عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 30-05-2015, 02:58 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي تقلص عضلة الضفدعة

تقلص عضلة الضفدعة







هدى أحمد إبراهيم برعي

كيف تحدث الكهرباء؟


إنَّ شحْنَ جسْمٍ ما كهربيًّا - سواء عن طَريق الدَّلْك أو بطَريق آخَر- ليس معناه إنتاجًا للكَهرباء؛ وإنما هو في الواقع إخلالٌ بالتوازُن الحادِث بين خَليط الجُسَيمات التي تَحمِل شحنات سالبةً والأُخرى التي تَحمِل شحنات موجبةً، فهُناك موادُّ لها قابليَّة فقْدان الإلكترونات، وموادُّ أخرى لها قابليَّة اكتِساب الإلكترونات، فعند دَلْك مادَّتَين مُختلفتَين مثْل "المطَّاط" بقِطعة قُماش صوفيَّة، فإنَّ بعض الإلكترونات الخارجيَّة على سطْح قِطعة الصُّوف تَنتقِل إلى السطْح الخارِجيِّ للمطَّاط، وهذه العمليَّة تُسبِّب ظهور شِحنة سالبة على المطَّاط؛ أي: نوع شِحنة الإلكترونات نفسِها، أما قِطعة الصُّوف التي كانت مُتعادِلةً كهربيًّا قبْل الدَّلْك، فقد أصبحتْ مُوجَبة التَّكهرُب؛ وذلك لفقْدها الإلكترونات السالِبة التَّكهرُب.


وفي الأجسام الصُّلْبة تكون الإلكترونات حرَّة الحرَكة، في حين تظلُّ البُروتونات والنيوترونات في داخل الذرَّات وثابِتة في مكانها منها، وتُستخدَم المادَّة العازِلة عِندما يُراد الاحتِفاظ بالشحنات الكهربائيَّة في مكان مُعيَّن.


فمثلاً شبكة توزيع الكهرباء تكون مُعلَّقةً على عوازِل ضخْمة للسبَب نفسِه، في حين تُصنَع الأسلاك مِن النُّحاس أو الألومنيوم، وهُما مِن الموادِّ جيِّدة التوصيل للكهرباء؛ حيث يُمكِن للكَهرباء أن تَسرِيَ فيهما بسُهولة.


وفي عام 1725م أثارتْ ظاهرة البرْق اهتِمام "بنيامين فرانكلين" المُخترِع الأمريكيِّ، فتعجَّب وتَساءل عمَّا إذا كان البرْق عِبارة عن شَرارةٍ كَبيرةٍ ناتِجة عن الكَهرباء، وللإجابة عن ذلك، أرسلَ فرانكلين طائرة ورقيَّة بين السُّحب في أثناء عاصِفة رعديَّة، وكانت عبارة عن منديل كبير مَفرودٍ على عَصوين مُتعامِدتَين وخيط مِن القُطن في نهايته مِن أسفلَ مِفتاحٌ مَعدنيٌّ، ثم ربَط في نهاية الخَيط قطعةً قصيرة مِن خيطٍ حريريٍّ يُمسِك منها الخيط حتَّى لا تمسَّ يده المِفتاح مُباشَرة.


