففي تركيا حوالي مليون مخطوطة ومائة مليون وثيقة!
ينظر استطلاع سليمان الشيخ عن "إعادة كتابة التاريخ الإسلامي في مركز الأبحاث بإستانبول"، بمجلة العربي، العدد 311 أكتوبر سنة
هذا غيض من فيض حتى نتجاوز هذا الخلاف
شكرا على المرور