
19-02-2015, 11:59 AM
|
عضو لامع
|
|
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
|
|
التبرع بالدم
دق هاتفي الجوال بعد لحظة من إتمامي وتر العشاء .
على الطرف الآخر : مسؤولة التبرع بالدم في مؤسسة خيرية تطوعت بها:
تخبرني أن أباً يبحث عن متبرع من فصيلة أو السالبة لابنه الوليد ، صمتت برهة أفكر ، أعطتني رقم جوّال الأب ثم أغلقت الخط على عجل .
تلك فصيلتي ، يعيي البعض إيجاد متبرع بالدم من هذه الفصيلة لأمر عاجل .
اتصلت بالرجل أستطلع الأمر فأنا لا أعرفه و كلنا نتعامل مع المؤسسة بلا معرفة سابقة .
_ الوليد مصاب بالصفراء و يحتاج الدم عاجلاً و لا يوجد في بنك الدم في المستشفى الخاص دم يشتريه (يقلقني أن يباع الدم و يشترى لكن الأصل التطوع تائه ) .
_ سأحضر للمستشفى في صباح اليوم التالي للتبرع للوليد بإذن المولى .
التبرع بالدم كان يشغل بالي قبل تلك المكالمة. أدعو مالك الملك أن ييسره ، فأنا أقيم حاليًا في القاهرة الجديدة بعيدًا عن المواصلات . يشق علي الطريق، يبدو كالسفر .
يملأني الهم و يرافق البكاء صفحة وجهي . لا أدري ما الذي انتابني ، أ مسني من المتصل شيء أم هي نفسي المتقلبة التي لا تثبت على حال؟
و ما حكمي فيم لا أملك ؟ يراودني حلم السيطرة على جموحها ثم يبتعد فلا ألمح طيفه.
مشاعري كدقات قلبي ملك من خلق فسوى ، إرادتي سراب يتراءى لكنني أعرف كذبه .
و قد أفنيت عمراً أمد البصر و أطقطق السمع كي أفهم و أدرك و أصون المصالح فلم أجن ِ سوى ضياع وقت جم فيما لا يُدرك .
لماذا تنفر النفس من شيء و تميل لآخر تراه خير لها ؟ حساب المصلحة الظاهرة لا يحسم الإجابة. ألا من سهم واضح الدلالة منير فلا أضل ؟!
يا الله ، يا مالك الملك ، يا ذا الجلال و الإكرام ، ارحم ضعف قوتنا و قلة حيلتنا .
يا كريم لا تقطعنا . يا سميع يا بصير، أرن ِ العقل و الحكمة و البصيرة في هذا الأمر وغيره مما يعجزني ولا يعجزك .
يا قادر هب لي من قدرتك و ابسط علي من بركات اسمائك الحسنى فيكون لي علم و حكمة و بصيرة.
... صليت ركعتين و لم أطل و ختمتها : ممن تحبك بقدر ما تقدر
بانتظار ردك .
التوقيع دموعي ، لا يتركني لنفسي إذ يراها .
يهرول الصباح ، إلى المستشفى إذاً .
_ لا انتظري .
_ لا أرغب في التلكؤ.
_ اصبري قليلاً .
رنين الهاتف ، أجل هذا رقم الأب الملهوف .
_ لا عليك ، لا تأتي . قرر الطبيب أن يجري تحليلاً للدم ، يرى الوليد في تحسن و يظنه لن يحتاج لنقل الدم أصلاً. سأتصل إن احتجت للدم .
له الفضل و المنة . ليست أول مرة ندعوه فيفرج البلاء بلا سبب .
إرادتي يسخر منها الضعف. لكن يومي صار اليسر بناؤه و البركة نور فعله . ما كان عالقاً في أمسي ، انفعل ليداي و طاوعني .
أتوقع الأسوأ فيفاجئني الخير على جناح السرعة فيملأني الرضا انشراحاً.
سبحان رب العزة ملأ البر و ملأ البحر و ملأ ما شاء من شيء بعد
|