
07-06-2015, 02:42 PM
|
 |
عضو خبير
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2014
المشاركات: 724
معدل تقييم المستوى: 12
|
|
" وماذا بعـد عبد الناصر ؟ "
عـقب رحـيـل جمال عـبد الناصر ، عـقـد فى البـيت الأبـيض الأمريكى اجـتـماع
تحـت هذا العـنوان حـضره أحـد عـشر من أهـم المتخصصين فى شــئون
الــشرق الأوسط ، والأمة العـربية ، وجمال عبد الناصر .. فـكان أن طـلب سـبعـة
من الحــضور مسـاعدة أحـد جنرالات الجـيش المصرى للإستـيلاء على السلـطة
ليـأتـمر بعـد ذلك بـأمر أمريكا .. بـيـنما الأربعة الباقـون قـالوا :
" لابــد من تحـطيم الـنسق الـقـيمى الـذى أقـــامه "جمال عبد الناصر "
=========================================
المهـم أن ما أسـفر عـنه الإجـتماع رسميـاً كـان الـتحـرك فى الإتجاهين مع إعـطـاء
الأولوية والأهـمية فى العـمل لـما أوصى بـه الأربعـة باعـتـباره توجـهاً استراتيجياً ..
فى حـين أن ما أوصى بـه السبعـة هـو الـتوجـه التـكـتيكي .. وقـد توفـر الهـدف الـثانى
بـعـــد أن تولى أنور السادات السلطة .. كـما أنـه يجرى على قـدم وسـاق ومنـذ تسعة
وثـلاثين عـاماً ، تـنفيذ الـتوجه الإستراتيجى الأعـلى والأهــم الـذى هــو
" تحـطيم الـنسق الـقـيمى الـذى أقـامه جمال عــبد الناصــر " .
المـهـم .. أن منـظومة العــداء تـلك من الغـرب تجـاه الـشرق عـمومـاً ، وتـجـاه
الأمـة العــربية بوجـه خاص ، لـم تـهدأ منـذ ما قبـل الحـروب الصليـبية ، وظـلت
متواصـلة تسـرق الأمة العـربـيـة وتـنهـب مـواردها وثـرواتـها وطــاقاتهـا ، وتهـيـن
وتـذل ، وتكــسـر الكرامة والشرف لأهـلها .. الى أن أتـى من رحـم أمـته
جمال عـبد الناصر
فجاء فتياً عفياً ، صادقاً وشريفاً وعفيفاً ، وعنيداً عناد الثوار يـملك طهـارتهـم وحـدة
إبصارهـم وبصـيرتهـم وجاء منحازاً الى أمتـه والى جماهيرها المسحوقة من
الإسـتعـمار ومن الإقـطاع ومن الرأسمالية ومن الخـونة واستـطاع بـذلك أن يدخـل
الى قـلب أمـته ويـتمركـز فـيه ومنحته جماهـيرها طاقاتها الهائلة وقدراتها وتراثها
وفوق ذلك منحته حباً وحناناً وحنيناً لم تمنحه لأحد سواه طوال عـصرها الحـديـث
لـقـد كان هـو الوحيد والإسـتـثناء ومعـه جماهـير الأمة ، الذى كسر مـوجـات العــداء
الغـربية العـاتية .. وأوقـفها تماماً وأحدث انقطاعـاً كاملاً لديمومتها التى دامت قـرابة
الألـف عـام ، وأنهـى أسطورة الـذل والإذلال والمهـانة ، وأعـاد من التاريخ روح الأمة
التى غــابت ، واستحـضر مجـدها الـذى كان قـد تـراجع ، وتـمكن بذلك من أن يخرج
امبراطوريتين من التاريخ نهائيـاً هـما بريطانيا وفـرنسا ، كـما تمكن بـذلك أيضاً من أن
يحاصر عـدوان امبراطورية أمريكا البازغـة .. وتمكـن من أن يضع يــد الأمة وإرادتها لأول
مـرة فـوق كامل مواردها وثـرواتهـا التى تـتـعـدد وتـتـنوع بيـن البترول الذى هو أكبر كـنز
للطاقة فى التاريخ وبين بحـار وبحـيرات وأنهـار وثـروات معـدنية وصناعـية وزراعـية من بـينها
مائـتى مليـون فـدان صالحة للزراعـة فى قـطـر واحـد فــقط من أقـطار الأمة هـو السودان .
لـقـد تـمدد حـبه لأمتـه حتى غـطى أرضهـا من الماء الى الماء .. وتـمدد حب أمــتـه لـه
حتى أذابه فى قـلبهـا وفى وجدانها ، ولـقـنته سرها العـبقرى فى الخلود ، وأطلعته عـلى
أسرار آمالها الكبرى وتـلقف هو الـسر وكان أميـناً عـليه وفياً لقدسيته .. لقد منحته أمته
حجمها فصار هو بحجم أمته .
.
|