حواء
حواء حسب الديانات الإبراهيمية هي أول أنثى من البشر, وزوج آدم ، وأم البشرية.
لم يذكر اسم حواء في القرآن ولا مرة ولكنه يسميها بزوجته بدون ذكر اسمها صراحة. لكن اسمها ذكر في السنة النبوية فبعد أن خلق الله آدم من غير أم ولا أب، خلق الله حواء من آدم، لتكون سكنا وعوناً له في الحياة) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (سورة الأعراف، الآية )189( .وتعمر الأرض ببني آدم، ليخلف بعضهم بعضاً فيها. وقدأسكن الله آدم وحواء الجنة(وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) سورة البقرة، الآيتين( (35-36(
(وكذلك خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (سورة الزمر، الآية )6), وأباح لهما أن يأكلا من شجر الجنة عدا شجرة واحدة، فوسوس الشيطان لهما، وزعم أن من يأكل من هذه الشجرة يبقى خالداً في الجنة يعبد الله كالملائكة، وما زال الشيطان يوسوس لآدم وحواء حتى أكلا منها بعد أن أقسم لهما الشيطان بالله إنه لهما لمن الناصحين فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ )20( وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ )21( فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ )22( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )23( قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ )24 ((سورة الأعراف ، فتاب الله عليهما، وبدأت مرحلة جديدة لحواء مع آدم يعبدان الله فيها، وأنجبت حواء لآدم بطوناً كثيرة، في كل بطن ذكر وأنثى، وظلت حواء، طائعة لله، حتى توفى آدم، ثم توفيت هي الأخرى بعده بسنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
خولة بنت ثعلبة ، هي المرأة التي نزلت فيها الآيات الأولى من سورة المجادلة. حيث نادت ربها: "اللهم إني أشكو إليك ما نزل فيّ" فأنزل الله تعالى قوله في سورة المجادلة:
) قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (
نسبها وزوجها
هي خولة بنت ثعلبة بن أصرم بن فهد بن ثعلبة بن غنم بن عوف من ربات الفصاحة والبلاغة والجمال وصاحبة النسب الرفيع، زوجها هو أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت. وهو ممن شهد بدراً وأحداً، وأغلب الغزوات مع رسول الله . وأنجبت منه زوجته خولة ولدهما الربيع بن أوس راجعت خولة زوجها أوس بن الصامت بشيء ما فاختلفا في ذلك وغضب منها وقال: "أنت عليَ كظهر أمي"، فقالت له زوجته خولة والدموع تنهل من عينيها لشدة ما سمعت منه :"والله لقد تكلمت بكلام عظيم، ما أدري مبلغُهُ.." ثم خرج الزوج بعد أن قال ما قال فجلس في نادي القوم ساعة ،ثم دخل عليها يراودها عن نفسها، ولكنها امتنعت حتى تعلم حكم الله، فقالت:"كلا... والذي نفس خولة بيده، لا تخلصنَّ إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه ...".
خرجت خولة حتى جاءت رسول الله ، فجلست بين يديه، فذكرت له ما لقيت من زوجها، وهي بذلك تريد أن تستفتيه وتجادله في الأمر، فقالت له: "يا رسول الله، إن أوساً من قد عرفت، أبو ولدي، وابن عمي، وأحب الناس إلي، وقد عرفت ما يصيبه من اللمم وعجز مقدرته، وضعف قوته، وعي لسانه، وأحق من عاد عليه أنا بشيء إن وجدته، وأحق من عاد علي بشيء إن وجده هو، وقد قال كلمة والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقاً قال: "أنت علي كظهر أمي".
فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : "ما أراكِ إلا قد حرمت عليه"، والمرأة المؤمنة تعيد الكلام وتبين لرسول الله ما قد يصيبها وابنها إذا افترقت عن زوجها، وفي كل مرة يقول لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أراكِ إلا قد حرمت عليه".
وأزاحت الصحابية الجليلة المؤمنة الصابرة نفسها واتجهت نحو الكعبة المشرفة، ورفعت يديها إلى السماء وفي قلبها حزن وأسى، وفي عينيها دموع وحسرة، قائلة: "اللهم إني أشكو إليك شدة وجدي، وما شقّ علي من فراقه، اللهم أنزل على لسان نبيك ما يكون فيه فرج." تقول السيدة عائشة وهي تصف لنا حالة خولة: "فلقد بكيت وبكى من كان منها ومن أهل البيت رحمةً لها ورقة عليها".
