عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-05-2015, 03:28 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

رحـلـة .. في أرجاء الأنـدلـس .. صور ، و ذكــريات .. (آه يـا ذكـرى ..)


نُبذة مختصرة لخط زمن أحداثٍ مهمة في الأندلس:
90هـ (709 م):
"جوليان" ، أمير أحد أقاليم إسبانيا ، يقرر الإنتقام من ملك النصارى
الأسبان "رودريك" لتعدّيه على ابنته.


91 هـ (710م): بعد إقناع
"جوليان" لموسى بن نصير بفتح الأندلس ، يرسل موسى سريةً تغنم و تهزم بعض
النصارى. قائد السرية اسمه "طريف"
و
المدينة التي فتحها لا تزال تحمل إسمه إلى اليوم: Tarifa في جنوب إسبانيا.



92هـ (711):الفتح الكبير:
طارق بن زياد يدخل الأندلس ، و يفتح مُدُنها واحدةً واحدة ، حتى أتت معركته
الكُبرى مع "رودريك" و التي هَزَم فيها المسلمون (12 ألفاً) النصارى (100
ألفاً).


113هـ (732م): مسلمو الأندلس
(بقيادة عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي) يغزون فرنسا و يهزمهم "تشارلز
مارتيل" (و يعني اسمه "تشارلز المطرقة") هزيمةً ساحقة ، و استعاد الأراضي
التي استولوا عليها و طرد المسلمين من فرنسا.


138هـ (755م): بداية مُلك عبد
الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، و الذي سُمِّيَ "عبد
الرحمن الداخل" ، و كان مُلكه أثناء مُلك أبي جعفر المنصور ، و سماه أبو
جعفر "صقر قريش" لِما رأه من "أنّه فعل بالأندلس ما فعل، وما ركب إليها من
الأخطار، وأنّه نهد إليها من أنأى ديار المشرق من غير عصابة ولا أنصار،
فغلب أهلها على أمرهم، وتناول الملك من أيديهم بقوّة شكيمة، ومضاء عزم حتى
انقاد له الأمر" كما أورَدَ المقري.


422هـ (1031م): هشام بن محمد
، و الملقب بالمعتد بالله ، يُخلَع من المُلك ، مما ينهى مُلك بني أمية
للأندلس ، و هو مُلكٌ دام أكثر من 3 قرون. كانت دولة بني أمية عاملاً
موحّداًُ للمسلمين فلما سَقَطت ، كانت ذلك إيذاناً بسقوط الأندلس. بعد
انقضاء الدولة ، ظَهَر ملوك الطوائف.


479هـ ( 1086م): معركة
الزلاقة العظيمة: بعد طُغيان ملك النصارى ألفونسو و استيلائه على طليطلة ،
استنجد مسلمو الاندلس بيوسف بن تاشفين (و كان مسلماً غير عربي ، من البربر)
، فاستجاب ، و أقبل بجيشٍ عرمرم ، و قابل جيوش النصارى المجتمعة ، و
هَزَمهم في هذه المعركة ، و سيأتي ذِكرُها إن شاء الله.


542هـ ( 1147م): سقوط دولة
المرابطين (و كانت إسماً لدولة يوسف بن تاشفين) و ظهور دولة الموحدين
بقيادة محمد بن تومرت.


609هـ (1212م): هزيمة
الموحدين أمام قوات ملك النصارى ألفونسو الثامن (غير ألفونسو السابق ذكره).
النصارى يستردون أراضيهم ولم يبقَ إلا إقليم غرناطة في يد المسلمين.


610هـ ( 1213م): وفاة محمد
الناصر ، ملك دولة الموحدين ، مما بدأ ضعف دولة الموحدين.


633هـ (1236م): سقوط قرطبة في
يد النصارى.


668هـ (1269م): سقوط دولة
الموحدين و م*** ملكها الأخير إدريس الثاني.


892هـ (1487م): سقوط مالاقة
في يد إيزابيلا و فيرديناند.


ربيع الأول ، 897هـ (يناير ، 1492م):
سقوط الأندلس: آخر ملوك الأندلس ، أبو عبد الله الصغير
، يستسلم للملكة إيزابيلا و الملك فيرديناند.


