عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 05-04-2016, 09:38 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

الثورة واستدعاء الخارج



تنحو الثورات، خصوصًا في الدول التي تحظى بمكانة إستراتيجية وموقع جغرافي مميز، إلى اجتذاب التدخلات الخارجية، والتي تتحول في بعض الحالات إلى نزاع إقليمي وأحيانًا دولي، وتستدعي الثورات التدخل الخارجي لأسباب مختلفة منها الدفاعي ومنها الهجومي .

السلوك الدفاعي الذي تنحو دول الجوار إلى اتباعه ينبع في الجوهر من مخاوف من تأثير الثورة في أوضاعها الأمنية أو الاقتصادية أو السياسية، كأن تنتقل الاضطرابات إليها، خاصة في عصر الصورة والتكنولوجيا الرقمية، أو مخاوف من احتمال تفتت الدولة المعنية وانعكاس ذلك على تماسك دول الجوار في حال وجود أقليات إثنية أو طائفية أو دينية مشابهة لديها، وقد يكون التأثير عن طريق قدوم موجات من المهاجرين واللاجئين فيكون العبء هنا اقتصاديًا وأمنيٍّا ومجتمعيٍّا وغير ذلك. أمّا السلوك الهجومي فينبع أساسًا من رغبة دول الجوار في استغلال اختلال النظام والأمن في البلد المجاور، لملء الفراغ الناجم عن ضعف السلطة المركزية في هذا البلد، أو ترجمة أطماع ما في أراضيها، أو العمل على تنصيب نظام مؤيد لها، أو الحيلولة دون حصول تحول في السياسة الخارجية لذلك البلد أو تغيير في التحالفات أو موازين القوى القائمة

ما حصل في سورية، ليس فقط أنّ كل هذه الأسباب مجتمعة كانت قائمة، بل أيضًا أنّ التدخل الخارجي استدعته بصفة صريحة أطراف الصراع، ذلك أنّ فشل النظام في الاستجابة للمطالب الشعبية التي بدأت على صورة دعوات منادية بالإصلاح، دعته منذ البداية إلى استدعاء الخارج من أجل تبرير استخدامه لأقصى درجات العنف لقمع الحركة الاحتجاجية، فجرى التأكيد على أنّ ما يحدث لا يعدو كونه مؤامرة "كونيّة" على سورية بسبب مواقفها الإقليمية وسياساتها الخارجية وذلك على الرغم من أنّ معظم الأطراف الإقليمية والدولية كانت تبدي في الشهور الأولى للثورة حرصًا لافتًا على عدم انزلاق سورية إلى الفوضى، أو فقدان السيطرة على الوضع. وكان الفشل الأميركي في تحقيق الاستقرار في العراق، بعد إطاحة نظام الرئيس صدام حسين، عزز القناعة بضرورة عدم هز المركب السوري بطريقة قد تؤدي إلى نتائج مشابهة، خاصة وأنّ سورية مثل بقية دول المشرق العربي كانت غنية بتنوعها الإثني والمذهبي والطائفي .

لذلك يمكن القول إنّ النظام أُعطي وقتًا كافيًا للتعامل مع الحركة الاحتجاجية، اذ لم تصدر مواقف إقليمية قوية إلّا بعد مرور نحو أشهر على بدء الاحتجاجات . أمّا دوليٍّا فلم تطالب واشنطن بتنحّي الأسد إلّا في تمّوز / يوليو من العام نفسه، في حين أنها فعلت ذلك خلال أقل من أسبوعين عند انطلاق الثورة المصرية. أمّا مجلس الأمن، فلم يتحرّك جديٍّا لمناقشة الأزمة السوريّة، إلّا بعد مرور أكثر من ستّة أشهر على اندلاع الانتفاضة – أي في تشرين الأوّل / أكتوبر - بخلاف الحالة الليبيّة مثلًا، إذ تحرّك مجلس الأمن في غضون أيّام لتشريع استخدام القوّة لحماية المدنيّين .

المعارضة من جهتها، وعلى الرغم من أنها كانت تفتقر لأي شكل من أشكال التنظيم، فإنّ بعض الشخصيات والتيارات المعارضة دعت مبكرًا إلى تدخل خارجي لوقف عنف النظام، ثمّ لإسقاطه، تمثّلًا بالحالة الليبية. كانت المعارضة ضعيفة وتفتقر إلى أي قدرات لمواجهة النظام المدجج بكل أنواع السلاح الناجمة عن سيطرته على الدولة، وامتلاكه لكل وسائل العنف التي في حوزتها. ولم يكن لدى هذه المعارضة أي أمل في تغيير النظام، من دون حصول تدخل خارجي إمّا مباشر كما حصل في ليبيا، وإمّا عبر دعم عسكري ومالي وسياسي من الخارج.

حاول الطرفان إذًا أقْلَمة الأزمة، وتدويلها: النظام لاعتقاده أنّ هذه هي ساحة لعبه المفضّل، وحيث توجد معظم نقاط قوّته؛ أمّا المعارضة، فحاولت الشيء نفسه، لأنّها كانت تدرك أنّها أضعف كثيرًا من إسقاط النظام من دون معونة خارجيّة. لذلك التقى الطرفان على تدويل الأزمة، كلّ منهما من زاوية رؤيته الخاصّة. وبالفعل، وعلى الرغم من أنّ الانتفاضة السوريّة لم تكن مرتبطة بسياسة سورية الخارجية أو مواقفها الإقليميّة والدوليّة، فإنّه ونتيجة الجهد المشترك للنظام والمعارضة بدأت الأزمة، منذ شهرها الخامس، تأخذ طابعًا إقليميٍّا ودوليٍّا. فظهرت أولًا من خلال حرب وكالة انخرطت فيها كل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة (تركيا – إيران – السعودية –قطر - روسيا – الولايات المتحدة وغيرها)، ثمّ تطور الوضع إلى أن وصل إلى مرحلة التدخل العسكري المباشر، عندما قامت واشنطن بتشكيل تحالف دولي لمواجهة تنظيم الدولة في سورية والعراق في أيلول / سبتمبر 2014 ، ثمّ التدخل العسكري الروسي لمصلحة النظام في أيلول / سبتمبر من العام التالي.

لكنّ التدخلات الخارجية في الأزمة السورية لم تأت نتيجة عوامل برزت خلال الثورة، بل كانت في حقيقتها امتدادًا لسلسلة طويلة من التفاعلات التي بدأت مع الغزو الأميركي للعراق، والذي غيّر بصفة درامية موازين القوى والتحالفات الإقليمية، فانتهى دور المثلث العربي (سورية – مصر - السعودية)، وصعدت الأدوار الإقليمية لأطراف غير عربية، ما وضع سورية بين قطبين إقليميين كبيرين، هما تركيا وإيران التي غدت تشترك أول مرة مع سورية في حدود برية من . خلال سيطرتها على العراق، بعد الانسحاب الأميركي عام 2011





يتبع

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 05-04-2016 الساعة 09:41 AM
رد مع اقتباس