1/ قِــصَّـــةُ أَصْــحَـــابِ الــغَـــارِّ الـثَّــلاَثَـــةِ
-- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: «انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِمَّنْ كَاْنَ قَبْلَكُمْ، حَتَّى آوَاهُمُ المَبِيْتُ إِلَى غَارٍ فَدَخَلُوْهُ، فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَاْرَ».
«فَقَالوا: إنَّهُ لَا يُنْجِيْكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أنْ تدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ».
«قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَاْنَ لِي أبَوَانِ، شَيْخَانِ كَبِيْرَانِ، وَكُنْتُ لَا أغْبَقُ قَبْلَهُمَا أهْلَاً وَلَا مَالَاً. فَنَأى بِي طَلَبُ الشَّجَرِ، فَلَمْ أَرُحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَاْمَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوْقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ، فَكَرِهتُ أنْ أوْقِظَهُمَا، وَأَنْ أَغبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلَاً أوْ مَالَاً، فَلَبِثْتُ -وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ- أنْتظِرُ اسْتِيْقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَاغَبُوْقَهُمَا. اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيْهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ».
«فَانْفَرَجَتْ شَيْئَاً لَا يَسْتَطِيعُوْنَ الخُرُوْجَ مِنْهُ».
«وقَال الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، كَاْنَتْ أحَبَّ النَّاسِ إِليَّ. فَأرَدْتُها عَلَى نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِيْنَ، فَجَاءَتْنِي فَأعطَيتُهَا عِشْرِيْنَ وَمَائَةَ دِيْنَارٍ، عَلَى أنْ تُخْلِي بَيْنِي وَبَيْنَ نفسِهَا فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْن رِجْلَيْهَا، قَالتْ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّابِحَقِّهِ، فَانْصَرَفْتُعَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاس إِليَّ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أعْطَيتُهَا. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيْهِ».
«فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غَيْرَ أنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُوْنَ الخُرُوْجَ مِنْهَا».
«وَقَال الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، وَأعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، تَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الأَمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِيْنٍ، فَقَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ! أَدِّ إِليَّ أَجْرِي، فَقُلْتُ: كُلُّ مَا تَرَىَ مِنْ أجْرِكَ مِنَ الِإبِلِ وَالْبَقَرِ وَالغَنَمِ وَالرَّقِيْقِ!!. فَقَال: يَا عَبْدَ اللَّهِ! لَاتَسْتَهْزِيءُ بِي! فَقُلْتُ: لَا أَسْتَهزِئُ بِكَ، فَأخَذَه كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئَاً. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيْهِ».
«فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُوْنَ».
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (3/ 2272)، ومُسْلِمٌ (4/ 2743).
- (ثَلَاثَةُ نَفَرٍ): مِن النَّاس مِن الأُمَمِ السّابِقةِ.
- (لَا أغْبَقُ قَبْلَهُمَا): لاَ أُقَدّم في الشُّربِ قَبلهُمَا أَهْلاً ولا مَالاً مِن رَقِيق وخَدَم.
- (غَبُوْقَهُمَا): الغَبُوق هو شُرب العَشِي.
- (أَرُحْ عَلَيْهِمَا): لَم أَرجِع.
- (بَرَقَ الفَجرُ): ظَهَر نُوره.
- (يَتَضَاغَوْنَ): َيصِيحُون من الجَوع.
- (فَأرَدْتُهاعَلَى نَفْسِهَا): طَلَبتُ منها ما يطلبُ الرَّجُل مِن زَوجتِه.
- (أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ): نَزَلَت بها فَاقَة وفَقْر وحَاجَة.
- (لاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ): كِنَاية عن الفَرْج والجِمَاع.
آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 16-09-2016 الساعة 05:49 AM
|