وما كادت تفرغ من دعائها حتى تغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه عند نزول الوحي، ثم سرى عنه. فقال رسول الله: ")صلى الله عليه وسلم )يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرأنا"
ثم قرأ عليها:
{1} (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ {2} الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ الَّلائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ {3} وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {4} فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌأَلِيمٌ { 5 }
سورة المجادلة
. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم كفارة الظهار. فقال النبي)صلى الله عليه وسلم): "قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه، ثم استوصي بابن عمك خيرا" ففعلت.
ونهضت خولة لتعود إلى زوجها، فتجده جالساً جانب الباب ينتظرها، فقال لها : يا خولة ما وراءكِ ؟
فقالت والفرحة على وجهها : "خيراً ..." وشرحت له ما قال لها الرسول لإي أمر الكفارة.
موقفها مع عمر بن الخطاب
ومما روي في شأن خولة أن عمر بن الخطاب مر بها في زمن خلافته وهو أمير المؤمنين و كان راكباً على حمار، فاستوقفته خولة طويلاً ووعظته. وقالت له: "يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ ترعى الصبيان بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ثم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف بالموت خشي الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب."
وعمر بن الخطاب واقف أمامها، يسمع كلامها في إمعان وقد أحنى رأسه مصغياً إليها ... وقد كان برفقته أحد مرافقيه وهو جارود العبدي، فلم يستطع صبراً لما قال خولة لأمير المؤمنين فقال لها في غضب: "قد أكثرت أيتها المرأة العجوز على أمير المؤمنين". فقال عمر بن الخطاب: "دعها ... أما تعرفها؟ هذه خولة التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات وعمر أحق والله أن يسمع لها .."
وفي رواية أخرى: قيل له: يا أمير المؤمنين اتقف لهذه العجوز هذا الموقف. قال : "والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما زلت إلا للصلاة المكتوبة، إنها خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات، أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر".
وفاتها ومدفنها
لم يُتأكد من تثبيت سنة وفاتها ومدفنها..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
داود
يُعد داوُد أحد الأنبياء في الديانة الإسلامية أنزِل عليه الزبور "المزامير". يدّعي الدين اليهودي أن داوُد هو مرتكب زنا وقاتل، حيث هذا ما يؤمن به المسيحيون واليهود. أما في الديانة الإسلامية فهو نبي ولا يرتكب مثل ذلك من حيث عصمة الأنبياء. يظهر في القرآن جالوت الذي هو نفسه جليات عند اليهود الذي ***ه داوُد. وفي سورة البقرة وَرَدَ: ( فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (سورة البقرة، الآية) 251)
يذكر القرآن أن داوُد كان في جيش طالوت، الذي يفهم على أن الأخير هو نفسه شاول.
نسبه
هو داود بن أيشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن عوينادب ابن إرم بن حصرون بن فرص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عبد الله ونبيه، وخليفته في أرض بيت المقدس.
وصفه
قال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه: كان داود قصيراً، أزرق العينين، قليل الشعر، طاهر القلب ونقيه
***ه جالوت وتنصيبه ملكا
تقدم أنه لما *** جالوت وكان ***ه له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم بقرب مرج الصفر فأحبته بنو إسرائيل ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم فكان من أمر طالوت ما كان وصار الملك إلى داود عليه السلام وجمع الله له بين الملك والنبوة بين خيرى الدنيا والآخرة وكان الملك يكون في سبط والنبوة في آخر فاجتمع في داود هذا.
قال تعالى : ( فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ( البقرة251
أي: لولا إقامة الملوك حكاما على الناس، لأكل قوي الناس ضعيفهم
ولهذا جاء في بعض الآثار (السلطان ظل الله في أرضه وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان)(إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)
وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن جالوت لما بارز طالوت فقال له: اخرج إلي وأخرج إليك، فندب طالوت الناس فانتدب داود ف*** جالوت.
قال وهب بن منبه: فمال الناس إلى داود، حتى لم يكن لطالوت ذكر، وخلعوا طالوت وولوا عليهم داود.
وقيل إن ذالك عن أمر شمويل حتى قال بعضهم: إنه ولاه قبل الوقعة.
قال ابن جرير: والذي عليه الجمهور إنما ولى الملك بعد *** جالوت والله أعلم.
وروى ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز أن ***ه جالوت كان عند قصر أم الحكيم وأن النهر الذي هناك هو المذكور في الآية فالله أعلم.
