لغز محمود الكردوسى
ومن على شاكلته
حاول التقرب من مبارك ففشل وعندما ذهب قال "كابوس وانزاح" وبعد 30 يونيو مدحه
- وصف نفسه بـ "التافه" عندما رأى وائل غنيم والذين معه فى ميدان التحرير يناضلون لإسقاط مبارك
- قال إن ثورة يناير عظيمة بنت عظيمة وخالتها كمان متغزلاً فى قادتها
- الكردوسى تفوق على نفسه وفاق "القط" و"رجب" وغيرهما ممن تفننوا فى تملق الرئيس
- الصحفى الكبير تقمص شخصية نزار قبانى وراح يتغزل فى السيسى ويطالبه عينى عينك بالبص له والقرب منه
- بعد أن زهق من كتابة المقالات المليئة بالاستعارة المكنية على أمل أن يلتفت السيسى له راح تَحفنا بمقال غزل على أمل أن يحظى بلقاء
منذ الاختفاء القصرى والمفاجئ لخالد الذكر، ممتاز القط ومن قبله سمير رجب، وهناك حالة من الركود والجمود والتبلد اللغوى شهدتها الصحافة المصرية، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، فلم يعد وجود لكلمات المدح والموالسة وغاب عن المشهد الطبالون والزمارون، وامتلات الصفحات بالهجوم على خلق الله، من أول الغفير حتى الرئيس، لكن الله أنعم علينا وفاض كرمه ولم يُخب رجاءنا حتى أطل علينا الصحفى الكبير محمود الكردوسي،رافضا أن يرتدى ثوب القط أو يستعين بعبارات رجب، بل فاق القديم والحديث وأدخل عبارات مستحدثة، تؤكد أننا أمام ظاهرة متفردة، وغارقة فى التميز، فبعد أن مدح مبارك فى جريدة الأهرام على أمل أن يحظى بعطف ورعاية وكرم سيادته، خاب ظنه كعادته ، وعاد ليهاجمه فى المصرى اليوم مؤكدا أنه كابوس وانزاح ، واصفاً ثورة يناير بالمجيدة ووائل غنيم بالثورى ويعود ليهاجم الثورة والبقية تأتي.
ومن لا يعرف من هو "الكردوسي" وهم كثيرون" هذا الحكم ليس من عندى لا سمح الله، ولكن من خلال التجربة العملية فبعد كل عدد من أعداد جريدة "الدلتا اليوم" تسألنى خطيبتى ناوى تكتب عن مين؟ قلت لها الصحفى الكبير سناً محمود الكردوسي، ارتسمت على وجهها علامات الاستغراب "بتقول مين" قلت الاسم مرة ثانية لتأتى عبارتها الصادمة "شغال إيه الأستاذ الكردوسي" قلت لها صحفياً كبيراً وله شأن عظيم فى كتابة مقالات الغرام والعدو الأول لثورة يناير كما يحب أن يصنف نفسه الآن لكنه يا حسرة، تم ضبطه متلبسا بعبارات تمجد ثورة يناير قبل أن يتحول ويقوم بتطويل شعره ، قالت وركب شنب، قلت لها إحنا ها نهرج ، حرام عليكى، فالصحفى الكبير "مشحطط" نفسه مستعيناً بعدوية " كله على كله لما تشوفه قوله هو فاكرنا إيه مش ماليين عينيه" ردت على بسرعة البرق: يبقى شاعر، قلت: لا مش بالضبط ، قالت: حيرتني.
الشهادة لله، صعب على الكردوسي، فالرجل لم يترك عبارة من عبارات الشاعر الكبير نزار قبانى إلا وادخلها فى جملة تمدح الرئيس السيسى ومن قبله مبارك وفى وسطهما عدلى منصور ومع ذلك يعانى من الوحدة والهجر والنسيان والتجاهل، فلم ينعم مرة واحدة بمقابلة رئيس حتى لو كان رئيس حى شبرا، وحتى لا ييأس الكردوسى عليه أن يستعين بالمثل الشعبى " طولة البال تبلغ الأمل" والكردوسى اعترف من خلال مقال عريض مليء بعبارات اللوم فى جريدة "الوطن" واصفا نفسه بأنه صاحب حظ سيئ فكل زملائه أصبحوا صحفيين كباراً إلا هو، وتمنى الكردوسى الموت وكتب مقالاً مطولاً تحت عنوان "ساعات أقوم الصبح.. قلبى حزين" مستعيناً بعبارة صلاح جاهين الرائعة وراح يبكي، مؤكدا أنه يفكر فى الموت. وما الذى أفكر فيه وقد بلغت من العمر خمساً وخمسين، وقال الذين سبقونى كل شىء؟!.
