عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 07-06-2015, 06:38 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

الأحداث المهمة بين يدي غزوة بدر الكبرى





د. أمين بن عبدالله الشقاوي


قال ابن إسحاق:
فلما نزل القرآن بهذا الأمر، وفرج الله عن المسلمين، ما كانوا فيه من الشفق[51]، قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العير والأسيرين، وبعثت قريش في فداء عثمان والحكم بن كيسان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا - يعني سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان - فإنا نخشاكم عليهما، فإن ت***وهما ن*** صاحبيكم" فقدم سعد، وعتبة، فأفداهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما الحكم فأسلم، وحسن إسلامه، ومات في بئر معونة شهيداً، وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافراً[52].
قال ابن القيم – رحمه الله -:
"والمقصود أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف، ولم يبرئ أولياءه من ارتكاب الإثم بالقتال في الشهر الحرام، بل أخبر أنه كبير، وأن ما عليه أعداؤه المشركون أكبر وأعظم من مجرد القتال في الشهر الحرام، فهم أحق بالذم والعيب والعقوبة، لا سيما وأولياؤه كانوا متأولين في قتالهم ذلك، أو مقصرين نوع تقصير، يغفره الله لهم في جنب ما فعلوه من التوحيد والطاعات والهجرة مع رسوله، وإيثار ما عند الله، فهم كما قيل:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد
جاءت محاسنه بألف شفيع


فكيف يقاس ببغيض عدو جاء بكل قبيح، ولم يأت بشفيع واحد من المحاسن[53] وحيث إن هذه الغزوات جميعها كانت بمثابة التمهيد بين يدي غزوة بدر الكبرى ولذلك يلاحظ فيها الآتي:
أولاً: عدم اشتراك الأنصار فيها، واقتصارها على المهاجرين، وقد يكون ذلك التزاماً بالبيعة، التي نصت على أن يمنع الأنصار الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ديارهم، لا أن يخرج بهم، وقد يكون إعلاماً لقريش بأن الذي كان يمنع المسلمين من مقاومتهم هو التزامهم بأوامر الله، حيث لم يشرع القتال.
ثانياً: تتابع هذه الأحداث، فالغزوات والسرايا كانت متلاحقة، لم تتوقف إلا في موسم الحج للسنة الأولى للهجرة، حتى كانت غزوة بدر، وفي هذا إشعار لقريش بأنها لم تعد آمنة مطمئنة في رحلاتها، وتنقل تجارتها. ثم هو إشعار لمشركي الأوس والخزرج، ويهود المدينة بقوة المسلمين، حتى لا تسول لهم نفوسهم محاولة الإساءة إليهم.
ثالثاً: نلاحظ أنها كلها موجهة ضد قريش، فهي العقبة الكؤود في وجه انتشار هذا الدين، كما أن لها الزعامة الدينية في الجزيرة العربية، ولذا فهي العدو البارز يومئذ، فكان من الضروري إشعارها بالقوة الناشئة بقيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
رابعاً: نلاحظ في سرية عبد الله بن جحش بعض الإجراءات التي تتطلبها المهمة، وهي مهمة استطلاعية، وينبغي أن تكون قائمة على السرية، ولذا كانت المهمة ضمن كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لم يفتتح إلا بعد ليلتين من السير بعيداً عن المدينة، حتى لا يعلم أحد أين الاتجاه، كما أنها أول عملية توغل قريباً من مكة مركز الوثنية؛ ولذا فهي عملية فدائية ينبغي أن تقوم على الرغبة من المشتركين وطواعيتهم، ولذا أُمر عبد الله أن لا يكره أحداً من أصحابه[54]
وفي هذه الأيام - في شعبان سنة ٢هـ/ فبراير ٦٢٤م - أمر الله تعالى بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وأفاد ذلك أن الضعفاء والمنافقين من اليهود الذين كانوا قد دخلوا في صفوف المسلمين لإثارة البلبلة، انكشفوا عن المسلمين ورجعوا إلى ما كانوا عليه، وهكذا تطهرت صفوف المسلمين عن كثير من أهل الغدر والخيانة.
"ولعل في تحويل القبلة إشارة لطيفة إلى بداية دور جديد لا ينتهي إلا بعد احتلال المسلمين هذه القبلة، أوليس من العجب أن تكون قبلة قوم بيد أعدائهم، وإن كانت بأيديهم فعلاً فلا بد من تخليصها يوماً ما إن كانوا على الحق.
وبهذه الأوامر والإشارات زاد نشاط المسلمين، واشتد شوقهم إلى الجهاد في سبيل الله، ولقاء العدو في معركة فاصلة تدور لإعلاء كلمة الله[55]".








