عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 11-07-2015, 11:09 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي





الجنَّة فتحتْ أبوابها لامرأة بغيٍّ سقتْ كلبًا فغَفَر الله لها، فدَخَلَتِ الجنة، وفتحت النار أبوابها في هرة لامرأة أخرى حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها تأكل من خشاش الأرض، امرأة دخلتِ النار في هِرَّة، فما بالنا بالذين يغيبون مَن غيبوهم؟! وفي الذين ي***ون مَن ***وهم؟ وفي الذين يجوعون مَن جوعوهم؟ كيف عقابهم؟ وكيف حسابهم؟ ï´؟ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ï´¾ [إبراهيم: 42].

ماذا يستفيد العالمُ مِن هرة حبستْ أو جُوِّعَتْ، أو حتى قُتِلَتْ؟! إنَّها رحمةُ الله، إنها أخلاق يورثها الإسلام في أتْباعه وغير أتْبَاعِه، إنها روح القرآن في شهر القرآن، نعْمَة مِنَ الله - عز وجل - أن تكونَ رحيمًا بأولادك، رحيمًا بجيرانك، رحيمًا بنفسك، فلا توردها موْرِد الهلاك.
الإسلامُ الذي حوَّلَ قلب عمر مِن قلبٍ قاسٍ يَئِد بنته في الجاهلية، إلى قلبٍ رحيم يقول وهو في المدينة: لوْ أن بغلةً عثرتْ على شط العراق، لَسَأَلَنِي اللهُ عنها: لماذا لَم تمهدْ لها الطريق يا عمر؟!

رحمة العامة:

جاء رمضان ليُعَلِّمنا كيف نتراحَم، ليس رحمة الإنسان بأخيه، كلاَّ، إنما رحمة العامة، الذين لا تعرفهم ولا يعرفونك، الذين ليس بينك وبينهم مصْلحة، أما رحمة الله بالعبد فهي بلا حدود؛ يقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه، وهو يُشير إلى امرأة من السبي، وقد ألصقت طفلاً رضيعًا لها في صدْرِها: ((أتَرَوْن هذه طارحة ولدها في النار))، قالوا: لا، يا رسول الله وهي تقدر على ألا تطرحه، فقال: ((الله أرحم بعبْده من هذه بولَدِها)).


مزايا الأمة
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقتْ أبواب النيران، وصفدتْ مرَدة الشياطين، ونادى منادٍ مِن قِبَل الله - عز وجل -: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر))، الجنَّة أبوابُها مفتوحة، لِمَنْ يريد أن يدخل، يدخل بصيامه، بقيامه، بإنفاقه، يدخل بإيمانه، بقرآنه، بخَيْره
يا باغي الخير أقبل، الجنة أبوابها مفتوحة، والنيران أبوابها مغلقة، والشياطين مقَيَّدة، فيا صاحب الخير أقبل، ويا مَن تُريد الخير أقبل، يا مَن تحملون هُمُوم الفقراء وهموم الضعفاء، وهموم الأيتام أقبلوا، يا مَن تحملون هموم الأمة وهموم الدعوة أقبلوا، يا مَن ترثون الإيمان صحيحًا، وتوَرِّثونه كما هو غير منقوص أقبلوا.

