عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 20-05-2015, 04:37 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

القائد المجاهد طارق بن زياد بين الروايات المتناقضة؟!



مولاي المصطفى البرجاوي



2-الخطبة بين الشك واليقين:

لقد شكَّ بعض المؤرخينَ في صحَّة هذه الخطبة ونسبتها إلى طارق بن زياد - رحمه الله، ويبدو أنَّ هذا الشَّكَّ جاء أولاً من بعض المستشرقين[7] الذين يشك في نياتِهم؛ لأن "الاستشراق" و"الاستخراب" و"التنصير" ثلاثة أسماء لشيء واحد، ثم حذا حذوهم بعض الأمازيغ المعاصرين وبعض المؤرخين العرب، فشكوا هم بدورهم في نسبة الخطبة، ومن هؤلاء: الدكتور أحمد هيكل في كتابه الأدب الأندلسي من الفتح إلى سقوط الخلافة، والأستاذ محمد عبدالله عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس من الفتح إلى بداية عهد الناصر.

أ- الشك في الخطبة من حيث اللغة:

وقد شكَّ بعض المؤرخين المحدثين في نسبة هذه الخطبة إلى طارق، على اعتبار أنَّها قطعة أدبيَّة فريدة لا يقدر طارق على صياغتها، كما لا يقدر جنوده على فهمها لأنهم جَميعًا - القائد وجنوده - من البربر، على أن هذا التعليل وإن كان يبدو منطقيََّا ومعقولاً، إلاَّ أنَّه لا يمنع من أنَّ طارقًا قد خطب جنده على عادة القواد الفاتحين في مختلف العصور، وإن كنَّا نعتقد في هذه الحالة أنَّ الخطبة لم تكن باللغة العربية، وإنَّما كانت باللسان البربري كما يُسميه المؤرخون القدامى. ثم جاء الكتاب العرب بعد ذلك، فنقلوها إلى العربية في شيء كثير من الخيال والإضافة والتغيير على عادتهم. ومن هذا نرى أنَّه ليس بعيدًا بالمرة أن يكون طارق قد خطب جنوده البربر بلسانهم، إذ إنه من غير المعقول أن يخاطبوا في ساعات الوغى وفي مقام الجد بلغة لم يتعلَّموها أو يفهموها، فكان استعمال اللسان البربري في هذا الموقف ضرورة لإحراز التأثير المطلوب والفائدة العاجلة[8].

ب- الشك في الخطبة أصلاً:

ويُمَثل هذا الاتّجاه المُؤَرخ عبدالله عنان بقوله: "إنَّه يسوغ لنا أن نرتاب في نسبة هذه الخطبة إلى طارق، فإنَّ معظم المؤرخين ولا سيما المُتقدمين منهم لا يشير إليها، ولم يذكرها ابن عبدالحكم ولا البلاذري، وهما أقدم رواة الفتوحات الإسلاميَّة، ولم تُشِر إليها المصادر الأندلسية الأولى، ولم يشر إليها ابن الأثير وابن خلدون، ونقلها المقري عن مؤرخ لم يذكر اسمه، وهي على العموم أكثر ظهورًا في كتب المؤرخين والأدباء المُتَأخرين، وليس بعيدًا أن يكون طارق قد خطب جنده قبل الموقعة، فنحن نعرف أن كثيرًا من قادة الغزوات الإسلامية الأولى كانوا يخطبون جندهم في الميدان؛ ولكن في لغة هذه الخطبة وروعة أسلوبها وعبارتها ما يحمل على الشك في نسبتها إلى طارق، وهو بربري لم يكن عريقًا في الإسلام والعروبة، والظاهر أنها من إنشاء بعض المتأخرين، صاغها على لسان طارق مع مراعاة ظروف الزمان والمكان[9].