ولا بدَّ أنَّ "فرانكلين" كان عصبيًّا للغاية؛ إذ كان يُدرِك أنه إذا صحَّت نظريته، فإنَّ القِطعة الحريريَّة فقط هي التي تَعزل الشَّرارة الكهربائية الضخْمة عن جِسمه. وعِندما ابتلَّ باقي الخَيط صار مُوصِّلاً للكَهرباء مُستعدًّا لنقْل أيِّ شِحنة كهربيَّة توجَد في السُّحب إلى سطْح الأرض، وبحرْصٍ وتردُّد قرَّب "فرانكلين" إصبعه مِن المِفتاح فانتقَلتْ في الحال بينهما شرارة كهربيَّة - فتأكَّد بذلك مِن أنَّ البرْق ما هو إلا حُدوث شَرارة كهربية[17]،ولكنَّ "فرانكلين" كان محظوظًا؛ إذ بَقِي على قَيد الحياة؛ ففي محاولاتٍ لإعادة تجربتِه أثناء عاصِفة رعديَّة، صُعِق كثير مِن العُلماء متأثِّرين بقوَّة الكَهرباء[18]، وتوصَّل "فرانكلين" بعد ذلك إلى تَصميم "مانِعة الصَّواعِق"؛ لحِماية المنازل مِن شرِّها، ولِتَفهُّم عمَل مانِعة الصَّواعق؛ علينا أن نَعلم ما يَقوله العِلم الحَديث عن كيفيَّة وجود الشحنات في الجوِّ كنتيجة لاحتِكاك قطَرات الماء بالهواء، وتُشحَن القطرات الكبيرة بشِحنة كهربيَّة موجَبة لأسباب خاصَّة، أما القطرات الصغيرة فتَظهر عليها شحنات سالِبة، وبطبيعة الحال تَستقرُّ القطرات الكبيرة في أسفل السَّحابة، وتأخُذ الشِّحنة في الازْدياد إلى درَجة لا يُصبِح عِندها الهَواء عازِلاً بين نوعَي التَّكهرُب؛ فتَحدُث الشَّرارة الكهربائيَّة الضخْمة، وإذا كانت الشرارة نتيجةً للتعادُل بين طرَفَي سَحابة واحدة، فإنها لا تَكون خَطِرة، ولكنَّ التفريغ - في حالة مِن عشْرِ حالاتٍ - يَحدُث بين السَّحابة والأرض عبْر أعلى مكانٍ، شَجرة كان أو منزلاً، الأمر الذي يُسبِّب أضرارًا بالِغةً، ومانِعةُ الصَّواعِق هذه عبارة عن قَضيبٍ مَعدنيٍّ، طرفُه العُلويُّ مدبَّب، وطرفه السُّفليُّ مُثبَّت عن طريق مادَّة عازِلة على قمَّة البِناء، ثم يوصَّل هذا القَضيب بصَفيحة مَعدنيَّة مَدفونة في الأرض عن طريق سلْك مَعزول، فإذا مرَّتْ سَحابة ذات شِحنة موجَبة فوق سطْح منزل، فإنَّها تَجذِب الإلكترونات مِن الأرض عن طريق السلك والطرَف المُدبَّب للقضيب المعدنيِّ، وتُعادِل السَّحابة قَبلما تَنمو وتُصبِح خَطِرةً وتُهدِّد سلامَة البِناء، وحتَّى لو حدَث برْق، فإنَّ الشحنات تتسرَّب عن طريق السلك إلى الأرض بدلاً مِن إتلاف البناء[19].



التيار الكهربائي المُستمِر:
مِن الصَّعب على الإنسان إدراك وجود شِحنة كهربيَّة ساكِنة على سطْحٍ ما، أمَّا إذا تحرَّكتْ هذه الشِّحنة مِن مكان لآخَر، فإنها تَظهَر في شكْل شَرارة، أو انبِعاثٍ حَراريٍّ، أو بأداء أيِّ عمل آخَر.


‏ولِلحصول على حرَكة مُستمِرَّة للشحنات (تيار كهربيّ)؛ علَينا أن نُوجِد ما يُسبِّب استمرار تَحرُّكها؛ إذ إنَّ الشَّرارة الكهربائيَّة ناتِجة عن حرَكة لحظيَّة للشحنات، ثمَّ لا شيء بعد ذلك، كما سبَق في الآلات البسيطة الكهربائيَّة السابِق وصْفُها، وهي جميعًا تُخالِف البطَّارية الكهربائيَّة التي تَعمَل كمضخَّة لدفْع الشحنات إلى الأمام، فهي تمدُّنا بالشحنات المتحرِّكة باستِمرار.


