عرض كتاب: الطاووس.. التاريخ الطبيعي والثقافي
محمود ثروت أبو الفضل
• اسم الكتاب: الطاوس.. التاريخ الطبيعي والثقافي.
• العنوان بالإنجليزية: Peacock.
• المؤلف: كريستين جاكسون.
• المترجم: يارا البدوي.
• سنة النشر: 1431هـ/2010م.
• دار النشر: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة).
• الطبعة: الأولى.
• صفحات الكتاب: 196.
3- الطاوس الهندي الأزرق في موطنه الأصلي:
يمتدُّ التوزيع الجغرافي للطاوس الأزرق من شمالي الباكستان شرقًا إلى جنوب جبال الهيمالايا عبر جامو وكشمير ونيبال إلى آسام، وجنوبًا حتى الضفة الغربيَّة لنهر براهمابوترا في بنجلاديش وعبر كامل الهند و****انكا، ويتمتَّع الطاوس الأزرق بحريَّة التنقُّل عبر هذا الإقليم الواسع من الغابات والقرى الريفيَّة؛ حيث تعيشُ الطواويس من 900 إلى 1200 متر فوق سطح البحر، ويندر وجودُها في أماكن المرتفعات الأعلى، وفي الهند يعدُّ وادي السِّند أقدمَ مصدرٍ للطواويس، وفي أقدم الحضارات الهنديَّة "الهارابان" التي سادت بين فترة 1800-2600 قبل الميلاد عُثر على فخاريات عالية الجودة عليها رسومٌ لطواويس رُسِمت باللون الأسود على أسطُح الجرة الحمراء، أمَّا خِلال تطوُّر الحضارة الهندوسيَّة بين عامي 1500-1700 قبل الميلاد، فنجد مُعظَم آلهة الهندوس يمتطون الطواويس كمخلوقاتٍ مُقدَّسة، أمَّا عندما اتَّحدت الهند للمرَّة الأولى في ظلِّ حُكم أباطرة "الموريان" بين 184-321 قبل الميلاد تَمَّ تخليد الطواويس على جدران المعابد الهندوسيَّة، ونفشت صور الطواويس الملكيَّة من الملحمة الهندوسية القديمة "رامايانا" في معبد "نروسيغاناث" و"بوبانازاسوار" و"براهما" في بوشكار، ويُقال: إنَّ "توما الرسول" أحد تلامذة المسيح هاجَر إلى الهند ليُؤدِّي العمل التنصيري هناك، وروى "ماركو بولو" أنَّه قُتِلَ خطأ بسهم صيَّاد خرج يصطاد الطواويس بالقوس والسهم.
أمَّا في حُكم المغول وخِلال عهد الملك "جلال الدين أكبر" وحكم "الراجيوتيين" بُنِيت العديدُ من القصور الفارهة، كان من أجملها قصر يُسمى "مور تشوك" أو "بلاط الطاوس"، وسمي بهذا الاسم نظرًا للعديد من رُسوم الطواويس المزيَّنة بالزجاج الملون والمعشَّقة في جدران القصر، وفي عهد خلفائه "جهنكير" و"شاه جيهان" ازدهرت الفنون، ووالى الفنانون رسم اللوحات الفنيَّة التي كان من أهمِّ عناصرها الطواويس التي زيَّنت واجهات مناظرهم الملوَّنة، وأصدر "شاه جيهان" عام 1629 أمرًا بصناعة "عرش الطاوس" من أجل قصرِه في "دلهي"؛ والذي وُضِعَ في منتصف قاعة اجتماعات قصره، والذي تَمَّ نهبه أكثر من مرَّة، ويعتقد أنَّ آخِر مرَّة تَمَّتْ رؤيته كانت في "طهران" قبل أنْ يختفي إلى الأبَد.
وخِلال فترة حُكم البريطانيين للهند والاستيلاء على المناطق المغوليَّة خلال القرن التاسع عشر تأثَّروا بأسلوب العمارة المغوليَّة الهنديَّة وجسَّدوها في بناء مَنازل لهم في بريطانيا، ومن أهمها تصميمات لمنزل "سيزينكوت" والذي عمل على تصميمه "****ريل وتوماس دانييل" اللذان تأثَّرا بأسلوب العمارة الهنديَّة وتصميماتها، وقاما بتأليف كتابٍ عنها اسمه "مناظر من الشرق"، ونلمحُ في تصميمهما للمنزل أقواسًا للنوافذ على شكل ذيول طواويس مرفوعة، وأيضًا قناطر ذيل الطاوس المتأثِّرة بطِراز المباني في "راجاسثان" الهنديَّة.
