الإيدز (a.i.d.s)
خاشع حقي العلواني
ترى ما الذي نستنتجه من هذه الموازنة؟
لماذا الالتزام التَّام والتَّنفيذ الدَّقيق والفوري بالأمر الإلهي الآتي من منبع إيماني، دون مُراقبة من أحد سِوى سلطان الإيمان، وعدم الالتزام؛ بل الاستِخْفاف بالأمر القانوني البشري؟ إنَّه لدليل واضح وبرهان قاطِع على ما للإيمان من هيمنةٍ على النفوس، وأثر على أعمال الناس وسلوكهم الأخلاقي، وعدم جدوى القوانين التي يضعها البشر إلاَّ بمقدار سوطها إذْ لا قناعةَ ولا إيمان!
لقد رأينا ما فعلتْه آيتان من كتاب الله - عز وجل - في نُفُوس المؤمنين به؛ رغم بداوتهم وبُعْدهم عن مَراكز الحضارة والمَدنِيَّة يومئذٍ، ولا يزال مَفْعول النَّهي الإلهي يعمل عمله في نُفُوس المؤمنينَ حتَّى اليوم.
وإذا ما التَفَتْنا يمينًا وشمالاً وشرقًا وغربًا؛ نتلمَّس الحل لهذه المشكلة الخطيرة (الإيدز) الداء العضال لا نجد لذلك سبيلاً إلا الإيمان - الذي هو الطَّريق ولا طريق سواه للأسباب التالية:
1 - الإنسان في الدين هو الهدف والغاية من كل التَّشريعات المنزلة لإصلاحه وسعادته وتعريفه بوظيفته ومهمته، فقد جعله الله خليفةً في الأرض، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلاً، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، وقال جل ثناؤه: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
2 - الإنسان مكلَّف ومُشرَّف لا كمٌّ مُهمل، وبناؤُه هو الهدف، والتكليف تشريف - أمرًا ونهيًا - فإذا عرف وظيفته، وأدرك الغاية من وجوده، وهدي إلى خالقه، واتبع النور الذي أنزله - عاش حياة سعيدة، قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [طه: 123].
وأمَّا إذا أهمل وضيَّع، وأعرض ونأى بِجانبه؛ حلَّ به الوعيد الشديد، وعاشَ حياته شقيًّا تعيسًا مَهْما تعلَّم من العلوم واخترع من الصناعات والتقنيات، ومهما جمع الأموال وأقتنى من وسائل الترفيه المادي وما وصلت إليه يده، فإنَّ كل ذلك لا يُجديه فتيلاً عن شقائه النفسي وتمزُّقه الدَّاخلي، قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 124 - 126].
والمعيشة الضَّنك ببلاغة القرآن المعجز تعني أنواع المصائب وألوان العذاب المادي والنفسي والتاريخ على ذلك من الشاهدين؛ إذ كلَّما ضلَّت البشرية، وتنكَّبَتِ الطريقَ المستقيم، وسارت في سبل الضلالة والغواية، وتَعامَتْ عن هداية السماء وتعاليم الأنبياء - حلَّتْ بِها الآفات الخطيرة والكوارث الماحقة، وعذاب الله الأليم.
ومن هذا ما قصَّه الله - عز وجل - علينا في القرآن الكريم من قصص أنبيائه ورسله الكرام - عليهم الصلاة والسلام - مع أقوامهم عِبْرة وعِظة {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122]؛ حيث قال: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111].
وقدِ اخترنا من هذه القصص ما جرى لنبِيِّ الله لُوط - عليه السلام - معَ قَوْمِه لما له منَ الصِّلة الوثيقة والدلالة القويَّة بهذا المرض الخطير (الإيدز)، إذ تبين من تجارب المُتَخَصِّصين أنَّ أهمَّ عوامله (اللّوطية)، وهي ما فعله قوم نبي الله لوط من قبل هؤلاء الجنوسية، فدمَّرهم الله وأبادَهُم ولم يَنْجُ منهم أحد.
والمصائب نتائج متمّمة لذُنوب مُتقدِّمة، وما كان الله لِيُصيبَ قومًا بِمُصيبة إلاَّ بما قدَّمتْ أيديهم: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41].
فإذا انتبهوا لسوء فِعْلتهم وشنيع سلوكِهم فأَقْلَعُوا عنها وأصْلَحوا من شأنهم وعدَلُوا عن ظلمهم تكون المصيبة عندئذٍ سبب شِفائهم من أمراضهم وعِللهم.
وإن هم لَجُّوا في غَيِّهم واستمرُّوا في ضَلالهم وسوء فعالهم كان الدَّمار مصيرهم، والمحق مآلهم قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [الإسراء: 16].
وهذه العقوبات التي ينزلها الله - عزَّ وجل - بالخارجين على أحكامه تتناسب وعظم الجريمة التي اقترفوها بالزلازل حينًا، وبريح صرصر عاتية آخر، وبإمطار الحجارة عليهم مرة، وبالصيحة أخرى، ثم بالإيدز أخيرًا، آيات بينات لعلهم يرجعون.