‏في الثمانينات مِن القرْن الثامِن عشرَ، وفي مَعمل طبيب إيطاليٍّ يُدعى "لويجي جلفاني Luigi Galvani (1737- 1798) - اكتُشفَ مبدأ البطَّارية الكهربائيَّة، فبينما كان الدكتور جلفاني ومُساعِدُه يَقومان بدراسة جسْم ضِفْدِعَة ماتتْ حَديثًا، ظنَّ جلفاني أنَّ هُناك نوعًا مِن الشحنات موجودًا في جسْم الحيوان (كهرباء حيوانيَّة أو حيويَّة)، هذه الشحنات هي التي سبَّبتْ حرَكة ساق الضِّفْدِعة، وكانت فكرة جلفاني عن الكهرَبة الحيويَّة سبَبًا في مُحاوَلة العلماء سنة (1800) إعادة الحياة إلى الجُثَث عن طَريق كهرَبتِها، ولقد ساهَمتْ هذه التَّجرِبة في تأليف "ماري شيللي" لقصَّتها المُثيرة: "فرانكشتين"[20]، إلا أنَّ عالِمًا إيطاليًّا آخَر يُدعى "ألسندرو فولتا Alessandro Volta ‏" (1745 - 1827) قد اقتَرح تَفسيرًا آخَر؛ فقد قال: إنَّ الحيوانات تُنتِج بالفعْل كَهرباء، ولكنَّ انتِفاض أرجُل الضَّفادع كان يَنتُج على الأرْجَح مِن تلاقي القُضبان المعدنيَّة والرطوبة الموجودة في أرجُل الضَّفادِع، مُكوِّنةً بذلك خليَّةً بسيطةً[21].


وفي عام (1800 م) نشَر "ألساندروا فولتا" (1745 - 1827) التفاصيل الخاصَّة بأوَّل بطَّارية كهربائيَّة في التاريخ، وقد كانت البطَّارية التي اخترَعها "فولتا" تُنتِج الكهرباء عن طريق التفاعُل الكيميائيِّ بين بعْض المَحاليل المُعيَّنة والأقطاب الكهربائيَّة (الإلكترونات)، ثمَّ أدخَل "فولتا" بعد ذلك التَّحسين على أول بطارية كهربيَّة؛ إذ وصَّل عددًا منِ الأكواب المملوءة بمَحلول ملْح الطَّعام بوساطَة مَعدنَين مُختلفَين، وأطلَق على الكوب الواحِدة بمَحلوله ومعدنَيه اسْم العَمود الكهربائيِّ.


‏وبمُرور الزَّمن تقدَّمت أشكال البطَّاريات، لدرَجة أنها أصبَحتْ - منذ أكثَر مِن مائة عام - المصْدرَ الوحيد لتحرُّك الشحنات الكَهربائية.


جدير بالذِّكر أنَّ بعض العُلماء الآخَرين؛ مثل: "جون فريدريك دانييل" (1790- 1845) - قد طوَّر تَصميم "فولتا" عن طريق استِخدام مواد مُختلفة في الأقْطاب الكهربائيَّة.


كانتْ خليَّة "دانييل" أول مَصدر يُعتمَد عليه للحُصول على الكهرباء، فكانتْ هذه الخليَّة تُنتِج جُهدًا كهربائيًّا مُستمرًّا لفتْرة لا بأسَ بها مِن الوقْت.


أمَّا البطَّاريات الجافَّة، فقد تمكَّن الكيميائيُّ "كارل جاسنر" مِن تطوير نوع رائد مِن الخَلايا "الجافة"، وقد استَخدم صُندوقًا مِن الزنْك لِيَكون القُطب الكهربائي السالِب (-)، وقضيبًا مِن الكربون ليكون القطب الكَهربائيَّ الموجب (+)، كذلك وضَع بين هذَين القُطبَين مَعجونًا مِن محلول كلوريد الأمونيوم وجصِّ باريس.


كان العالِم الفرنسيُّ "جاستون بلانتي" رائدًا في مجال تَصميم مركَّب الحِمْض والرَّصاص، والذي يُمكِن إعادة شَحنه عِندَما تَنفَد منه الكَهرباء، تَشتمِل هذه البطاريات على أقْطاب كهربائيَّة مِن الرَّصاص وأكسيد الرَّصاص تُوضَع في حمْض الكَبريتيك.


