عرض مشاركة واحدة
  #21  
قديم 06-06-2016, 08:31 AM
الصورة الرمزية عزة عثمان
عزة عثمان عزة عثمان غير متواجد حالياً
مشرف عام الجغرافيا للمرحلة الثانوية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 4,966
معدل تقييم المستوى: 16
عزة عثمان will become famous soon enough
افتراضي

افتراضي الحياة اليومية فى ضوء الأخلاق القرآنية 1





الحياة اليومية فى ضوء الأخلاق القرآنية

القرآن الكريم هو كتاب الله الذى يتضمن الحلول المنطقية الكاملة لكل ما يحتاجه الانسان فى مختلف مجالات الحياة

وتشير الآيتان الأوليان من القرآن الكريم الى أن الله سبحانه وتعالى تحدث عن كل ما يهم الإنسان

قال تعالى : ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين

وقال : " ما كان حديثا يُفترى ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون"

ويقول تعالى : " ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين"



المؤمن الحق هو الذى ينظم حياته وفقا لمقتضيات القرآن الكريم

والمؤمن الحق يسعى الى تطبيق الآيات القرآنية فى حياته اليومية

فكل عمل يقوم به منذ استيقاظه صباحا وحتى ساعة نومه يكون انعكاسا لتأثير الآيات القرآنية

فكلامه وحركاته وسكناته كلها مستوحاة من الأخلاق القرآنية

تلك الأخلاق العالية التى هى حلية المؤمن طوال حياته وقد جاء فى القرآن الكريم :

"قل إنى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وماكان من المشركين"



يعتقد بعض الناس أن الدين مرتبط بأوقات معينة وعبادات معينة

والحياة بالنسبة لهم زمنان :زمن للعبادة وزمن للأعمال الأخرى


إذ أنهم لا يتذكرون الله والآخرة إلا عند أداء الصلاة والصوم أو الحج

أما بقية الأعمال فهى اعمال دنيوية مختلفة لا علاقة لها بالدين

فالحياة الدنيا حسب رأيهم هى تعب ومشقة


هؤلاء الناس أبعد ما يكونون عن الأخلاق القرآنية

فلهم حياتهم الخاصة وأخلاقهم الخاصة ولهم نظرة تتماشى وفق أهوائهم فهم لايفهمون المعانى الحقيقية للأخلاق القرآنية





يؤمن الإنسان المسلم لنفسه حياة مختلفة عن بقية الناس لاتباعه الأخلاق القرآنية مبدأ ومنهاجا

فإيمانه بالقضاء والقدر يبعث فيه الطمأنينة ويحميه من الخوف والقلق ويبعث فيه الأمل فى الحياة

فلا يحس أبدا بالتشاؤم وتمنحه القوة لمواجهة مصاعب الحياة

وينعكس ذلك على أقواله وأفعاله وقراراته وكل تصرفاته التى هى نتيجة حتمية لاعتماده الأخلاق القرآنية منهاجا لحياته


يظهر ذلك عند سيره فى الطريق

وعند طعامه

وعند ذهابه للمدرسة

وعند طلب العلم

وعند العمل

وعند ممارسة الرياضة

وعند الحديث

وعند مزاولة التجارة

حتى فى الترفيه


عندها يعى الانسان أن العيش ضمن التعاليم القرآنية تكليف وتشريف يجب تطبيقها بكل دقة سعيا الى مرضاة الله تعالى فى كل الأعمال والحرص على عدم الانحراف عن تلك الأخلاق القرآنية السامية





الدين هو الأخلاق والوصايا والأحكام القرآنية القابلة للتطبيق فى جميع مجالات الحياة


وهذا بلاشك هو الطريق القويم الذى إذا ما سار على نهجه الانسان فاز فى الدنيا والآخرة وحقق السعادة الكبرى


قال تعالى : " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "




إن العيش ضمن الأخلاق القرآنية يكوِّن فى الانسان ملكَة بعد النظر والعقل الراجح

فيكون قادرا على التمييز بين الطريق السليم والخطأ

وكلما التزم بالمنهج القرآنى اكتسب القدرة على التفكير العميق وتحليل الوقائع منطقيا

بفضل هذه الصفات تسهل حياة الفرد ويسمو بنفسه لأنه حينها يكون مختلفا تماما عن الآخرين

وهنا سنتناول الأعمال اليومية والأحداث التى يعيشها المسلم ملتزما بالأخلاق القرآنية


فالطريق الوحيد لحياة خالية من الشك والقلق والخوف والحزن والكدر والعيش فى جو ملؤه الطمأنينة والسعادة هو التحرك ضمن الأخلاق القرآنية فى كل لحظة من لحظات الحياة





وسنبدأ الجزء الأول :