أمَّا في *****انكا فقد تناقَصتْ أعداد الطواويس بشكلٍ خطير خِلال العصر الحديث؛ وذلك لعادة التغذِّي على لحم الطواويس واصطياده من أجْل الاستفادة من ريشه، أمَّا في النيبال فيُصوَّر الطاوس على أنَّه رمزٌ للحظِّ الجيِّد والازدهار والعمر المديد، ويُعظَّم على أنَّه الطاوس الأعظم "ماها-مايوري"، وكانت صُوَرُ الآلهة البوذيَّة من التيبت والنيبال تُصوَّر بمراوح ومظلات من ريش طيور الطاوس، وكان الحلي والمجوهرات الخاصَّة بتلك المعبودات تُصنَع وترصع على هيئة طواويس، كما كان يُعتقَد أنها تُوفِّر ترياقًا لعلاج السم على أساس أنها آكلةٌ للأفاعي، وهناك بعض القصص التقليدية في التيبت دخل في ذكرها الطاوس كعنصر أساسي في القصة ومن أهمها قصة (الوهج الذهبي أو الطاوس في الأيكة السامة).
4- الطاوس الهندي الأزرق يسافر غربًا:
رغم أنَّ الطاوس الأزرق بطَبعِه كائن مُقيمٌ لا يُهاجر ولا يرغَب بالطيران لمسافاتٍ شاسعة إلا أنَّه وُجدت شَواهدُ له بعيدًا عن موطنه في شِبه القارَّة الهنديَّة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، ويعودُ انتشاره هذا إلى تدخُّل الإنسان بصفة أساسيَّة.
وأقدم شواهد لنقل الطواويس تعودُ إلى 950 قبل الميلاد؛ حيث تورد نصوص التوراة ذِكر خبر استِيراد الملك سليمان لها، وعن طريق قوافل التجارة انتقلت الطواويس من البحر المتوسِّط إلى دول أوروبا وأمريكا الشماليَّة؛ ففي عام 2300 شاعت حركة التجارة بين حضارة منطقة السند والمدن الواقعة جنوب بلاد ما وراء النهرين، حيث كان يتمُّ تبادُل الطواويس بحرًا عبر الخليج الفارسي.
ويعتبر الفينيقيون أوَّلَ مَن أدخَلوا الطاوس إلى بلاد الشام أيضًا عن طريق بعثات التجارة المتتالية، ونجدُ في أواخر القرن الثامن قبل الميلاد تلقي "تجلات بلاصر الثالث" ملك "آشور" الطواويس من الجزيرة العربيَّة كجزية.
أمَّا بلاد فارس فقد انتشرت فيها الطواويس مع احتلال الإمبراطورية الفارسية في عهد "داريوس" (485-529 ق.م) لأفغانستان وشمالي غرب الهند؛ ليُوفِّر منفذًا مباشرًا لجلْب الطواويس الهنديَّة الزرقاء، وعندما هزم "الإسكندر الأكبر" الفرس في عهد "داريوس الثالث" يُقال: إنَّه أدخل الطاوس إلى بلاد اليونان، ولكنَّ الأرجح أنها كانت معروفةً قبل ذلك في زمن "أرسطو" عن طريق التجار الفينيقيين الذين حملوها لمدن اليونان في رحلاتهم التجاريَّة.
ونجدُ في معبد "هيرا" في "ساموز" - الذي اعتُبِر ثامن عجائب الدنيا - وجودًا وذكرًا للطاوس؛ حيث ذكر "أنتيفانيس" أنَّه "لدى هيرا في ساموز نوعٌ ممتازٌ من الطيور وهو الطاوس الذي نحدق فيه لرؤية جماله"، كما نجد أنَّ أريسطوفانس - الكاتب اليوناني الشهير - ذكَر الطواويس في مسرحيَّته الهزلية "الطيور"، كما يروي الخطيب أنتيفون حكاية عن تاجر يوناني ثري يُدعى "ديموس" كان يهوى تربية الطواويس، وبسبب كثرة الزائرين لرؤية جمال طواويسه اضطرَّ لتخصيص يومٍ واحد في الأسبوع فقط للزيارة، أمَّا في القرن الرابع قبل الميلاد فيروي "أنتيفانيس" أنه "قديمًا كان شيئًا رائعًا أنْ تملك ولو زوجًا واحدًا من الطواويس، أمَّا الآن فهي أكثر شيوعًا من طيور السماني".
