عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-05-2015, 11:17 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

النحو العربي والنص
د. عبد السلام السيد حامد


الجزء الثانى


ثانياً ـ علاقة النحو العربي بنحو النص :
نحو النص نظرية أو اتجاه لغوي غربي حديث من اللسانيات الوصفية يُعنى بوصف البنية الكلية للنص وتحليلها وبيان علاقاتها – دون الاقتصار على دراسة الجملة فقط كما هو مألوف في النحو العادي – مع تركيز الاهتمام على توضيح أوجه الاطراد والتتابع اللغوية النصية التي تحقق تماسك النص وتناسقه([51]) . ومن المعلوم أن هذا الاتجاه يضع معايير سبعة تكفل للنص صحة كونه نصّا، وهذه المعايير هي :
1 ـ السبك أو التماسك (Cohesion) ، ويقصد به تتابع البناء الظاهري للنص عن طريق استخدام وسائل الربط النحوية والقاعدية المختلفة .
2 ـ الحبك أو التناسق (Coherence) . ويقصد به التتابع الدلالي للمفاهيم والعلاقات داخل النص، وهذا المعيار ألصق بجانب الربط المعنوي، ويمثل كلا هذين المعيارين الأولين أهم المعايير، وهما يعملان معاً في تآلف وتآزر حميمين .
3 ـ القصد، فليس من قبيل النص لغو الكلام وحشوه وكلام المكره والناسي والمخطئ والسكران.
4 ـ التناصّ، وهو علاقة تقوم بين أجزاء النص بعضها وبعض كما تقوم بين النص والنص الآخر، كعلاقة الجواب بالسؤال وعلاقة المتن بالشرح وعلاقة التلخيص بالنص الملخص وعلاقة الغامض بما يوضحه والمحتمل المعنى بما يحدد معناه .
5 ـ رعاية الموقف (المقامية) : ويقصد بها العوامل التي تجعل النص مرتبطاً بموقف سائد يمكن استرجاعه. ومثال هذا بالتطبيق على القرآن الكريم توجيه قوله تعالى : " ولا تُطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله" [الأحزاب : 48] بمراعاة ما نعرفه من السيرة على أن اسم المصدر فيه مضاف إلى الفاعل لا إلى المفعول؛ إذ إن المعروف أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الذي كان يؤذى، وكذلك توجيه قوله تعالى : " وما علمناه الشعر وما ينبغي له " [يس : 69] على أن " ما" نافية لا على أنها موصولة كما يسمح بذلك احتمال الكلام هنا .
6 ـ الإعلامية : ومعناها أن يكون للنص مضمون يريد إبلاغه للمتلقي، فليس من قبيل النص قول المجنون بن جندب :
محكوكة العينين معطاء القفا كأنما قدّت على متـن الصفا
ترنو إلى متن شراك أعجـفا كأنـما ينـشر فيـه مصحفا
إذ لا مضمون للبيتين. وكذلك كل كلام هرائي لا معنى له، ومثل هذا ربما لا يكون لنحو الجملة اعتراض عليه؛ لأن كل جملة استوفت أركانها ومكملاتها وحس ترتيبها بحيث يجوز أن تحلل وتعرب. لكن نحو النص لا يقبل مثل هذا إلا بعد طول تأمل وتحليل ([52]) .
7 ـ القبول : وهي صفة تعني أن النص يمثل صورة مقبولة من صور اللغة بين أجزائها تماسك والتحام وهي محددة الدلالة، وهذه صفة يضعها نحو النص في مقابل مطابقة القاعدة وتعني أنه لا يقبل ـ مثلاً ـ التردد في الأوجه الإعرابية المختلفة المحتملة في الموضع الواحد، ولكن يعمل على تسخير كل صفاته كالتناصّ ورعاية الموقف والإعلامية وغيرها لاتخاذ قرار يؤدي إلى تحديد المعنى ([53]). ومثال ذلك أنه لا يقبل التردد في أوجه الإعراب الناتج عن أن المصدر من الممكن أن تكون إضافته إلى الفاعل أو المفعول كما في " زيارة الأصدقاء تسعد النفس " أو التردد الناتج عن أن الصفة بعد المتضايفين صالحة لكل منهما كما في " عجبت لمعلمة اللغة العربية " .
هذا هو الإطار العام لنظرية علم النص لدى الغربيين، لكنّ هناك تفاوتاً في الاتجاهات والاهتمامات بين نظرياته المختلفة؛ فهاليداي ـ مثلاً ـ اهتم بالتركيز على وسائل الاتساق اللغوية النحوية والمعجمية والدلالية المتعددة وحاول أن يصفها وصفاً دقيقاً وحَصَرها في الإحالة والاستبدال والحذف والوصل والاتساق المعجمي، وفندايك اهتم بالمستويين الدلالي والتداولي من أجل الوصول إلى شيء أعم مثل موضوع الخطاب والبنية الكلية، وبراون ويول ركّزا على كيفية فهم المتلقي للخطاب وتأويله ([54]).
وبناءً على هذا، يرى كثيرون أننا إذا عدنا إلى النحو العربي وقارنا بينه وبين نحو النص ـ بهذا الفهم ـ نجد أنه نحو جملة أو من لسانيات الجملة . وقد وضح ذلك الدكتور تمام حسان ذلك بالاعتماد على نقاط الاختلاف والاتفاق بين الاثنين . فهناك صفات يتسم بها نحو الجملة وحده وهي :
1 ـ الاطّراد ، ومعناه أن القاعدة حكَم على اللغة الفصيحة، وعلى رغم الاعتراف بالفصاحة للشذوذ يظل الشاذ شاذاً.
2 ـ المعيارية، وتعني أن القاعدة سابقة على النص وأنها معيار للصواب والخطأ ينبغي أن يراعى عند إرادة القول.
3 ـ الإطلاق، ومعناه أن القاعدة النحوية صادقة على ما قيل من قبل وما سيقال من بعد فهي الحكم الذي يرد إليه الكلام كله .
4 ـ الاقتصار في بحث العلاقات على حدود الجملة الواحدة فلا يتخطاها إلا عند الإضراب أو الاستدراك أو العطف وما يشبه ذلك .
ونحو النص ينأى عن هذه الصفات الأربع كلها . فهو فيما يتعلق بالاطّراد يعترف بالمؤشرات الأسلوبية، وهي تصرفات خاصة يلجأ إليها منشئ النص ليميزه عن غيره أو ليثير بها انتباه المتلقي. وهو أبعد ما يكون عن المعيارية والإطلاق؛ لأنه نحو تطبيقي لا يأتي دوره إلا بعد أن ينشأ النص ويكتمل. وكذلك يتجاوز نحو النص العلاقات داخل حدود الجملة الواحدة إلى أجزاء النص كله أيا كان طوله، محللاً إياها ومتتبعاً لها.
وفي مقابل ما سبق هناك صفات تخص نحو النص وحده ولا تعني نحو الجملة في شيء، وهي خمسة من المعايير السبعة التي ذكرناها من قبل للنص: القصد والتناصّ ورعاية الموقف (المقامية) والإعلامية والقبول .
ويتفق الاثنان نحو الجملة ونحو النص في صفتين هما : التضام (وهو ما ذكرناه باسم السبك) والاتساق(وهو ما ذكرناه باسم الحبك). والتضام علاقة لفظية تشمل الافتقار والاختصاص والتلازم والمطابقة وعود الضمير وما شابه هذا، والاتساق علاقة في المعنى بين المتضامين تجعل أحدهما غير نابٍ في الفهم عن الآخر. فلا وجه لجملة فعلية مثل "فهم الحجر" ولا لجملة اسمية مثل "السماء تحتنا". فذلك غير مقبول في الظروف العادية لاستعمال اللغة وقد يكون مقبولاً في المواقف غير المعتادة كالسخرية والمجاز ([55]).
وهذا الاختلاف الواضح بين الاثنين : نحو الجملة ونحو النص، لا يترتب عليه إمكان إغناء أحدهما عن الآخر، بل هما يتكاملان وقواعد نحو الجملة تمثل جزءًا أساسياً غير قليل ينبني عليه نحو النص ([56]) .
ومع هذا التصنيف للنحو العربي على أنه ـ كغيره من الأنحاء النمطية ـ "نحو جملة" وليس "نحو نص" وأنه لا يدخل في هذا الإطار، يمكننا أن نجد لمحات ونظرات نصية لدى بعض النحاة، وأن نلاحظ كثيراً من المعطيات النصية في النحو العربي. وهذا يتضح في مسألتين : حصر جهود النحاة النصية، والالتفات إلى أثر النحو العربي فيما سمي بلسانيات النص العربية :
أ ـ فحصر جهود النحاة النصية يكون بدراستها في النماذج التي تمثلها خير تمثيل، أي من خلال دراسة أعلام النحاة الذين عنوا بالنص واهتموا به، وبدراسة النحو التطبيقي.
وفي هذا نقول إن أعلام النحاة الذين عنوا بالنص عناية كبيرة نظرياً وتطبيقياً على رأسهم ابن جني وابن هشام . فابن جني جمع بين النظر والتطبيق خاصة في كتبه الخصائص والمحتسب وشروحه الشعرية المتعددة، وكان له في ذلك أصول ومبادئ وآراء وتطبيقات كثيرة لا تنكر، لها أثرها([57]). وابن هشام اهتم في كتبه ـ ولا سيما مغني اللبيب وشرح شذور الذهب ـ بالتطبيق والاستشهاد كثيراً بالقرآن الكريم ، بل إن كتابه المغني متوجه توجهاً نصياً باهتمامه كثيراً بالقرآن من حيث الغاية والتنظير والتطبيق، ومراجعة مقدمة الكتاب ومسائلة تثبت هذا. ففي المقدمة ذكر أن غرضه من كتابه تيسير علم الإعراب بعد أن أصبحت الكتب الموضوعة فيه مكررة مليئة بالحشو، وليس فيها الأصول العامة والقوانين الكلية التي تضبط الفهم وتذلل الصعب، وكل ذلك خدمة للقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، يقول: " فإن أولى ما تقترحه القرائح، وأعلى ما تجنح إلى تحصيله الجوانح، ما يتيسر به فهم كتاب الله المنزل، ويتضح به معنى حديث نبيه المرسل ... وأصل ذلك علم الإعراب الهادي إلى صوب الصواب ... ووضعت هذا التصنيف على أحسن إحكام وترصيف، وتتبعت فيه مقفلات الإعراب فافتتحتها، ومعضلات يستشكلها الطلاب فأوضحتها ونّقحتها، وأغلاطاً وقعت لجماعة من المعربين وغيرهم فنبهت عليها وأصلحتها " ([58]).