[1] من معين السيرة لصالح الشامي ص180-181.
[2] انظر: السيرة النبوية الصحيحة، د. أكرم ضياء العمري (2/345)، وفقه السيرة للشيخ الغزالي ص214.
[3] أي ساحله.
[4] العيص: بالكسر ثم السكون وإهمال الصاد، من الأودية التي تجتمع مع إضم، وفي غزوة ودان بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر من ناحية العيص، وفي حديث أبي بصير: خرج حتى نزل بالعيص من ناحية ذي المروة، على ساحل البحر بطريق قريش إلى الشام، وقال ابن سعد: سرية زيد بن حارثة إلى العيص على أربع ليال من المدينة، وفاء الوفا (4/1270).
[5] العيرات: جمع عير، يريد إبلهم، ودوابهم التي كانوا يتاجرون عليها. النهاية في غريب الحديث (3/329).
[6] المغازي للواقدي (1/9).
[7] رابغ: بعد الألف باء موحدة، وآخره غين معجمة، واد يقطعه الحاج بين البزواء والجحفة، دون عزور، قال الحازمي: بطن رابغ واد من الجحفة له ذكر في المغازي، وفي أيام العرب، وقال الواقدي: هو على عشرة أميال من الجحفة فيما بين الأبواء والجحفة، معجم البلدان (4/378). قلت: ورابغ الآن مدينة قائمة.
[8] ثنية المرة: بالكسر وتشديد الراء، قرب ماء يُدعى الأحياء من رابغ، لقي بها أبو عبيدة بن الحارث في سريته، جمع المشركين، وقال ياقوت: ثنية المرة بتخفيف الراء، يشبه تخفيف المرة من النساء، وفي حديث الهجرة أن دليلهما يسلك بهما.. إلخ، ثم ثنية المرة، ثم لقفا، وهو أيضا حديث في سرية عبيدة بن الحارث، وفاء الوفا (4/1167).
[9] تاريخ الأمم والملوك للطبري (2/11).
[10] الأبواء: بالموحدة كحلواء ممدود، قال المجد: هي قرية من عمل الفُرع، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً، فتكون على خمسة أيام من المدينة، وقيل: الأبواء جبل عن يمين آرة، ويمين الطريق للمصعد إلى مكة، وهناك بلد تنسب إلى ذلك الجبل، وهو بمعنى قول الحافظ ابن حجر: الأبواء جبل من عمل الفرع، سمي به لوبائه على القلب، وقيل: لأن السيول تتبوؤه أي تحله، قال السمهودي: ويجمع بأنه اسم للجبل والوادي وقريته، وله ذكر في حديث الصعب بن جثامة وغيره، وبه قبر أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أن أباه - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المدينة يمتار تمراً، فمات بها، فكانت زوجته آمنة تخرج كل عام تزور قبره، فلما أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست سنين خرجت به ومعها عبد المطلب، وقيل أبو طالب، وأم أيمن، فماتت في منصرفها بالأبواء، وفي رواية أن قبرها بمكة، وقال النووي: إن الأول أصحح، وفاء الوفاء (4/119).
[11] سيرة ابن هشام (2/186).
[12] دلائل النبوة للبيهقي (3/28)
[13] المغازي (1/2).
[14] البداية والنهاية (5/26).
[15] السوام: الإبل المرسلة في المرعى، شرح السيرة النبوية لأبي ذر الخشني ص151.
[16] الخرّار: الخرير صوت الماء، والماء خرار، بفتح أوله وتشديد ثانيه، وقيل: موضع بالحجاز يقال: هو قرب الجحفة، وقيل واد من أودية المدينة، وقيل ماء بالمدينة، وقيل موضع في خيبر، والخرار في سفر الهجرة الظاهر أنه بالجحفة، وفاء الوفاء (4/1200)، ومعجم البلدان (3/218).
[17] سيرة ابن هشام (2/191).
[18] المغازي (1/11).
[19] تاريخ الأمم والملوك (2/11).
[20] تاريخ الأمم والملوك (2/11).
[21] البداية والنهاية (4/579-580).
[22] والمراد بالمغازي هنا ماوقع من قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - الكفار بنفسه أو بجيش من قبله، وقصدهم أعم من أن يكون إلى بلادهم أو إلى الأماكن التي حلوها حتى دخل مثل أحد والخندق.اهـ فتح الباري (7/297).
[23] ص751 برقم (3949)، كتاب المغازي، باب غزوة العشيرة، أو العسيرة.
[24] ص 758 برقم (1814)، كتاب الجهاد والسير، باب عدد غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[25] ص 758 برقم (1814)، كتاب الجهاد والسير، باب عدد غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم -.
[26]ودّان: بالفتح ودال مهملة مشددة، آخره نون، قرية من نواحي الفرع لضمرة وغفار وكنانة، على ثمانية أميال من الأبواء، وقال أبو زيد: ودان من الجحفة على مرحلة، بينها وبين الأبواء ستة أميال، وبها كان أيام مقامي بالحجاز رئيس لبني جعفر بن أبي طالب ولهم بالفرع وساية ضياع وعشيرة، وفاء الوفاء (4/1330).