حياته بعد م*** جالوت
وقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَأوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(10))الاعراف
وقال تعالى(* وَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)عَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ)80)) سورة الأنبياء
أعانه الله على عمل الدروع من الحديد ليحصن المقاتلة من الأعداء، وأرشده إلى صنعتها وكيفيتها فقال:
(وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ)أي: لا تدق المسمار فيفلق، ولا تغلظه فيفصم
قال الحسن البصري، وقتادة، والأعمش: كان الله قد ألان له الحديد حتى كان يفتله بيده، لا يحتاج إلى نار ولا مطرقة.
قال قتادة: فكان أول من عمل الدروع من زرد، وإنما كانت قبل ذلك من صفائح.
قال ابن شوذب: كان يعمل كل يوم درعاً يبيعها بستة آلاف درهم،
وقد ثبت بالحديث: ((أن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وأن نبي الله داود كان يأكل من كسب يده)
روى ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس:
أن رجلين تداعيا إلى داود في بقر: ادعى أحدهما على الآخر أنه اغتصبها منه، فأنكر المدعى عليه، فأرجأ أمرهما إلى الليل، فلما كان الليل أوحى الله إليه أن ي*** المدعي،
فلما أصبح قال له داود: إن الله قد أوحى إلي أن أ***ك، فأنا قاتلك لا محالة، فما خبرك فيما ادعيته على هذا؟
قال: والله يا نبي الله إني لمحق فيما ادعيت عليه، ولكني كنت اغتلت أباه قبل هذا، فأمر به داود ف***، فعظم أمر داود في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً.
قال ابن عباس: وهو قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ{
وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ} أي: النبوة.
{وَفَصْلَ الْخِطَابِ} قال شريح، والشعبي، وقتادة، وأبو عبد الرحمن السلمي، وغيرهم:
فصل الخطاب: الشهود والأيمان، يعنون بذلك البينة على المدعي، واليمين على من أنكر.
وقال مجاهد والسدي: هو إصابة القضاء وفهمه.
وقال مجاهد: هو الفصل في الكلام، وفي الحكم
)وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ) 21 ( إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (22 ( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب ) 23 ( قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب ) 24 ( فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب (25)) سورةص .
وقد ذكر كثير من المفسرين من السلف والخلف ههنا، قصصاً وأخبارا أكثرها إسرائيليات، ومنها ما هو مكذوب لا محالة، تركنا إيرادها هنا قصداً اكتفاء واقتصاراً على مجرد تلاوة القصة من القرآن العظيم، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
قال الله: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{
أي: إن له يوم القيامة لزلفى، وهي القربة التي يقربه الله بها، ويدنيه من حظيرة قدسه بسببها، كما ثبت في حديث
قال رسول الله : ((إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذاباً إمام جائر((
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا جعفر بن سليمان، سمعت مالك بن دينار في قوله: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ{
قال: يقوم داود يوم القيامة عند ساق العرش،
فيقول الله: يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم، الذي كنت تمجدني في الدنيا،
فيقول: وكيف وقد سلبته؟
فيقول: إني أرده عليك اليوم.
قال: فيرفع داود بصوت يستفرغ نعيم أهل الجنان.
قال تعالى: (يَا دَأوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ(26))سورةص
هذا خطاب من الله مع داود، والمراد ولاة الأمور، وحكام الناس، وأمرهم بالعدل، واتباع الحق المنزل من الله لا ما سواه من الآراء والأهواء، وتوعد من سلك غير ذلك، وحكم بغير ذلك.
وقد كان داود هو المقتدى به في ذلك الوقت في العدل، وكثرة العبادة، وأنواع القربات، حتى إنه كان لا يمضي ساعة من آناء الليل وأطراف النهار إلا وأهل بيته في عبادة ليلاً ونهاراً
كما قال تعالى: (اعْمَلُوا آلَ دَأوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
عن أبي الجلد قال: قرأت في مسألة داود أنه قال: يا رب كيف لي أن أشكرك، وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك،
قال: فأتاه الوحي أن يا داود: ألست تعلم أن الذي بك من النعم مني؟
قال: بلى يا رب.
قال: فإني أرضى بذلك منك.
وقال البيهقي: عن ابن شهاب قال: قال داود: الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه، وعز جلاله، فأوحى الله إليه إنك أتعبت الحفظة يا داود.
وعن عمر مولى عفرة قال:
قالت يهود لما رأت رسول الله يتزوج النساء: انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام، ولا والله ما له همة إلا إلى النساء، حسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك، فقالوا:
لو كان نبياً ما رغب في النساء، وكان أشدهم في ذلك حيي بن أخطب، فأكذبهم الله وأخبرهم بفضل الله وسعته على نبيه صلوات الله عليه وسلامه، فقال:
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...} يعني بالناس رسول الله.
}... فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً{
يعني: ما أتى الله سليمان بن داود كانت له ألف امرأة، سبعمائة مهرية، وثلاثمائة سرية، وكانت لداود مائة امرأة منهن: امرأة أوريا أم سليمان بن داود، التي تزوجها بعد الفتنة. هذا أكثر مما لمحمد. وقد ذكر الكلبي نحو هذا، وإنه كان لداود مائة امرأة، ولسليمان ألف امرأة منهن ثلاثمائة سرية.
صيامه وعبادته
عن أبي هريرة الحمصي، عن صدقة الدمشقي، أن رجلاً سأل ابن عباس عن الصيام فقال: " لأحدثنك بحديث كان عندي في البحث مخزوناً إن شئت أنبأتك بصوم داود، فإنه كان صواماً قواماً، وكان شجاعاً لا يفر إذا لاقى، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ". وقال رسول الله : " أفضل الصيام صيام داود، وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا يكون فيها، وكانت له ركعة من الليل يبكي فيها نفسه، ويبكي ببكائه كل شيء، ويصرف بصوته الهموم والمحموم ". وإن شئت أنبأتك بصوم ابنه سليمان، فإنه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة أيام، ومن وسطه ثلاثة أيام، ومن آخره ثلاثة أيام، يستفتح الشهر بصيام، ووسطه بصيام، ويختمه بصيام.
حياته ووفاته وجنازته في الإسلام
قد ذكرنا في قصة آدم الأحاديث الواردة في خلق آدم أن الله لما استخرج ذريته من ظهره فرأى فيهم الأنبياء عليهم السلام ورأى فيهم رجلاً يُزهر
فقال: أي رب من هذا؟
قال: هذا ابنك داود.
قال: أي رب كم عمره؟
قال: ستون عاماً.
قال: أي رب زد في عمره.
قال: لا إلا أن أزيده من عمرك.
وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاماً
فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت
فقال: بقي من عمري أربعون سنة، ونسي آدم ما كان وهبه لولده داود، فأتمها الله لآدم ألف سنة، ولداود مائة سنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
ذو الكفل
قال أهل التاريخ ذو الكفل هو ابن أيوب ونسبه هو نسب أيوب واسمه في الأصل بشر وقد بعثه الله بعد أيوب إلى أهل دمشق وما حولها وسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوفى بها. اجتبی الله تعالی ذا الكفل من آلاف الأنبیاء علیهم السلام أجمعین في زمرة الذین ذکر الله أسماءهم في القرآن الكریم قال تعالى: ( وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ ) سورة الأنبياء, الآية 85. وقال: ) وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ( سورة ص, الآية 84.
قصته
كان ذو الكفل يصلي كل يوم مائة صلاة، قيل إنه تكفل لبني قومه أن يقضي بينهم بالعدل ويكفيهم أمرهم ففعل فسمي بذي الكفل. قال ابن كثير: فالظاهر من ذكره في القرآن بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هو المشهور.
والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوته ورسالته والقوم الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيل، كما أن الكثير من المؤرخين لم يوردوا عنه إلا النزر اليسير.
ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما رواه الأمام أحمد عن ابن عمر ما قال: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرتعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملتني عليه الحاجة. قال: فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبي بالدنانير لك، ثم قال: والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه: قد غفر الله للكفل). وقال ابن كثير: ورواه الترمذي وقال: حديث حسن وروي موقوفا على ابن عمر وفي إسناده نظر فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وإنما لفظ الحديث الكفل من غير إضافة فهو إذا رجل آخر غير المذكور في القرآن.
ويذكر بعض المؤرخين أن ذا الكفل تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم ويقضي بينهم بالعدل فسمي ذا الكفل وذكروا بعض القصص في ذلك ولكنها قصص تحتاج إلى تثبت وإلى تمحيص وتدقيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
رحمة أو ليا (زوجة أيوب)
وذكر في "الجامع" قوله تعالى ) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (سورة الأنبياء، الآية) 83( وكان نبياً مرسلاً صاحب أنعام وحرث وأولاد، فابتلاه الله بذهاب كلها، وهلاكها، ثم ابتلاه بجسده فلم يبق منه سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما ربه ويقال: إنها احتاجت فصارت تخدم الناس من اجله، وقوله تعالى ) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (سورة الأنبياء، الآية )84( بإحياء من مات من أولاده، أو أعطاه مثلهم من أولاده، قيل: إنه قيل له: إن أهلك في الجنة إن شئت أتيناك بهم وإن شئت تركناهم لك فيها، وعوضناك مثلهم في الدنيا، فاختار الثانية.