وبالإضافة إلى أن نصف الكتاب تقريباً خصص للحديث عن حروف المعاني ـ وهي ذات فاعلية كبيرة في الربط وبناء الجمل وتتابعها ـ نجد الأبواب الآتية من أهم مسائل الكتاب التي تنصب على التنظير لنحو الجملة الموجّه للتطبيق وتجاوز في كثير من الموضوعات حدود الجملة الواحدة:
ـ الباب الثاني وهو في تفسير الجملة وذكر أقسامها وأحكامها، ومن ذلك : الجمل التي ليس لها محل من الإعراب وهي سبع، والجمل التي لها محل من الإعراب وهي تسع.[2/374] .
ـ الباب الرابع وهو في ذكر أحكام يكثر دورها، مثل ما يعرف به المبتدأ والخبر، وما يفترق فيه عطف البيان والبدل، والحال والتمييز. وتفصيل الروابط من جهتين : روابط الجملة بما هي خبر عنه وهي عشرة، والأشياء التي تحتاج إلى رابط وهي أحد عشر شيئاً . [2/498،502] .
ـ الباب الخامس : الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها وهي عشر ، منها : أن يراعي ظاهر الصناعة ولا يراعي المعنى، والعكس، وأن يخرّج على ما لم يثبت في العربية، وأن يترك بعض ما يحتمله اللفظ من الأوجه الظاهرة، وألا يراعي الشروط المختلفة بحسب الأبواب، وأنه تجوز أشياء في الشعر ولا تجوز في النثر. [2/527 ـ 592] .
ـ الباب السادس : في ذكر أمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها. [2/650] .
وجاء في مقدمة "شرح شذور الذهب" له : " والتزمت فيه أنني كلما مررت ببيت من شواهد الأصل ذكرت إعرابه، وكلما أتيت على لفظ مستغرب أردفته بما يزيل استغرابه، وكلما أنهيت مسألة ختمتها بآية تتعلق بها من آي التنزيل، وأتبعتها بما تحتاج إليه من إعراب وتفسير وتأويل، وقصدي بذلك تدريب الطالب، وتعريفه السلوك إلى أمثال هذه المطالب" ([59]).
وأما النحو التطبيقي فأعني به كتب إعراب القرآن وبيان معانيه وكتب التفسير التي اهتمت بالنحو وشروحَ الشعر المختلفة، ومن المعروف " أن حيوية النحو (العربيّ) في القديم نبعت من أنه علم نصي، نشأ في حضن القرآن الكريم والشعر العربي القديم، وأن النحاة لم يوقفوا دراستهم على الجانب النظري وحسب، بل تخطوا ذلك إلى الجانب التطبيقي؛ متخذين من القرآن الكريم والشعر العربي القديم وشعر معاصريهم أحياناً مادة خصبة للتطبيق النحوي " ([60]).
ومن أمثلة الواضحة لذلك في القرآن الكريم التحليل أو التفسير النحوي الذي قدمه أبو حيان لقوله تعالى : " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين . الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون " [البقرة : 45،46] . فقد تكلم في هاتين الآيتين بالتفصيل عن النقاط الآتية : مرجع الضمير في "إنها" واحتمالاته المختلفة ـ الاستثناء المفرغ بإلا ـ موقع "الذين" وأنه يجوز فيه الإتباع والقطع إلى الرفع أو النصب للمدح ـ معنى الظن في "يظنون" وكونه بمعنى اليقين أو الحسبان ـ معنى "الملاقاة" صرفياً بناءً على أنه إذا قيل إن " فاعلَ " تأتي بمعنى " فَعَلَ " (مثل عافى وعاقبَ) فهذا لا يصح هنا لأن الصيغة المجردة من هذا الفعل (لقيَ) تدل على الاشتراك ؛ فمادة اللقاء مجردة ومزيدة تقتضي الاشتراك في كل حال ـ معنى الإضافة غير المحضة في "ربهم" وكون الإضافة إلى الرب في غاية الفصاحة ـ تفسير معنى "الملاقاة" دلالياً على أربعة أوجه : الأول : أن يكون اللقاء بمعنى رؤية الله سبحانه، وعلى هذا يكون الظن على بابه يراد به الترجيح ، والثاني : أن يكون على حذف مضاف والتقدير : يظنون أن ملاقو جزاء ربهم، والظن بمعنى اليقين، والثالث : أن يكون بمعنى الكناية عن الموت وانقضاء الأجل، والظن على هذا بمعنى اليقين أيضاً، والرابع : أن يكون بمعنى حذف مضاف أخص، أي يظنون أنهم ملاقو ثواب ربهم، والظن هنا على بابه بمعنى الحسبان ([61]).
ومن هذا في شرح الشعر شرح ابن هشام لقصيدة "بانت سعاد" وهو من الشروح التي تتميز بالأصالة والتي اعتمد عليها جملة وافرة من الشراح الآخرين، ويأتي في عداد الشروح التي اهتمت في المقام الأول بإعراب القصيدة ومسائلها النحوية ، لكنه لا يخلو مع ذلك من وجوه أخرى من الاهتمام ، كالاهتمام بالفوائد اللغوية والبلاغية والأدبية وغيرها، وقد اشتمل على مسائل دقيقة خلا من أكثرها جميع مصنفاته، ووصفه البغدادي قائلاً : "إنه غاص على معاني الأبيات ، وفحص عن عويصاتها الأبيّات، وحل تراكيبها المشكلة، وفتح مبانيها المقفلة، ودرّب الطالب الماجد على تخريج طرق الأعاريب في التركيب الواحد " وهو يعد مع شرح أحمد بن محمد بن الحداد البجليّ البغدادي ـ وعصر تأليفهما متقارب ـ أجل شروح القصيدة، لكن شرح البغداديّ أكثر استنباطاً لمعاني الشعر ([62]). ومن النماذج العملية في هذا الشرح أن ابن هشام شرح المعنى الإجماليّ لستة عشر بيتاً وكان في الوقت نفسه معنياً بربط معاني الأبيات فيما بينها، ولذا قال في شرح البيت الثامن والثلاثين :
أنبئتُ أن رسول الله أوعدنـي والعفوُ عند رسول الله مأمولُ
" جميع ما تقدم توطئة لهذا البيت فإن غرضه من القصيدة التنصل والاستعطاف" . وبعد هذا البيت قول كعب :
مهلاً هداك الذي أعطاكَ نافلة الـقرآن فيها مواعيـظٌ وتفصيل
بين ابن هشام أن هذا البيت وما بعدة تتمة للاستعطاف، والاستعطاف فيه من جهات: أحدها : طلب الرفق والأناة، والثاني : الدعاء له في قوله "هداك"، والثالث : التذكير بنعمة الله عليه، والرابع : الإقرار بالتنزيل، والخامس : التذكير بما جاء في التنزيل من قوله تعالى : " خذ العفو وأمر بالعرف وعرض عن الجاهلين" [الأعراف : 199] ([63]).
ب ـ على عكس النحو، ثمة علوم أخرى عربية تُصنف على أنها لسانيات النص في التراث العربي، وهي البلاغة ـ وتتعامل مع النثر والشعر ـ والنقد الأدبي ـ وهو يركز على الشعر ـ ومجال التفسير وأصول الفقه وهما موجهان إلى القرآن والحديث النبوي ([64]) . فهذه العلوم بطبيعة مجالها واهتماماتها ومباحثها توجه إلى النص، ومع هذا سنجد أنها ـ وخاصة البلاغة ومجال تفسير القرآن ـ أفادت من نحو الجملة العربي كثيراً ووسعته وبنت عليه، حتى إننا يمكن أن نستخلص مجمل ما قدمه هذان المجالان (أي البلاغة وتفسير القرآن) لنحو النص بعد الإفادة من النحو في هذين الأمرين :
1 ـ أن البلاغة العربية اهتمت بالأدوات التي يتماسك بها الخطاب، وقد توزع هذا الاهتمام على مستويات المعجم والدلالة والتداول ([65]). وقد كان المبحث المهيمن على المستويات كلها بل على البلاغة العربية جميعها هو مبحث الفصل والوصل ([66])، وهذا هنا يعني الإرث النحوي الكبير في هذا المبحث؛ لأنه قام على أسس نحوية كثيرة وواضحة . ففكرة الفصل والوصل قامت على أساس العطف واستحضار باب التوابع . وخلاصة ما رآه عبد القاهر في هذا أن الجملتين إذا كانتا متصلتي الموضوع ومن واد واحد ـ كالصفة مع الموصوف والتأكيد مع المؤكَّد ـ وجب ترك العطف، وكذلك يجب تركه إذا كانت الثانية منهما غريبة عن الأولى، أما عندما يكون حال الجملة مع ما قبلها كحال الاسم الذي يكون غير ما قبله لكن يشاركه في الحكم، مثل أن يكون كلا الاسمين فاعلاً أو مفعولاً، فهنا يجب الوصل والعطف. والحالة الأولى سماها السكاكي "كمال الاتصال" والثانية سماها "كمال الانفصال" والثالثة سماها "بين بين" ([67]). وبناءً على هذا إذا جاز للبلاغة العربية أن تُعدّ علماً نصياً وأنها أقرب إلى النص وعلم لغة النص من النحو ، فلا ينبغي أن ننسى الأصول النحوية النصية لهذه البلاغة، المستّمدّةَ من جهود سيبويه وابن جني ومؤسس البلاغة عبد القاهر الجرجاني.
2 ـ أن مجال تفسير القرآن وعلومه (كما تثبت نماذجه عند الزمخشري والرازي والبقاعي والزركشي والسيوطي) اهتم بانسجام الخطاب على ثلاثة مستويات : النحو والمعجم والدلالة، وقد اعتنى في النحو بالعطف والإحالة والإشارة، وفي المعجم اعتنى بالتكرار وبناء السورة على حرف أو حروف، وفي الدلالة اعتنى بموضوع الخطاب وتنظيمه وترتيبه وبالعلاقات من حيث البيان والتفسير والإجمال والتفصيل والعموم والخصوص ([68]).
