الموضوع
:
ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية
عرض مشاركة واحدة
#
4
26-05-2015, 04:56 PM
ابو وليد البحيرى
عضو لامع
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى:
15
ثنائيات رباعية في العلوم النقلية والعقلية(3)
عادل عبدالوهاب عبدالماجد
الثالث: من ليس له قوة وليس له أمانة:
فيكون ضعيف البدن، عليل الجسد، قليل الحيلة، أو فقيرًا معدِمًا، ومع ذلك يكون بذيئًا، سيئَ الأخلاق، لا دينَ له ولا أمانة، وهذا أتعسهم، فلم يُفلِح في دين، ولم ينجَحْ في دنيا، لا يألَف ولا يؤلف، ويصدُقُ عليه المثل القائل: (لا في العِير ولا في النَّفير)، وحاله كلحمِ جمل غثٍّ، على رأس جبل وعْرٍ، لا سهلٌ فيُرتقَى، ولا سمينٌ فيُنتقَى، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى.
ومن صور ذلك:
•
الشيخ السفيه، والأشيمط الزاني، والعائل المستكبر؛ كما جاء في حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة لا ينظر اللهُ إليهم يوم القيامة، ولهم عذاب أليم: أشيمط زانٍ، وعائل مستكبر، ورجُلٌ جعَل اللهَ بضاعته؛ لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيعُ إلا بيمينه))؛ فيض القدير ج3 ص436، والعائل هو الفقير الذي ينبغي أن يكون هيِّنًا ليِّنًا، والأشيمط هو الشيخ الكبير الذي ينبغي أن يكون بعيدًا عن الزنا لضعفِ شهوته، وانحراف الشيخ صعبُ العلاج؛ لأن مَن شبَّ على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعِث عليه، هذا على التغليب وليس على الدوام؛ كما قال الشاعر:
وإنَّ سفاهَ الشيخِ لا حِلمَ بعده
وإن الفتى بعد السفاهةِ يحلُمُ
•
الشباب الفاشل العاطل، البعيد عن معاني الرجولة، المتصف بالميوعة والتخنُّث الذي تعجَّب الشاعر من حاله فقال:
وما عجبٌ أن النساءَ ترجَّلتْ
ولكنَّ تأنيثَ الرِّجالِ عجيبُ
ومن أسباب ذلك:
الترفُ، والدلال الزائد داخل الأسرة، وغفلة الآباء، وضعف التربية.
ويلحق بهؤلاء المسترجلاتُ من النساء، فهم سواء، هذا أضاع رجولتَه فتحوَّل إلى نكرة، وتلك فقَدتْ أنوثتها فأصبحت لا شيء، ورحم الله القائل:
تلقى فتاةً في ثيابِ ترجُّل
فتخالها من جملةِ الفتيانِ
نفسُ الملابس والمجالس والخطى
لم يبقَ إلا الشَّعرُ في الأذقانِ
أو قد ترى في الوجه دون تعمُّدٍ
عجبًا من الأصباغ والألوانِ
وإذا رأيتَ جلوسَهم وحديثهم
ورأيتَ أكوامًا على الميدانِ
لرأيتَ مِن دول الأعاجم لوحةً
مرسومة بأنامل الشَّيطانِ
ولسوف تُقسِمُ بالإلهِ مجاهرًا
أنْ قد رأيتَ الغربَ رَأْيَ عيانِ
الرابع:
مَن جمَع بين القوة والأمانة:
فيكون قويًّا في بدنه، أو غزيرًا في عِلمه، أو كثيرًا في ماله، أو فصيحًا في قوله، أمينًا تقيًّا رفيقًا، حَسَن الخلق، وهذا خيرهم وأفضلهم وأنفعهم؛ كما جاء في القرآن: ï´؟
إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ
ï´¾ [القصص: 26]، وكما جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفى كلٍّ خيرٌ، احرِصْ على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تَعجِزْ، وإن أصابك شيء فلا تقُلْ: لو أني فعَلْتُ، كان كذا وكذا، ولكن قُلْ: قدَرُ اللهِ وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان))؛ رواه مسلم.
ومن صور ذلك:
•
الشاب المستقيم، الورِعُ المتعفِّف، والحاكم العادل، المنصف لرعيته، فهؤلاء أقوياء، ومع ذلك أمناء، وهم من السبعة أصحابِ الظِّل يوم القيامة؛ فقد روى أبو سعيد الخدريُّ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبعة يُظِلُّهم اللهُ في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله))، وذكر منهم: ((إمام عادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله))، وساق الحديث إلى آخره.
•
الداعية المتمكِّن، غزير العلم، واسع الاطِّلاع، قويُّ الحجة، حَسَن الخلق، بليغ الخطاب، قوي البدن، المتفاعل مع مجتمعه، هو الداعية الحي، والمربي القدوة، الذي سيُغيِّر وجه الأرض.
•
الأمة الإسلامية حين تتسلَّح بالإيمان، وتتحصَّن بالعلم، وتقوم صفًّا واحدًا في مواجهة أعدائها كالبنيان المرصوص، وحين تحقِّقُ قولَه - تعالى -: ï´؟
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
ï´¾ [الأنفال: 60]، تعُود صاحبةَ الرِّيادة والقيادة، والكلمة والسيادة، ويتحقق فيها قولُه - تعالى -: ï´؟
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
ï´¾ [آل عمران: 110]، ولن يقف في وجهها عدو، وتكون هي المعنيَّة بقول الشاعر العشماوي متفائلاً:
صُبْحٌ تنفَّسَ بالضِّياءِ وأشرقا
الصَّحوةُ الكبرى تهزُّ البيرقا
وشبيبةُ الإسلام هذا فَيْلقٌ
في ساحةِ الأمجاد يتبَعُ فَيْلقا
وقوافلُ الإيمان تتَّخذ المَدى
دربًا وتصنَعُ للمُحيط الزَّورقا
وحروفُ شِعري لا تمَلُّ توثُّبًا
فوق الشِّفاهِ، وغيبُ شعري أبرقا
وأنا أقول وقد شرِقْتُ بأدمُعي
فرحًا وحُقَّ لِمَن بكى أن يشرَقا
ما أمرُ هذي الصَّحوة الكبرى سوى
وعدٍ مِن الله الجليل تحقَّقا
هي نخلةٌ طاب الثرى فنَمَا لها
جذعٌ قويٌّ في التراب وأعذقا
هي في رياضِ قلوبنا زيتونةٌ
في جذعِها غصنُ الكرامة أورقا
فجرٌ تدفَّق مَن سيحبِسُ نورَه
أرِني يدًا سدَّتْ علينا المشرقا
يا نهرَ صحوتِنا، رأيتُك صافيًا
وعلى الضفاف رأيتُ أزهار التُّقى
فجرٌ تدفَّق مَن سيحبِسُ نورَه
أرِني يدًا سدَّت علينا المشرِقا
ونواصل حديثنا مع ثنائية أخرى بمشيئة الله، والله الموفق
ابو وليد البحيرى
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها ابو وليد البحيرى