عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25-04-2015, 02:10 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

قصة الخلافة العثمانية

الخلافة العثمانية .. حامية الدين والأمة

عبد المنعم إبراهيم الجميعي



العثمانيون وشمال إفريقيا
وباسم الإسلام، تقدم العثمانيون لمساعدة عرب شمالي أفريقية في الصراع الصليبي مع الإسبان والبرتغاليين الذين حاولوا احتلال هذه الأقاليم وتحويلها إلى المسيحية، فأعلن السلطان سليم الدعوة إلى الجهاد في شمالي أفريقية، وأمر بتكوين كتائب المجاهدين حتى استقرت الأمور للإسلام والمسلمين هناك.



وباسم الإسلام، ساندت الدولة العثمانية أهالي طرابلس في مقاومة الخطر الصليبي على بلادهم، بعد أن أرسلوا إلى السلطان سليمان القانوني يلتمسون منه التدخل لإنقاذهم لتحرير بلادهم من الإسبان الذين استولوا عليها وفرسان القديس يوحنا الذين استهدفوا تغيير الوجه الإسلامي لبلادهم، وقد أرسل السلطان سليمان قواته للمحافظة على هذه البلاد العربية الإسلامية حتى استقرت الأمور هناك [11].

وباسم الإسلام، قام العثمانيون بملاحقة فرسان القديس يوحنا وطردهم من رودس ثم من ليبيا عام 1551م، وكذلك قاموا بكسر شوكة الإسبان في حوض البحر المتوسط الغربي، وباسم الإسلام، وقفت الدولة العثمانية أمام زحف الصفويين الشيعة الذين تمكنوا من الاستيلاء على العراق، ونشر المذهب الشيعي في الأناضول، وراحوا يحملون الناس قسراً على الدخول في مذهبهم، ولا يترددون في إفناء مدن بأسرها، والقضاء على العلماء والأعلام زرافات ووحداناً حين يرفضون الاستجابة لدعوتهم، ويتمسكون بالمذهب السُّنِّيّ.

وكان من نتيجة ذلك قيام السلطان العثماني سليم الأول بغزو فارس والالتقاء مع الصفويين بوادي جالديران في أواخر عام 920هـ/ 1514م في معركة رهيبة استطاع فيها العثمانيون هزيمة الصفويين في جالديران ودخول عاصمتهم تبريز في 14 من رجب 920هـ وضم ولايتي ديار بكر وكردستان إلى بلاده والاستيلاء على خزائن الشاه، والقضاء على المد الشيعي في الأناضول والعمل على انحساره في العراق.

وبذلك استطاع العثمانيون حماية المذهب السني من خطر الزحف الشيعي الذي كان الشاه إسماعيل الصفوي يأمل في نشره في كافة أنحاء المشرق العربي والقضاء على المذهب السني. ولم يكتف العثمانيون بذلك، بل خاضوا العديد من المعارك مع الفرس دفاعاً عن العراق الذي كان الفرس يتطلعون إليه دائماً، ويرغبون في صبغته بالصبغة الشيعية ولو بحد السيف.

وبالرغم من أن ذلك كلفهم العديد من الرجال والعتاد، فقد تمكنوا من حصر المذهب الشيعي في فارس، ولم يسمحوا بتسربه إلى البلدان العربية الواقعة تحت سيطرتهم، وبذلك ظهر سلاطين الدولة العثمانية أمام العالم الإسلامي بمظهر المدافع عن الشريعة الإسلامية، والحماة التقليديين للمذهب السني. وباسم الإسلام، عدَّ الأتراك أنفسهم حراساً لدولة الإسلام، وقد دفعهم ذلك إلى الاحتفاظ بحاميات في الأقاليم العربية التابعة لهم [12].

وباسم الإسلام، أصدرت الدولة العثمانية بعد فتحها لمصر فرماناً بمنع اليهود من الهجرة إلى سيناء على أساس أنها تضم الوادي المقدس طوى الذي كلم فيه الله سبحانه وتعالى موسى عليه السلام، فقال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، وقال أيضاً: {جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]. وسار سلاطين الدولة العثمانية على هذا المنوال حتى جاء الإنجليز وسيطروا على مصر في عام 1882م، فتغيرت الأوضاع هناك.



وباسم الإسلام، استولى العثمانيون على قسم كبير من الحبشة (1529م – 1542م) في المعركة التي دارت رحاها بينهم وبين القوات البرتغالية، والتي قاتلت فيها القوات العثمانية إلى جانب المسلمين، بينما قاتل البرتغاليون إلى جانب الأحباش، وقد خرجت الحبشة من القتال وقد أصابها الدمار ونقص سكانها [13].

وباسم الإسلام، قام السلطان عبد الحميد الثاني بالدعوة إلى الجامعة الإسلامية، خصوصاً وأن مبعث ولاء المسلمين للدولة العثمانية كان دينياً، حيث كانوا مكلفين شرعاً بطاعة السلطان باعتباره الخليفة والأب الروحي للمسلمين، ونائب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليهم أن يسمعوا له ويطيعوا.

ومن هنا رأى السلطان عبد الحميد الثاني استخدام هذا الولاء في حماية البلدان الإسلامية من الأخطار التي تحيط بها، وإنقاذها من حالة التفسخ والركود الذي تغلغل بين أفرادها. فدعا إلى جامعة إسلامية تجمع بين المسلمين مهما اختلفت لغاتهم وبلادهم.