وبناءً على ما سبق ندرك أن النحو العربي ـ وإن لم يكن نحو نص بالمفهوم الحديث ـ علم نصي بالمفهوم العام لتعلقه الوثيق بالقرآن الكريم والشعر وأن له إسهاماته الواضحة في هذا. ويدخل ما قدمه النحو العربي في هذا الشأن في باب "التماسك" أو السبك (Cohesion) أكثر من غيره. ويرى أحد الدارسين أن خلاصة ما تقدمه مفاهيم المستوى النحوي في لسانيات النص العربية لنحو النص من هذه الزاوية يتمثل في ثلاثة جوانب هي : العطف والإحالة والإشارة. وفي مقابل ذلك تتلخص مفاهيم المستوى النحوي الخاصة بالاتساق في المقترحات الغربية في جوانب : الإحالة والإشارة والاستبدال والحذف والوصل وأدوات المقارنة. ويقترح من أجل إقامة دراسة تطبيقية وفق خطته دمج خلاصة النظرة العربية والنظرة الغربية للمستوى النحوي بحيث تصبح : الإحالة والإشارة وأدوات المقارنة والعطف والحذف والاستبدال ([69]). وبناءً على هذا، يكون الجديد الذي لم يكن في الإنجاز العربي في تصور الباحث وحاول أن يأخذه من الإنجاز الغربي هو : أدوات المقارنة والحذف والاستبدال. ومجمل هذا في رأيي غير صحيح؛ لأن هذه المفاهيم ليست بعيدة عن مقولات النحو العربي والبلاغة العربية، وليس هناك أوضح في هذا الشأن من الحذف والاستبدال. وقد نتج هذا التصور عن أسباب مختلفة أهمها أنه أبعد معطيات النحو العربي نفسه عن لسانيات النص.
وبعد هذا التحري عن خلاصة ما قيل في علاقة النحو العربي بنحو النص، هل من الممكن أن نعيد النظر فيما يمكن أن يقدمه النحو العربي لنحو النص ؟ أرى هذا ضرورياً، لكن لا بد أن يسبق ذلك تحديد نوع النص الذي نريد للنحو أن يخدمه؛ لأن المفاهيم النصية ووسائل التماسك تختلف في بعض الأحيان من نمط إلى آخر. وقد جرت العادة حتى في مجال الدراسات الحديثة على أن نتعامل مع نمط نصي واحد هو النص الأدبي وكأنه هو النوع الوحيد المتاح دون غيره. إن أكثر التصنيفات مناسبة وقبولاً أن نقسم النصوص إلى ثلاثة أنواع : نصوص أدبية، ونصوص علمية، ونصوص تواصل اجتماعية ذات أشكال مختلفة. وسنقصر الحديث هنا على النصوص الأدبية فقط لضيق المجال اختصاراً، لا جرياً وراء العادة .
إن خلاصة ما يمكن أن يقدمه النحو العربي بصورته المعروفة إلى نحو النص في المجال الأدبي، تتمثل في : المناسبة الصوتية في الصيغ، وكيفية تعليق الوظائف النحوية بعضها ببعض، والربط بصوره المختلفة، والاستعمال العدولي. وتوضيح هذا على النحو الآتي :
أ ـ كثير من أمثلة المناسبة الصوتية في الصيغ يدخل في إطار ما سماه ابن جني " قوة اللفظ لقوة المعنى "، ومن هذا مناسبة "مقتدر" لمعنى التفخيم والدلالة على الجزاء وشدة الأخذ به في قوله تعالى: " فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر " [القمر:42] وهي في هذا أبلغ من "قادر" ، وكذلك مناسبة خفة لفظ "كسبت" للحسنات ومناسبة التفخيم والزيادة في لفظ "اكتسبت" للسيئات في قوله تعالى: " لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " [البقرة:286] وذلك لثقل وقع السيئات وعظم استنكارها وقبحها ([70])، وحذف التاء في الفعل "اسطاع" فيه إشعار بنقصان القدرة ووجودها دليل على كمالها، ولذا كان حذف التاء فيه وهو منفي في سورة الكهف دالاً على ذهاب القدرة وكان وجود التاء فيه وهو منفي دالاً على ذهاب كمالها وإمكانها بصعوبة ، نلحظ ذلك في قوله تعالى : " لن تستطيعَ" ـ " ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا" ـ " فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً [الكهف : 75،82، 97] ، وكذلك مناسبة خفة الفتحة في لفظ "الحَزَن" لموقف الحمد والشكر في قوله تعالى :" وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحَزَن إن ربنا لغفور شكور " [فاطر: 34] ومناسبة ثقل الضمة فيه لموقف الضيق والألم في الحديث عن يعقوب : " وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحُزن فهو كظيم" [يوسف: 84] . ومن هذا الباب أيضاً استعمال القرآن الفعل (مات) مسنداً إلى ضمير الرفع المتصل في الماضي مضموم الميم في مواقف التعظيم والتشريف ومكسورها في مواضع الهوان والصغار، ومن الأول قوله تعالى:"ولئن قُتلتم في سبيل الله أو مُتم لمغفرة من الله ورحمة خيرٌ مما يجمعون، ولئن مُتم أو قُتلتم لإلى الله تُحشرن" [آل عمران : 157،158] ومن الثاني قوله تعالى: " فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مِتُّ قبل هذا وكنتُ نسياً منسياً" [مريم : 23] وكذلك الدلالة الواضحة للتضعيف " في نحو " اثّاقلتم " على التباطؤ وشدة الالتصاق بالأرض، ودلالة تضعيف الكاف والباء في " فكُبْكِبوا فيها " على قلب الكفار بعضهم على بعض وإلقائهم على وجوههم مرة بعد أخرى في جهنم حتى يستقروا في قعرها. وقد تكون المناسبة الصوتية لمجرد الخفة كما في القراءة الواردة بجر "خُضْر" في قوله : " عاليهم ثيابُ سندسٍ خضرٍ " [الإنسان : 21] وكذلك الحديث : " ارجعن مأزورات (بدل موزورات أي مذنبات) غير مأجورات " ([71]) .
ب ـ وتعليق الوظائف النحوية هو صلب مهمة النحو، ومعناه توزيع الأبواب النحوية بقرائنها اللفظية والمعنوية على الجملة وأجزائها بحيث تترابط الأجزاء وتتكامل المعاني، ويكون هذا مناط النظم على نحو ما وضح عبد القاهر في نظريته المشهورة في هذا.
ج ـ قدم النحو العربي للربط صوراً متعددة، هي: الربط بالأداة والربط بالمطابقة والربط بتكرار اللفظ أو المعنى والربط بالإحالة (الضمير أو الإشارة أو الموصول الاسمي أو الحرفي) .
فالربط بالأداة قد يكون عن طريق : أدوات الجمل (ولنا أن نتخيل أهمية هذه الأدوات عندما نعرف أن أنواع الجمل العربية أربعة وعشرون نوعاً منها تسعة عشر تتقدمها الأداة) وأدوات الأجوبة، وأدوات المفردات مثل حروف الجر والاستثناء والعطف والمعية، وهذه قد تربط بين الاسم والاسم أو الاسم والفعل أو الفعل والفعل . وتكمن أهمية الربط بالأداة ـ كما وضحت من قبل ـ أن الأدوات معانيها نصية سياقية لأنها لا تكون في ألفاظها وإنما تكون في غيرها. وتكمل وسائل الربط بأن يضاف إلى ما سبق: الربط بتكرار المطلع والربط بالموصول والربط بالوصف، فمثال الربط بتكرار المطلع قوله تعالى: " ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فُتنوا ... إن ربك من بعدها لغفور رحيم " [النحل : 110] والربط بالموصول يقصد به وضع الاسم الظاهر موضع الضمير ومثاله قوله تعالى : " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً " [الكهف:30] ، والربط بالوصف يقصد به اللفظ الواصف للمرجع بحيث يدل عليه ولا يكون اسماً له مثل قوله تعالى : " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين " [التوبة:14] أي ويشف صدوركم ([72]).
د ـ مجمل نصيب النقد الأدبي من النحو أمران : نقد صحة النص على المستوى الأصولي (أي مستوى ما تقتضيه أصول القواعد) ([73])، ونقد أسلوب النص على مستوى الاستعمال العدوليّ ([74]). والاستعمال العدولي (وهو ما يسمي في مجال النقد والدراسات الأسلوبية بالانحراف) معناه اختيار أسلوب مغاير لأصل القاعدة يكون مسموحاً به في الغالب ويكون هو مكمن البلاغة وسر تميز أسلوب عن أسلوب وأداء عن أداء، وقد وضع النحاة الأسس والأركان لهذا المبدأ ثم سخرت البلاغة العربية نفسها لخدمته وتطويره وتفصيله، وأصبح شغلها الشاغل. ومن النحاة الذين أصلوا لذلك ومهدوا سبيله ابن جني وقد سماه "شجاعة العربية"، قال في مقدمة الباب الذي يحمل هذا الاسم : " اعلم أن معظم ذلك إنما هو الحذف، والزيادة، والتقديم، والتأخير، والحمل على المعنى، والتحريف "([75]). والأهم من هذا عنده أنه ربط هذا المبدأ (أي شجاعة العربية) بالمجاز، وفائدته ـ كما رأى ـ تحقيق ثلاثة معان: الاتساع والتوكيد والتشبيه؛ " ألا ترى أنك إذا قلت : بنو فلان يطؤهم الطريق، ففيه من السعة إخبارك عما لا يصح وطؤه بما يصح وطؤه ... ووجه التشبيه إخبارك عن الطريق بما تخبر به عن سالكيه، فشبّهته بهم إذ كان هو المؤدي لهم فكأنه هم. وأما التوكيد فلأنك إذا أخبرت عنه بوطئه إياهم كان أبلغ من وطء سالكيه لهم. وذلك أن الطريق مقيم ملازم، فأفعاله مقيمة معه وثابتة بثباته، وليس كذلك أهل الطريق، لأنهم قد يحضرون فيه ويغيبون عنه ..." ([76]).
وبناءً على ما سبق في مفهوم العدول وشجاعة العربية، مثال الحذف قوله تعالى : " فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا " [البقرة:6] أي فضرب فانفجرت ، وكذلك " فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففدية" [البقرة:196] أي فحلق فعليه فدية، ومن أمثلة الزيادة : قوله تعالى : " ليس كمثله شيء" [الشورى : 11] فالكاف زائدة للتوكيد ([77])، ومن أمثلة التقديم تقديم الحال على عاملها في : " خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث " [القمر:7 ]. ويتعلق بالتقديم والتأخير ما يسمى بالفصول والفروق كالفصل بين الظرف والمصدر العامل فيه بالخبر في قوله : " إنه على رجعه لقادر. يوم تبلى السرائر " [الطارق:8،9] فالمعنى : إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر. والحمل على المعنى باب واسع جداً، منه تذكير المؤنث وتأنيث المذكر وتصور معنى الواحد في الجماعة ومعنى الجماعة في الواحد والعطف على التوهم والتضمين ، فمن تذكير المؤنث مثلاً : " فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي " [الأنعام:78] أي هذا الشخص أو المرئي، ومن عكس ذلك ـ وهو تأنيث المذكر ـ تأنيث "الصوت" مراداً به معنى الاستغاثة في قول الشاعر:
يأيها الراكب المُزجي مطيّـته سائلْ بني أسدٍ ما هذه الصوتُ
ومن العطف على التوهم : " لولا أخرتني إلى أجل قريبٍ فأصدَّقَ وأكنْ " [المنافقون:10] فأكن مجزوم لأنه محمول في العطف على معنى : إن تأخّرْني أصدّقْ وأكنْ . ومن التضمين : " أحِلّ لكم ليلة الصيامِ الرفثُ إلى نسائكم " [البقرة : 187] فقد عديَّ الرفث بإلى لما كان معناه الإفضاء . والتحريف يكون في الاسم والفعل والحرف، ومن أمثلة ذلك في الحرف قراءة تخفيف الميم في "لما" في قوله تعالى : " إن كل نفسٍ لما عليها حافظ " ([78]).