أحداث في تاريخ الأندلس



معركة الزلاقة
هذه المعركة يجب أن تكون تذكاراً لمدى خطورة أمرين:
1) ترك الجهاد في سبيل الله ، و 2) الخروج على ولاة الأمر المسلمين.
سُمِّيَت بهذا المكان لأنها وَقَعت عند سهلٍ يُسمَّى "الزلاقة". و قصّتها
أنه بعد مخالفة المسلمين لكلام الله و رسوله بعدم الخروج على ولاة الأمر ،
فخلعوا آخر ملوك بني أمية في الأندلس ، تفرّق المسلمون ، و صارت الأندلس
دويلاتاً حقيرة هزيلة ، و خاف ملوكها من النصارى ، فالنصارى متوحدون ، و
المسلمون تركوا الجهاد و آثروا الدنيا و استكانوا إليها ، فكانت حربهم على
إخوانهم ، و اجتهد ملوك الطوائف في قتال بعضهم ، و محاولة الإستيلاء على
مُلك الأندلس ، هان أمرها على النصارى بقيادة ألفونسو و لم يشكوا أنها من
نصيبهم ، فكان ألفونسو يُنهِك المسلمين بالجزية التي دفعوها عن يدٍ و هم
صاغرون ، و بغاراته العشوائية عليهم ، حتى إذا انقض عليهم أبادهم بأقل قدرٍ
ممكن من الخسائر. و كان أقل ما يُقال عن موقف قادة الدويلات الأندلسية أنه
كان مخزياً ، مُكللاً بالعار. لم يكتفوا قتال بعضهم على هذه الدنيا الحقيرة
، بل لما بدأ ألفونسو في غاراته وهجومه عليهم ، وضع بعضهم عهوداً معه ألا
يساعدوا إخوانهم مقابل تفاهاتٍ وعدهم بها ألفونسو ، بل إن بعضهم عاون
ألفونسو عندما اجتاح بلاد المسلمين ، و وضعوا يدهم في يده - و العياذ بالله
- و أغاروا على المسلمين في باقي الدويلات ، **بل** إن بعض هؤلاء الملوك
منحوا ألفونسو بناتهم كزوجات أو حظيات.