الأعمار بيد الله يا كردوسي، يا شيخ حرام عليك انت ها تكفر، وحَّد بالله كده وراجع نفسك، ولأن دوام الحال من المحال راجع نفسه، ليعود منكسرا على استحياء، ليقول إنه فاشى فى الحب والكره وابن فاشى من حقى أكتب، ومن حقك ألا تقرأ" لا يا كردوسى لازم نقرأ ونحلل ونقارن بين ما كتبته قديما وما تكتبه حديثا، ويعود مرة ثانية ليقول ليس لى حسابات وليس عندى ما أخاف أن أخسره، لا عندك وعندك كتير قوي، ويكمل ولم ولن أندم على مقال رفعت فيه رجلاً مثل السيسى -وهو بالنسبة لى رمز "الدولة" وحارس هيبتها- إلى مصاف الآلهة.
ويعترف الكردوسى بأنه فاشى ابن فاشى فى الحب والكره ويعود فى كلامه كمان، وأكبر دليل على ذلك ما قلته وتحديدا فى جريدة "المصرى اليوم" فى 14 -2 -2011، فى مقال مطول تحت عنوان، "كابوس، وانزاح" كان يقصد بهذا الكابوس الذى انزاح هو حسنى مبارك الذى مجد نظامه وارتمى بين احضانه ليقول من الآن، وإلى أن أموت، سأبذل كل ما فى وسعى لكى لا أذكر اسم "حسنى مبارك"، ولا أرى بسحنته البهية، ويكمل الكردوسى مقاله بقوله، لن أخجل من إعلان كراهيتى لهذا الرجل ونظام حكمه البغيض، ولن أسمح لنفسى أن أكون "موضوعياً" مع رئيس أذلَّ المصريين واحتقرهم وعذَّبهم وجوَّعهم ولم يحترم موتهم، وظل حتى ساعات حكمه الأخيرة يناور ويراوغ ويتعامى.. لأن شغله الشاغل أن يبقى فى سدة الحكم حتى إذا خربها وجلس على تلّها، وكان جلده سميكاً بما فيه الكفاية.
ويكمل الكردوسى مقاله لنصل الى مربط الفرس، حيث يقول بدون عبارات مستخبية او مدارية ، فعلها "وائل" والذين معه. تأمل أسماءهم ووجوههم وخطابهم، تأمل مزاجهم السياسى ومرجعياتهم الاجتماعية. أسبوعان ونصف وأنا أتساءل: كيف لـ«عيّل مايص» يتفرج على مصر من وراء زجاج غرفة إنعاشها، وينظر إلى آلام المصريين من نافذة «فيس بوك»، أن يشعل ثورة ويجر وراءه كل هذه الملايين؟. أسبوعان ونصف وأنا أحلم بنجاح ثورتهم، وكلما رفعوا سقف مطالبهم اقتربوا، وكانوا فى الحقيقة محظوظين، لأن خصمهم عنيد وبدائى ومغرور، وهم أصحاب حق. أسبوعان ونصف وأنا أحاول أن ألملم انفعالاتى فى مقال فلم أستطع. كان إحساسى بالخجل والضآلة (والتفاهة أحياناً) يتفاقم يوماً بعد يوم. كنت أيأس تارة وأبكى تارة وأفرح بهم ولهم وأنا حزين على نفسى. لقد عشت ثلاثة عهود، وعايشت ثلاثة رؤساء، ومن ثم كان لدىَّ "ماض" أفر إليه كلما ضاق بى «حاضرى» أو ضقت به: «فين أيامك يا عبدالناصر؟». أما "وائل" والذين معه.. فليس لديهم سوى حسنى مبارك: ولدوا وكبروا وتزوجوا وأنجبوا وهو رئيسهم.. فهم أولى بلحمه.