وباسم الإسلام، قام السلطان عبد الحميد الثاني بإنشاء سكة حديد الحجاز التي تصل دمشق بالمدينة المنورة، وبذلك شهدت الأراضي الإسلامية المقدسة لأول مرة في التاريخ خطّاً حديدياً، يخدم حجيج بيت الله الحرام، ويوفر لهم الأمن والسرعة والراحة بعد أن كانوا يستخدمون قوافل الجمال ويتعرضون للعديد من المخاطر، فكان ذلك أعظم هدية قدمها السلطان عبد الحميد للمسلمين [14].

وباسم الإسلام، وقف السلطان عبد الحميد الثاني ضد استيطان اليهود في فلسطين. فعندما عرض عليه هرتزل حل أزمته المالية نظير السماح لليهود بالاستيطان في فلسطين، رفض طلبه وحسم الموقف معه بقوله: "إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض؛ فهي ليست ملك يميني، بل ملك شعبي. لقد ناضل شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم".

ولإحساس السلطان عبد الحميد بعدم توقف الضغوط اليهودية عليه، بدأ يهتم بالأوضاع الإدارية في بيت المقدس، فجعلها متصرفية تابعة للباب العالي مباشرة بعد أن كانت تابعة لباشا دمشق؛ كما عين محمد شريف رؤوف باشا المشهور بشدته متصرفاً على القدس. ويضاف إلى ذلك أن الدولة العثمانية حافظت على تقاليد الخلافة السابقة في اعتمادها على القرآن مصدراً للتشريع، وإن كانت تحيد عن بنوده في بعض الأحيان [15].

كل ذلك جعل العالم الإسلامي ينظر إلى أعمال العثمانيين على أنها مفخرة للإسلام والمسلمين، وأن زعامتهم للعالم الإسلامي أدّت إلى إعلاء شأن الشريعة الإسلامية وإعلاء شأن المسلمين.


[1] حول انتقال الخلافة إلى العثمانيين، انظر: محمد أنيس: الدولة العثمانية والشرق العربي، (1514م – 1914م)، ص12.
[2] محمد رشيد رضا: تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، ج 1، ص909.
[3] عبد الرحمن الجبرتي: عجائب الآثار في التراجم والأخبار، ج 1، ص21.
-Bernard Lewis, The Emergence of Modern Turkey, London, 1968م.
[4] عبد العزيز الشناوي: الدولة العثمانية، ج 1، ص74. ول ديورانت: قصة الحضارة، ج 4، المجلد السادس، ص109.
[5] أرنولد توينبي: تاريخ البشرية، ج 2، ص. 187. أحمد عبد الرحيم مصطفى: في أصول التاريخ العثماني، ص48 - 50.
[6] عبد الكريم رافق: العرب والعثمانيون (1516 - 1916م)، ص34.كارل بروكلمان: تاريخ الشعوب الإسلامية، ص427 - 428.
[7] حملت القسطنطينية على مر تاريخها أسماء عديدة منها إستامبول وإستانبول ودار السعادة ودار الخلافة والآستانة. وانظر: سيد مصطفى: الإصلاح العثماني في القرن الثامن عشر، ص11. دليل الآستانة، ص3.
[8] ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور، ج 4، ص201 - 203. أحمد فهد الشوابكة: حركة الجامعة الإسلامية، ص14. أحمد محمود الساداتي: تاريخ الدول الإسلامية بآسيا وحضارتها، ص255. محمد عبد المنعم الراقد: الغزو العثماني لمصر
ونتائجه على الوطن العربي، ص123- 125.
[9] عبد العزيز الشناوي: الدولة العثمانية، ج1، ص21. رأفت الشيخ: تاريخ العرب الحديث، ص31.
[10] الصفصافي المرسي: قوافل الحج في الدولة العثمانية، قدسية الحرمين الشريفين، مركز البحوث والدراسات العربية الإسلامية، ص63 - 64. نوال الصيرفي: النفوذ البرتغالي في الخليج العربي، ص144 - 145. الشناوي، المرجع السابق، ج 4، ص698 -ـ 699. محمد أنيس، الدولة العثمانية والشرق العربي، ص128.
[11] الشناوي، المرجع السابق، ج 2، ص928 - 929. ناصر سعيدوني: طبيعة الكتابات التاريخية حول الفترة العثمانية من تاريخ الجزائر، المجلة التاريخية المصرية، المجلد الخامس والعشرون، 1978م، ص149 - 150.[12] محمد فريد، تاريخ الدولة العلية العثمانية، ص189. عبد العزيز نوار: تاريخ العراق الحديث من نهاية حكم داود باشا إلى نهاية مدحت باشا، ص5. أحمد الساداتي: المرجع السابق، ص152، 2255. الشناوي: المرجع السابق، ج 2، ص964 - 965.
[13] الشناوي: المرجع السابق، ج 2، ص966. توينبي: المرجع السابق، ج 2، ص189.
[14] محمد شفيق غربال: تاريخ المفاوضات المصرية البريطانية، ج 1، ص20. الشناوي: المرجع السابق، ج 3، ص1325 - 1326.
[15] عبد الحميد الثاني: مذكراتي السياسية، ص24 وما بعدها. سيد مصطفى: المرجع السابق، ص10. الشناوي: المرجع السابق، ج 2، ص975 - 979.






رد مع اقتباس