أعد ألفونسو العدة لغزو طليطلة و التي كانت عاصمة أجداده القوط قبل أن
يفتحها المسلمون ، و أرسل إلى باقي ملوك الطوائف يرهبهم و يتوعدهم إنْ هم
حاولوا أن يغيثوها ، و حاصرها ألفونسو ثم فتحها ، و سقطت لمصيرها المحتوم ،
و عندما نجح ألفونسو في الإستيلاء على طليطلة ، دق هذا ناقوس الخطر في
أنحاء الدويلات الصغيرة ، فقد كان هذا حدثاً عظيماً لم يحدث مثله من قبل ،
و أدركوا سوء تدبيرهم و فساد رأيهم ، و أنهم لم يعطوا الأمر حقه من الأهمية
، فلم يكُن النصارى يجرؤون على مثل ذلك سابقاً ، و كان ممن عاون النصارى
على طليطلة "المعتمد بن عباد" ملك إقليم إشبيلية ، فلما افترسها النصارى
ندم على ما فعل ، فقد كان حاكمها هو أخوه ، و عاون النصارى على أخيه مقابل
فتاتٍ من الدنيا ، فاتّخذ - لاحقاً - قراراً تاريخياً لعله أن يكفّر تلك
الفعلة الشنيعة ، و قبل أن أذكر ذلك القرار ، يحسن بي أن أذكر أن خلافاً
نشأ بين الإثنين (الطاغية ألفونسو و المعتمد بن عباد) ، فبينما ألفونسو
يُرسل رسله ليأخذوا الجزية من حكّام الدويلات ، كان ممن أرسل يهودي إلى
المعتمد بن عباد ، فلما وصل السفير اليهودي ( و كان اسمه "ابن شاليب") ،
نظر إلى ما أعده المعتمد من الجزية فرفضه ، و بكل غطرسة أمر المعتمد أن
يُكمل جزيته ، فلا تليق بألفونسو ، فرد عليه المعتنمد في ذلك ، فأعاد
اليهودي الرد و أغلظ فيه ، و هدد و توعد ، و خوّفه باحتلال إشبيلية ، فغضب
المعتمد و أخذ خشبةً فضرب بها رأس السفير فحطمه و ***ه ، ثم صلبه ، و أخذ
من معه من المرافقين فرماهم في السجون على دهشةٍ منهم ، فلم يكُن أحدٌ من
ملوك الدويلات يجرؤ على شئٍ كهذا ، و استشار المعتمد الفقهاء فاستحسنوا ما
صنع ، و لما علم ألفونسو بما فعل المعتمد ، غضب و هاج ، و حرّك جيشه إلى
إشبيلية و أغار على حدودها ، فنهب و *** ، و حاصر إشبيلية 3 أيام ثم تركها
مؤقتاً ، و في ذلك كه المعتمد يحاول أن يرده و يقاوم ، فلما انجلى ألفونسو
و بدأ يحشد الجيوش الكبيرة عَلِم المعتمد أنْ لا قِِبَل له بذلك ، حينها
اتخّذ المعتمد القرار التاريخي ، و استنجد بيوسف بن تاشفين (و هو من
البربر) ملك دولة المرابطين في المغرب ، و كانت دولة جهادٍ في سبيل الله ،
و خاف بعض الأمراء أن يستولي يوسف على دولة المعتمد بعد الحرب مع ألفونسو ،
و منهم ابنه الرشيد ، قال لأبيه المعتمد: "يا أبت أتُدخِل علينا في أندلسنا
من يسلبنا ملكنا، ويبدد شملنا؟" ، فرد المعتمد: "أي بني ، والله لا يسمع
عني أبداً أنني أعدت الأندلس دار كفر ولا تركتها للنصارى ، فتقوم علي
اللعنة في منابر الإسلام مثل ما قامت على غيري ... إن دهينا من مداخلة
الأضداد لنا فأهون الأمرين أمر الملثمين(و هو لقب المرابطين)" ، ثم أتبعها
المعتمد بعبارته الشهيرة: "تالله إنني لأوثر أن أرعى الجمال لسلطان مراكش
على أن أغدو تابعاً لملك النصارى وأن أؤدي له الجزية ، إن رعي الجمال خير
من رعي الخنازير".


أرسل المعتمد رسالة الإستنجاد إلى يوسف بن تاشفين ، و أخبره السفراء
بسوء حالهم و طغيان ألفونسو و استيلائه على طليطلة ، و استعداده لإبادة
المسلمين في الأندلس و تنصيرها ، فرقّ لهم ، بل إن المعتمد ذهب بنفسه إلى
يوسف و استنجده ، فحزم يوسف أمره ، و قرر أن يواجه الطاغية ، فحشد و أعدّ ،
و عبر بجيشه إلى الأندلس عام 479هـ ، فلما وصل ، استُقبِلَ بحفاوةٍ و سرورٍ
بالغيَن ، و أمر يوسف أن تكون قوات الأندلس تحت إمرة المعتمد ، و قوات
المرابطين تحت إمرة يوسف ، و كان يوسف حذراً في أمره ذلك كله ، فلم يواجه
النصارى من قبل.


عندما علم ألفونسو بهذا ، ألغى حصارى الذي كان قد فرضه على مدينة سرقسطه
(و التي كانت قاب قوسين أو أدنى من السقوط) ، و أرسل إلى النصارى في الشمال
يسألهم النصرة ، فانكب النصارى لمعاونته من فرنسا و إسبانيا ، و كانوا أكثر
عدداً و قوة من المسلمين ، و معهم القساوسة يحملون الصلبان و الأناجيل و
يشدون من أزر النصارى ، و اقترب الجمعان من اللقاء ، و استقرّا قرابة 5
كيلومترات من بعضهما.


تراسل الفريقان ، فذكر ألفونسو ما عنده من الجند و العتاد ، و خوّف يوسف
من ذلك و بالغ في ما عنده ، فأرسل إليه يوسف باختصار: "الذي يكون ستراه" ،
فقلق ألفونسو من ذلك و علم أنه رجل حرب و عزيمة.