ثالثاً ـ جدوى منهج نحو النص ومدى أهميته بالنسبة للنحو العربي :
تجديد مناهج البحث والنظر أمر ضروري في البحث العلمي مادامت الحاجات تتغير والمطالب تتجدد، والنحو العربي أحوج ما يكون إلى ذلك لتقادم عهده وطول أمد العربية.
ولقد أدركنا من الفقرة السابقة أن النحو العربي برغم كونه نحو جملة، قدم جهوداً نصية تأصيلية ونظرية وتطبيقية متنوعة، وأنه كان له أثر واضح في لسانيات النص العربية خاصة البلاغة والتفسير، وقد بينا ما يمكن أن يقدمه لنحو النص في عدة جوانب هي المناسبة الصوتية في الصيغ، وكيفية تعليق الوظائف النحوية بعضها ببعض، والربط بصوره المختلفة، والاستعمال العدولي . وهذه الجهود والثمار التي قدمها النحو بالرغم من أنها طيبة وليست بالشيء القليل، لكن تظل هناك مطالب كثيرة للنص لم تتحقق، يشهد بهذا أن الجوانب النصية للنحو العربي موسومة في الغالب بسيما الجملة وطابعها؛ فالمعنى في غير الشعر هو معنى الجملة أو الجملتين أو الثلاث، وفي الشعر المعنى هو معنى البيت أي الشاهد معزولاً عن قصيدته أو البيتين، وكذلك السياق سياق جزئي على قدر المثال أو الموضع، والمعنى كثيراً ما يكون هو المعنى المحايد الذي يرتبط بالقاعدة المجردة أكثر من غيرها.
وإن نحو النص بالنسبة للدراسات اللغوية العربية، لا شك أنه منهج مفيد من جهات عديدة أهمها :
1 ـ شمول نظرته إلى النص ووسائل تماسكه وبنائه وعدم قصرها على الحدود والوسائل التقليدية المعروفة والمحدودة في النحو، بل إدخال عناصر من مجالات أخرى منها المعجم.
2 ـ كون مبدأي التناص ورعاية الموقف يسهمان كثيراً في فهم النص ويزيلان كثيراً من أوجه اللبس، ويساعدان على تقليل احتمال الموضع الواحد لأكثر من وجه إعرابي في المواضع التي يشيع فيها تعدد أوجه الإعراب والغموض، ولا تكفي فيها القرائن اللفظية والمعنوية، ومن ذلك مواضع: الإضافة إلى المصدر مثل (مساعدة الوالدين) والتشبيه بعد النفي مثل (لا يكتب الولد مثل أخيه) والجار والمجرور ومتعلقهما، والموصوف والصفة المنسوبة مثل (التوجيه الجماعيّ) والعطف، ووقوع الصفة بعد الإضافة ([79]) والاختلاف في تحديد صاحب الحال. والسبب في تقليل الغموض اعتماداً على التناص ورعاية الموقف يرجع إلى أن السياق كلما امتد واتسعت رقعته من التركيب إلى الجملة إلى الفقرة إلى النص كله، زاد وضوح الدلالة وزاد احتمال تشابه الاستجابات لدى المتلقين ([80]). ومن أمثلة الاستعانة بالتناصّ ورعاية الموقف في التفسير هذان المثالان :
أ ـ من المعلوم أن فعل "الظن" يدل على التردد في النسبة بين أمرين مع الميل إلى الترجيح ومثال ذلك قوله تعالى: " فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنّا أن يقيما حدود الله " [البقرة :230] وكذلك : " وإني لأظنك يا فرعون مثبورا " [الإسراء : 202]، لكن أشكل على النحاة ـ كما يبدو في الرأي المشهور ـ استعمال هذا الفعل في القرآن الكريم في مواضع يبدو فيها أنها للعلم واليقين، فكان رأيهم الذي استقروا عليه أن هذا الفعل يستعمل للرجحان واليقين وإن كان الغالب فيه أن يكون للرجحان ([81]). ومن أشهر المواضع التي ورد فيها "الظن" بمعنى العلم واليقين في رأيهم قوله تعالى:
ـ " واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين . الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون " [البقرة:45،46].
ـ " وعلى الثلاثة الذين خُلّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه " [التوبة : 118].
ـ " ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفاً " [الكهف : 53].
ـ " إني ظننتُ أني ملاقٍ حسابيه " [الحاقة : 20] .
ـ " ووجوه يومئذ باسرة . تظنّ أن يُفعل بها فاقرة " [القيامة : 24،25].
والذي أراه ـ كما قال بعض المفسرين وكما يحتم منطق أسلوب القرآن وإعجازه ـ أن "الظن" هنا على بابه للشك والرجحان بما يناسب الموقف والسياق في كل موضع من هذه المواضع، يؤكد هذا أن استعمال "الظن" بمعنى العلم غير مشهور في كلام العرب، قال ابن عطية عند تفسير (فظنوا أنهم مواقعوها) : " ولو قال تعالى بدل "ظنوا" : "أيقنوا" لكان الكلام متسقاً على مبالغة فيه، ولكن العبارة بالظن لا تجيء أبداً في موقع يقين تام قد ناله الحس، بل أعظم درجاته أن يجيء في موضع علم متحقق لكنه لم يقع ذلك المظنون، وإلا فما يقع ويُحَسّ لا يكاد يوجد في كلام العرب العبارة عنه بالظن، وتأمل هذه الآية، وتأمل قول دريد :
فقلتُ لهم ظُنّوا بألفَيْ مُدجّجٍ سَراتُـهمُ بالفارسيّ المُسرّدِ ([82]) "
ففي آية البقرة (الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم) المقبول أحد هذه الاحتمالات : أن يكون المعنى منصرفاً إلى ظن الموت وتوقعه في كل لحظة، أو أنهم يظنون أنهم ملاقو ربهم بذنوبهم، أو يظنون أنهم ملاقو ثواب ربهم، أو أن يكون عبر بالظن عن العلم تهويلاً للأمر وتنبيهاً على أنه يكفي العاقل في الحث على ملازمة الطاعة، فكيف والأمر متيقن !
وفي آية التوبة (وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه) عبر بالظن إيذاناً بأنهم لشدة الحيرة كانت قلوبهم لا تستقر على حال أو أنهم لم يكونوا قاطعين بأنه سينزل في شأنهم وحي، أو للإشارة إلى أن أعلى درجات اليقين في التوحيد لا تبلغ الحقيقة على ما هي عليه من باب " لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ". وفي آية الكهف (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها) استخدم الظن للدلالة على جريهم على عادتهم في الجهل والإجرام وأنهم عريقون فيهما، فبالرغم من رؤيتهم للنار ما زلوا يشكون في معاقبتهم بها، ويطمعون في عدم دخولها. وفي آية الحاقة (إني ظننت أني ملاق حسابيه) إذا كان الظن في الآخرة فقد استعمل للإشارة إلى الخوف والرجاء، وإذا كان في الدنيا فقد عبر به "عن اليقين إشارة إلى أنه يكفي العاقل في الخوف الحامل له على العمل ظن الخطر، وفيه إشعار بهضم النفس لأن الإنسان لا ينفك عن خطرات من الشبه تعرض له وتهجم عليه، وإيذان بأن مثل ذلك لا يقدح في الجزم بالاعتقاد وتنبيه على أنه يكفي في إيجاب العمل الظن فيكون حينئذ تعليلاً لإعطاء الكتاب باليمين ، وفيه تبكيت للكفار بأنهم لم يصلوا في هذا الأمر المحقق إلى مرتبة الظن ... " ([83]). وفي آية القيامة (تظن أن يفعل بها فاقرة) الظن معناه التوقع ([84]). ولعلنا أدركنا من تأمل هذه المواضع المختلفة لاستعمال "الظن" والنظر في تناصّها أنها يجمعها معنى واحد هو التعبير عن علم متحقق لم يقع بعد وقد عومل هذا معاملة الشك والظن لمناسبتهما للسياق .
ب ـ بناءً على قول النحاة المشهور تكون " أنْ " بعد "لمّا" زائدة للتوكيد في قوله تعالى : " ولما أن جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً " [العنكبوت :33] وقوله : "فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن ت***ني " [القصص :19] وقوله : " فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيراً " [يوسف:96] ولا فرق بين تراكيب "لمّا" و"أنْ" في هذه الآيات واستعمال "لمّا" وحدها في قوله تعالى : " ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى ..." [العنكبوت :31] إلا في هذا المعنى وهو زيادة "أن" للتوكيد([85])، ولكن ابن الأثير يرى أن النحاة لم يفطنوا هنا إلى المعنى الصحيح الذي تفيده "أن" في هذا الموضع وهو معنى الإبطاء والتراخي، وبناءً على هذا يدل عدم وجودها على معنى السرعة والفور ([86]).
3 ـ أن نحو النص منهج تطبيقي يسمح بأن يوجه الدراسة النحوية وجهة عملية مثمرة وفعالة في فهم النصوص وتفسيرها، بدلاً من الاقتصار على الجانب النظري الجاف.
وفي مقابل ذلك ثمة مآخذ أو انتقادات يمكن أن توجه إلى الأخذ بهذا المنهج في الدراسات العربية، من أهمها في رأيي:
أ ـ أن نحو النص ليس منهجاً جديداً بالنسبة للتراث العربي، فهو مليء بالدراسات النصية التي دار قسط كبير منها حول أعظم نص قامت حوله دراسات وبذلت أقصى ما تستطيع لتفهمه، أعني القرآن الكريم"، وقد نتج عن ذلك نظريات صالحة للتطبيق والاستفادة منها. ويُفهَم من خلال الإشارة السابقة إلى المقارنة بين الجهود العربية والجهود الغربية في الدراسات النصية أن كل جانب قد أعطى لنحو النص ما لا يقل عن جهد الآخر، إن لم يزد جهد الجانب العربي في جانب طول النص؛ إذ إن معظم الأمثلة التي مثل بها الفكر الغربي في هذا المجال تعد نصوصاً قصيرة مشتملة على جمل محدودة، على عكس الإسهامات العربية التي دار كثير منها حول نص القرآن الكريم . بل من الباحثين من يرى أن جهود الغربيين الحثيثة في نحو النص لم تخرج عن أربع مقولات مهمة وردت عند العرب في جهودهم النصية هي : فاعلية أدوات الربط في بناء النصوص وتماسكها، ودراسة الدلالة وأنواعها، ودراسة النص ضمن إطار معرفة العالم، وجزئية التفكير في النص ([87]) .