لماذا أشعر إذاً أننى أكثر سعادة منهم؟!
هذا كلامك يا استاذ كردوسى دون حذف، هذا ما قلته قديما وما قلته حديثا، ها هو مبارك الذى مدحته فى الاهرام وهاجمته فى يناير وعدت لتمدحه بعد 30 يونيو، بحثت كثيرا عن عبارات تناسب الحدث الجلل الذى اتحفنا به الصحفى الكبير سناً فلم أجد سوى أغنيه فؤاد المهندس " قلبى يا غاوى خمس قارات .. ارسيلك على قارة اعقل اعقل اعقل، ارسى بقى يا استاذ كردوسى فبعد وصفك لمؤيدى 25 يناير المجيدة بالثوار وانهم اولى بلحم مبارك عدت لتهاجمهم ورحت تطيح بعبارات بذيئة وشتائم يعاقب عليها القانون مرة حمدين صباحى ومرة أخرى تشتم حسن نافعة ومرة ثالثة حمدى قنديل ومعاه حمدى رزق ومرة رابعة تكتب مقال " مصطفى لا مؤاخذة النجار" ومقالاً آخر تستظرف فيه حاملا عنوانا اقل ما يوصف بأنه غارق فى الوساخة " ثورة ما بعد الثورة ، جمال "تيفال" زهران نموذجاً، وبلال فضل وعمرو حمزاوى وخالد على وعلاء الأسوانى وحتى باسم يوسف الذى مجده سابقاً فى مقال عنوانه "أكذوبة الدم الحرام" مؤكدا أنه أحد الشرفاء الذين خاضوا حرباً طاحنة ضد حكم الإخوان، وتصدوا بعناد وبسالة لكل حملات التشهير والملاحقة، عدت كعادتك تهاجمه.
والكردوسى يؤكد أننا نفهمه غلط، الحقيقة الذى لا يعلمها الأستاذ وربما يكون مش واخد باله أن الجميع فهمه صح قوي، وناوى على ايه، وبيفكر فى ايه، وعايز يوصل لإيه، اطلع من دول يا شيخ وبطل الكلام المستخبى اللى من تحت لتحت، وخليك دوغري، كما عاهدناك يا كردوسى ولأنه زهق ومل من كتر المقالات المليئة بالاستعارة المكنية والمستخبية من نوعية " كل سنة وانت رئيس لمصر" السيسى أو الكارثة " السيسى لو أراد أن يحكم" السيسى ثانيا ورابعا وعاشرا "فضها يا سيسي" وبعد أن زهق راح تحفنا "بالزبد" وكتب مقالة كانت تعبيرا حقيقيا عن الوحدة والتجاهل الذى يعانى منه، فلم تصله اى دعوة أو حتى كلمة من الرئيس السيسى ، فكتب مقاله بعنوان "سيادة الرئيس، جاوبنى ، بص لى ، قرب" ليكون هذا المقال هو البقلاوة التى تزينت بها كل المقالات، والكردوسى فى مقاله الأخير تفوق على نفسه بل تألق على من سبقوه أمثال القط ورجب وغيرهما، فحنان ودلع ورقة الكردوسى ومشاعره كانت رائدة حتى فى اختياره للعنوان، لعل الرئيس السيسى ينتبه له ويناديه ويسأل فيه، فليس على العاشق أى لوم بل من حقه وممن يسيرون على خطاه أن يهاجموا ثورة يناير وأن يبدى إعجابه بمن يريد، ولكن ليس من حقه أن يتهم من قاموا بثورة يناير بالخونة والمتآمرين.
من حقك أيها الكردوسي، العاشق والنائم على وسادة العشق، أن تحزن على أنك لم تحظ بفرصة حتى الآن، ولكن ليس حقك أن تشتم الناس بألفاظ يعاقب عليها القانون، أيها الرئيس بص للكردوسى لعله يستريح ويحظى بفرصة مقابلتك.