
10-10-2015, 06:04 AM
|
 |
نجم العطاء
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2006
العمر: 68
المشاركات: 8,134
معدل تقييم المستوى: 0
|
|
حسن البنا على الطريقة الحصافية
ومن جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، انتقل البنا إلى الطريقة الحصافية الصوفية، يحضر جلسات الذكر، ويلتقى بأحد أهم أصدقاء عمره: تؤأم روحه أحمد السكرى.
وحول تأثره بالطريقة الحصافية وشيخها يروى حسن البنا “,” وفى هذه الأثناء وقع فى يدى كتاب المنهل الصافى فى مناقب حسنين الحصافى وهو شيخ الطريقة الأول والذى توفى ولم أره حيث كانت وفاته الخميس 17 من جمادى الآخره 1328 الهجرية، وكنت إذ ذاك فى سن الرابعة عشرة فلم اجتمع به على كثرة تردده على البلد فأقبلت على القراءة فيه وعرفت منه كيف كان السيد حسنين رحمه الله عالماً أزهرياً تفقه على مذهب الإمام الشافعى ودرس علوم الدين دراسة واسعة وامتلأ منها وتضلع فيها ثم تلقى بعد ذلك الطريق على كثير من شيوخ عصره ، وجد واجتهد فى العبادة والذكر والمداومة على الطاعات حتى إنه حج أكثر من مرة وكان يعتمر مع كل حجة أكثر من عمره .
وكان رفقاؤه وأصحابه يقولون ما رأينا أقوى على طاعة الله وأداء الفرائض والمحافظة على السنن والنوافل منه – رحمه الله – حتى فى آخر أيام حياته وقد كبرت سنه ونيف الستين. ثم أخذ يدعو إلى الله بأسلوب أهل الطريق ، ولكن فى استنارة وإشراق وعلى قواعد سليمة قويمة، فكانت دعوته مؤسسة على العلم والتعليم، والفقه والعبادة والطاعة والذكر، ومحاربة البدع والخرافات الفاشية بين أبناء هذه الطرق والانتصار للكتاب والسنة على اية حال والتحرز من التأويلات الفاسدة والشطحات الضارة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وبذل النصيحة على كل حل حتى إنه غير كثيراً من الأوضاع التى اعتقد أنها تخالف الكتاب والسنة ، ومما كان عليه مشايخه أنفسهم. وكان أعظم ما أخذ بمجامع قلبى وملك على لبى من سيرته رضى الله عنه شدته فى الأمر بالمعروف والنهر عن المنكر وأنه كان لا يخشى فى ذلك لومة لائم ولا يدع الأمر والنهى مهما كان فى حضرة كبير أو عظيم .
فى هذه المرحلة، حكاية مهمة تكشف بعدا جديدا من أبعاد شخصية حسن البنا، وتؤكد طموحه إلى الأفعال العملية المباشرة، دون إفراط فى الدعوة النظرية.
كان حسن وزملاؤه فى المدرسة يصلون الظهر فى مسجد صغير يجاور المدرسة، وذات يوم مر إمام المسجد فرأى كثيرا من التلاميذ يؤدون الصلاة، فخشى الإسراف فى الماء والبلى للحصير.
ما كان من الإمام إلا أن انتظر حتى أتم المصلون صلاتهم، ثم فرقهم بالقوة مهدداً منذراً متوعدا، فمنهم من فر ومنهم من ثبت.
جاء رد الطفل حسن عمليا سريعا، وكتب إلى إمام المسجد خطابا لا يتضمن إلا الآية القرآنية الكريمة (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ما عليك فى حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم فى شئ فتطردهم فتكون من الظالمين).
بعث الخطاب بالبريد، وعرف الشيخ مصدر الرسالة فقابل والد حسن شاكياً، وانتهى الأمر بمعاهدة تتضمن أن يملأ التلاميذ صهريج المسجد بالماء قبل انصرافهم، وأن يعاونوه فى جمع التبرعات!.
لم يسلم من خطابا البنا أحد حتى أستاذه الشيخ محمد زهران، فقد شاهده البنا يصلى بين السوارى فبعث إليه بخطاب يوضح له فيه أن الصلاة فى هذا المكان مكروه، وعندما رآه الشيخ استدعاه وأمره بفتح كتب الفقه واستخراج هذا النص، الذى لدقته فات على الشيخ المعلم.
ميل مبكر إلى الحركة العملية، واستعداد للزعامة والقيادة، وإصرار على الرد السريع، وقدرة على الجدل والمناظرة للحصول على ما يراه الطفل حقاً دينيا أصيلا لا يقبل التنازل عنه.
من ذكريات المرحلة نفسها، أن البنا كان يؤذن الظهر والعصر فى مصلى المدرسة، وكان يستأذن المدرس إذا كان وقت العصر يصادف حصة من الحصص، لأداء الأذان.
بعض الأساتذة يسمح وهو مسرور، وبعضهم الآخر يريد المحافظة على النظام فيرفض، وعندها يتصدى له البنا لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، ويناقشه فى إلحاح يدفع المدرس المعارض إلى الموافقة حتى يتخلص منه!.
فى فترة وجيزة، أسس البنا الصغير جمعيات عدة، المشترك بينها واحد الدعوة إلى الفضيلة والدفاع عن الدين، وكان البنا فى الثالثة عشرة من عمره عندما تولى سكرتارية “,”جمعية الحصافية الخيرية“,”، التى ترأسها أحمد السكرى. زاولت الجمعية عملها فى ميدانين : الأول هو نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، والثانى مقاومة الإرسالية الإنجيلية التبشيرية التى استقرت فى المحمودية، وأخذت تبشر بالمسيحية فى ظل التطبيب وتعليم التطريز وإيواء الصبية من بنين وبنات.
دمنهور ومدرسة المعلمين الأولية..
محطة جديدة فى حياة حسن البنا
استمرت من سنه 1920 إلى سنة 1923.
كانت فترة استغراق فى التعبد والتصوف، ولم تخل من مشاركة فعلية فى الواجبات الوطنية.
عندما اشتعلت ثورة 1919، كان البنا دون الثالثة عشرة من عمره، لكنه يشير فى مذكراته إلى المظاهرات الجامعة والأضراب الشامل الذى شهدته المحمودية، ولا ينسى منظر أعيان البلد ووجهائه وهم يتقدمون المظاهرات ويحملون اعلامها ويتنافسون فى ذلك.. ويعترف البنا بأنه كان يحفظ الأناشيد العذبة التى كان يرددها المتظاهرون فى قوة وحماس :
حب الأوطان من الإيمان وروح الله تنادينا
إن لم يجمعنا الاستقلال ففى الفردوس تلاقينا
ويذكر البنا كذلك منظر الجنود الإنجليز الذين هبطوا القرية وعسكروا فى كثير من نواحيها، واحتك بعضهم ببعض الأهالى، فأخذ يعدو خلفه بحزامه الجلدى، حتى انفرد الوطنى بالانجليزي فأوسعه ضربا ورده على أعقابه خاسئا وهو حسير.
يتبع
|