ب ـ أن منهج نحو النص لا يلبي الطموح العلمي الذي يريده النحو العربي المعاصر بحالته الراهنة القائمة في أحسن الأحوال على محاولة الجمع والتوفيق بين اجترار القديم العربي واستيراد الحديث الغربي، والحركة الحائرة بينهما كبندول الساعة دون أن ننتبه إلى مواطئ الأقدام ومعرفة المناسب لنا على وجه الدقة.
إن منهج علم لغة النص أو نحو النص ـ في رأيي ـ لا يسعفنا إلا في جانب واحد فقط هو الجانب التطبيقي، أي تحليل النصوص وفهمها واستيعابها. ونحن نريد نظرية عربية خالصة تلبي هذه الحاجات والمطالب الملحة التي تغيب عنا رؤيتها رؤية كلية وإدراك ملامحها وجمع شتاتها :
1 ـ تطوير قواعد النحو العربي وربطه بالاستعمال، ولست أقصد بهذا قضية تيسير قواعد النحو، فهذه قضية جزئية، وإنما الذي أعنيه دراسة التطور النحوي للعربية المعاصرة من خلال نظرة متوازنة يدخل فيها اعتبارات مختلفة أهمها الحفاظ على الجانب المعياري والإفادة من جهود المجامع اللغوية.
2 ـ تضييق الهوة بين اللغة العربية الفصيحة والعاميات المختلفة من أجل الإسهام في توسيع دائرة استخدام اللغة الفصيحة؛ حتى لا نظل نعاني من انفصام لغوي ظاهر بين اللغة التي نحاول أن نعلمها للتلاميذ والطلاب في المدارس والجامعات ولغة الواقع والحياة.
3 ـ تطوير قواعد النحو العربي وربطها بالمعاني، وذلك بدمج النحو بعلم المعاني؛ لأن هذين في الحقيقة مجالان لعلم واحد موضوعه التراكيب، وأحد المجالين هو صحة التركيب والآخر هو حسن التركيب وتميزه .
4 ـ بناء نظرية دلالية تطبيقية متكاملة نحلل بها النصوص ونفسرها بها والإفادة من الجهود القيمة التي بذلت في هذه السبيل ([88])؛ وذلك لأن الجانب الدلالي في النحو العربي القديم يوصف أو يتهم بأنه من أضعف جوانبه، بعد أن عُزلت النظرية النحوية الدلالية التي وضعها عبد القاهر الجرجاني وقيّدت في اتجاه آخر. ومن أمارات ذلك : غمز ابن الأثير النحاة وقوله إنهم لا فتيا لهم في الفصاحة([89])، وقول البغدادي صاحب خزانة الأدب عند المقارنة بين شرح ابن هشام وشرح أحمد بن محمد البجليّ البغداديّ لقصيدة بانت سعاد : إن شرح البغداديّ أكثر استنباطاً لمعاني الشعر وأدق تفتيشاً للمزايا والنكت، وشرح ابن هشام أوعى للمسائل النحوية وتفسير الألفاظ اللغوية، وقد كان ابن هشام نفسه أيضاً من أكثر النحاة إحساساً بهذه المشكلة في كتابه " المغني "، نلاحظ هذا في تلميحه الدائم للفرق بين تناول النحاة وتناول من سمّاهم " البيانيين " أي البلاغيين؛ حتى إننا نجده يصرح ذات مرة بأن ذكر النحاة لأغراض بناء الفعل للمجهول كالجهل به أو الخوف منه أو عليه ـ تطفّل منهم على صناعة البيان وأنه لم يهتم بمثل هذا جرياً على عادتهم، ولإحساسه بأن هذا الموقف يشوبه الخطأ والانحراف عما يجب أن تكمل به صناعة النحو تمثل بقول الشاعر([90]) :
وهل أنا إلا من غَزيّة : إن غوتْ غوَيْـتُ وإن ترشُدْ غزيّـةُ أرِشُدِ
وبإدراك التشابه والعلاقة بين المطلبين الأول والثاني، والمطلبين الثالث والرابع ـ نستنتج أننا نحتاج إلى نظريتين نحويّتين : واحدة لتطوير القواعد والاستعمال وتوسيع دائرة استخدام اللغة الفصيحة في الواقع ([91])، أي نظرية عربية وظيفية واقعية للنحو وهي أقرب ما يكون إلى الجمع بين منهج علم اللغة الاجتماعي والتداولية (pragmatics) معاً وهما فعلاً يتداخلان ([92])، وأخرى لتطوير الدلالة في النحو والإفادة منها في التطبيق. ونستطيع أن نصف النظرية الأولى بأنها للاستعمال العادي والتواصل في المناسبات المختلفة وكل ما يمكن أن يبتعد عن مجالات العامية والخصوصية الشديدة ، وأن نصف الثانية بأنها للأدب ومقام اللغة البليغة . والنظرية الأولى يمكن أن نقول إن الوصول إليها عملياً ليس سهلاً وأنها تحتاج إلى جهود كبيرة، أما الثانية فهي قريبة المنال والمعطيات أمامها سهلة وميسورة، ومن أهمها نظرية نحو النص نفسه الذي ينبغي أن يكون أهم ما يشغلنا منه الإفادة منه في تحليل النصوص وتفسيرها ([93]). وينبغي أن يكون من أول ما تعنى به هذه النظرية الثانية مهمتان هما :
أ ـ تفسير النص وفهمه وتحليله جملة وتفصيلاً .
ب ـ دراسة الفروق وأجه الشبه في التراكيب الناشئة عن التكرار أي في التراكيب والاستعمالات المتشابهة مع بعض الاختلاف، مثل محاولة تبين الفرق بين النفي بليس والنفي بما كما في قوله تعالى : " قل لست عليكم بوكيل " [الأنعام : 66] وقوله تعالى : "وما أنا عليكم بوكيل " [يونس : 108]. ومعنى ذلك أن يدخل في هذا المجال دراسة الأدوات أو التراكيب والاستعمالات ذات المجال أو الباب النحوي الواحد في مواضع النص المختلفة كالفرق بين التعليل باللام وكي والباء ومِن ، وكحصر الأسماء التي أضيفت إلى ذات الله سبحانه في القرآن واستنباط دلالة التشريف والتبجيل منها، أو النظر في مواضع إبدال الذات من المعنى وربط بعضها بمجال الثواب ([94]). وهذا النوع من الدراسة وثيق الصلة بفكرة التناصّ وهو أكثر صلة وشبهاً بما يسمى في مجال تفسير القرآن بالتفسير الموضوعي، وهو نوع دعا إلي ضرورته وأهميته الداعون، وإذا كان مصطلح "الموضوع" في التفسير يراد به الكلمة بمعناها المعجمي والدلالي العام "كالجهاد" أو "الإنسان" أو "المرأة" في القرآن الكريم، فالموضوع في النحو هو الباب أو المعنى النحوي كالفاعل والتوكيد والحال مثلاً.









الخاتمة
أستطيع أن أجمل التعليق على هذا البحث في النقاط الآتية:
1 ـ كانت هناك ثلاثة مواقف للنحو العربي من النص: موقف توثيق، وموقف استشهاد واحتجاج وتقعيد، وموقف تطبيق. والملحوظة المهمة هنا أن الشعر ـ بحكم حاجته إلى توثيق وبحكم التحرز الديني من القرآن وتأخر الاعتماد على الحديث النبوي ـ سيطر على موقفي التوثيق، والاستشهاد والاحتجاج والتقعيد، وأن القرآن الكريم كان التوجه إليه أكثر في مجال التطبيق. وهيمنة الشعر في المجالين الأولين تبين أنه داخله كثير من الخَبَث ومظاهر الضعف والتحريف وعدم الصحة. وكل ذلك يجعله بالنسبة لنا الآن في حاجة إلى مراجعة وتمحيص. وقد تبين أيضاً أن النحاة كان يعنيهم في المقام الأول مراعاة القواعد على حساب النصوص، وقد نتج عن هذا ظواهر من أهمها تلحين بعض القراءات، والتأويل الذي كان تأويل ربط النص بالقاعدة لا تأويل تفسير. وبناءً على ذلك كله، ندرك أن موقف النحاة من توثيق النص والاستشهاد به هو موقف من النص على مستوى الأصول أي في علم أصول النحو والتقعيد، وأود أن أضيف هنا أن النظرة الأصولية في هذا العلم، كان يحكمها أحياناً الجفاف والافتراضات العقلية والنظرية غير المجدية، ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ مسألة إثبات الحكم في محل النص: بماذا يثبت بالنص أم بالعلة([95])؟
2 ـ أهم المظاهر التي من الممكن أن تكون جهداً غير معلن أو غير واضح للنحاة في مجال "تنميط النصوص" جاء في الشعر من خلال تحديد مبدأ "الضرورة الشعرية" الذي يعنى أن للشعر لغته الخاصة التي تميزه عن غيره. أما تحديد الأبنية الرئيسة وأنماط أهم النصوص ـ وهو القرآن الكريم ـ فالنحاة القدماء في المستوى التقعيدي لم يقوموا بهذا، وكل ما فعلوه في هذا الجانب تأويل بعض ظواهر التراكيب القرآنية التي تدل على خصوصية نمط القرآن وأساليب تعبيره.
3 ـ النحو العربي ـ بمقياس نظرية نحو النص الحديثة ـ ليس نحو نص، بل هو نحو جملة، ومع هذا نجد مظاهر متعددة لنحو النص في النحو العربي، ومما يتجلى فيه هذا: النظرات والمفاهيم النصية لدى بعض النحاة الذين عنوا بالنص نظراً وتطبيقاً، والتأثير الواضح لمعطيات النحو العربي في لسانيات النص العربية ـ خاصة البلاغة وتفسير القرآن ـ من خلال ما يدخل في إطار مفهوم "التماسك" أو "السبك". ومعنى هذا أن النحو العربي علم نصي بالفهم العام لا الخاص.
4 ـ خلاصة المفاهيم التي يمكن أن يقدمها النحو العربي بصورته المعروفة إلى نحو النص في المجال الأدبي، تتمثل في : المناسبة الصوتية في الصيغ، وكيفية تعليق الوظائف النحوية بعضها ببعض، والربط بصوره المختلفة، والاستعمال العدولي.