ويتَّضح من هذه الأدلَّة المتفرقة أنَّ الطواويس كانت معروفةً عبر منطقةٍ واسعةٍ من الشرق الأوسط، أمَّا في عهد الرومان فقد ارتبطت الطواويس بالرفاهية؛ حيث كانت تُقدَّم على موائد الأباطرة والأثرياء كنادرةٍ من نوادر الولائم؛ حيث ابتُكِرت طرقُ لكيفيَّة تقديم الطاوس بشكله الجميل عن طريق سلْخ جلده وشيِّه أو سلقه، ثم إعادة تركيب ريشه على الجسد الناضج بعد ذلك، ونجد أنَّه في نهاية القرن الثاني في روما كان هناك ما يكفي من الطواويس لموائد الأثرياء، حتى إنَّ "لوتشيان" في أحد مؤلَّفاته يجعلُ إحدى الشخصيات تتخيَّل أنَّه "إن أصبح ثريًّا يومًا ما، فسيكون طموحُه هو أنْ يحصل على طاوس من الهند من أجل مائدته".
ونجد أنَّ عادات الرومان توارَثَها ملوك إنجلترا وفرنسا، واستمرَّت لدى "النورمانديين"؛ حيث نجد في عام 1066 في إنجلترا ظهر الطاوس على أنه طبق رئيسي في الولائم، كما شاع التزيُّن بريش الطواويس لدى النُّبَلاء في أغلب ممالك أوروبا، وكان يتمُّ تكريم الفائزين في مسابقات الفروسية وغيرها في مدن أوروبا عن طريق إهدائهم طاوسًا، وارتبط الطاوس في ذلك العهد بالفروسيَّة ونشاطات الفرسان، كما كان رمز الطاوس وريشه يدخُل في أغلب شعارات النبالة والعائلات الشريفة، وأشار كلٌّ من الشاعرين الإنكليزيين في القرن الرابع عشر "ويليام لانغلاند" و"جيفري تشوسر" إلى الطاوس في كثيرٍ من قصائدهم، وشاعَ استعمال الطاوس كعنصرٍ فني في كثيرٍ من لوحات الفنانين خلال العصور التالية.
5- الطاوس الأخضر في الشرق:
يُعرَفُ الطاوس الأخضر "بافو ماتيكاس" بين الباحثين بأنَّه أقلُّ تكاثرًا من الطاوس الهندي الأزرق، وأكثر انعزالاً وخجلاً من البشر؛ حيث يتجنَّب التجمُّعات السكنيَّة للبشر، ويعيش في أعماق الغابات، كما أنَّه أكثر عدوانيَّةً وميلاً للتصارُع حتى الموت مع ذكور الطاوس الأخرى، ونادرًا ما حاوَل السكَّان تدجين هذه الطواويس، وهناك ثلاث سُلالات أو أنواع فرعيَّة للطاوس الأخضر: الطاوس الجاوي، والطاوس الصيني الهندي، والطاوس البورمي الأخضر.
يقتصرُ توزيع الطاوس الجاوي على جزيرة جاوا، وأعدادُه في تناقُصٍ لاصطياد السكان المحليِّين له، ولدى سُكَّان جاوا اعتقادٌ بوجود نوع من الألفة بين النمور والطواويس؛ حيث يزعُمون أنَّ الطاوس يتغذَّى على الديدان المعويَّة التي تنمو في أجساد بَقايا ضَحايا النمور، أمَّا الطاوس الهندي الصيني فينتشرُ في منطقة بورما الشرقيَّة وأقصى جنوب يانان وتايلاند ولاوس وفيتنام، وانتشر تمثيلُ تلك السلالة في الفن التايي (التايلاندي) في معابد "تيرافادا" البوذية؛ حيث تَمَّ نقشه على الجدران الخشبيَّة لتلك المعابد مع آلهة الهندوس التي تمتطيه، أمَّا في فيتنام الجنوبية فقد كان الطاوس يدَّخر خِصِّيصى من أجل ريشه لصُنع أغطية الرأس؛ حيث يُعتَبر الطاوس هناك رمزًا للسلام والازدهار.
