جمال طه
سقطة سرت.. وهجوم «حفتر» المعاكس
لا تُنسينا أعاصير المشرق، ظهر أمننا القومى المكشوف غرباً.. حكومة «الوفاق» خاضت عملية «البنيان المرصوص» لتحرير سرت اعتماداً على ميليشيات مسلحة، ينتمى 70% منها لمصراتة، والباقى للزنتان الغربية، طرابلس، الزاوية، غريان، وزوارة، أما قوات حرس المنشآت، التى تحتل الهلال النفطى، فقد اقتصر دورها على منع حفتر من التقدم لسرت، لاستحالة تعاونها مع ميليشيات مصراتة، منذ أن أحبطت محاولاتها لاحتلال ميناءى تصدير النفط «رأس لانوف، السدر».. الحصيلة الرسمية للمعركة تحرير 150 كيلومتراً على طريق مصراتة/سرت، والبلدات على جانبيه، ومد نفوذ «الوفاق» من أجدابيا شرقاً لطرابلس غرباً، وفرض سلطتها على منابع النفط، وموانئ تصديره، مما يوفر مصادر تمويل تسمح بإعادة تشغيل الخدمات.. بقدر ما أفادت المعركة «الوفاق» بالإيحاء بقدرتها على تجميع الميليشيات المسلحة المتشددة لخوض الحرب كتشكيلات نظامية قابلة للاندماج بالجيش الوطنى، بقدر ما أضر استعانتها بالطيران الأمريكى بصورتها، فوجود «داعش» بسرت لم يعد يتجاوز 600 مقاتل، محاصرين بوسط المدينة، حيث قاعة مؤتمرات وأجادوجو والحى الثانى، والجامعة والمستشفى.. سقطة استراتيجية وقعت فيها «الوفاق»، دونما حاجة عملية لها، أعطت انطباعاً باستنساخ نموذج ليبى لحامد كرازاى الأفغانى!!.
حتى لو اكتمل انتصار سرت فهو لا يعنى هزيمة «داعش»، المخابرات الفرنسية قدرت عناصر التنظيم التى انسحبت سالمة بـ3000 مقاتل!!، وهناك شكوك حول نزاهة المعركة، وتساؤلات مطروحة عن ممرات فُتِحَت عمداً للسماح لمقاتلى «داعش» بالهروب!!.. المخابرات الأمريكية أكدت أن تدفق المقاتلين الأجانب على ليبيا من الدول الغربية والعربية، خاصة عبر الحدود البرية مع النيجر والسودان، لم يتوقف منذ بداية العام، بمعدل 10 مقاتلين يومياً، وجون برينان قدر قوة التنظيم بـ5000- 8000 مقاتل، لكن الخطورة تكمن فى الخطة التى ينفذها لإعادة الانتشار، بعض أجهزة المخابرات أشارت لتمركزه بالجنوب الليبى، لكن المخابرات الفرنسية نفت ذلك، وأكدت اعتماده على توزيع خلاياه على كامل التراب الليبى، ودفع بعضها عبر الحدود للدول المجاورة.. تونس تحظى بأعلى معدلات، بحكم الجوار، والانتماء.. المغرب فرضت الاستنفار على الحدود الجزائرية والموريتانية، واتهمت البوليساريو بتسهيل تسلل الإرهابيين، وشددت إجراءات الأمن عبر المنافذ، للمقبلين من أوروبا، بعد اعتقال عناصر مغربية متسللة، وأخرى كامنة بالداخل.. الجزائر رفعت درجة التأهب على الحدود، وعززتها بـ100 مركز مراقبة جديد، ومخابراتها بدأت مراجعة ملفات الفرنسيين من أصول مغاربية وجزائرية الذين وصلوا ليبيا فى الشهور الأخيرة، هرباً من الضغوط الأمنية الغربية.. والسودانيين توجهوا لإقليم دارفور.
«داعش» نشَّطَت تعاونها مع التنظيمات المسلحة بمالى ونيجيريا ومنطقة الساحل «بوكو حرام، قاعدة بلاد المغرب الإسلامى، المرابطون مختار بالمختار، أنصار الدين الإسلامية إياد غالى»، ما يفسر زيارة أنتونى بلينكن نائب وزير الخارجية الأمريكى لنيجيريا، لبحث انعكاسات ذلك على أمن المنطقة، والمؤتمر الأمنى الذى استضافته وضم جيرانها ودول الساحل والصحراء والدول الغربية منتصف مايو، أكد الصلة العضوية بين الاستقرار فى ليبيا وأمن المنطقة.. كل المؤشرات تؤكد بدء «داعش» مرحلة جديدة لا تحرص فيها على الإمساك بالأرض، أو خوض المواجهات المباشرة، وإنما تعود للاعتماد على عنصر الإرباك والمباغتة والتفجيرات والسيارات المفخخة والانتحاريين والقنص وحرب العصابات.
■■
__________________
الحمد لله
|