عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 23-05-2015, 05:49 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

إنجازات المسلمين في مجال الطب

(في طب العيون "الكحالة")

د. عبدالله حجازي
أما عن إنجاز المسلمين في طب العيون فقد اعتنوا به كثيرًا جدًّا؛ نظرًا لانتشار أمراض العيون في البلاد الحارَّة، ودَرَسوه دراسة عميقة، وبرزوا فيه على المدى البعيد، وساهَموا في تقدمه كثيرًا، مِن ذلك أنهم ألَّفوا فيه الكتب المفيدة ذات المعلومات الدقيقة، حتى ليكاد يكون طبُّ العيون عِلمًا عربيًّا صرفًا؛ فقد بلغ هذا الفرع مِن علم الطب ذروته بجهود الأطباء المسلمين، وظلَّت مجهوداتهم فيه الحجَّةَ الأولى خلال عصور طويلة وحتى نهاية القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي.

ومما يُذكر أن المسلمين هم أول من تكلَّم عن ضيق البؤبؤ إذا ما سقط الضوء على العين.

لقد أقبل الأطباء في العصر الإسلامي الزاهر على تشريح عيون الحيوانات، واكتسبوا من تشريحها معلومات قيمة، ولقد كتبوا بحوثًا في العين وأمراضها، ولعلَّ أول مَن كتب في هذا المجال يوحنا بن ماسويه وحنين بن إسحاق، إلا أن علي بن عيسى (ت430هـ/ 1039م)، كان يُعدُّ أعظم مُطبِّبِي العيون في العصور الوسطى برمَّتها، عاش علي بن عيسى (ويعرف بعيسى بن علي كذلك) ومارس الطب في بغداد، وكان مؤلَّفه: "تذكرة الكحالين" خير ما كُتب في الموضوع، ذكر ابن أبي أصيبعة في كتابه: "طبقات الأطباء" عليًّا أنه كان مشهورًا بالحذق في صناعة الكحل، متميزًا فيها، وبكلامه يُقتدى في أمراض العين ومداواتها، وكتابه المشهور "تذكرة الكحالين"[1] هو الذي لا بد لكل مَن يُعاني صناعة الكحل أن يحفظه، وقد اقتصر الناس عليه دون غيره من سائر الكتب التي قد أُلِّفت في هذا الفن، وصار ذلك مستمرًّا عندهم، والكتاب مؤلف مِن ثلاثة أقسام:
القسم الأول في تشريح العين.
والثاني في أمراض العين الظاهرة؛ أي: الواقعة تحت الحسِّ.
والثالث في أمراض العين الباطنة التي لا تقع تحت الحواس.

أهم ما في "تذكرة الكحالين" تجديدات المؤلف في عمليات العيون الجراحية، ولقد انتشر كتاب علي بن عيس هذا انتشارًا واسعًا، وبلُغات كثيرة، حتى حصل تصحيف في اسمه.

كذلك نبغ عمار الموصلي (ت نحو400هـ/ 1010م) في طبِّ العيون، ويُعتبَر أكثر أطباء العيون ابتكارية وأصالة، اشتمل كتابه "المنتخب في علاج العين" على مُكتشفات طبية كثيرة رائعة، منها: ممارسته لعملية قدح العين (الماء الزرقاء أو الكتراكتا) بنجاح، واختراعه لذلك إبرة مجوَّفة، لا يكون استعمالها خطرًا على أغشية العين.

وقد بَقيت رسالته ورسالة علي بن عيسى اللتان أضافتا زيادات وعمليات جراحية وملاحظات شخصية لا تُحصى، بَقِيَتا مِن أحسن الكتب المدرسية في أمراض العين حتى القرن الثاني عشر الهجري/ النصف الأول مِن القرن الثامن عشر الميلادي؛ أي إلى أن تقدَّم طبُّ العيون بفرنسا.

وممَّن له دالة عظيمة في طبِّ العيون الحسن بن الهيثم الذي يُعدُّ أول مَن قال بأن شبكية العين هي مركز المرئيات التي تَنتقِل منها إلى الدماغ بوساطة عصب البصر، وأن وحدة الصورة مِن الباصرتَين تعود إلى تماثلها في الشبكتين، وابن الهيثم هو ممَّن قام بتشريح العين، ورسمها ووضع لأجزائها أسماء علمية دقيقة، أخذ عنه الإفرنج بعضها، ولا يزال يستعمل حتى الآن؛ كالشبكية والقرنية، والسائل المائي، والسائل الزجاجي.

المصدر: لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين


[1] الكحَّال: طبيب العيون.








رد مع اقتباس