ج- إثبات صحة الخطبة لطارق:

ويمثل هذا الموقف العلامة المغربي عبدالله كنون الذي ذهب مذهبًا آخر، مؤكّدًا أنَّ هذه الخطبة صحيحة، وربط هذا بسرعة انتشار العربيَّة والإسلام في المغرب في آن، يقول - رحمه الله -: "أثرت فيه تأثيرها البليغ المشهود في اندفاعه إلى حومة الوغى، وتهافته على الموت بإيمان وحماس، فكيف يفسر هذا بغير سرعة انتشار العربيَّة، كالسرعة التي انتشر بها الإسلام؟"[10]، بل أكثر من هذا؛ أوْرَد أدلة أخرى تعاضد موقفه هذا:

أ- الدَّليل الأول: طارق بن زياد إن كان أصله بربريًّا فقد نشأ في حجر العروبة والإسلام بالمشرق، ولم يكن هو الذي أسلم أولاً بل والده، بدليل اسمه زياد فإنَّه ليس من أسماء البربر، ولا شكَّ أنَّه كان من مسلمي الفتح المغربي الأوَّل، وأنَّه انتقل إلى المشرق حيث تولاه موسى بن نصير، ونشأ ولده في هذا الوسط العربي الذي كونه وثقفه.

ب- الدليل الثاني: لأنَّ نبوغ غير العرب في اللُّغة العربيَّة منذ اعتناقهم الإسلام أمر غير جديد حتى يستغرب من طارق، وهو قد نشأ في بيت إسلامي عربي. فعندنا سلمان الفارسي الذي قضى شطر حياته في بلاد عجمية فلمَّا أسلم بعد ذلك تفتق لسانه بالعربيَّة إلى أن قال فيها الشعر، وبيته مضروب به المثل في الاعتزاز بالإسلام واعتباره هو نسبه الذي يفخر به، إذا افتخروا بقيس أو بتميم، لا يخفى على أحد. ونمثل ببربري آخر، غير طارق وهو عكرمة مولى ابن عباس الذي قال فيه الشَّعبي: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة؛ ومقامه في العلم والرواية لا يجهل.

جـ- الدليل الثالث: لأنَّه ليس في الخطبة من صناعة البيان ما يمنع نسبتها لطارق، وبلاغتها في نظرنا إنَّما ترتكز أولاً وبالذات على معانيها، والمعاني ليست وقفًا على عربي ولا عجمي. نعم يمكن أن يكون وقع في هذه الخطبة بعض تصرُّف من الرُّواة بزيادة أو نقص، ونحن قد صَحَّحنا فيها بالفعل إحدى العبارات التي لم تكن واضحة الدلالة على معناها؛ ولكن هذا لا ينفي أصل الخطبة ولا يصح أن يكون حجة للتَّشكيك في نصها الكامل"[11].

وخلاصة القول: يمكن ترجيح قول العلامة عبدالله كنون - رحمه الله؛ فهو عالم وفقيه، وله دراية بعلم الحديث والرجال، على عكس المؤرخ عبدالله عنان الذي يستند إلى آراء عقلية قابلة للأخذ والرد، ورحم الله يحيى بن معين إذ يقول: "وإذا كتبت فقمش، وإذا حَدَّثت ففتش"[12]؛ كما أنَّ التَّدقيق في حياة الرَّجل نجد أنَّه كان على صلة بالعُروبة والإسلام منذ حداثته، فقد ذكر لهُ ابن عذاري أبوين في الإسلام (طارق بن زياد بن عبدالله)[13]؛ كما أن والد طارق زياد أسلم منذ أيام عقبة بن نافع - رحمه الله؛ لذلكَ شَبَّ طارق في بيت مسلم، لقنه تعاليم الإسلام أبوه، وموسى بن نصير... والله أعلم.

3- مسألة حَرْق السُّفُن:

قصَّة حرق طارق بن زياد السُّفن الأجفان والمراكب قطعًا لأمل المجاهدين المَغَاربة في الهُرُوب والرُّجوع والفرار، وتحفيزًا لهم على المُوَاجهة والمُقَاتَلة ومُحَاربة العدو؛ قصَّة مُنتَشرة في كُتُب التاريخ الأوربي والتاريخ الأندلسي والغرب الإسلامي عامَّة، فما مدى صحَّة القصَّة؟ وما أهم الرِّوايات في هذا الباب؟

- إذ ترى الرِّوايات المثبتة للقصَّة أنَّه: "لَمَّا دانتْ بلاد المغرب لموسى بن نصير، وكان واليًا عليها من قبَل الوليد بن عبدالملك طمح بصرُه إلى فتح بلاد الأندلس، فبعثَ مولاه "طارق بن زياد" على جيش جُلُّه منَ البربر سنة 92هـ فعبر بهم البحر، ونمى خبره إلى "لذريق" ملك القوط، فأقْبَل لِمُحاربته بجيش جَرَّار وخاف طارق أن يستحوذَ الرُّعب على جنده لقِلتهم، فأحرق السفن التي أقلتهم حتى يقطع من قلوبهم كل أمل في العودة، وقام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثُمَّ حَثَّهم على الجهاد ورَغَّبهم في الشَّهادة فقال الخطبة المشهورة[14].