وذكر في كتاب "كشف الأسرار": لما قصدت رحمة زوجة أيوب أن تقطع ذوائبها فعرف أيوب ذلك، حلف غضباً لله تعالى لان امرأته كانت محرمة وطلبت قطع ذوائبها، فأبى وحلف، ولذلك لما عوفي قال تعالى: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (سورة ص، الآية) 44( الآية, قال: كانت امرأته قد عَرَضت له بأمر, وأرادها إبليس على شيء, فقال: لو تكلمت بكذا وكذا, وإنما حملها عليها الجزع, فحلف نبي الله: لِئن الله شفاه ليجلِدنَّها مئة جلدة; قال: فأمر بغصن فيه تسعة وتسعون قضيبا, والأصل تكملة المِئَة, فضربها ضربة واحدة, فأبرّ نبيُّ الله, وخَفَّفَ الله عن أمَتِهِ, والله رحيم.
وذكر في "المدارك" في تفسير قوله تعالى: ( وآتيناه أهله ومثلهم معهم ) (سورة الأنبياء، الآية) 84).( وروي، أن أيوب عليه السلام وكان له من البنين سبعون، ومن البنات سبعة، وله ثلاث آلاف بعير، وسبعة آلاف شاة، وخمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد، فابتلاه الله بذهاب أولاده وماله، وتمرض في بدنه ثماني عشرة سنة، أو ثلاث عشرة سنة، أو ثلاث سنين، فقالت له امرأته رحمة يوماً: لو دعوت الله عز وجل فقال لها: كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت: ثمانين سنة، فقال: أنا أستحي من الله أن أدعوه، وما بلغت من بلائي مدة رخائي، فلما كشف الله عنه أحيا أولاده ورزقه مثلهم معهم.
وذكر في "الإتقان": قال ابن أبي حيثمة: كان أيوب عليه السلام بعد سليمان عليه السلام وابتلي وهو ابن سبعين سنة ومدة بلائه سبع سنين، وروى الطبري، أن مدة عمر أيوب ثلاث وتسعون سنة.
وذكر في "كشف الأسرار": اختلف في مدة بلائه. وروى ابن شهاب عن انس رضي الله عنه يرفعه: "أنَّ أيُّوبَ لبثَ في بلائهِ ثماني عشرة سنة" وقال وهب: ثلاث سنين لم يزد يوماً، وقال كعب: سبع سنين، وقيل: سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام.
وذكر في كتاب "البستان" أن أيوب عليه السلام تزوج ليا بنت يعقوب عليه السلام وقيل: رحمة بنت ابن يوسف، وهو الأصح. وقيل: إن رحمة بنت ميشا ابن يوسف عليه السلام.
وذكر في "تاريخ ابن الوردي" ناقلاً عن "الكامل لابن الأثير: أن أيوب عليه السلام بن موص بن رازج بن عيص بت إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام وكان صاحب أموال عظيمة، وكانت له البثنية من أعمال دمشق ملكاً، وكانت زوجته رحمة، فابتلاه الله في جسده وكانت وتقوم بنفسها وبه، ولأنها قطعت ضفائرها، وحلف لئن عافاه الله ليضربنها مائة سوط، ولما أراد الله كشف البلاء عنه عجزت رحمة. في ذلك اليوم عن القوت فباعت ضفيرتها من امرأة برغيفين من الخبز، وأتت إلى أيوب وأخبرته فقال عند ذلك ) وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (سورة الأنبياء، الآية( 83) قال تعالى ) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين (سورة الأنبياء، الآية )84(
فأرجل جبرائيل فبشره وأخذه بيده وأقامه، وأنبه الله له عيناً من تحت قدميه، فشرب منها، فشفي من جميع ما في بدنه من العلل، ثم اغتسل فيها فخرج كأحسن ما كان، ورد الله عليه ضعف ما فقد له من الأموال، ورد إليه أهله وأولاده، ورد إلى زوجته رحمة حسنها وجمالها، وولدا لأيوب ستة وعشرين ولداً ذكراً. ومنهم: بشر وهود والكفل عليه السلام
ولما عوفي أيوب أمره الله أن يأخذ عرجوناً من النخل فيه مائة شمراخ فيضرب به زوجته ضربة واحدة ليبر في يمينه ففعل كذلك وكان أيوب عليه السلام نبياً في عهد يعقوب عليه السلام في قول بعضهم.