عند الاستيقاظ صباحا



المؤمن الذى يهتدى بالأخلاق القرآنية يجدد إيمانه ويكشف الحقائق

فمع مطلع كل يوم جديد يفتح الانسان عينيه ويرى النعم التى أسبغها الله عليه فيدرك أنه من الضرورى شكر هذا المنعم العظيم

فنحن نفيق بعد ليلة كاملة من النوم ننفصل فيها عن العالم الموضوعى وقد لايتذكر الواحد منا سوى ثلاث أو خمس ثوان من الأحلام التى قد لاتتذكرها بتفاصيلها



وخلال تلك الفترة الزمنية تنفصل الروح عن البدن فلحظات النوم إنما هى فى الحقيقة ضرب من ضروب الموت

ولذلك قال تعالى :

"الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى"


وقال : " وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى"

هذه الآيات تشير الى أن الروح تنفصل عن الجسد أثناء النوم ثم تعود اليه ليبدأ الحياة من جديد إلى أن يأتى أجل الموت الحقيقى فتخرج الروح من الجسد تماما دون رجعة

اضغط على الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي


اذن يفقد الانسان قسما كبيرا من وعيه بالوجود والشعور بما حوله من الأشياء أثناء النوم ويعود له ذلك الشعور كاملا عند الاستيقاظ

وهذه حالة يجب على الانسان أن يفكر فيها باعتبارها معجزة من معجزات الله


يأوى الانسان الى فراشه ليلا ويتمتع بنعمة النوم لكنه لا يضمن استيقاظه من الغد رغم خلاء جسمه من الأمراض ودون ان يتعرض الى أى كارثة طبيعية


ولذلك على المؤمن أن يفكر فى ذلك كلما استفاق صباحا ويشكر الله على نعمة الحياة التى يهبه اياها مع مطلع كل صباح جديد

وعليه استغلال الفرصة الجديدة للتقرب الى الله والفوز بجنته


وذلك بأن يبدأ يومه بالدعاء الى الله ويقوم بالأعمال اليومية موقنا بأن الله يراقب أعماله وهو شاهد عليها فيسعى الى مرضاته ويحرص على تطبيق أوامره

فيكون المؤمن بذلك قريبا من الله تعالى فتقل ذنوبه ويعى بأن الله يمتحنه فى هذه الدنيا وعلى أساس ذلك يختار أعماله وأقواله

هكذا خلق الله الانسان ومنحه نعمه التى لا تحصى ولا تعد

وعلى الانسان أن لا يغتر وعليه أن يتأكد بأنه لا أحد غير الله قادر على منحه تلك النعم


قال تعالى :

" قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون"


لا ريب أن الله تعالى هو القادر على منح الانسان القدرة على النوم

وهو القادر على ارجاع الحياة مع مطلع كل يوم جديد للتمتع بنعمة الحياة



الذين يعون هذه الحقيقة يبدأون يومهم بإحساسهم أنهم قريبون من الله تعالى ويشعرون بالسعادة بفضل ما أنعم الله عليهم من النعم


أما الجاحدون فإنه لا يمكنهم الوعى بقيمة هذه النعم ولا يستطيعون تذوق السعادة مثلما يتذوقها المؤمن الحق

فهم عادة يقومون فى الصباح متثاقلين يودون البقاء فى فراشهم ويشعرون بالقلق لأنهم مقدمون على اعمال روتينية تبعث فيهم الملل

لذلك يحرصون على التمتع بكل دقيقة فى النوم والراحة



العديد من الناس ينهضون من النوم متوترى الأعصاب عبوسى الوجه وذلك ناتج من خلل فى ايمانهم

إن المنكرين المحرومين من نعمة الايمان يدورون فى حلقة مفرغة منذ قيامهم صباحا حتى انتهاء يومهم

لأنهم يغفلون عن حقيقة مهمة وهى أن يومهم ذاك ربما كان الفرصة الأخيرة التى يمنحها الله لهم للتوبة والرجوع الى طريق الحق

انهم يحرصون على جمع المال وينسون هذه الحقائق المهمة

وينصب حرصهم على البحث عن الشهرة ونيل اعجاب الآخرين

إنهم يبدأون يومهم بنوع من اللامبالاة غافلين عن أن من واجبهم التفكير فى خالقهم الذى سوف يسألهم لا محالة عما قدمت أيديهم

نعم إن كل يوم جديد هو فرصة عظيمة للتوبة والعودة الى الله والسعى فى ارضائه



اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون

علينا أن لا ننسى أن كل صباح يمكن أن يكون بداية نهاية كل انسان

فعليه أن يبدأ يومه بالسعى الى مرضاة الله والقيام يالأعمال الصالحة





رد مع اقتباس