ونفس الشيء يُؤَكِّده الدكتور الباحث المعاصر د.سعد بو فلاقة، الأكاديمي الجزائري، في مقاله الرائق "خطبة طارق بن زياد بين الشَّك واليقين": لَئِن شكَّ بعض المؤرخينَ في الحادثة فإنَّ هذا الشك جاء أوَّلاً من بعض المُستشرقين الذين يشكّ في نواياهم، ونحن لا نشكّ في الحادثة، وإن شكَّ فيها بعض الناس؛ لأنَّ حرق السُّفن عملٌ جيّد منَ الناحية الإستراتيجيَّة، فهو بهذا العمل يكون قد قطع على الجيش كلَّ أمل في العودة إلى المغرب، وليدفع جنوده إلى الاستبسال في القتال والاستماتة في الاندفاع إلى الأمام، نجدها واردة في عدد منَ المصادر التاريخية للعصر الوسيط المغربي. هناك من يُؤَيد وقوع هذه الحادثة خصوصًا وأنَّ هناك رواياتٍ متشابهة وردت في كتب التاريخ وسيطيََّا وحديثًا تُشير إلى وقوع أحداثاً مماثلة:

- رواية المؤرخ والجغرافي السبتي الإدريسي: المُتَوفَّى 562 هجرية الذي وضع أوَّل خريطة رسم فيها العالم: "وإنَّما سُمّي بجبل طارق لأن طارق بن عبدالله بن ونمو الزناتي لَمَّا جاز بمن معه من البربر وتَحَصَّنوا بهذا الجبل، أحسَّ في نفسه أنَّ العرب لا تثق به، فأراد أن يزيحَ ذلك عنه، فأمر بإحراق المراكب التي جاز بها فتَبَرَّأَ بذلك عمَّا اتهم به)[15]".

- رواية الحميري: "وإنَّما سُمّي بجبل طارق؛ لأنَّ طارق بن عبدالله لما جاز بالبربر الذين معه، تحصن بهذا الجبل، وقدر أنَّ العرب لا ينزلونه، فأراد أن ينفيَ عن نفسه التُّهمة فأمر بإحراق المراكب التي جاز فيها، فتبرأ بذلك مما اتّهم به) [16].

- أدلة الشَّاكين والنَّافين لقصة إحراق السفن:

لقد وقفت عند ردود عديدة لكن أشدها إقناعًا ما سطره - أحد الباحثين - بقوله: الحقُّ أنَّ هذه الرِّواية لا يجب أبدًا أن تستقيم، وهي من الرِّوايات الباطلة التي أدخلت إدخالاً على تاريخ المسلمين، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً: أنَّ هذه الرِّواية ليس لها سند صحيح في التاريخ الإسلامي؛ لأن عندنا علم الرجال وعلم الجرح والتعديل، ولابدَّ أن تكونَ الرِّواية منقولة عن طريق أناس موثوق فيهم، فهذه الرواية لم ترِدْ أبدًا في روايات المسلمين الموثوق في تأريخها، إنَّما جاءت فقط في الرِّوايات الأوروبيّة.

ثانيًا: أنَّه لو حدَث فعلاً حرقٌ لِهذه السّفن كان لا بدَّ أن يَحدثَ رد فعل من موسى بن نصير أو الوليد بن عبدالملك سؤالاً عن هذه الواقعة؛ فلا بدَّ أن يكون هناك حوار بين موسى بن نصير وبين طارق بن زياد حول هذه القضية. ولا بدَّ أن يكون هناك تعليق من الوليد بن عبدالملك، ولا بدَّ أن يكون هناك تعليق من علماء المسلمين: هل يجوز هذا الفعل أم لا يجوز؟ ولذلك فإنَّ الكتب اختفى منها ردّ الفعل تَمامًا ممَّا يعطي شكًّا كبيرًا في حدوثها.