والآن تُعدُّ البطَّارية هي المَصدر الرئيسي للكَهرباء التي تُستخدَم في كشَّافات الإنارة اليدويَّة، وكثير مِن الأجهزة المحمولة، والمُنبِّهات، وأجْهزة الرَّاديو الصَّغيرة، ومُنظِّم ضرَبات القلْب[22]، ولا نَنسَ أنها جميعًا بدأتْ مِن تَقلُّص عضَلة ساق الضِّفْدِعة[23].


[1] http://ar.wikipedia.org/wiki

[2] جاءت كلمة الكهرباء مِن كلمة الإلكترون (ل¼¤خ»خµخ؛د„دپخ؟خ½)، وهي كلمة يونانيَّة الأصْل تَعني الكهرمان، ثمَّ أُخذَت مِن اللاتينية الجديدة ؤ“lectricus، وتعني شبيه الكهرمان، وكان أوَّل مَن سمَّى الكهرباء باسْمِها هو وليام جلبرت، العالم الإنجليزي الخاصُّ بالمَلِكة إليزابيث الأولى.

[3] راجع غاي براون : "طاقة الحياة"، نشر مكتبة العبيكان، الطبعة العربية الأولى: 2003.

[4] فيليب كلارك، لورا هاول، سارة خان: "أسرار وعجائب العلوم" (ص: 62).

[5] كاثرين وايمان : "الكهرباء والمغناطيسية" (ص: 36، 38)، وابرام فريمان : "الكهربا" (ص: 7).

[6] أعلنَ الإغريق أنَّ المادَّة ليستْ مُلتحِمة الأجزاء؛ وإنما تتركَّب مِن دقائق مُتناهِيَة الصِّغر، وغير قابِلة للانقِسام، أُطلِق عليها اسم الذرَّات.

[7] جيني رينفورد: "علماء وعظماء واستِكشاف العُلوم" (ص: 8، 17).

[8] مادَّة راتنجيَّة صفْراء اللَّون، تُصنَع منها حبَّات المِسبَحة وعقود الفلاحات، وكان الإغريق يُسمُّونها إلكترونًا.

[9] لايونيل بيندر، بالتعاون مع متحف العلوم، لندن: "سلسلة مشاهدات علميَّة الاختراعات" (ص: 38).

[10] ابرام فريمان : "الكهربا" (ص: 8، 9).

[11] http://www.tzafonet.org.il/kehil/water/atakatkah.html

[12] http://www.tzafonet.org.il/kehil/water/atakatkah.html

[13] جيني رينفورد: "علماء وعظماء واستكشاف العلوم" (ص: 28).

[14] جيني رينفورد: السابق، (ص: 43).

[15] http://ar.wikipedia.org/wiki/

[16] http://ar.wikipedia.org/wiki/، ابرام فريمان : "الكهربا" (ص: 13، 14).

[17] إبراهيم بدران: "موسوعة العلماء والمخترعين" (ص: 393).

[18] جيني رينفورد: "علماء وعظماء واستكشاف العلوم" (ص: 28).

[19] ابرام فريمان : "الكهربا" (ص: 19، 20).

[20] جيني رينفورد: "علماء وعظماء واستكشاف العلوم" (ص: 27)، ابرام فريمان : "الكهربا" (ص: 21).

[21] إبراهيم بدران: "موسوعة العلماء والمخترعين" (ص: 174)، لايونيل بيندر، بالتعاون مع متحف العلوم، لندن: "سلسلة مشاهدات علمية الاختراعات" (ص: 38).

[22] جهاز اخترَعه الطَّبيب السويديُّ أكي سينينج؛ حيث يَعمل مِن خلال اتِّصاله بالقلْب وإرسال نبضات كهربيَّة موقوتةٍ لمُساعدة القلْب على تنظيم ضرباته.

[23] لايونيل بيندر، بالتعاون مع متحف العلوم، لندن: "سلسلة مشاهدات علمية الاختراعات" (ص: 38، 39)، و"كل شيء عن الكهرباء" (ص: 22).
رد مع اقتباس