بين أمة وأمة
إنَّ الأمَّة ليستْ أمة طعام وشراب فحسْب، ليستْ أمة مأكل أو مشرب فقط، كلاَّ، إنما وجدتْ لتلبِّي نداء الإيمان؛ ï´؟ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ï´¾ [آل عمران: 193]، قولُهم طاعة لربِّهم؛ ï´؟ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ï´¾ [النور: 51]، الإنسان ليس إنسانًا بالغلاف الخارجي، فهذه طينة الأرض، إنما هو إنسان بالنفْخة الرُّوحية، والجوهرة الإلهية، ï´؟ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ï´¾ [الحجر: 29]
هذه الجوهرة التي إذا سلبتْ من الإنسان عاد الطين إلى الطين، ورجع التراب إلى التراب، فإذا هو جثَّة هامِدة لا حراك فيها، ولا نشاط فيها، ولا نفَس فيها، اللسان الذي كان ينطق سكَت، والقلب الذي كان ينبض وقف، والوجه الذي كان يشرق ذبل، والإرادة التي كانتْ ملْء السمع والبصر تلاشتْ، ما هذا؟ سؤال حار فيه الأطباء، وسكتَ عنه العلماء، ووقف أمامه الأنبياء، وردَّ عليه رب الأرض والسماء، ï´؟ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلا ï´¾ [الإسراء: 85].



بهذه النَّفخة الرُّوحية، واللمسة الإلهية، كان الإنسانُ إنسانًا، أمَّا أمَّة المأكل والمشرب فقال الله: ï´؟ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ï´¾ [محمد: 12]، ليس لهم هَم إلا المأكل والمشرب فقط، مِن أجله يعملون، وله يتعبون، وفي سبيله ربما يسرقون وي***ون ويفسدون في الأرض.
يَا خَادِمَ الجِسْمِ كَمْ تَشْقَى لِخِدْمَتِهِ
أَتَطْلُبُ الرِّبْحَ مِمَّا فِيهِ خُسْرَانُ؟
أَقْبِلْ عَلَى النَّفْسِ وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا
فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لاَ بِالْجِسْمِ إِنْسَان
إنَّه شهر الأرواح، إنَّه شهر الإيمان، إنه شهر القرآن؛ ï´؟ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ï´¾ [البقرة: 185]، ((مَن أراد الدُّنيا فعَلَيْه بالقرآن، ومَن أراد الآخرة فعَلَيْه بالقرآن، ومَن أرادهما معًا فعَلَيْه بالقرآن))، فكيف إذا كان القرآن نعمةً مِنْ نِعَم رمضان التي لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى، تعرَّضوا لهذه النِّعَم، وأحْسِنُوا استقبالها، وأكْرِموا نزلها وتقبَّلوها مِن ربكم، يأتي رمضان ملازمًا لافتتاح المدارس، والفقراء لا يجدون لهذا أو ذاك، فأيْن الذين في أموالهم حق للسائل والمحروم؟ أين الذين رُزِقوا أموالاً طائلة؟!


أسْعَدَنِي كما أسْعَد الكثيرين ما سَمِعْناه وقرأناه مِن أن هناك مِن أهل الخير وأصحاب المروءة مَن ذهب بنفسه، أو أرسل مندوبًا عنه إلى المدارس؛ ليدفعَ رُسُوم الطلَبة الفقراء، وليسلمهم الزي المدْرسي وما يحتاجون، جزاهم الله خيرًا وبارك الله فيهم؛ ((الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة))، الأمة أبدًا لا تعدم أهل الخيْر وأصحاب النخْوة الذين يلبُّون نداء ربِّهم، ويؤدُّون حُقُوق أموالهم، ويستظلون بسُنَّة نبيِّهم، يعلمون أنه فرْضُ الله فيحفظون، وحقُّ الله فيؤَدُّون، وثمن لجنة الله فيسارعون ويشترون؛ ï´؟ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ï´¾ [آل عمران: 133]
اجعل يدك ممرًّا لعطاء الله، وكُن بما هو في يدِ الله أوْثق مما هو في يديك؛ ï´؟ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ï´¾ [النحل: 96]، تسامحوا وتصافحوا، تعاوَنوا على البرِّ والتقوى، لا على الإثْم والعدْوان، صِلوا الأرْحام، وارْحموا الأيتام، تخلَّقوا بأخلاق الإسلام، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، ولا تجعل الدُّنيا أكبر همِّنا ولا مبلغ علمنا.
وصلِّ اللهم على محمد وعلى أهله وصحبه وسلم، والحمدُ لله رب العالمين