عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 05-04-2016, 12:35 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي

النظام السورى يهتز على وقع الانسحاب الأمريكى

عارض النظام السوري بشدة الغزو الأميركي للعراق، وانطلق من فكرة مؤداها أنه سيكون الهدف التالي على القائمة الأميركية بعد حوادث أيلول / سبتمبر 2001 . وكان الاعتقاد السائد في أوساط النظام أنه إن نجح الأميركيون في تحقيق الاستقرار في العراق، وإنشاء حكومة ذات صفة تمثيلية، بديلًا من النظام الذي أطاحوه، فانّ ذلك سيكون له تأثير مباشر في سورية. من جهة أخرى، كان الأميركيون يظنون ويتصرفون على أساس أنّ نجاحهم في بناء ديموقراطية فعالة (Democracy Functioning ) في العراق، سوف يكون له تأثير الدومينو في بقية المنطقة، وسورية جزء منها. لذلك تمثّلت السياسة السورية في ذلك الوقت بإفشال الاحتلال الأميركي ومنعه من تحقيق أهدافه، من خلال إغراقه في مستنقع العراق وأوحاله . بناء عليه، قدمت سورية كل الدعم للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي، وعلاوة على ذلك تحولت دمشق إلى محطة ترانزيت رئيسة للجهاديين المتجهين إلى العراق لمقارعة القوة العسكرية الأميركية

إلى جانب خشية النظام من أن يكون التالي على لائحة الأهداف الأميركية، كان الموقف السوري من الغزو الأميركي للعراق مرتبطًا بجملة من الاعتبارات البراغماتية ذات بعدين جيوسياسي واقتصادي. وقد بدأت هذه العوامل تتبلور مع مجيء اليمين المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل عام 1996 . إذ وضع ذلك حدًا لمساعي النظام السوري لتوقيع معاهدة سلام تسمح بإنهاء حالة الحرب مع إسرائيل، وتعيد مرتفعات الجولان المحتلة، بما يساعد في تجديد شرعية النظام السياسية، ويفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات والمساعدات الغربية للنهوض بالاقتصاد الذي بدأ يدخل مرحلة حرجة مع نضوب المساعدات المالية العربية التي تدفقت على سورية بسبب مساهمتها في حرب تحرير الكويت عام 1991 ، ومع تدني أسعار النفط في السوق العالمية في آخر التسعينيات. ونتيجة لذلك، اضطر النظام للبحث عن خيارات أخرى لمواجهة التحديات المتنامية مع ازدياد نمو السكان، ومحدودية الموارد، واستمرار حالة الجفاف لسنوات عديدة. وكان العراق الخيار الوحيد المتوافر. وبناء عليه، وبدءًا من عام 1997 ، أصبح كل من سورية والعراق يرى في الآخر حليفًا محتملًا، إذ بدأ الرئيس السوري السابق حافظ الأسد يعمل بحذر على تطوير العلاقات مع خصمه اللدود صدام حسين، لكن هذا التوجه تعزز وتسارع مع وصول نجله، بشار، إلى سدة الرئاسة عام 2000


حاول بشار تطوير الروابط السياسية والاقتصادية مع العراق، ولكنه كان يحاذر استفزاز الولايات المتحدة. وقد مثّلت هجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001 فرصة لكي تتوصل سورية إلى تفاهم مضمر مع واشنطن، اذ فتحت دمشق كنوزها الاستخباراتية التي تمتلكها حول الحركات والتيارات الجهادية أمام الوكالات الاستخباراتية الأميركية، وفي المقابل غضت واشنطن الطرف عن تدفق النفط العراقي عبر سورية خارج إطار العقوبات الأممية المفروضة . وفي الفترة ما بين تشرين الأول / أكتوبر 2000 ، وشباط / فبراير 2003 ، كانت سورية تستلم يوميًا 200000 برميل من النفط العراقي بسعر متدن. سمحت هذه الكمية من النفط لسورية بأن تزيد حصتها في السوق النفطية، وأن تحصل سنويٍّا على ملياري دولار من العملة الصعبة التي كانت بأمس الحاجة إليها . لكنّ هذا التفاهم الضمني السوري – الأميركي لم يدم طويلًا، إذ تهاوى نظام طالبان بسرعة، وأصبح العراق محور التركيز الأميركي، وبناء عليه، بدأت الولايات المتحدة بانتقاد التعاملات النفطية بين سورية والعراق.