ونجد أنَّ الطاوس الأخضر البورمي انتشر فيما مضى في آسام وشمال شرق الهند وجنوبًا عبر مانيبور وشيتاغونغ وتلال لوتشاي هيلز في بنجلاديش وأيضًا في ميانمار الغربية، إلا أنَّ أغلبه انقرض من ذلك النِّطاق، ولم يعدْ موجودًا سوى بأعدادٍ قليلة في آسام وأجزاء من غربي بورما؛ وذلك لسياسة الصيد الجائر للطواويس التي شاعَتْ في بورما في القرن الثامن عشر للمُتاجَرة بريشها.
وفي بورما عام 1752 اتَّخذت سلالة "كونباونغ" الحاكمة من الطاوس الأخضر رمزًا لها، وحملت كافَّة شعاراتهم رموزًا تحملُ صور الطاوس، وكذلك نقوش قُصورهم وأثاثهم الملكي، وحملت راية شعب بورما منذ 1886 وحتى 1948 صورة صغيرة لطاوس رافع ذيله.
وتُوجَد في بعض مناطق الصين على حدود بورما ولاوس أسواقٌ مفتوحة لبيع المراوح المصنوعة من ريش الطاوس الأخضر، حتى إنَّ ولاية "إكسيشوانغ بانا" بجنوب الصين تُعرَف باسم "موطن الطاوس"، ويتمُّ تريبة أسراب الطاوس الأخضر في "يونان" بشكل كبير، وباستيلاء الصين على "يونان" انتشرت الطواويس الخضراء وريشها في الصين طوال قُرونٍ عديدة، حيث أصبح رمزًا للجمال والكرامة في الفن الصيني، وتَمَّ تصويره مع المعبودات الصينيَّة، بل أدخَلوه في حِكاياتهم وقصصهم الأسطوريَّة، وفي عهد سلالة "مينغ" الحاكمة (1368-1644) كان أباطرة الصين يضَعُون ريش ذيل الطاوس على مَن يريدون تكريمه، أمَّا الخزف الصيني الذي يعتمدُ على الزخارف الصينيَّة المميزة فقد دخَل الطاوس كعنصرٍ زخرفي مميَّز في طريقة تزيين الخزف، ورغم أنَّ الطاوس الأخضر ظلَّ معروفًا في بلدان الشرق لفترةٍ طويلة من الزمن، إلا أنَّه ظلَّ مجهولاً في الغرب، حتى إنَّ الإشارة الوحيدة عنه أتتْ من اليابان البلد الوحيد البارز في الشرق الأقصى الذي لم يكن موطنًا أصليًّا للطاوس الأخضر.
6- الأعمال اليدويَّة وفن العمارة:
اعتُبِرت الطواويس جزءًا لا يتجزَّأ من حركة الفنون التي تخدمُ الثقافات والمعتَقَدات الدينيَّة القديمة للشُّعوب الآسيويَّة، أمَّا في أوروبا فقد غابتْ هذه الطيور عن الفن الأوروبي، باستثناء فترة وجيزة اندمجت داخل الصور الزيتيَّة للحدائق التابعة للمُمتلكات الريفيَّة الألمانيَّة والفلمنكيَّة والإنجليزيَّة؛ حيث اعتبرت نماذج زخرفيَّة يحرص عليها أثرياء القوم في تزيين قُصورهم وبيوتهم الفارهة، إلى جانب أنَّ السَّيدات كُنَّ يحرصن في تلك الفترة على التزيُّن بريش الطاوس كدلالةٍ على المكانة الاجتماعيَّة السامية التي وصلوا إليها.
