عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-07-2015, 12:08 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

من مشاهد الإيمان في شهر رمضان
الشيخ عادل يوسف العزازي


مشهد الصبر



قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].


قال ابن جرير في تفسيره: "وقد قيل: إن معنى الصبر في هذا الموضع الصوم، والصوم بعض معاني الصبر عندنا" [1].


فالصوم تجتمع فيه معاني الصبر الثلاثة:
1- الصبر على ألم الجوع والعطش.


2- الصبر عن المعاصي، وقد علَّمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك حيث قال: ((من لم يدع قولَ الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))؛ متفق عليه.


وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن سابَّه أحد أو قاتله أحد، فليَقُل: إني امرؤ صائم))[2].


فليصبر الإنسان عن معصية الله - عز وجل - في هذا الشهر، ولا يَبِع حظَّه مع الله بشهوة تَذهَب لذاتها وتبقى تَبِعتها، تذهب الشهوة وتبقى الشقوة، ويُعينه على صبره عن شهواته مشهدُ قهره لشيطانه والظِّفَر به، ومشهد العِوض وهو ما وعد الله - سبحانه - من تعويض مَن ترَك الحرام، ومشهد البلاء والعافية، فإن البلاء ليس إلا الذنوب، والعافية المُطلَقة هي الطاعات وعوافيها[3].


3- الصبر على طاعة الله - عز وجل - وهو يتحقَّق في رمضان بكثرة العبادة، ففيه الصوم، وفيه المحافظة على الصلاة، وفيه التهجد، وفيه تلاوة القرآن، وفيه الصدقة والجود، وفيه الإحسان إلى الخَلق، وفيه بِر الوالدين، وغير ذلك من أنواع الطاعات.


واعلم أن صبر المؤمن إنما يكون لله وبالله، كما قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [النحل: 127].


فالصيام يُربِّي المؤمنَ على تحمُّل المشاق بصبره، وهو بذلك يستطيع أن يَثبُت أمام المِحن مهما بلغت واشتدت، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 34].


وقال تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الروم: 60]، والاستخفاف: الحمل على الخفَّة والطيش بعدم الصبر.


[1] تفسير ابن جرير الطبري (1: 259).
[2] متفق عليه.
[3] في ظلال القرآن لسيد قطب.

رد مع اقتباس