عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-05-2015, 08:18 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

جُهود يوسف بن عبد المؤمن في حِفْظ ثُغُور الإسلام (2)
دَوْرُ قَبِيْلَتَي مَصْمُودة وكُوْمِيَّة الأَمازِيْغِيَّتَيْن في حِفْظ ثُغُور الإسلام


أُمَمٌ نَشَرت نورَ الإسلام في العالَمِيْن (15)


أ. حسام الحفناوي



بَلَغ يوسفَ خروجُ العدو إلى أرض المسلمين مع قائد لهم يُدْعى القومس الأَحْدَب من مدينة آبلة[1]، فخرج إليهم، وأوقع بهم بناحية قلعة رَباح[2]، وأَثْخَن فيهم، وقُتِل الأَحْدَب، فاستراح المسلمون من شَرِّه؛ إذ كان يَشُنُّ الغارات شَرْقًا وغًرْبًا على مُسْلِمي الأندلس[3]، ورجع إلى إشْبِيْلِيَة، وأمر بالعديد من الإصلاحات المِعْمارية، والإنشاءات فيها[4].

وفي سنة 570هـ نَقَض مَلِك قشتالة الصُّلْح، وأَغار على بلاد المسلمين، فحَشَد يوسفُ، وأرسل جَيْشًا بقيادة أخيه أبي حَفْص، فغَزاه بعُقْر داره، وافتتح مدينة قَنْطرة السَّيْف[5]، وهزم جُموع نَصارى قشتالة في أكثر من جهة.[6]

وفي سنة 572هـ نَقَض صاحب طُلَيْطِلة المُلَقَّب بنونة العَهْد، ونازَل مدينة كُوْنْكة[7]، فاستغاث أهلها بيوسف بن عبدالمؤمن، فأمر أخاه أبا الحسن علي، وأخاه أبا علي الحسن أن يَقوما بغَزْو جهات طَلَبِيْرة، وطُلَيْطَلة؛ ليُقْلِع العدو عن كُوْنْكة، فخرج عَسْكر قُرْطبة مع أبي الحسن، وأغار على طُلَيْطَلة، وعاد سالمًا غانمًا، وخرج أبو علي الحسن بعسكر إشْبِيْلِيَة، فغَزا جِهة طَلَبِيْرة، وفتح حِصْنًا على ضَفَّة وادي نهر تاجه (التاجو)، وكان قد حَلَف أن يَعْبُر نهر التاجة؛ نِكاية في العدو، فبَرَّ بقَسَمه، ثم عاد لغَزْو الوادي، ثم رجع مُحَمَّلًا بالغَنائم، والأَسْرى.[8]

ثم خرج البيبوج صاحب السبطاط في نفس العام، وأغار على وادي إشْبِيْلِيَة، فخرج إليه عَسْكَرُها، ولَحِقوا بطائفة من جَيْشه، وأَحْدَقوا بهم، ف***وهم عن آخرهم، واستنقذوا ما معهم من الغَنائم التي سَلَبوها من المسلمين.[9]

عَقَد يوسف لصِهْره غانم بن محمد بن مَرْدَنِيْش سنة 575هـ على قيادة أُسْطول بَحْري، فغَزا مدينة لشبونة[10]، فغَنِم، ورجع.[11]

وتُوفي أبو حَفْص عمر بن عبدالمؤمن في نفس العام بعد أن بالغ في النِّكاية في العدو في الأندلس، وأَبْلَى في ذلك، وقَدِم ولداه على يوسف يُخْبِرانه بانْتِقاض ملك قشتالة، فعَزَم على الجهاد، وأخذ في اسْتِدعاء العرب من إفريقية.[12]

ثم بلغ يوسف بن عبدالمؤمن مُنازَلة مَلِك قشتالة لقُرْطُبة، وشَنِّه الغارات على جهات مالَقَة[13]، ورُنْدة[14]، وغَرْناطة، وإسْتِجة[15]، وتَغَلَّب القشتالي على حِصْن شقيلة[16]، وأَسْكَن به النَّصارى، ثم انصرف، فاسْتَنْفَر أبو إسحاق ابن عبد المؤمن سائرَ الناس للغَزْو، ونازل حِصْن شقيلة ليَسْتَرِدَّه، فخرج أغلبُ أهل الحِصْن للإغارة، فالتقاهم المسلمون، وهزموهم، ثم رجع أبو إسحاق عن الحِصْن لما بلغه خروج مَلِك قشتالة بجُمُوعه من طُلَيْطَلة[17]، فوصل القشتالي فلم يَجِد من جنود الحِصْن إلا قِلَّة قليلة؛ لمَقْتل أكثرهم خارج الحِصْن، فأمرهم بالرحيل عنه.