5 ـ من حيث جدوى منهج نظرية نحو النص بالنسبة إلى النحو العربي، تبين لنا أن هذه النظرية مفيدة من جهات عديدة، من أهمها ما يسهم به مفهوم التناص ومفهوم رعاية الموقف في فهم النص كله وإزالة كثير من أوجه اللبس وتقليل أوجه تعدد الإعراب، ومع هذا قلنا إن هذه النظرية لا تلبي حاجات النحو العربي ولا تسد الفراغ التنظيري له بحالته الراهنة؛ إذ إنها تسعفه في جانب واحد فقط هو جانب التطبيق. والذي يجب تقديمه لهذا النحو نظريتان: نظرية وظيفية لتطوير القواعد في الاستعمال العادي وتوسيع دائرة استخدام العربية الفصيحة في الواقع، ونظرية أخرى لتطوير دراسة الدلالة في النحو والإفادة منها في التطبيق في مجال اللغة الأدبية، بحيث يكون من أهم مهام هذه النظرية دراسة الفروق وأوجه الشبه بين التراكيب المتشابهة واستثمار نتائج ذلك في التحليل الأسلوبي.
6 ـ على الرغم من أن النحاة عُنُوا في مجال التطبيق والإعراب بالنص القرآني كثيراً والنص الشعري بصورة أقل، يبدو أن النظر في النص العلمي ـ خاصة نص كتاب سيبويه ـ شغلهم أحياناً عن النظر في نصوص اللغة نفسها لتفسيرها وفهمها ومتابعتها، وكثيراً ما حملوا النصوص العلمية ـ على أهميتها وقدرها العظيم ـ أكثر مما تحتمل من التعليقات والشروح والحواشي والاختلاف في أوجه التفسير([96])، وجرهم هذا إلى ظواهر من أوضحها كثرة الدوران في فلكها، والانصراف أحياناً عن بعض الأمور الأخرى المهمة، ونشأة بعض الأبواب التي تبحث في أصول فهم أقوال العلماء، كالباب الذي عقده ابن جني في الخصائص بعنوان (باب في اللفظين على المعنى الواحد يردان عن العالم متضادين) ([97]).
--------------------------------
المصادر والمراجع
أولاً ـ الكتب:
ـ الإغراب في جدل الإعراب ولمع الأدلة، لأبي البركات الأنباري، قدم لهما وعني بتحقيقهما سعيد الأفغاني ( مطبعة الجامعة السورية ـ 1377هـ ـ1957).
ـ الاقتراح للسيوطي، تحقيق الدكتور أحمد قاسم (القاهرة ـ 1976).
ـ أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك، تأليف ابن هشام الأنصاري، ومعه كتاب عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك لمحمد محيي الدين عبد الحميد (المكتبة العصرية ـ بيروت ـ 1418هـ ـ 1998م).
ـ بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيرزآبادي (المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ـ القاهرة).
ـ تفسير البحر المحيط لأبي حيان :
طبعة مكتبة النصر الحديثة ـ الرياض ـ د.ت .
طبعة دار الفكر ـ بيروت ـ 1412هـ ـ 1992.
ـ التأويل النحوي في القرآن الكريم ، تأليف الدكتور عبد الفتاح الحموز (مكتبة الرشد ـ الرياض ـ ط1 ـ 1984).
ـ الجنى الداني في حروف المعاني، صنعة الحسن بن القاسم المرادي، تحقيق د. فخرالدين قباوة، ومحمد فاضل (دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط1 ـ 1413 هـ ـ 1992م).
ـ حاشية الأمير على المغني (مغني اللبيب وبهامشه حاشية الشيح محمد الأمير) ـ القاهرة ـ دار إحياء الكتب العربية ـ 1955.
ـ حاشية الصبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك (مطبعة دار إحياء الكتب العربية ـ القاهرة ـ د.ت).
ـ الحديث النبوي في النحو العربي، تأليف الدكتور محمود فجال (أضواء السلف ـ الرياض ـ ط2 ـ 1417 هـ ـ 1997م) .
ـ الخروج من التيه: دراسة في سلطة النص، تأليف د. عبد العزيز حمودة (سلسلة عالم المعرفة ـ الكويت ـ نوفمبر 2003 م) .
ـ خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي ، تحقيق عبد السلام هارون (الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ 1979).
ـ الخصائص لابن جني ، تحقيق محمد علي النجار (الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ ط 3) .
ـ دراسات لأسلوب القرآن الكريم، تأليف محمد عبد الخالق عضيمة (دار الحديث ـ القاهرة).
ـ دلائل الإعجاز، لعبد القاهر الجرجاني، قرأه وعلق عليه أبو فهر محمود شاكر (مكتبة الخانجي ـ القاهرة ـ ط3 ـ 1413 هـ ـ 1992م).
ـ رؤى لسانية في نظرية النحو العربي، للدكتور حسن الملخ (دار الشروق ـ عمّان ـ ط1 ـ 2007) .
ـ الرواية والاستشهاد باللغة: دراسة ... في ضوء علم اللغة الحديث، للدكتور محمد عيد، (عالم الكتب ـ القاهرة ـ 1976م) .
ـ شرح شذور الذهب، لابن هشام، ضبط وتشكيل وتصحيح يوسف البقاعي (دار الفكر ـ بيروت ـ ط2 ـ 1998) .
ـ شرح الرضي على الكافية، تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر ( منشورات جامعة قاريونس ـ ليبيا ـ 1978).
ـ شرح قصيدة بانت سعاد لابن هشام، ضبطه وفهرسه الدكتور محمد مفتاح (المكتب العالمي للطباعة والنشر ـ ط1 ـ 1996).
ـ شرح المفصل لابن يعيش ـ مكتبة المتنبي بالقاهرة ـ د.ت .
ـ شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، تحقيق الدكتور طه محسن (وزارة الأوقاف العراقية ـ 1985) .
ـ الصورة والصيرورة: بصائر في أحوال الظاهرة النحوية ، للدكتور نهاد الموسى (دار الشروق ـ عمّان ـ ط1 ـ 2002) .
ـ الضرورة الشعرية في النحو العربي ، للدكتور محمد حماسة عبد اللطيف (مكتبة دار العلوم ـ القاهرة ـ 1979) .
ـ عبقري اللغويين أبو الفتح عثمان بن جني للدكتور عبد الغفار هلال (دار الفكر العربي ـ القاهرة ـ ط1 ـ 2006) .
ـ العربية والدراسات البينية (كتاب مؤتمر عقد بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة ـ 2007م) ـ بحث للدكتور عبد السلام حامد بعنوان: "من جوانب المعنى في العلوم العربية، مقدمة دلالية".
ـ علم الدلالة:علم المعنى، للدكتور محمد الخولي (دار الفلاح ـ عمّان ـ 2001م).
ـ علم لغة النص: المفاهيم والاتجاهات، للدكتور سعيد بحيري (الشركة المصرية العالمية للنشر – لونجمان – مصر – ط1 – 1997م).
ـ علم المعاني، للدكتور درويش الجندي (دار نهضة مصر ـ القاهرة ـ د.ت).
ـ علم النص:مدخل متداخل الاختصاصات، تأليف تون أ. فان دايك، ترجمة الدكتور سعيد بحيري (دار القاهرة للكتاب ـ القاهرة ـ ط1 ـ 1421هـ ـ 2001م).
ـ فيض نشر الانشراح من روض طي الاقتراح،لأبي عبد الله محمد بن الطيب الفاسي، تحقيق د. محمود فجال (دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث ـ دبي ـ ط1 ـ 1421 هـ ـ 2000م).
ـ قضية التحول إلى الفصحى في العالم العربي الحديث ، للدكتور نهاد الموسى (دار الفكر ـ عمّان ـ ط1 ـ 1987 م) .
ـ الكتاب، لسيبويه ، تحقيق عبد السلام هارون (مكتبة الخانجي ـ القاهرة ـ ط3) .
ـ لسانيات النص: مدخل إلى انسجام الخطاب، لمحمد الخطابي (المركز الثقافي العربي – بيروت – ط1 – 1991م).
ـ مبادئ النقد الأدبي والعلم والشعر، تأليف أ.أ. ريتشاردز، ترجمة محمد مصطفى بدوي (المجلس الأعلى للثقافة ـ القاهرة ـ 2005).
ـ المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، لابن الأثير، تحقيق د. أحمد الحوفي ود. بدوي طبانة (مكتبة نهضة مصر ـ ط1 ـ 1381هـ ـ 1962م).
ـ المحتسب، تحقيق علي النجدي ناصف وآخرين (المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ـ القاهرة ـ 1966 ـ 1969).
ـ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لأبي محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي تحقيق الرحالة الفاروق وآخرين (مطبوعات وزارة الأوقاف ـ قطر ـ ط2 ـ 1428 هـ ـ 2007م).
ـ مدخل إلى علم اللغة النصي، تأليف لولفجانج هاتيه وديتر فيهفيجر، ترجمة د. فالح بن شبيب العجمي (جامعة الملك سعود ـ النشر العلمي والمطابع – سلسلة اللغويات الجرمانية –1419هـ ـ 1999م) .
ـ معاني النحو، للدكتور فاضل السامرائي (وزارة التعليم العالي ـ جامعة بغداد ـ 1989م).
ـ مغني اللبيب لابن هشام ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (مكتبة صبيح ـ القاهرة ـ د.ت) .
ـ مقالات في اللغة والأدب ، للدكتور تمام حسان، (عالم الكتب ـ القاهرة ـ ط1 ـ 2005) .
ـ منهاج البلغاء وسراج الأدباء، لحازم القرطاجني، تقديم وتحقيق محمد الحبيب بن الخوجة (تونس ـ 1996) .
ـ منهج ابن هشام في شرح بانت سعاد، للدكتور محمود ياقوت، (دار قطريّ بن الفجاءة ـ الدوحة ـ قطر ـ 1986) .
ـ الموسوعة اللغوية، تحرير ن.ي. كولنج، ترجمة د. محيي الدين حميدي ود . عبد الله الحميدان (النشر العلمي والمطابع ـ جامعة الملك سعود ـ الرياض ـ 1421هـ).
ـ نحو النص: اتجاه جديد في الدراسات النحوية ، للدكتور أحمد عفيفي (مكتبة زهراء الشرق ـ القاهرة ـ 2001) .
ـ نحو النص في ضوء التحليل اللساني للخطاب ، للدكتور مصطفى النحاس (ذات السلاسل ـ الكويت ـ ط1 ـ 2001) .
ـ نحو النص، نقد النظرية وبناء أخرى، للدكتور عمر أبو خرمة (عالم الكتب الحديث ـ إربد ـ الأردن ـ ط1 ـ 2004).
ـ النحو والدلالة: مدخل لدراسة المعنى النحوي الدلالي، للدكتور محمد حماسة عبد اللطيف (دار الشروق ـ القاهرة ـ ط1 ـ 1420هـ ـ 2000 م).
