
07-02-2015, 06:43 PM
|
عضو لامع
|
|
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
|
|
عشرون جنيه + عشرون جنيه = عدد لا نهائي!!
لم أكن حينها ميسورة الحال ، بل كانت تغلبني الشدائد ، لكنه لم يحرمني الإصرار و الأمل و تلك كانت بعض الأدوات لبناء حياتي .
إصرار يدفعني للمشي مهما ثقلت قدماي إلى جامع قريب أؤدي فيه الصلاة جماعة و أضع صدقة هينة بربع جنيه ، نصفه أو أكثر بحسب ما تيسر .
ذات ممشى تواجهني يافطة من قماش أبيض جوار الجامع. تعلن عن دار للأيتام مشهورة في مصر تتخذ لها فرعاً جديداً في الحي قرب الجامع .
أقطع الشارع كله بحثاً عنها فلا أجدها . أكرر البحث بدقة .. يقهرني العجز فأفوض أمري للذي خلقني أنه قدّر و ما شاء فعل .
أصلي طويلاً فيفتح ما يفتح . ذات ممشى في هذا الشارع أجد أنني أمام الدار في شارع جانبي لم أره قبلاً!
أفتش حقيبتي فتسفر عن عشرين جنيهاً ، أقلبها مترددة فهي آخر ما معي حالياً ... شيء يوسوس في صدري : لا تترددي !
في الدار ، تسألني شابة لطيفة يشرق وجهها بنور حجابها و تبيض يدها الصدقة ، فيم توضع؟ أعرف تماماً : جاموسة عُـشر لأم أيتام .
في البيت أفكر ملياً فيما فعلت . تحتل الوساوس صدري تمنع عني النفس ، ينقذني ذكر الله فأسبّـح و أدعو المولى ، فتغمرني سكينة توحي أن الذي وقع انتهى و أنه مقدر.
حين يستقبلني الشارع مرة أخرى ، تلقاني امرأة : أنت مدرسة أليس كذلك ؟
_ أجل .
تعرفني بنفسها ، ثم تطلب مني تعليم ابنيها القراءة و الكتابة مقابل مبلغ شهري لا بأس به .
لا أطيل التفكير و أوافق . في نهاية الحصة تمنحني عشرون جنيهًا فاستثمرها بالصدقة في دار الأيتام مجدداً. الجاموسة العشر.
فصل يتبعه مئات و ألوف ... حتى أصل إلى مشهد فريد ، ثقوا بي: كان رائعاً .
*******
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "داووا مرضاكم بالصدقة." حسنه الألباني في صحيح الجامع
*******
حلم راودني طويلًا
تجمع دار الأيتام أموال المتبرعين ثم تشتري جاموسة عشر (حامل في خمسة أشهر) و تعطيها لأم أيتام في إحدى القرى الفقيرة . و لطالما تمنيت أن يمن الله علي بالمال لأشتري أكثر من جاموسة كي تستغني الفقيرة و ينمو اقتصاد البلد عوضاً عن الاستهلاك المتخلف الذي يمارسنا ببلاهة .
و قد منّ الله علي بمال فدفعت ثمن عدة جواميس في الدار. هنا تتلقاني مديرة الدار بالترحيب و تصر أن أحضر حفل تسليم الجاموس للفلاحات .
أتردد في الذهاب ، لكنها تضغط برفق لأذهب معها . يناولني مدير المشروع وثيقة تمليك الجاموسة لأسلمها بيدي للأرملة مع مظروف به بعض المال لاطعام الجاموسة ريثما تدر عليها دخل من بيع اللبن و القشدة . هنا ألقي التردد خلفي و أعانق حلمي . أشد على أيادي أربعين أرملة بوثيقة تملك جاموسة لكل منهن ، يظلنا توفيق المولى من حر الدنيا و هجير الآخرة .
ينتهي التسليم مذيباً حمى لازمتني ربع قرن و تذوي آلام مفاصل يدي تلك التي حرمتني كفاءة استخدام يداي.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها)
*******
سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته .
*******
|