وغَزا محمد بن وانودين الهِنْتاتِي بجيوش إشْبِيْلِيَة يابورة، وقليج[18]، فأَثْخَن فيهم، وغَنِم، وألقى الله تعالى في قلوبهم الرعب منه.[19]


[1] ذكر هذه المدينة الإدريسي في غير موضع من نزهة المشتاق، ووصفها بأنها عبارة عن مجموعة من القرى المجتمعة، ووصف أهلها بأنهم أهل نجدة، يركبون الخيل، وأن بينها وبين مدينة شلمنقة خمسون ميلًا، وذكر ابن سعيد المغربي في الجغرافيا أنها على نهر سنترة، ووصفها بأنها مشهورة في الغزوات. وهذه المدينة تقع إلى الشمال الغربي من طليطلة، وطلبيرة، وإلى الجنوب الشرقي من شلمنقة، وَفْقًا للخريطة التي أوردها الدكتور محمد عبد الله عنان رحمه الله في كتابه دولة الإسلام في الأندلس (4 /173)، وكانت إحدى مدن مملكة قشتالة، وكان الأحدب المذكور حاكمها، وكان أحدبًا بالفعل. وانظر: المرجع المذكور (4 /87).

[2] قلعة رباح مدينة بالأندلس، تقع بين طليطلة وقرطبة، ولها حصن حصين على نهر يسمى آنه، وهي من بناء الأمويين في الأندلس، وسميت باسم التابعي الجليل علي بن رباح الذي دخل الأندلس مع الفاتحين المسلمين الأوائل، ويتبع لها عدة قرى، ونواح، وقد تملكها النصارى حوالي سنة 540هـ، وبقيت في أيديهم إلى أن أوقع يعقوب بن يوسف الموحدي بنصارى الأندلس في موقعة الأرك الشهيرة ـ والأرك حصن بقرب رباح ـ سنة 591هـ، فطهر جامعها، وولى عليها يوسف بن قادس، ثم سلمها ابن قادس للنصارى قبل موقعة العقاب؛ ليلحق بجيش الناصر محمد بن يعقوب الموحدي بمن معه من الجيش سالمين، ف***ه الناصر دون أن يسمع حجته، وكان ذلك من أكبر الأخطاء التي وقعت قبل موقعة العقاب التي آذنت بزوال شمس الإسلام من الأندلس، وتساقط مدنها في أيدي النصارى واحدة تلو أخرى. وانظر عن القلعة: معجم البلدان لياقوت (3 /23)، والروض المعطار (ص419،416).

[3] انظر: تاريخ ابن خلدون (6 /240)، والاستقصا (2 /151). وقد ذكر ابن عذاري في البيان المغرب قسم الموحدين (ص123-125) تفاصيل خروج الأحدب، وعيثه في بلاد المسلمين، ثم ما وقع به وبجيشه من الهزيمة، وم***ه مع أكثر أهل جيشه، واستنقاذ أسرى المسلمين. وانظر كذلك: دولة الإسلام في الأندلس (4/87ـ89). وأبان أن الأحدب المذكور هو الكونت خمينو، وكان حاكمًا على مدينة آبلة من قبل مملكة قشتالة.

[4] انظر: المن بالإمامة لابن صاحب الصلاة (ص372-378)، (ص382-392)، والاستقصا (2 /151)، ودولة الإسلام في الأندلس (4 /87).

[5] في تاريخ ابن خلدون (6 /240)، والاستقصا (2 /151) [قنصرة بالسيف] ولم نقف على مدينة باسم قنصرة، والأقرب أن يكون المراد بها قنطرة السيف التي يسميها الإسبان ألكنترا، ويؤكد ذلك ما ذكره ابن الأبار في التكملة لكتاب الصلة (2 /41) أن ثغر قنطرة السيف فتح عنوة سنة 569هـ، ونقل ذلك عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء (39 /369). كما يؤكده وقوعها في البيان المغرب (ص131) كذلك، وقد وصف الإدريسي في نزهة المشتاق (ص183)، وعنه الحميري في الروض (ص473) قنطرة السيف بأنه حصن منيع على نهر القنطرة بينه وبين ماردة يومان، وأن أهله متحصنون فيه، ولا يقدر لهم أحد على شيء، وأن القنطرة لا يأخذها القتال إلا من بابها فقط، قال: والقنطرة هذه قنطرة عظيمة على قوس من عمل الأول، في أعلاها سيف معلق، لم تغيّره الأزمنة، ولا يدري ما تأويله،انتهى. والظاهر أن هذا سبب تسمية الثغر بقنطرة السيف.