غير أنَّ الحرَكات الجماليَّة الأوروبيَّة الحديثة الخاصَّة بالفنون عادت إلى الاهتمام بالنماذج الفطرية التقليدية وتناغم الألوان الطبيعية في النماذج الشعبيَّة القديمة، ومن أهمها زخرفات الطاوس، ومن أهمِّ روَّاد تلك الحركات "جون راسكين" و"ويليام موريس" اللذان اهتمَّا بالأعمال اليدويَّة القديمة وأعمال التطريز وإعادة إحيائها، أمَّا "ويليام دي مورجن" فقد اهتمَّ بأعمال الخزف الملوَّنة وكيمياء طلاء التلميع وصناعة طبقات طلاء لامعة محاكية لريش الطاوس القزحي، أمَّا "والتر كرين" فقد اهتمَّ برسم كتب الأطفال الملونة؛ حيث أدخل كثير من الخرافات حول الطاوس في رسومه وحكاياته، ومنها الأسطورة الشهيرة: "الطاوس يشكو لجينو" وغيرها.
ونجدُ أنَّ مِن أهمِّ أعمال الفن الحديث هو ما أتَمَّه الفنان الأمريكي "جيمس مكنيل ويستلر" (1834-1903) حيث صمَّم حجرةً كاملة مكرسة للطواويس، ومستوحاة من لون ريشها الأزرق المخضر في منزل في لندن عام 1876-1877، وأصبحت هذه الحجرة معروفةً باسم "حجرة الطاوس"، وتنقلت الحجرة بين العديد من الملاك، والآن مَعروضة في معرض "فرير جاليري" في واشنطن عندما أوصى "فرير" بنقل مجموعته الفنيَّة للدولة الأمريكيَّة.
ونجد أنَّه في سنة 1870 استمرَّ اهتمام الفنون الحديثة بالعناصر القديمة الخزفيَّة ومنها الطواويس؛ حيث برزت شركة "روكود" للخزف في أمريكا من بين أفضل الشركات المنتِجة لتلك العناصر الخزفيَّة المزخرفة، حيث كانت المحاولة لتقليد قزحيَّة ألوان ريش الطاوس وصورته وشكله على المزهريات والأطباق، وشاعت وقتَها أواني "تيفاني" الخزفيَّة باهظة الثمن، بل ظهرت تصميمات حديثة لتصاميم الطواويس وريشها على كثيرٍ من أغلفة البضائع والأطعمة ومستحضرات التجميل وغيرها.
وتَمَّ توظيفُ ريشة الطاوس كرسمٍ مُتكرِّر بدءًا من الزهريات الأنيقة لـ"أوغستي ديلاهيرتشي" و"روكود" إلى الطوابع والبطاقات البريديَّة التي انتشرت وقتذاك، كما زين ريش الطاوس أيضًا السطوح الزجاجيَّة والخزفيَّة لكثيرٍ من التحَف والحلي الفنيَّة، وصارت ريشة الطاوس رمزًا زخرفيًّا مُحَبَّبًا لذوق كثيرٍ من محبِّي الفنون.
وبمرور الوقت لم تعدْ نقوش الطاوس على الحرف والمنتجات الفنيَّة حِكرًا فقط على علية القوم؛ حيث أصبحت تلك الزخارف شائعة في البيوت الصغيرة والمتوسطة أيضًا، بل دخل الطاوس عالم الأدب الحديث؛ حيث أشار الأديب الأمريكي "فلانري أوكونور" للطاوس في كثيرٍ من كتاباته، وكان يكنُّ إعجابًا بالغًا للطاوس، وكذلك أشار إليه الكاتب الشهير "د.هـ.لورانس"، إلى جانب دخول رمز الطاوس في كثيرٍ من شعارات الشركات الإعلاميَّة كعنصرٍ تراثي قديم له مكانته الجماليَّة.
رغم كلِّ تلك المكانة الكبيرة التي حظي بها الطاوس عبر التاريخ، إلا أنَّ أعداده مُهدَّدة بالانقراض في كثيرٍ من مواطنه الأصليَّة، وتتعرَّض أعداده القليلة الباقية للقنص والصيد والاستخدام الجائر لأسراب مجموعات تلك الطيور؛ لذا فمن الواجب على الحكومات والمنظمات البيئيَّة الاهتمام بعمَل محميَّات طبيعيَّة لحماية ما تبقَّى من مجموعات ذلك الطائر، الذي يمنح الكثيرين قدرًا وافرًا من المتعَة البصَرية، كما أعطاها من قبل لآلاف لا تحصى على مر القرون الماضية.