و أثناء تراسل الفريقين قال ألفونسو ليوسف: "إن يومكم هو الجمعة و يومنا
الأحد ، فلنقتتل يوم السبت" ، و أحس يوسف أنها خدعة ، و علم أن النصراني لن
يفي بذلك ، فأخذ حِذْرَه و ارتقب الهجوم يوم الجمعة ، و صدق حدسه ، فقد هجم
ألفونسو فجر الجمعة هجوماً مفاجئاً على القوات الأندلسية أربكهم و أجبرهم
على التراجع ، و لم يثبت إلا المعتمد في قلّةٍ من رجاله ، قاتلوا أشد
القتال ، و أثخن النصارى الجراح في المعتمد ، زاد الأمر سوءاً أنّ غدرَ
ألفونسو لحق بالملثمين (المرابطين) أيضاً ، فهجم على مقدمتهم و أجبرهم على
التراجع ، و لاحت هزيمة المسلمين ، و كثر ال*** فيهم ، حينها دفع يوسف
بقواته إلى الهجوم تحت قيادة المجاهد الفذ "سير بن أبي بكر" ، فهجموا على
النصارى هجمةً قوية ، و ***وا منهم ، و أكثروا ال*** و أثخنوه ، فصَعُبَ
الأمرعلى النصارى ، و زادهم يوسف مشقةً و بلاءاً بخطةٍ رائدة ، فشق صفوف
النصارى و وصل إلى معسكرهم الرئيسي ، فحصد حرسه النصارى و أشعل فيه النار ،
فعظم ذلك على ألفونسو و راعه ، فتراجع عن موقعه و هجم على المسلمين ، و
التقيا في معركةٍ طاحنة ف***ا بعضهما و كثر ال*** في الجانبين ، و بدأ
ال*** يزيد في صفوف النصارى ، و زاد يوسف الأمر مرارةً عليهم فأمر فرقةً
خاصة من حرسه أن تنقض الإنقضاضة الأخيرة ، فهجموا على النصارى (و كانت
الفرقة من 4 آلاف مقاتل) و أبادوا منهم خلقاً كثيراً ، و رجحت الكفة أخيراً
لصالح المسلمين و لاحت لوائح النصر الكبير ، و النصارى يُ***ون بأعدادٍ
هائلة ، و استطاع أحد أفراد الفرقة الخاصة أن يصل لألفونسو نفسه و يطعنه
طعنةً عميقة في فخذه ظل يعرج بسببها بقية حياته ، و نجا ألفونسو ، فلما أحس
بالهزيمة فر و معه بعض فرسانه ، و عددهم قرابة 500 ، و هربوا بعد الهزيمة
المنكرة و المجزرة المريعة التي أبادتهم ، و حتى الذين فروا ماتوا متأثرين
بجراحهم في الطريق ، فلم يصل ألفونسو إلا و معه أقل من مائة ، و نصر الله
المسلمين نصراً عظيماً مؤزراً ، و سُحِق جيش النصارى و معه كرامة ألفونسو ،
و تحطم خوف الأندلسيين من النصارى و فتح الله على المجاهد الصالح (نحسبه
كذلك) يوسف بن تاشفين و لله الحمد ، و رغم أن المسلمين لم يستعيدوا طليطلة
، إلا أن ذلك ردع النصارى عن أي فكرة للهجوم على المسلمين في المستقبل
القريب ، و كان أن توقف المسلمون عن دفع الجزية لألفونسو ، و أوقف غاراته ،
و نجت سرقسطة من الحصار الصليبي ، و أخّر النصر السقوط الكامل للأندلس 4
قرون.