ـ النحو وكتب التفسير، للدكتور إبراهيم عبد الله رفيدة (مصراته ـ ليبيا ـ ط3 ـ 1990).
ـ النص والخطاب والإجراء، لروبرتت دي بوجراند ترجمة د. تمام حسان (عالم الكتب – القاهرة – ط1 – 1998م) .
ـ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، للبقاعي (مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ـ حيدر آباد ـ الهند ـ ط1،ط2 بين سنتي 1975 و1986م).
ـ همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، للسيوطي، تحقيق أحمد شمس الدين (دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط 1 ـ 1998).
ثانياً ـ الدوريات والرسائل:
ـ الدراسة النحوية للشعر عند ابن جني" : رسالة ماجستير للدكتور عبد السلام حامد ـ مكتبة كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة ـ 1992م .
ـ صحيفة دار العلوم للغة العربية وآدابها والدراسات الإسلامية (تصدرها جماعة دار العلوم بالقاهرة) أكتوبر ـ 2001 ـ بحث للدكتور عبد السلام حامد بعنوان: "التكرار في النص الشعري الحديث رؤية نحوية" .
ـ فصول (المجلد العاشر ـ العددين 1، 2 ـ يوليو وأغسطس 1991 ـ بحث للدكتور سعد مصلوح بعنوان: "نحو أجرومية للنص الشعري: دراسة في قصيدة جاهلية") .
ـ نحو الجملة ونحو النص، للدكتور تمام حسان (محاضرة الصيف في الموسم الثقافي لمعهد اللغة العربية بجامعة أم القرى ـ 1995م ـ مخطوطة).
--------------------------------
(*) أستاذ مشارك بقسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم ـ جامعة قطر ، وقسم النحو والصرف والعروض بكلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة . وقد نشر هذا البحث في مجلة كلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة (إصدار خاص) ـ 2009 م .
[1]) ) ـ انظر : الرواية والاستشهاد باللغة ، للدكتور محمد عيد 97 . ومن أوضح الأمثلة العملية على هذه القضية أن دراسة الشاهد الشعري عند أبي البركات الأنباري في كتابه "الإنصاف في مسائل الخلاف" ـ وهو من أهم مصادر النحو العربي ـ تثبت هذه الفجوة بين التنظير والتطبيق؛ إذ إنه نظرياً وضع ضوابط كثيرة لضبط المتن والسند، لكنه عملياً خالفها بدافع العصبية، ومن ذلك أنه رد أحد عشر شاهداً للكوفيين بسبب جهل القائل، ولم يلجأ إلى هذه العلة في توثيق شواهد البصريين كلها، كما أنه اتخذ الروايات المختلفة للشاهد أسلوباً من أساليب تسويغ الحكم لا من أساليب الوصول إليه . انظر : رؤى لسانية في نظرية النحو العربي، للدكتور حسن الملخ 196،207.
[2]) ) ـ انظر : الرواية والاستشهاد باللغة 195 ـ 217 .
[3]) ) ـ انظر : أمثلة متعددة لهذا النوع من الشواهد في "في فيض نشر الانشراح" لابن الطيب الفاسي، تحقيق د. محمود فجال 1/621 ـ 627 .
[4]) ) ـ انظر : التنبيهات على أغاليط الرواة ، نقلاً عن الرواية والاستشهاد باللغة ، للدكتور محمد عيد 206 .
[5]) ) ـ انظر : مغني اللبيب لابن هشام، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 1/45،46 .
[6]) ) ـ يقصد بذلك قوله : من كلّ نضّاخة الذِّفرى إذا عرِقت عُرضتها طامسُ الأعلامِ مجهولُ
وقوله : ولن يبلّغـها إلا عذافـرةٌ لهـا على الأيـْـن إرقالٌ وتبغيـلُ
انظر : شرح قصيدة بانت سعاد لابن هشام، ضبطه وفهرسه الدكتور محمد مفتاح 120 ـ 134 .
[7]) ) ـ المفضليات : 92، نقلاً عن الصورة والصيرورة، بصائر في أحوال الظاهرة النحوية ، للدكتور نهاد الموسى 103، 104 .
[8]) ) ـ انظر : الصورة والصيرورة للدكتور نهاد الموسى 115 .
[9]) ) ـ انظر : شرح الأشموني (في حاشية الصبان) 1/89 ، وشرح الرضي على الكافية ، تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر 3/382 ـ 384 ، وشرح المفصل لابن يعيش 5/11،12.
[10]) ) ـ انظر : الاقتراح للسيوطي، تحقيق الدكتور أحمد قاسم 55 ، وفتح الباري لابن حجر: باب فضل صلاة العصر.
[11]) ) ـ الرواية والاستشهاد باللغة ، للدكتور محمد عيد : 217 .
[12]) ) ـ الاقتراح للسيوطي ، 48 .
[13]) ) ـ الرواية والاستشهاد باللغة : 123 .
[14]) ) ـ الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم : 4/36 نقلاً عن الرواية والاستشهاد باللغة 124 .
[15]) ) ـ انظر : دراسات لأسلوب القرآن الكريم، للأستاذ محمد عضيمة، القسم الأول ج1 ص 19 ـ 22 .
[16]) ) ـ انظر : الحجة في القراءات السبع لأبي علي الفارسي4/139 ، نقلاً عن "عبقري اللغويين أبو الفتح عثمان بن جني" للدكتور عبد الغفار هلال 1/154 .
[17]) ) ـ المحتسب : 1/ 32،33 .
[18]) ) ـ انظر : الاقتراح للسيوطي 52،53 .
[19]) ) ـ انظر : شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، تحقيق الدكتور طه محسن 25، 26 .
[20]) ) ـ انظر : السابق 33،34 .
[21]) ) ـ انظر : الرواية والاستشهاد باللغة 135 ـ 137 .
[22]) ) ـ فيض نشر الانشراح من روض طي الاقتراح، لابن الطيب الفاسي 1/452،453 ، ونظر : الحديث النبوي في النحو العربي، للدكتور محمود فجال 109 ـ 112، 125،126 .
[23]) ) ـ انظر : الرواية والاستشهاد باللغة ، للدكتور محمد عيد 125 ـ 147 .
[24]) ) ـ الأغاني : 2/23 . وانظر : الرواية والاستشهاد باللغة ، للدكتور محمد عيد 149 .
[25]) ) ـ الرواية والاستشهاد باللغة : 152، 153 .
[26]) ) ـ الخصائص، لابن جني : 1/25 .
[27]) ) ـ كانت كتب "معاني القرآن" تعنى بالتفسير اللغوي والنحويّ واستمرت على هذا النحو إلى القرن الرابع الهجري، فتحولت إلى كتب التفسير وكان لها أثرها في المراحل اللاحقة للتأليف في التفسير . انظر : النحو وكتب التفسير، للدكتور رفيدة 1/529 ـ 531 .
[28]) ) ـ انظر : رسالتي للماجستير "الدراسة النحوية للشعر عند ابن جني" ـ مكتبة كلية دار العلوم ـ 1992 .
[29]) ) ـ خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي ، تحقيق عبد السلام هارون 1/16،17 .
[30]) ) ـ انظر : السابق 1/18 .
[31]) ) ـ انظر : علم النص مدخل متداخل الاختصاصات ، لفان دايك، ترجمة الدكتور سعيد بحيري 208 ـ 212 .
[32]) ) ـ الكلام هنا مقيد بكتب التقعيد لدى النحاة القدماء، وبناءً على هذا، ما سوى ذلك ـ ككتب إعراب القرآن وبيان معانيه ـ فالحكم عليه من هذه الزاوية يتوقف على مراجعته ودراسته. وأما الدراسات النحوية واللغوية الحديثة ـ كدراسات الأستاذ عضيمة ـ فمن الواضح أنها أصابت قدراً غير قليل من تحديد أنظمة أنماط القرآن وأساليبه.
[33]) ) ـ انظر : البحر المحيط في التفسير ، لأبي حيان الأندلسي 1/12، 13 (دار الفكر ـ بيروت ـ 1992) 1/12 ، وحاشية الصبان 3/303.
[34]) ) ـ انظر : شرح الأشموني 3/124 .
[35]) ) ـ انظر : همع الهوامع للسيوطي ، تحقيق أحمد شمس الدين 1/153،154،380 .
[36]) ) ـ انظر : دراسات لأسلوب القرآن الكريم للأستاذ محمد عضيمة، القسم الثالث، ج4 ص3،6،7 .
[37]) ) ـ الضرورة الشعرية في النحو العربي ، للدكتور محمد حماسة عبد اللطيف : 589 .
[38]) ) ـ منهاج البلغاء وسراج الأدباء، لحازم القرطاجني ، تقديم وتحقيق محمد الحبيب بن الخوجة 143،144 .
[39]) ) ـ الخصائص : 2/394،295 ، وانظر : الكتاب لسيبويه، تحقيق وشرح عبد السلام هارون 1/ 26 ـ 32.
[40]) ) ـ التأويل النحوي في القرآن الكريم ، تأليف الدكتور عبد الفتاح الحموز : 2/1462،1463 .
[41]) ) ـ انظر : شرح قصيدة بانت سعاد لابن هشام 127،128 .
[42]) ) ـ انظر : همع الهوامع 3/191 ، والتأويل النحوي في القرآن الكريم 2/ 1437 ـ 1450 .
[43]) ) ـ انظر : الحديث النبوي في النحو العربي، للدكتور محمود فجال 101 ـ 104، وفيض نشر الانشراح 1/637 ـ 639 .
[44]) ) ـ الإغراب في جدل الإعراب ولمع الأدلة لأبي البركات الأنباري، تحقيق سعيد الأفغاني : 49 ـ 51.
[45]) ) ـ انظر : من جوانب المعنى في العلوم العربية ـ مقدمة دلالية، بحث للدكتور عبد السلام حامد، في كتاب مؤتمر "العربية والدراسات البينية" 618 ـ 622، 626 ـ 639.
[46]) ) ـ انظر : الجنى الداني للمرادي (دار الكتب العلمية ـ ط1) 31 ـ 35 ، ومغني اللبيب لابن هشام 1/61 ـ 67، وحاشية الأمير على المغني 1/65 .
[47]) ) ـ مغني اللبيب لابن هشام : 1/135 ، وانظر : شواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك 164،165 .
[48]) ) ـ انظر : الجنى الداني للمرادي 439، 440 .
[49]) ) ـ السابق : 440 .
[50]) ) ـ انظر : مقدمة دراسات لأسلوب القرآن الكريم (للأستاذ محمود شاكر) القسم الأول، ج1 صفحة و .
[51]) ) ـ انظر: مدخل إلى علم اللغة النصي، تأليف لولفجانج هاتيه وديتر فيهفيجر، ترجمة د. فالح بن شبيب العجمي ص 11، وانظر أيضاً: علم لغة النص، المفاهيم والاتجاهات، للدكتور سعيد بحيري 52.
