الصيام ينمي ملكة المراقبة
 عبد الكريم بن عبد اللّه الخضير
  	 	 
 
ليس  الصِّيامُ في الإسلام من أجلِ ***** النَّفس؛ بل لِتربيتها  وتزكِيَتها،   والصِّيامُ أيضاً يُنمِّي لدى الصَّائم مَلَكَة المُراقبة،  فهو ينتهي عن  مَلاذِّ  الدُّنيا وشهواتِها، وما يمنعُهُ من ذلك سوى إطلاعُ  الله - تعالى  -عليه ومُراقبتُهُ  لهُ، لا جَرَمَ أنَّهُ يحصُلُ لهُ من  تَكرارِ هذه  المُلاحظة المُصاحِبَةِ للعمل  مَلَكَة المُراقبة لله - تعالى  -والحياءُ  منهُ - سبحانه - أنْ يراهُ حيثُ نهاهُ، و  إلاّ فما الذِّي يمنع  الَّصائِم  أنْ يدخُل في مكانٍ ويستخفي عن النَّاس ويأكُل  ويشرب؟؛ لكن هذهِ   المَلَكة هو يعرف أنَّ الله - جل وعلا - مُطَّلع عليه، فمن تكرار  هذه   العبادة مع الالتزام بعدم المفطرات مع الخلوة لا شكَّ أنَّهُ تنمي عندهُ   هذهِ  المَلَكة. 
   وفي هذهِ  المُراقبة من كمال الإيمان بالله - تعالى -والاستغراق  في تعظيمِهِ   وتقدِيسِهِ أكبر مُعدٍّ للنُّفُوس ومُؤهِّلٍ لها لِضبطِ  النَّفس  ونزَاهَتِها في  الدُّنيا وسعادتها في الآخرة، والمُراقبة كما قال  ابن  القيم في مدارج السالكين:  "دوامِ علمُ العبدِ وتَيَقُّنِهِ بإطلاع  الحقِّ  - سبحانه وتعالى - على ظاهِرِهِ  وباطِنِهِ"، وهي ثمرةُ علم الإنسان   بأنَّ الله - سبحانه وتعالى - رقيبٌ عليهِ،  نَاظِرٌ إليهِ، سامِعٌ   لقولِهِ، وهو مُطَّلِعٌ على عَمَلِهِ في كُلَّ وقتٍ وكُلَّ  لحظة، وكُلَّ   نَفَس وكُلَّ طرفة عين والغافلُ عن هذا بمعزل، ومن أدِلَّتِهِ قولهُ -    تعالى -: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ   فَاحْذَرُوهُ  [البقرة: 235]، وقال الله - تعالى -: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى   كُلِّ شَيْءٍ  رَقِيباً [الأحزاب: 52]، وقال - جل وعلا -: وَهُوَ مَعَكُمْ   أَيْنَ مَا كُنْتُمْ  [الحديد: 4]، وقال - تعالى -: أَلَمْ يَعْلَمْ   بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق:  14]، وقال - تعالى -: يَعْلَمُ خَائِنَةَ   الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ  [غافر: 19] إلى غير ذلك من الآيات،   في حديث جبريل -الذِّي تقدَّم شرحُهُ- في  سُؤالِهِ عن الدِّين سأل النبي -   عليه الصلاة والسلام - عن الإحسان، فقال لهُ:  ((أنْ تعبُد الله كأنَّكَ   تراهُ؛ فإنْ لمْ تكُن تراهُ فإنَّهُ يراك)).
      والمٌراقبة كما قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -هي:  "التَّعبُّد بأسماءِ  الله  الحُسنى" الرَّقِيبْ، والحفيظ، والعليم،  والسَّميع، والبصير، فمن  عقَل هذهِ الأسماء  وتعبَّد بمُقتضاها حصلتُ لهُ  المُراقبة، يعني  التَّعبُّد لله - جل وعلا - بِمعاني  هذهِ الأسماء هو معنى  الإحصاء الذِّي  ورد في حديث الأسماء: ((من أحصاها دخل الجنة))  وش معنى  أحصاها؟ عَدَّها  وكتبها في ورقة وردَّدها؟ هذا الإحصاء؟! لا بُدَّ من العمل   بمُقتضاها؛  فإذا عَمِل بمُقتضى الرَّقيب والحفيظ السَّميع العليم البصير  حَصَلت لهُ   هذهِ المُراقبة