ثالثًا: أنَّ المصادر الأوروبيَّة قد أشاعتْ هذا الأمر؛ لأنَّ الأوروبيين لا يستطيعون تفسير كيف انتصر 12 ألف منَ الرجال الرجّالة على 100 ألف فارس في بلادهم وعقر دارهم وفي أرض عرفوها، وهم من الخيالية. فقالوا: إنَّ طارق بن زياد حرق سفنه ليجبر الجنود على القتال فانتصروا؛ لأنَّ الأوروبيين لا يستطيعون فهم القاعدة القرآنية: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249]؛ بل إنَّ الأصل المُتَكرر في معظم المعارك الإسلاميّة أن يكون المسلمون قلَّة، وأن يكون الكافرون كثرة وأن ينتصر المسلمون بهذا العدد القليل؛ بل إنَّه منَ العَجَب العُجاب أنَّه لو زادَ أعداد المسلمين انهزموا كما حدث في حنين: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 25].

رابعًا: أنَّ المسلمين لا يحتاجون إلى تحميس بحرق السفن، فقد جاؤوا إلى هذه الأماكن راغبين في الجهاد في سبيل الله طالبين الموت في سبيل الله، فلا حاجة للقائد أن يحمس المسلمين بحرق السفن.

خامسًا: ليس منَ المعقول أنَّ قائدًا مُحَنَّكًا مثل طارق بن زياد - رحمه الله - يحرق سفنه ويحرق خط الرجعة عليه، ماذا لو انهزم المسلمون في معركة منَ المعارك، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: 15، 16].

أي إنَّ هناك احتمال أن ينسحبَ المسلمون من ميدان المعركة؛ إمَّا تحيزًا إلى فئة وفئة المسلمين كانت في المغرب في الشمال الإفريقي، فكيف يقطع طارق بن زياد على نفسه طريق الانحياز إلى فئة المسلمين أو يقطع على نفسه التَّحَرُّف إلى قتال جديد والاستعداد إلى قتال جديد.

فإنَّ مسألة الحرق هذه فيها تَجاوز شرعي كبير لا يقدم عليه رجل في ورع وتقوى وعلم وجهاد طارق بن زياد - رحمه الله، وما كان علماء المسلمين وحُكَّامهم ليسكتوا على هذا الفعل إن حدث.

سادسًا: إن طارق بن زياد لا يملك كل السفن؛ بل كانت مؤجَّرة من يوليان، وكان طارق بن زياد يعطيه أجرة عن هذه السفن، وكان سيردّها إليه عندما يرجع إلى ميناء "سبتة"، فليس من حقّ طارق بن زياد أن يحرقَ هذه السفن.

لكل هذه الأمور نقول: إنَّ قصَّة حرق السُّفن هي قصة مختلقة أشيعت؛ لتهون من فتح الأندلس.

وذكر أنصار هذا الرَّأي مجموعة منَ الأدلَّة:


1 - أنَّ طارق بن زياد لا يمكن أن يقطعَ وسيلة النجاة للعودة، خاصَّة وأنَّه في أرض مجهولة ولا يعلم مصيره ولا مصير جنوده.

2 - أنَّ طارق بن زياد أرسلَ إلى موسى بن نصير يطلب منه الإمدادات بعد أن عبر وتواجه مع جيش القوط هناك، فأرْسل له موسى بن نصير خمسة آلاف مقاتل، والسُّؤال هناك كيف استطاع موسى أن ينقل كل هذه الأعداد إذا كان طارق قد أحرق السفن؟!

3 - ويمكن أن يقالَ أيضًا: وهل تستطيع المصانع الإسلاميَّة أن توفِّر سفنًا تنقل خمسة آلاف مقاتل في تلك الفترة الوجيزة، إن كان طارق قد أحرقَ السفن.

4 - ولو قلنا مثلاً إنَّ تلكَ السُّفن التي أحرقها طارق هي مراكب يوليان حاكم سبتة، فبأي سلطة يقدم طارق على إحراق سفن الرجل؟


5 - وكيف لطارق أن يتصرَّفَ في أموال الدولة على هواه؛ بل يجب عليه أن يستأذنَ الخليفة في هذا الصنيع، ولا يَتَصَرَّفَ بنفسه.

