
24-07-2015, 08:54 AM
|
 |
نجم العطاء
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2006
العمر: 68
المشاركات: 8,134
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
وثائق بريطانية وأمريكية ترصد الوضع في مصر قبل ثورة يوليو 1952
الجيش للسفارة البريطانية: سنقاوم أي تدخل ضدنا.. والحركة داخلية هدفها القضاء على الفساد
جمال عبدالناصر
رصدت الوثائق البريطانية والأمريكية الأوضاع الداخلية المتدهورة في مصر قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952، فالملك أصبح هو المسيطر على الأمور، وساعد ضعف الوزارة على التنبؤ بسقوطها، وهو ما حدث في 22 يوليو 1952، حيث عين نجيب الهلالي رئيسا لها. وقد عكست الوثائق البريطانية في
هذه الفترة القلق من تذمر شباب الضباط داخل الجيش، وانخفاض شعبية الملك بينهم بسبب إصراره على تعيين ضباط حاشيته في المراكز المهمة في الجيش، وبرز اسم محمد نجيب الذي رشحه شباب الضباط لمواجهة مرشح الملك، على أساس أنه الشخصية التي يتجمع حولها هؤلاء الضباط. ولم تستبعد التقارير البريطانية احتمال قيام تمرد عسكري يؤدي نجاحه إلى الفوضى وأعمال ال*** بواسطة المتطرفين، بخاصة مع سوء الأحوال الاقتصادية.
وفي الوقت ذاته، حدث اتصال من جانب السفارة البريطانية بالسفارة الأمريكية في القاهرة يوم 21 يوليو، لإبلاغهم بتقديراتهم لخطورة الموقف داخل الجيش، إلا أن الأمريكيين ردوا بأن الأمر ليس بهذه الخطورة، وعندما أجرى الملك التغيير الوزاري في 22 يوليو، وتولت حكومة الهلالي التي عين فيها إسماعيل شيرين وزيرا للحربية للتعامل مع شباب الضباط، صدرت التقارير من السفارة البريطانية بأن الوضع أصبح مطمئنا.
وفي ليلة 23 يوليو فوجئ الجميع بتحرك مجموعة من رجال الجيش واستيلائهم على القاهرة، وتتبعوا تسلسل الحوادث وفوجئوا بطاعة رجال البوليس لأوامر قادة الحركة فور قيامها، ثم توالي تأييدها من جانب قطاعات الجيش المختلفة في سيناء، وكذلك القوات الجوية المصرية التي أظهرت ذلك بالطيران فوق القاهرة، وفوق الإسكندرية حيث كان الملك والحكومة يقضيان إجازة الصيف، وقد أرسلت قيادة حركة الجيش صباح الثورة رسالة إلى السفارة البريطانية، من خلال أحد أعضاء السفارة الأمريكية، بأنهم سيقاومون أي تدخل بريطاني ضدهم، وأن تلك الحركة مسألة داخلية تماما هدفها الأساسي هو وضع حد للفساد في البلد.
في الوقت نفسه سارع كبار رجال النظام، مثل عمرو باشا ومرتضى المراغي، إلى الاتصال بالسفارة البريطانية لطلب التدخل العسكري البريطاني لقمع الحركة، على أساس أنها مستوحاة من الشيوعيين، وأن ضباط الحركة من المتطرفين المعادين للرأسمالية، وكذلك أبلغ "كافري" السفير الأمريكي في مصر "كريسويل" القائم بأعمال السفارة البريطانية، أن الملك اتصل به تليفونيا عدة مرات منذ الثانية صباح 23 يوليو، مرددا أن التدخل الأجنبي هو وحده الذي يمكن أن ينقذ أسرته، وعلق "كافري" أن الملك وإن لم يطلب صراحة التدخل العسكري البريطاني، إلا أن ذلك كان متضمنا في كلامه، وقد أضاف أن الملك كان في حالة ذعر شديدة، وأنه حاول تهدئته وتشجيعه على مواجهة الموقف، على أمل أن يستمر في موقعه، لكن في إطار ملكية دستورية.السفير الأمريكي كشف أن الملك طلب منه طائرة او مركب يهرب بها من الإسكندرية
وقد عكست الوثائق البريطانية الانطباعات البريطانية يومي 23 و24 يوليو 1952 من مختلف المصادر في مصر، السفارة البريطانية، وقيادة القوات البريطانية في الشرق الأوسط في منطقة القناة، وردود الفعل في الخارجية البريطانية ووزارة الحرب في لندن.
وفي يوم 23 يوليو تم رفع استعداد القوات البريطانية في منطقة القناة بهدوء، ومنعت الطائرات البريطانية من الطيران فوق الدلتا، لعدم إثارة الشعور المعادي لبريطانيا، والحرص على تجنب أي تحرك استفزازي للقوات المسلحة المصرية من قوات الاحتلال البريطانية، طالما لا يوجد أي تهديد لحياة وممتلكات البريطانيين أو لأمن القوات البريطانية في منطقة القناة.
في 24 يوليو فقد وردت تعليمات من وزارة الخارجية البريطانية بإرسال "هاميلتون" مساعد الملحق العسكري، لمقابلة محمد نجيب، لإخطاره بأن الحكومة البريطانية لا ترغب في التدخل في الشؤون الداخلية المصرية، إلا أنها لن تتردد في التدخل إذا اعتبرت ذلك ضروريا لحماية أرواح البريطانيين، لذلك فقد صدرت تعليمات خاصة إلى القوات البريطانية في منطقة القناة لوضعها في حالة الاستعداد، وأن تلك الترتيبات ليست موجهة للقوات المسلحة المصرية، بخاصة أن ما ورد في بيان الثورة من أن الجيش المصري سيكون مسؤولا عن حماية أرواح وممتلكات الأجانب قد طمأنهم.
كما تتبعت السفارة البريطانية موقف الملك من خلال السفير الأمريكي، الذي أخبرهم بمقابلة الملك بعد ظهر يوم 23 يوليو، وكيف كان يشعر بمرارة ضد بريطانيا لأنها لم تتدخل عسكريا، وأنه لم يكن لديه أي بديل إلا أن يقبل طلبات قادة حركة الجيش، بما فيها طرد نجيب الهلالي وتعيين علي ماهر رئيسا للوزراء.
وفي يوم 25 يوليو أبلغ السفير الأمريكي في القاهرة السفارة البريطانية أن الملك أرسل له يوم 25 يوليو ما بين الساعة 4، 5 صباحا عدة رسائل، يطلب فيها طائرة أو مركب أمريكية ليهرب بها، بخاصة بعد أن أعلن الحرس الملكي تأييده لحركة الجيش، وبعد أن وصلته الأخبار بتحرك قوات من الجيش المصري ودبابات في طريق القاهرة ـ الإسكندرية، وأنها على وصول، وأنه يخشى أن يعرف ضباط الحركة اتصاله بالسفارة الأمريكية، لذلك فهو يطلب التدخل البريطاني. وبناء على ما سبق بدأ البحث عن أقرب السفن العسكرية البريطانية للشواطئ المصرية، فوجدت سفينتان إحداهما على بعد 10 ساعات والثانية على بعد 6 ساعات، ولكن قائد البحرية البريطانية أوضح أنه لا يمكنه استخدام هذه السفن لهذا الغرض، إلا بعد استشارة رئيس الوزراء البريطاني.
|