[27] تاريخ الأمم والملوك (2/14).
[28] سيرة ابن هشام (2/183)، والبداية والنهاية لابن كثير (5/22)، والمواهب اللدنية للزرقاني (1/393).
[29] سيرة ابن هشام (2/182-183).
[30] فتح الباري (7/279).
[31] وسنده ضعيف فيه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني قال عنه ابن حجر في التقريب: ضعيف أفرط من نسبه إلى الكذب، ص ٤٦٠. ورواه البخاري في التاريخ الصغير عن إسماعيل، وهو ابن أبي أويس عن كثير بن عبد الله، مقتصراً عليه، قال ابن حجر في فتح الباري (7/280): وكثير ضعيف عند الأكثر، لكن البخاري مشاه، وتبعه الترمذي.اهـ. وقوله: لكن البخاري مشاه، ليس في الصحيح وإنما في كتبه الأخرى.
[32] سيرة ابن هشام (2/189).
[33] سيرة ابن هشام (2/189).
[34] المغازي (1/112).
[35] بواط: بضم أوله وتخفيف ثانيه، آخره طاء مهملة، قال السمهودي: ورويناه من طريق الأصيلي وغيره بفتح الباء والظم وهو المعروف جبل من جبال جهينة بناحية رضوى، ورضوى جبل بالمدينة وهو من المدينة على سبع مراحل. معجم البلدان (2/396)، وفاء الوفاء (4/1159).
[36] سيرة ابن هشام (2/189).
[37] العشيرة: بلفظ تصغير عشرة يضاف إليه ذو، فيقال ذو العشيرة، قال الأزهري: هو موضع بالصمان معروف، نسب إلى عشرة نابتة فيه، والعشر من كبار الشجر وله صمغ حلو يسمى سكر العشر، وغزا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذا العشيرة، وهي من ناحية ينبع بين مكة والمدينة. قال الحموي: وأما التي غزاها النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي كتاب البخاري العشيرة، أو العشيراء، وهو أضعفها، وقيل العسيرة أو العسيراء بالسين المهملة، قال السهيلي: وفي البخاري أن قتادة سئل عنها فقال: العسير، وقال معنى العُسيرة والعسيراء بالسين المهملة أنه اسم مصغر العسرى والعسراء، وإذا صغر تصغير الترقيم قيل عسيرة، وهي بقلة تكون أذنه، أي عصيفة، ثم تكون سحاء، ثم يقال لها العسرى، قال ابن إسحاق: ذات العشيرة من أرض بني مدلج أي الغزوة، وقال فيها: حتى نزل العشيرة من بطن ينبع، قال الحافظ ابن حجر: ومكانها عند منزل الحاج، بينبع ليس بينها وبين البلد إلا طريقن معجم البلدان (6/331)، وفاء الوفاء (4/1267)، وفتح الباري (7/279).
[38] سيرة ابن هشام (2/189).
[39] طبقات ابن سعد (2/9).
[40] سيرة ابن هشام (2/190).
[41] سبق تخريجه ص111.
[42] البداية والنهاية (5/31).
[43] السرح: الماشية، المعجم الوسيط (1/425).
[44] سيرة ابن هشام (2/192).
[45] طبقات ابن سعد (2/9).
[46] سيرة ابن هشام (2/192).
[47] البداية والنهاية لابن كثير (5/33).
[48] (3/119)، وإسناده ضعيف، فيه مجالد بن سعيد، قال ابن حجر في التقريب: ليس بالقوي، وقد تغير في آخر عمره، ص520. وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة (3/14)، والبزار في كشف الأستار (2/308) برقم (1757)، من طريق أحمد بن بشير، كلاهما عن مجالد بن سعيد بهذا الإسناد.
[49] أي هرب.
[50] انظر: فقه السيرة للغزالي: 215-217.
[51] الشفق والإشفاق الخوف، النهاية في غريب الحديث (2/487).
[52] سيرة ابن هشام (2/193-195) عن ابن إسحاق، وقال في آخره: والحديث في هذا عن الزهري ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير، قال الشيخ ناصر الألباني في تعليقه على فقه السيرة ص ٢١٥ – 216: وقد رواه البيهقي في سننه الكبرى (9/12) بسند صحيح عن الزهري عن عروة مرسلاً به، ولكنه لم يسق الحديث بتمامه، بل طرفاً من أوله، ثم أحال على باقيه، وقد وصله هو وابن أبي حاتم من طريق سليمان التميمي عن الحضرمي عن أبي السوار عن جندب بن عبد الله به مختصراً، وليس فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام» وسنده صحيح إن كان الحضرمي هذا هو ابن لاحق، فقد قيل إنه غيره وإنه مجهول، ورجحه الحافظ في التهذيب، والله أعلم. ثم رأيت البيهقي قد ساق في موضوع آخر من السنن (9/58-59) حديث عروة بتمامه وفيه: «ما أمرتكم...».اهـ.
[53] زاد المعاد (3/170-171).
[54] انظر: من معين السيرة ص183-184.
[55] الرحيق المختوم للمباركفوري، ص223.

رد مع اقتباس