و لكن ما يدهش فعلاً هو عدم استرداد طليطلة من أيدي النصارى ، خاصة و أن
ذلك كان أمراً سهلاً بعد القضاء على جيش ألفونسو ، و من بقي من جيشه ليحرس
طليطلة ما كان لهم قِبَل بجيش المسلمين و لم يكونوا ليستطيعوا رده ، لكن
قضى الله أمراً ، و رجع المرابطون إلى أفريقيا ، و رجع ملوك الطوائف إلى
الصراع بينهم ، و إلا فلم يكن الطريق ممهداً لاسترداد طليطلة فحسب ، بل
إنما ما كان يملكه المسلمون من إيمان و قوة كان يكفي لفتح بقية أوروبا ، و
إعادة المحاولة بعد الهزيمة الكبرى في بلاط الشهداء. لكن ، قدّر الله و ما
شاء فعل.


أما المجاهد الصالح يوسف بن تاشفين ، فرغم أنه كان من البربر ، إلا أنه
ضرب أعظم الأمثلة في الإلتزام بروح الإسلام ، فبينما اتّخذ ملوك الطوائف
العرب المُلك لعباً و لهواً و قتالاً بينهم ، كان ما فعله يوسف بعد النصر
المبين أن أرسل سفيرين إلى المستظهر بالله ، الخليفة العباسي ، و معهما
هدايا ، و بشّره بالفتح و طلب منه أن يقلده الولاية هناك ، فوافق المستظهر
، و كان يوسف يُسمّى "أمير المسلمين" ، و قد أراده البعض أن يتّخذ لقبه
"أمير المؤمنين" و يعلن الخلافة إلا أنه أبى و فضل توحيد المسلمين على ذلك
، ففعل ما فعل أعلاه ، و هو درسٌ في التواضع لا يكاد يُرى مثله ، رحمه الله
و غفر له ، و سيأتي ذِكرُه إن شاء الله في موضوعٍ لي قادم يختص بتراجم بعض
الأعلام.




معركة الأرك
كان يوسف بن تاشفين هو أساس دولة الملثمين أو
المرابطين ، فلما توفي لم يستطع خَلَفُه مواصلة إبقاء الدولة حية ، فسقطت
أمام هجمات دولة الموحدين ، و هي دولة إسلامية أخرى من البربر ، و كان من
ملوك هذه الدولة يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ، و قد خاض معركةً ضخمة تقارب
في حجمها معركة الزلاقة أو تزيد عنها ، هي معركة الأرك ، و خاضها ضد أحد
ملوك النصارى و اسمه ألفونسو الثامن (غير السالف ذكره ، فبينهما عشرات
السنين) ، و ألفونسو إسمٌ شائع جداً عند اللاتينيين ، هو عندهم كـ"عبد
الله" عندنا. بعد تولي يعقوب الملك ، أرسل إليه ألفونسو رسالةً ساخرة يدعوه
فيها إلى القتال بعد أن اجتمع لدى ألفونسو الكثير من الجنود. أخذ يعقوب
الخطاب الساخر و أمر بقراءته أمام الجنود ، فاستحث عزيمتهم و حنقهم على
ألفونسو و جنوده ، و كانت غلطةً سياسية بشعة لألفونسو ، دفع ثمنها من
كرامته لاحقاً و من دماء جنوده و أموال مملكته.