وفاتها
ماتت "رحمة" في حياة أيوب عليه السلام وقيل: عاشت بعده قليلاً، وماتت ودفنت بأرض الشام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
ريطة بنت عمرو (ناقضة الغزل)
(ناقضة الغزل) هي ريطة بنت عمرو بن سعد بن زيد، ورد ذكرها في قوله تعالى: ) وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (سورة النحل، الآية) 92(
وكانت خرقاء تغزل هي وجواريها من الغداة إلى نصف النهار، ثم تأمرهن فينقضن جميعاً ما غزلن، فكان هذا دأبها لاتكف عن الغَزل، ولاتبقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
( زُليخا: ( أو زليخا أو زليخاء ) واسمها راعيل بنت رماييل وزُليخا لقبها.
هي زوجة عزيز مصر عند قدوم يوسف إلى مصر. زوجها بوتيفار عزيز مصر على عهد الملك أمنحوتب الثالث (الذي يعد من أعظم الملوك الذين حكموا مصر عبر التاريخ
كانت زليخا مشهورة بجمالها وكبريائها الذي أضحى تكبراً وأنفة.
بعد أن ألقاه إخوته في الجب، عثر تاجر عربي اسمه مالك بن زعر. على يوسف فادعى إخوته أنه عبدٌ لهم قد فرّ منهم وباعوه لمالك بن زعر بثمن بخس وكانوا فيه من الزاهدين. ومن ثم حمله مالك معه إلى مصر القديمة حيث كانت تسير قافلته. وهنالك قام ببيعه بسوق النخاسة لبوتيفار عزيز مصر.
مراودة يوسف عن نفسه
أدخل بوتيفار نبي الله يوسف إلى بلاطه وهو طفل ولم يعامله معاملة العبيد بل أوصى زوجته زليخا بالإحسان إليه لما وجد فيه من الفطنة والذكاء والرأي الثاقب فقال لها: ) وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( سورة يوسف, الآية( 21)
ترعرع يوسف في بلاط العزيز بوتيفار مدة أحد عشر عاماً إلى أن صار شاباً حسن الوجه حلو الكلام, شجاعاً قوياً, وذا علم ومعرفة. وكان لا يمض يوم إلا ويزداد شغف زليخا بيوسف إلى أن راودته عن نفسه ظانةً منه أنه سيطيعها في معصية الله سبحانه وتعالى. إلا أن يوسف نبي ومن المخلصين)كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلـَصين) فأبى أن يرتكب الخطيئة وهرب خارجاً لكنهما وجدا بوتيفار عند الباب. وعندما رأى بوتيفار أن قميص يوسف قد قـُدَّ من دُبـُرٍ أيقن أن زوجته زليخا هي الخائنة وهي من راودت يوسف عن نفسه فقال كلمته الشهيرة): فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ( سورة يوسف, الآية 28
عرضها يوسف على نسوة مصر
استشاطت زليخا غضباً ولم تطلب الصفح عما اقترفت, بل سعت جاهدةً إلى تبرير صنيعها بإقامة حفل لنساء أكابر مصر اللاتي تكلمن عنها: ( وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )30( فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ)31(قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ )(32( سورة يوسف
ثم طلبت من يوسف أن يخرج عليهن فإذا بالنسوة يقطعن أيديهن مبهورات من جمال يوسف.
سجنها ليوسف
عندما استعصم النبي يوسف وأبى ارتكاب الفحشاء, سعت زليخا إلى سجنه حتى ينصاع لرغباتها. لكنه ثبت على موقفه(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) فقضى في السجن عشر سنين, لكن زليخا أخذت تعاني من آلام الفراق كثيراً وازداد عشقها وتعلقها به حتى باتت تقضي أيامها بالبكاء شوقاً إليه مما أضعف بصرها وجعلها تشيخ بسرعة وتفقد جمالها.
ولما قام النبي يوسف بتفسير رؤيا ملك مصر أخناتون (أمنحوتب الرابع) وظهرت براءته باعتراف زُليخا) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ( سورة يوسف, الآية 51 وكذلك باعتراف نساء مصر أن يوسف كان عفيفاً تقياً، قام الملك أخناتون بإطلاق سراحه وعينه عزيزاً لمصر بعد وفاة بوتيفار زوج زليخا والذي مرض وتأثر من خيانة زوجته له, وندمه على سجن يوسف تلك المدة
|