6 - ثمَّ إنَّ طارقًا وجيشه يقاتلون من أجل عقيدة، وإنَّهم من ساعة عبورهم جاؤوا مجاهدين مُستَعدِّين للشهادة، وطارق مُتَأكد من هذه المعاني.

وتبدو صعوبة الحَسم والترجيح في هذه القضية إذ إنَّ كلَّ هذه الأدلَّة التي تَوَصَّل إليها الفريقان لها ما يبررها، رغم أنِّي أميل إلى الرأي الثاني، والله أعلم.

ومهما يكُن من سجال؛ فأغلب الرِّوايات عن تاريخ الغرب الإسلامي، يطغى عليها طابع التَّشكيك، ويعود السبب في ذلك بعدها عن مركز الخلافة الإسلاميَّة، أضف إلى ذلك إلى أنَّ أغلب الدِّراسات في هذا الباب أجنبيَّة، ممَّا يُساهم في التَّشويش على بعض الأحداث، وإخراجها عن سياقها الطبيعي!

المُهم قدر الله سبحانه وتعالى أن ينتصر الجيش الإسلامي في 28 رمضان سنة 92 هـ على جيش القوط ثم فَرَّ لذريق، واستَمَرَّ زحف طارق إلى طليطلة وأتاه الأمر من موسى بتوقف الفتوحات خوفًا على الجيش الإسلامي.




[1] - ابن عذاري المراكشي: "البيان المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب"، مكتبة صادر، بيروت، لبنان، ج2، ص: 4 وما بعدها.
[2] - ابن عذاري: نفس المرجع، الجزء الأول، ص: 43.
[3] - "صفحات مشرقة من التاريخ الإسلامي"، المجلد الأول، دار الفجر للتراث، القاهرة سنة 2005، ص: 311.
[4] - "زيادة ابن خلكان في وفيات الأعيان".
[5] وردت الخطبة في مصادر متنوعة: "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب": أحمد بن محمد المقري التِّلمساني، تحقيق: إحسان عباس - بيروت - دار صادر 1988. ونسخة المطبعة الأزهرية - القاهرة 1302 هـ، مج 1، ص: 240 - 241،‏ كما وردتْ في مصادر أخرى مثل: كتاب "الإمامة والسياسية" المنسوب لابن قُتيبة، الجزائر -1998، ج2، ص: 117)، وكتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان (4/404)، وحاولنا إيرادها في صيغة شاملة بما في ذلك حتى بعض الفقرات المشكوك في صحَّتها؛ التي يذهب أغلب الباحثين المعاصرين بأنَّها زيدت من قبل الكتاب الأجانب الذين عبثوا في التراث الإسلامي لتحقيق أهدافهم ومآربهم الإستراتيجية.
[6] - للتَّوسع في الموضوع انظر: المقالة الرائقة للدكتور- الأكاديمي الجزائري - سعد بوفلاقة، "خطبة طارق بن زياد بين الشك واليقين".
[7] - للتوسع في الموضع الرجوع إلى كتاب "تاريخ الأدب والنصوص" لمحمد الطيب النافع وإبراهيم يوسف.
[8] - أبو عبدالله الذهبي: "أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ"، الشَّبَكة العنكبوتيَّة.
[9] - "دولة الإسلام في الأندلس منَ الفتح إلى بداية عهد الناصر"، العصر الأول، القسم الأول، الطبعة الثالثة، ص: 47.
[10] - "النبوغ المغربي في الأدب العربي"، الجزء الأول، الطبعة الثانية،1960 ص: 42. وانظر مقالته: "حول خطبة طارق في مجلة دعوة الحق"، العدد: 6 - 7 السنة 11.
[11] - "النبوغ المغربي في الأدب العربي"، الجزء الثاني، الطبعة الثانية،1960 ص: 23.
[12] - "الخطيب البغدادي": تاريخ بغداد 1: 43.
[13] - ابن عذاري: نفس المرجع، الجزء الثاني، ص:5
[14] - أحمد زكي صفوت، "جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة"، المكتبة العلمية - بيروت، الموسوعة الشاملة.
[15] - الإدريسي: "نزهة المشتاق" (ص 36)
[16] - الحميري: "الروض المعطار" (ص 75 ).




رد مع اقتباس