[6]انظر: تاريخ ابن خلدون (6 /240)، والاستقصا (2 /151). وقد ذكر ابن عذاري في البيان المغرب (ص131،130) أن البيبوج ابن أذفونش قد نكث عهده مع يوسف بن عبد المؤمن بعد أن كان له من البلاء الحسن في استخلاص بطليوس ما له، فغزاه أبو حفص ابن عبد المؤمن في عقر داره، وفتح قنظرة السيف، ومدينة أخرى تسمى ناضوش، كذا وقعت عنده، فكان من عاقبة ذلك أن طلب ابن الرنق صاحب البرتغال الصلح من يوسف بن عبد المؤمن، ورغب فيه.

[7] هكذا ضبطها ياقوت في معجم البلدان (4 /415)، وذكر أنها مدينة من أعمال شنتبرية. وقال الدكتور إحسان عباس في تحقيقه للذخيرة للشنتريني (5 /531) قونكة أو كونكة: مدينة تقع على بعد 50 كيلو مترًا شرقي وبذة.

[8] انظر: البيان المغرب (ص138،137).

[9] انظر: البيان المغرب (ص138).

[10] هي عاصمة البرتغال حاليًا، وتطل على ساحل المحيط الأطلنطي

[11] انظر: البيان المغرب قسم الموحدين (ص140)، وتاريخ ابن خلدون (6 /240)، والاستقصا (2 /152). وقد ذكر ابن عذاري أنه تغلب على قطعتين بحريتين لأهل لشبونة، ثم ذكر (ص143) أن النصارى أسروه في سنة 576هـ هو وأخوه أبو العلا، وجملة من أصحابه، و*** بقية إخوانه، وجماعة من المسلمين، فأرسل يوسف في فكاك أسره ومن معه.

[12] انظر: البيان المغرب قسم الموحدين (ص140)، وتاريخ ابن خلدون (6 /240)، والاستقصا (2 /152).

[13] هكذا ضبطها ياقوت في معجمه (5 /43)، وقال: هي كلمة أعجمية، ومالقة مدينة قديمة تقع على ساحل البحر المتوسط في جنوب شرق الأندلس بين الجزيرة الخضراء والمرية. وانظر: الروض المعطار (ص518،517).

[14] هكذا ضبطها ياقوت، وهي مدينة قديمة حصينة، بها آثار كثيرة، وتقع بين إشبيلية ومالقة، وتطل على نهر ينسب إليها، سقطت في يد الأسبان سنة 860 هـ. انظر: معجم البلدان (3 /74)، والروض المعطار (ص269).

[15] هكذا ضبطها ياقوت، وهي مدينة قديمة، تقع جنوب شرقي قرطبة، على نهر يسمى شنيل أو سنجل، واشتهر أهلها بكثرة الثورات قبل الفتح الإسلامي وبعده، وكانت كثيرة الخيرات، عامرة الأسواق، واسعة. وقيل: إن معنى استجة: جمعت الفوائد. انظر: معجم البلدان (1 /174)، والروض المعطار (ص53).

[16] هكذا وقع في تاريخ ابن خلدون، والاستقصا، ووقع في البيان المغرب [شنتفيلة].

[17] ذكر ياقوت أن هذا الضبط أكثر ما سمعه من المغاربة، ونقل قبلها عن الحميدي أنه ضبطها بضم الطاءين، وفتح اللامين [طُلَيْطُلَة]. وهي قاعدة بلاد الأندلس، ومركزها قبل الفتح الإسلامي، وبعده، حيث تتوسط شبه الجزيرة الأندلسية، ويحيط بها نهر تاجه من جهات ثلاث، وهي مدينة قديمة البناء، كثيرة السكان، عظيمة المساحة، شديدة الحصانة، وكانت تتمتع بثروات زراعية، وحيوانية كبيرة جدًا، ويقال: إن معنى طليطلة: فرح ساكنها، وقد كانت عاصمة مملكة القوط قبل الفتح، ثم اتخذها المسلمون قاعدة للثغر الأدنى بعد الفتح، وحكمها بنو ذي النون في عصر الطوائف، إلى أن سقطت في يد ألفونس السادس ملك قشتالة سنة 478هـ. انظر: معجم البلدان (4 /40،39)، والروض المعطار (ص393-395).


[18] كذا في البيان المغرب، ويبعد أن تكون أقليش؛ لأن أقليش من أعمال طليطلة، ويابرة بالبرتغال، تقع شرق لشبونة، وغرب بطليوس، وقد مر التعريف بأقليش، ويابرة.

[19] انظر: البيان المغرب (ص144-147).

رد مع اقتباس