[52]) ) ـ يوازي عنصري القصد والإعلامية " القصدُ " عند عبد القاهر الجرجاني، وهو مفهوم نحوي ولغوي صرف. وقد اعتبر مؤلف كتاب "الخروج من التيه : دراسة في سلطة النص" التفات عبد القاهر إلى هذا العنصر لفتة عظيمة منه؛ لأنها تؤكد سبق عبد القاهر في الالتفات إلى أصل مهم من أصول التفسير المنضبط للنص يؤسس لنظرية عربية بديلة له، ويقضي على عبث المناهج النقدية الغربية المستعارة الحداثية وما بعد الحداثية ـ كالتفكيكية والشكلية ـ لأنها تجرد النص من سلطة مؤلفه وقصده وتطلق العنان للمتلقي في التفسير . انظر : دلائل الإعجاز، لعبد القاهر الجرجاني، قرأه وعلق عليه أبو فهر محمود شاكر 405 ، والخروج من التيه، تأليف د. عبد العزيز حمودة 310 ـ 313 .
[53]) ) ـ انظر : مدخل إلى علم اللغة النصي 93-95، والنص والخطاب والإجراء، لروبرتت دي بوجراند ترجمة د. تمام حسان 103- 105، ونحو النص اتجاه جديد في الدراسات النحوية ، للدكتور أحمد عفيفي 75 وما بعدها، وفصول (المجلد العاشر – العددين 1، 2 – نحو أجرومية للنص الشعري: دراسة في قصيدة جاهلية د. سعد مصلوح) ص154.
[54]) ) ـ انظر : لسانيات الخطاب: مدخل إلى انسجام الخطاب، لمحمد الخطابي 16 ـ 25 ، 88،89 .
[55]) ) ـ انظر : نحو الجملة ونحو النص، محاضرة مخطوطة للدكتور تمام حسان 1 ـ 4 ، ونحو النص اتجاه جديد في الدراسات النحوية، 63 ـ 92 .
[56]) ) ـ انظر : علم لغة النص ، للدكتور سعيد بحيري 134، ونحو النص اتجاه جديد في الدراسات النحوية 71.
[57]) ) ـ انظر : الدراسة النحوية للشعر عند ابن جني، رسالة ماجستير بكلية دار العلوم ـ جامعة القاهرة ـ 1992،وعبقري اللغويين أبو الفتح عثمان بن جني 1/181 ـ 208 .
[58]) ) ـ مغني اللبيب :1/9 .
[59]) ) ـ شرح شذور الذهب ، لابن هشام ، ضبط وتشكيل وتصحيح يوسف البقاعي : 21 .
[60]) ) ـ نحو النص في ضوء التحليل اللساني للخطاب ، للدكتور مصطفى النحاس : 13.
[61]) ) ـ البحر المحيط في التفسير ، لأبي حيان الأندلسي 1/300، 301 (دار الفكر ـ بيروت ـ 1992) 1/12 .
[62]) ) ـ انظر : قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير وأثرها في التراث ، للدكتور السيد إبراهيم محمد 99، 100، 131 .
[63]) ) ـ انظر : شرح قصيدة بانت سعاد، لابن هشام ،ضبطه وفهرسه الدكتور محمد الصباح 187 ـ 189 ، ومنهج ابن هشام في شرح بانت سعاد، للدكتور محمود ياقوت 93 .
[64]) ) ـ انظر : لسانيات النص، مدخل إلى انسجام الخطاب 95. ومن الملحوظات المهمة هنا أن ما نقلناه عن أن البلاغة العربية القديمة علم نصيّ، يعدّ من باب التغليب، وإلا فهي ـ كما يرى الدكتور درويش الجندي ـ مثل النحو، لا تتعدى دائرة الجملة إلى البحث في جمال القطعة الأدبية المتكاملة إلا قليلاً ، ومن ثم فهي في حاجة إلى تطوير. انظر : علم المعاني 5،6.
[65]) ) ـ انظر : لسانيات النص 138، 139.
[66]) ) ـ قيل للفارسي : ما البلاغة ؟ قال : معرفة الفصل من الوصل . وقد ورد عن عبد القاهر عبارات قريبة من هذا تؤكده . انظر : دلائل الإعجاز 222 وما بعدها، وعلم المعاني للدكتور درويش الجندي 187 وما بعدها، ولسانيات النص، مدخل إلى انسجام الخطاب 97 .
[67]) ) ـ انظر : دلائل الإعجاز 222 وما بعدها، ولسانيات النص 110.
[68]) ) ـ انظر : لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب، 100 ـ 111، 205 ، ونحو النص، نقد النظرية وبناء أخرى، للدكتور عمر أبو خرمة 79،80 .
[69]) ) ـ انظر : لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب، 209 ـ 211 .
[70]) ) ـ انظر : الخصائص 3/268.
[71]) ) ـ انظر : نحو النص للدكتور مصطفى النحاس 142 ـ 147 ، ومقالات في اللغة والأدب للدكتور تمام حسان 1/347 ـ 355 .
[72]) ) ـ انظر : مقالات في اللغة والأدب للدكتور تمام حسان 1/169 ـ 204.
[73]) ) ـ لقد أشار سيبويه في باب "الاستقامة من الكلام والإحالة" إلى درجات الصحة في الجملة بناءً على تحقق التآلف بين الاستقامة النحوية والاستقامة الدلالية وعدم تحققهما من خلال مستويات محددة للكلام وتجاوز ذلك إلى الإشارة إلى المستوى المجازي . انظر : الكتاب لسيبويه 1/25،26 ، والنحو والدلالة، للدكتور محمد حماسة 65 وما بعدها .
[74]) ) ـ انظر : مقالات في اللغة والأدب للدكتور تمام حسان 1/373 .
[75]) ) ـ الخصائص : 2/ 362.
[76]) ) ـ االسابق : 2/ 448.
[77]) ) ـ انظر : مغني اللبيب 1/179، والجنى الداني : 87.
[78]) ) ـ انظر : الخصائص 2/363 ، 386 ، 404 ، 413 ـ 418 ، 426 ، 437 ، 443 .
[79]) ) ـ انظر : علم الدلالة ، للدكتور محمد الخولي 151 ـ 163.
[80]) ) ـ انظر : مبادئ النقد الأدبي والعلم والشعر ، تأليف أ.أ. ريتشاردز، ترجمة محمد مصطفى بدوي 59.
[81]) ) ـ انظر : شرح الرضي على الكافية 4/150، وشرح المفصل لابن يعيش 7/81، وأوضح المسالك لابن هشام 2/40، وهمع الهوامع للسيوطي 1/481، وشرح الأشموني 2/21 ـ 24 . ومن الجدير بالذكر هنا أن كلام سيبويه في هذه المسألة لا يفهم منه هذا الرأي، بل كل ما يفهم منه تصريحاً أو تلميحاً أن " الظن" قد يقوى فيصبح هذا مسوغاً لجواز اعتبار أنّ (أن) الواقعة بعده هي المخففة من الثقيلة لتدل على معنى التوكيد المناسب لقوة الظن . والظاهر أن قول سيبويه في هذه المسألة : "فجرى "الظن" ههنا (أي الظن الذي بعده "لا") مجرى اليقين لأنه نفيه " ـ وهي عبارة لها سياقها الخاص ـ هو الذي جعل النحاة يطلقون أن "الظن" قد يقع موقع اليقين. انظر : الكتاب 3/166،167 .
[82]) ) ـ تفسير ابن عطية المحرر الوجيز : 5/622. ويتفق مع خلاصة ما قاله ابن عطية هنا ما ورد في المحكم لابن سيده من أن اليقين بـ " ظنَّ " يقين تدبر لا عيان . انظر معاني النحو، للدكتور فاضل السامرائي 2/439 .
[83]) ) ـ نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي : 20/362،363 .
[84]) ) ـ انظر : السابق 1/342،343، 9/39، 12/87، 21/107، والمحرر الوجيز، لابن عطية 1/201،202، 5/622، 8/480، والبحر المحيط لأبي حيان 1/300،301 (طبعة دار الفكر ببيروت )، 5/110، 6/137 (طبعة مكتبة النصر الحديثة بالرياض) ومعاني النحو للدكتور فاضل السامرائي 2/436 ـ 440.
[85]) ) ـ انظر : مغني اللبيب 1/34،35 .
[86]) ) ـ انظر : المثل السائر لابن الأثير، تحقيق د. أحمد الحوفي ود. بدوي طبانة 3/12 ـ 14 ، ونحو النص في ضوء التحليل اللساني للخطاب، للدكتور مصطفى النحاس 146،147 .
[87]) ) ـ انظر : نحو النص، نقد النظرية وبناء أخرى : 96،97 .
[88]) ) ـ على رأس هذه الجهود كتاب الدكتور تمام حسان "البيان في روائع القرآن" وكتب الدكتور محمد حماسة في الدلالة والشعر ومؤلفات الدكتور فاضل السامرائي خاصة كتابيه "معاني النحو" و"التعبير القرآني" .
[89]) ) ـ انظر : المثل السائر 3/14،15 .
[90]) ) ـ انظر : مغني اللبيب 2/650 .
[91]) ) ـ انظر : قضية التحول إلى الفصحى في العالم العربي الحديث ، للدكتور نهاد الموسى.
[92]) ) ـ انظر : الموسوعة اللغوية ، تحرير ن.ي. كولنج، ترجمة د. محي الدين حميدي ود . عبد الله الحميدان 2/487 .
[93]) ) ـ من الأمثلة العملية التي قدمتها في هذا تحليل التكرار في قصيدة "موسيقى فوضى الأشياء" للشاعر محمد الفيتوري وهي من ديوان "قوس الليل قوس النهار" . انظر بحثي الذي بعنوان : "التكرار في النص الشعري الحديث رؤية نحوية " ـ صحيفة دار العلوم ـ أكتوبر ـ 2001 .
[94]) ) ـ انظر : معاني النحو، للدكتور فاضل السامرائي1/6، وبصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيروزآبادي 2/37،38، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم للأستاذ محمد عضيمة : القسم 3 ـ ج4 ـ ص36،37 .
[95]) ) ـ انظر : لمع الأدلة لأبي البركات الأنباري 121،122 .
[96]) ) ـ من أمثلة هذا اختلافهم في تفسير كلام سيبويه في "ربّ " بين كونها للقلة وكونها للكثرة . وقد أشرت إلى مصادر هذه المسألة من قبل عند الحديث عن السياق ومعاني الحروف في تعليقات القسم الأول من البحث.
[97]) ) ـ انظر : الخصائص 1/201 .


رد مع اقتباس