والشيء بالشيء يذكر فقد كتبت "مجلة الدفاع العربي" تحت عنوان: "أمريكا تبحث عن عدو جديد بعد تفردها بزعامة العالم" جاء فيها، "فالمعروف حتَّى الآن بأنَّ ما يهدد أمريكا تمامًا أكثر من عدو يعيش في كل أسرة، وفي كل بيت، وفي الحديث عن نفقات المصائب والنَّكبات التي يتعرَّض لها المجتمع الأمريكي نجد بالنسبة لمضاعفات ظهور وانتشار طاعون الإيدز أنَّ نفقات البحث العلمي الخاصَّة بِهذا الوباء ترتَفِعُ بِصِفة مستمرَّة إلى جانب سلوكيات الحذر الوقائي، وما يعكسه ذلك من الاضطراب المعنوي، وما يترتب على كل هذه الإجراءات من مضاعفات مباشرة تحد من الإنتاج، وتقلل من الكفاءة والقدرة الإستراتيجيَّة للمجتمع.
وفي تقرير (مكتب المحاسبة العام) الرَّسمي للإدارة الأمريكيَّة بأنَّ الولايات المتَّحدة - بالنسبة للعالم - تضم أكثر نسبة من المرضى المصابين بهذا الوَباء، وأنَّ الميزانيَّات المُعلنة للتَّصدّي لهذا العدوّ لا تعبر تمامًا عمَّا ينفق على حملات التَّوعية وإجراءات العَزْل والوقاية للحَدِّ منِ انتشاره، وأن ما يقدر سنويًّا في الولايات المتَّحدة وحدها يتجاوز (40) مليارًا من الدولارات قابلةً للزِّيادة؛ لهذا تصدَّى الرَّئيس الأمريكي (بوش) بذكائه وواقعيته إلى الدَّعوة الجادَّة لتطوير التَّعليم، وطالب بإجراء ثورة حقيقيَّة لهذا الغرض على أن يتضمَّن برنامج تطور التَّعليم توعية النَّشْء والشباب بأخطار الفوضى ال***ية، وفي التَّعريف العلمي والإرشادي بأخطار المخدرات والالتزام بالأخلاقيَّات (والتربية الدينية)؛ كسلاح يحمي الإنسان من مخاطر الرَّذائل، إذًا باعتراف الرَّئيس الأمريكي- وهو أعلى سُلْطة في الدَّولة وأكبر رأس فيها - إِنَّ التَّربية الدينية والأخلاق هما السلاحان الجديران بِحماية الإنسان من الانحراف نحو الرَّذائل فهل للعالم العربي والعالم الثالث أن يعقلا؟!
ثم تذكر المجلة أن أعدى عدو لأمريكا في داخلها داخل المجتمع الأمريكي المُهدَّد المخدرات، ومرض الإيدز، وانتشار الجرائم، بالإضافة إلى ما تعرَّض له مُجتمع (القوة العظمى) من آيات الله وقضائه وقدره باستمرار مواسم الحرائق الكبرى على امتداد تسع سنوات متوالية في الغابات الإستراتيجيَّة الكبرى إلى جانب طعنات الجفاف القاتلة التي اشتدَّت بصفة خاصَّة عام 1988م، أدَّى إلى نضوب الأنهار وأهمها (الميسيسيبي)، الذي أوقف حركة النَّقل المائية وتسبب هذا في إرهاق وإنْهاك وسائل النقل الأخرى، وضاعف من نفقات الإنتاج والخدمات، وتحملت الدولة أكثر من (34000) مليون دولار لتغطية الدَّعم للمزارعين وهيئات تسويق المحاصيل الزراعيَّة، وكان ذلك يزيد كثيرًا عما تحمَّلتْه الولايات المتَّحدة في حرب الخليج القتالية وفي إدارة أزمتها.
ولنعد ثانية إلى قصَّة نبي الله لوط - عليه السلام - إذ فيها العبرة كل العبرة.
وخلاصتها أنَّ لوطًا بعثه الله - عزَّ وجلَّ - إلى أهل (سدوم) في الأردن وكانوا قومًا ذوي خلق سيئ وشرك بالله، فأمرهم نبيُّهم بتقوى الله وطاعته، وأن يأتوا ما أحله الله لهم من أزواجهم، {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222]، وأن يجتنبوا إتيان الذكران في أدبارهم فما كان جواب قومه إلا أن قالوا متعجبين ومهددين: كيف تنهانا عن عمَلِنا هذا، لئن لم تنته يا لوط عن قولك هذا لنخرجنك من قريتنا، قال لهم نبيهم إني لعملكم من القالين المبغضين، فإنه عمل يتنافى مع الإنسانية؛ بل ترتفع عنه الحيوانات البهيمية فلما استمرُّوا على عملهم ونفد صبره، ولم تنفعهم مواعظه، دعا عليهم فقال: ربِّ نَجِّنِي وأَهلي مِمَّا يَعْمَلُونَ، فنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ، إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ الهالِكين وهي امرأته، ولم تكن مؤمنة معه؛ بل كانت تحب القوم الكافرين وتنقل إليهم الأخبار فكانت من الهالكين، إن في ذلك لآية حيث أهلك العصاة المذنبين، ونجى المؤمنين الصالحين.
