(27) أَمَا آن لَكَ أَنْ تَتَوقَّف عَنْ تِلك العَادَة الذَّمِيمَة؟!
إن أمر المُدَخِّن لعَجِيب حقًّا!!
إنَّك تراه يلفّ رأسه بعمامة كبيرة، ويغلف رقبته ((بكوفية)) صوفية سميكة يرفع جزءًا منها أمام أنفه، ويلبس عدة طبقات من الملابس الثقيلة يعلوها معطف من الصوف، ويلبس الجوارب والأحذية الصوفية، وإذا سألته عن السبب يقول: "إنه يصنع كل ذلك وقاية مِن البَرد".
والبَرد: في تصوره لا يعدو أن يكون مسئولاً عن نزلات زكام وسعال تستمر أيامًا معدودات، ومع ذلك فهو يتَّقِيه بكل هذه الاحتياطات والتحصينات ... في حين أنك تجده يسعل من التدخين أكثر من سعاله من البرد (ولكنه لا يتَّقِيه).
وإذا سمع عن نتائج الأبحاث العلمية التي تربط بين التدخين وسرطان ((الرِّئة)) يقول: "يا عم، إنني أدخن من عشرين سنة ولم يصبني شيء".
نعم -يا عم- لم يُصبك شيء حتى الآن، ولكنه أصاب الآلاف غيرك من المدخنين، وما يدريك أن هذا المرض ليس في طريقه إليك وأنه يصيبك بعد سنة أو أقل أو أكثر ... ثم ماذا تعمل حينذاك؟! هل يمكنك حينئذ أن تمحو أثر تدخين دام عشرات السنين بعد أن استفحل الأمر؟!
إِنَّ التدخين ليس ضرورة ... إِنْ هو إلا عادة نشأت عن التقليد: صبي يريد أن يظهر مظهر الكبار ... ابن يُقلِّد والده ... تلميذ يحذو حذو أستاذه ... ثم ماذا؟!
إذا سألتَ مُدخنًا يقول لك: "الكيف"، أو يقول: "المزاج".
وما هو الكيف أو المزاج؟!
إِنْ هما إلا هَوَى النَّفس يتغلَّب على إرادة الإنسان، فيحُطّ مِن قدره ويجعله عبدًا ذليلاً لعادة قبيحة لا تلبث أن تُهلِكه!
فهلاَّ تركتَ تلك العادة الخبيثـة؟!
************