كان عدد الجيشين متقارباً ، و التقيا عند مكانٍ قريب من مكان معركة
الزلاقة التي حدثت قبله ذلك بقرابة 90 سنة ، و كان النصارى متمركزين على
قمة تلة ، فلما أراد المسلمون الهجوم علها نزل عليهم قرابة ثمانية آلاف
منهم نزلةً قوية على قلب الجيش أربكت المسلمين ، لكن المسلمين صمدوا و ردوا
الهجمة ، فهجم النصارى مرة أخرى و ردهم المسلمون ، لكن هذان الدفاعان
استهلكا طاقة المسلمين ، فلما هجم النصارى للمرة الثالثة على المسلمين
الذين عند سفح التل تزعزعوا و زُلزِلوا ، و *** النصارى الكثير من تلك
الفرقة من المسلمين و أرغموهم على التراجع ، و بدأت الكفة تميل لصالح
النصارى ، إلا أن الجناح الأيمن للمسلمين هجم هجمةً مفاجئة على قلب جيش
النصارى (و الذي أضعفه اندفاع فرسانه على قلب جيش المسلمين) ، و كان
ألفونسو بنفسه موجوداً في القلب و يحيط به عشرة آلاف جندي نصراني ، و انقض
المسلمون عليهم و أخذوا فيهم ***اً ، إلا أنهم صمدوا بقوة ، و قد عوض
المسلمون نقصهم بالإيمان الراسخ ، و اشتعلت نار المعركة أكثر في قتال القلب
ذاك ، تكاد الأرض تلتهب تحتهم من شراسة قتالهم ، و مرت الساعات في ***ٍ و
قتال ، و المسلمين ثابتون ، و النصارى لا يتراجعون ، حتى أغلظ المسلمون
الهجمة فبدأ النصارى يتراجعون و يفرون ، إلا ألفونسو و العشرة آلاف الذين
حوله فلم يتراجعوا ، و بدأوا يتساقطون مقتولين حول ملكهم و لا يتزعزعون ، و
ألفونسو قد عزم على الموت دون ذلك ، و بدأت مقاومة النصارى تخمد حتى
حُصِِرَت في المدافعين عن ألفونسو ، و كان هذا مبشر النصر للمؤمنين ، و
لاحت لوائح الهزيمة فأخذو ملكهم و هربوا ، و انتهت المعركة بفوز المسلمين
فوزاً ساحقاً ، هائلاً ، محطِّماً ، مدمراً. هزم المسلمون النصارى الأسبان
هزيمةً لم يُر مثلها ، و غنموا شيئاً لم يُرَ مثله منذ أزمانٍ بعيد مع ما
في الأندلس من خير ، فينقل المقري أن المسلمين غنموا قرابة 600 ألف من
الأنعام ، منها 80 ألف جواد ، استخدمها النصارى لحمل متاعهم لأنهم لا
يستخدمون الإبل (تلك المخلوقات العجيبة
)
، فباع المسلمون الأسير بدرهم ، والفرس بخمسة دراهم ، والحمار بدرهم ،
والسيف بنصف درهم ، و نجا ألفونسو الثامن بشر حال ، فحلق رأسه و لحيته ، و
نكس الصليب ، و نذر أن لا يقرب امرأةً حتى يهزم المسلمين ، و بدأ في جمع
قواته و الإستعداد للثأر ، و التقى مرة أخرى مع يعقوب ، و أيضاً هزمه الله
شر هزيمة ، ففر مرة أخرى إلى طليطلة ، و حاصرها يعقوب ، و ضربها قلاعها
بالمجانق ، و أوشكت أن تسقط و يستعيدها المسلمون ، إلى أن خرجت والدة
ألفونسو و بناته و نساؤه ، فوقفوا أمام يعقوب و استنجدوه و بكوا و سألوه أن
يبقي لهم أباهم ، فوافق يعقوب ، و أكرمهنّ و منحهن الأموال و العطايا و ترك
البلد لهنّ ، و إنا لله و إنا إليه راجعون ، و لما رجع جاءه رُسُل ألفونسو
يطلب الصلح فوافق.


لكن ليت هذا كان حال سلفه ، بل ضعف أمر المسلمين لاحقاً لما تركوا
الجهاد ، و هانوا على الناس ، إلى أن أتى اليوم المؤلم....



(المراجع:

1) موقع الوراق - كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"

2) موقع الورّاق - كتاب "صفة جزيرة الأندلس"

3) موقع الفسطاط

4) موقع الإسلام www.al-islam.com

5) موقع التاريخ دوت كوم - شوقي أبو خليل)






الصورة أعلاه هي لحصن القصبة في غرناطة ، و الذي كان يصد هجمات النصارى
و يحتمي به المسلمون. بعد أن صَمَدَت غرناطة لأكثر من قرنين في وجه النصارى
، سَقَطت أخيراً أمام جحافل إيزابيلا و فيرديناند ، و في 2 يناير 1492 ،
الموافق 1 ربيع الأول عام 897 لهجرة الرسول ، علّق النصارى الصليب على هذا
الحصن أعلاه ، في الساعة الثالثة عصراً ، و كان ذلك هو الإعلان الرسمي
لسقوط الأندلس.

منقول



رد مع اقتباس