وصلت العلاقات بين البلدين إلى أدنى مستوياتها، عندما قاومت سورية التي كانت تحتل مقعدًا غير دائم في مجلس الأمن جهد واشنطن لاستصدار القرار رقم 1441 . وعلى الرغم من أنّ سورية عادت تحت الضغط وصوتت لمصلحة القرار، والذي لم يعط واشنطن حق اللجوء إلى استخدام القوة ضد العراق، إذا لم يمتثل لطلبات المفتشين الدوليين عن أسلحة دمار شامل مزعومة لديه، فإنّ العلاقات مع واشنطن استمرت في التدهور. كان النظام السوري يعتقد من منظور جيو - سياسي أنّ الحرب على العراق سوف تخلّ بشدة بموازين القوى الإقليمية الدقيقة، وأنّ قيام إدارة عسكرية مدعومة أميركيٍّا في بغداد سوف تضعه بالتأكيد بين قوتين معاديتين: إسرائيل وعراق موال للولايات المتحدة. فضلًا عن ذلك، كانت سورية تخشى إمكانية تفتت العراق، وما سيكون لذلك من تأثير محتمل يطال الأقلية الكردية لديها .

ويمكن القول إنّ رهان النظام السوري على الفشل الأميركي في العراق قد نجح، ذلك أنّ إدارة الرئيس جورج بوش الإبن التي تعثرت في العراق، وضعف موقفها السياسي بشدة بعد أن فشلت في العثور على أي أثر لأسلحة دمار شامل مزعومة، مثّلت أرضية قيامها بالغزو، تخلّت خلال ولايتها الثانية تمامًا عن أي محاولة لتغيير النظام السوري، على افتراض أنها كانت تسعى لذلك أصلًا. فقد غرق العراق في مستنقع الفوضى والاحتراب الأهلي الذي تفاقم بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين في شباط / فبراير 2006 ، ما تطلب إعادة أعداد كبيرة من القوات الأميركية إلى العراق، لضبط الوضع فيه في ما أصبح يعرف (The Surge)

ولم تتمكن إدارة الرئيس بوش من تحقيق استقرار نسبي في العراق بحلول العام 2008 ، حتى تفجرت أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، لتطلق أزمة مالية عالمية تركت آثارًا بالغة السوء في الاقتصاد الأميركي. وقد ساهمت هذه الأزمة مع التكاليف الكبيرة للحرب في أفغانستان والعراق في شلّ الاقتصاد الأميركي، ومن ثمّ بدأت واشنطن تعدّ للانسحاب من المنطقة. وقد ازداد الزخم مع وصول الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض، وهو الذي كان عارض أصلًا الحرب في العراق، وعدّها حربًا غير ضرورية.

لم يكن النظام السوري قد أدرك بعد أنّ الانسحاب الأميركي من العراق، وليس استمراره، هو الذي سيؤدي إلى تقويضه وهز أركانه. فقد أدى احتلال العراق إلى اختلال كبير في بنية النظام الإقليمي وموازين القوى التي تحكمت بالعلاقات بين دوله، منذ نشأته بعد الحرب العالمية الأولى. إذ قامت الولايات المتحدة ليس فقط بإطاحة نظام الرئيس صدام حسين، بل أيضًا حلت مؤسسات الدولة العراقية، وعلى رأسها الجيش الذي شكّل عماد الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها عام 1921 ، ومثّل أيضًا ركنًا أساسيًا في ميزان القوى العربي - الإيراني. كما أدى رفض الجزء الأكبر من "سنّة" العراق للاحتلال الأميركي، وما ترتب عليه من نتائج، إلى وضعهم في مواجهة مباشرة مع القوة العسكرية الأميركية التي سددت لهم ضربات قاصمة، فتهمش دورهم وضعفت قدرتهم على التأثير. في الأثناء تمكنت إيران والقوى الموالية لها من أحزاب وميليشيات، خلال الفترة التي احتلت فيها الولايات المتحدة العراق من 2003 الى 2011 من السيطرة على مفاصل الدولة العراقية الجديدة التي عمد الأميركيون إلى إعادة بنائها على أساس المحاصصة الطائفية. وعندما كانت الولايات المتحدة تستعد للخروج من العراق، كانت إيران تستعد لملء الفراغ، وتوصيل مناطق نفوذها في المشرق العربي بين العراق ولبنان



يتبع
رد مع اقتباس