
12-05-2016, 04:58 PM
|
 |
معلمة جغرافيا واقتصاد
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,503
معدل تقييم المستوى: 17
|
|

كان الرسول صلى الله عليه وسلم فى تعامله مع الآخرين ذو أسلوب مميز ؛ وأداء راق ؛ وطريقة سامية تبلغ أسمى درجات السمو والرقى فى فن التعامل مع الآخرين ؛ فكان صلى الله عليه وسلم يتعامل مع كل أحد تعاملاً رائعاً ؛ يجعله يشعر أنه أحب الناس الى النبى صلى الله عليه وسلم . ولما لا .. أليس هو ذو الخلق العظيم ..؟
وهذا التعامل مع الآخرين بهذه الطريقة السامية ؛ والأداء الراقي ؛ لم يكن فى مكان دون مكان أخر ؛ أو مع أناس دون آخرين ؛ بل كان هذا التعامل الراقى هو شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة وباطنة ؛ فى بيته .. وخارج البيت .. مع أصحابه .. مع أعدائه .. مع الناس جميعاً .
وهذا التعامل الراقى جاء وليد مكونات الرسول صلى الله عليه وسلم الشخصية ؛ وتأديب ربه له ؛ وإنطلاقاً من أن أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم تنبع روافدها من القرآن الكريم ؛ ومن ثم فلا تصنع فى هـذا التعامـل ؛ وانما أصبحـت هـذه المهـارات فى فن التعامـل مع الآخـرين طبيعــة ذاتيـة تلقائيـة ؛ هى طبيعة الرسـول صلى الله عليه وسلم النابعة من أخـلاقه السـامية فى سـماته وصـفاته الفريدة المميزة .
وهذه المهارات فى فن التعامل مع الآخرين فى حقيقتها متعة حسية لمن يجيدها ؛ واذا تعلمها المسلمين من الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ وسارواْ على نهجها ؛ يقتدون بها ؛ لينزلوها منزل التطبيق والواقعى العملى ؛ فإن أثارها بعيدة المدى فى التعامل مع الآخرين ؛ عظيمة الأثر على المجتمع .
وهذا الأسلوب الراقى فى معاملة الناس مطلوب ؛ إما لاتقاء أذى الناس ؛ وأما لكسب محبتهم ؛ أو حتى لإصلاحهم ؛ أو الاستفادة منهم ؛ بطريقة بنائه لمجتمعاتهم .
وكل شخصية هى باب مغلق ؛ وهذا الباب له مدخله الخاص به ؛ وكل شخصية لها مفتاحها الذى يناسبها ؛ وربما لايناسب غيرها ؛ وهذه الأبواب الموصدة هى طبائع تلك النفوس ؛ ومن ثم وجب معرفة هذه الطبائع حتى يمكن التعامل معها ؛ والتعامل مع مشاكلها ؛ أو الاصلاح بينها ؛ أو الاستفادة منها ؛ أو حتى اتقاء شرها ؛ كل ذلك من الممكن أن يكون سهلاً متيسراً ؛ اذا عرف المرء طبائع الشخصية التى امامه .
وهناك شخصيات مفتاحها العاطفة .. وشخصيات أخرى مفتاحها العقل والمنطق .. وغيرها مفتاحها المال .. وشخصيات مدخلها الرسمى الدين .. وشخصيات مفتاحها الشهرة .. وأخرى مفتاحها عاطفة ألابوة .. وشخصيات مفتاحها عاطفة البنوة .. الى أخر هذه الامور التى ثمثل صفات وسمات ؛ وتكون بمثابة مفاتيح لهذه الشخصيات ويلج المرء عن طريقها الى داخل هذه النفوس ؛ لانه حينئذ سيدخل من مدخلها الصحيح ؛ بعد ان امتلك مفتاح الدخول الى اعماقها ؛ ومن ثم يستطيع الالتقاء بها ؛ واقناعها ؛ والالتقاء بها فى أقرب نقطة ؛ وذلك بقدر بسيط من الثقافة التى يجب أن يلم بها المسلم أو الداعية فى شتى المجالات ؛ منطلقاً من مبادىء الدين أو العقيدة الإسلامية ؛ ومن ثم تكون معرفة مفاتيح الشخصيات مع المسلم الواعى أو الداعية الذى يتمكن من أدواته هى أمور تقرب له المسافات البعيدة ؛ وتفتح له الابواب المغلقة وتعينه على الاقناع ؛ وأداء رسالته التى يسعى لتبليغها للناس .
ومن تأمل فى سيرته صلى الله عليه وسلم ؛ وجد أنه صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الناس بقدرات ومهارات أخلاقية راقية تملك القلوب وتؤثرها ؛ أياً كانت الظروف المحيطة به صلى الله عليه وسلم ؛ فى جوعه وشبعه ؛ صحته ومرضه ؛ سعادته وحزنه ؛ سلمه وحربه ؛ وهو تعامل متزن ومتساو مع الجميع ؛ صغير أو كبير ؛ الرجال والنساء ؛ الاطفال والشيوخ ؛ الاحرار والعبيد ؛ القـوى والضعيف ؛ المؤيد والمعارض ؛ المسـلم وغير المسلم ؛ كل بما يناسب شخصيته .. وفى النهاية لابد أن يأتى كل ذلك فى اطار قواعد الدين وابتغاء مرضات الله ؛ بناء على ثقافة العصر الذى نحياه ؛ والظروف المحيطة بالمسلم ؛ والأليات التى يفرضها فقه الواقع ؛ وحسن التعامل معه ؛ فى أى مكان وزمان ..
وأمزجة الناس ؛ وحالتهم النفسية تتقلب ؛ بين الحزن والفرح ؛ والصحة والمرض ؛ والغنى والفقر ؛ والاستقرار والاضطراب ؛ والانشغال الشديد بالعمل والفراغ ؛ وأهل البادية غير أهل الحضر ؛ ومن يقطنون المدن غير أهل الريف ؛ وكل مهنة أو حرفة تختلف عن ألأخرى .
وعلى مقتضى فقه الواقع المطروح ؛ وحالة من يتلقى لابد أن يُعامل حسب حالته الشعورية وقت التعامل ؛ فما يتقبله المرء وقت استقراره وراحة باله قد يرفضه أو لا يقبله أو يتحفظ عليه حال حزنه وهمه وغمه وكربه ؛ أو حتى وقت انشغاله بأمر هو على ميزانه ومقاييس أولوياته أهم من المطروح عليه ؛ وهو ما يجب الانتباه اليه جيداً ويؤخذ فى الحسبان ؛ ومن ثم يتم دراسه أوالتقاط نفسيات ومشاعر الشخصية المتلقية فى وقت التلقى والحديث معها .
والاستماع الى الاخرين ؛ والانتباه الى احاديثهم ؛ والانصات اليهم باهتمام ؛ هو احدى مهارات التعامل مع الاخرين ؛ وكسب قلوبهم ؛ فكثير من الناس من تكسب قلبه عن طريق أذنك .
وكان من أثر تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الناس بهذا الأسلوب الراقى ؛ أن كل واحد كان يتعامل معه صلى الله عليه وسلم كان يشعر بينه وبين نفسه أنه أحب الناس الى قلب الرسول صلى الله عليه وسلم مهما كان ذكاء وعبقرية هذا الشخص .
من منتدى نصرة رسول الله
|