ولتقرأ القصة ببلاغة القرآن وإعجازه قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ * قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ * قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ * رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ * فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ * وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء: 160 - 175].
ويورد القرآن الكريم تفاصيل أخرى كذلك في سورة هود: 77 - 83، إذ يقول تعالى مبينا عاقبة قوم لوط: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 82، 83].
وتأمَّل - عزيزي السامع - في الآية الكريمة جيدًا تجد أن عقوبة قوم لوط كانت عقوبة مركبة؛ لأن جريمتهم مركبة، وفي منتهى القباحة والبشاعة، فهي مُحاربة للفطرة وخروج عليها وعدوان على الطبع السليم، وما فعل الله بهم هو:
1 - قلب الله تعالى الأرض بهم ودفنهم في باطنها.
2 - أمطر الله عليهم حجارة من طين طبخ بالنار يشبه الآجر المشوي، أرسله متتابعًا متوهجًا، وهي فوق ذلك معلمة خاصة بهم.
وقد أثبت العلم حديثًا أن (فيروس الإيدز) لا يموت إلا بالحرق والدفن تحت التراب، وعليه فإن فيروس الإيدز موجود منذ عهد قوم لوط أصحاب اللوثة الأولى.
وقد أنْهى الله ذلك الفيروس من العالم بِحَرْق المجرمين المسرفين، وقلب الأرض بهم ثم دفنهم في بطنها حتى إذا عادت الجريمة عادتْ لعنة الإيدز من جديد، ولذلك قال الله تعالى: {إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَة}؛ أي عظة وعبرة، وفي موضع آخر: {ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآَخَرِينَ * وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: 136 - 138].
حقًّا إنَّنا نمر عليهم ونعرف تاريخهم ولوثتهم، ونعرف مآلهم... ولكن هل من مُدَّكِر؟!
ولم ينفرد الإسلام بتحريم هذه الفاحِشة؛ وإنَّما حرَّمها كلُّ الأنبياء الذين سبقوا محمدًا - عليه الصَّلاة والسَّلام.
فهذا السيد المسيح - عليه الصَّلاة والسَّلام - يقول لأتباعه: "إنَّه قدْ قيل لكُمْ لا تَزْنوا، أمَّا أنا فأقول لكم: كل منِ اشْتَهَى حَليلة جَارِه فقد زَنَى"، فهو يجعل مُجَرَّد الهم بالفاحِشة كأنَّه زنا.
والسَّيد المسيح بهذه الكلمات المُختصرة يرسم للمُجتمع البشري قاطبةً الطَّريقة المُثْلى للوقاية منَ الإيدز، ثم جاء من بعده أخوه محمد - عليه الصَّلاة والسَّلام - والأنبياء إخوة والدين واحد يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((نحن الأنبياء أبناء علات، الأب واحد، والأمهات شتى))؛ أي العقيدة واحدة وهي الإيمان بالله الواحد لا شريك له، والشرائع مختلفة: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48].
جاء محمد - عليه الصلاة والسلام - ليكمل ما جاء به المسيح والأنبياء من قبله ويؤكد على الحرمات التي سبقه بها فيقول القرآن الكريم: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]، ويقول نبي الهدى: ((العينان تزنيان وزناهما النظر))، وهو مؤكّد لقول المسيح السابق؛ إذ لا شهوة بلا نظر، والنظر بريد الزنا، ثم جاء الفقهاء فوضعوا لنا قاعدة هي "كلّ ما أدَّى إلى مُحرَّم فهو مُحرَّم".
وبعد: فما أحرانا أن نُقْبِل على القرآن وتعاليم الأنبياء فنحلّ حلالهم ونحرّم حرامهم، وما أشد حاجتنا إلى الرجوع إلى سنَّة رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - علاجًا شافيًا، ودواء واقيًا وتشريفًا وافيًا، لكلّ أمراضنا وعِلَلنا وحلاًّ لِمُشْكِلات عصرنا التي يعاني منها إنسان اليوم، وصدق رسول الله - عليه الصلاة والسلام - إذ يقول: ((ولم تظهر الفاحشة في قوم حتَّى يُعْلِنُوا بِها إلا فشا فيهم الطاعون والأمراض التي لم تكن مَضَتْ في أسلافهم)).
وما أروع القرآن العظيم حين وضع، وبيَّن الوسيلة الواقية في آية واحدة هي: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32].
فالوقاية الوقاية، والبعد البعد عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وذروا ظاهر الإثم وباطنه، فدرهم وقاية خير من قنطار علاج... وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.