تهــــــــــــــــادوا ... تحــــــــــــــابوا
  
للهدية وقع خاص ومؤثر على النفس البشرية عموما،
لما فيها من إظهار للتقدير والاهتمام والتفكير في المُهدى إليه بعد
فترة ليست بالقصيرة للوصول إلى شيء ينفعه ويرضيه، وفيها إظهار للمحبة والرعاية.
وقد أوصانا الرسول بالهدية لما فيها من تأليف للقلوب ولما تتركه من
أثر إيجابي عميق في توطيد أواصر المودة والحب بين الزوجين.
فكما روى البخاري عن أبي هريرة: عن النبي أنه قال: (تهادوا تحابوا).
فالمتأمل في الحديث تأملا لغويا يجد جواب الشرط يأتي مباشرة بعد فعل الشرط مباشرة دون أي فاصل بينهما،
ولهذا دلالته على أن المحبة نتيجة حتمية للهدية وسريعة ومضمونة بلا تعقيدات.
وللهدية في الحياة الزوجية لغة خاصة جدا لا تحتاج للكلمات فلها مفعول السحر على توصيل الرسالة إلى من نريد،
ففيها معان كثيرة تستطيع توصيلها، ففيها الشكر بعد مجهود كبير يعبر فيه الزوجان عن امتنانهما وتقديرهما لزوجه،
وفيها الاشتياق بعد مرض أو حادث أو غياب طال أو قصر، وكذلك فيها الاعتذار عن خطأ ما،
وهذا ما نجده عند الرجال أكثر منه عند النساء نظرا لطبيعة الرجل التي لا تقبل عادة أن
ينطق بلفظ التأسف صراحة ويستثقل جدا أن
يعتذر بالطرق المباشرة فتأتي الهدية كرسول بالاعتذار الضمني لشريكة حياته. وفيها تعبير عن الحب الذي يبدأ في
التواري والاختفاء بعد سنوات الزواج والإنجاب ومشكلات الأبناء الكثيرة كما يسمى بالفتور العاطفي،
فتأتي الهدية كنوع من المفاجأة للزوج فتكون بمثابة الومضة التي تنير قلبيهما، وتعبر عن مدى حب كل منهما للآخر،
وللهدية والعطاء تأثيرهما على أشد القلوب بغضا فتحيلها إلى أشد القلوب حبا ولها تأثيرها الشديد على
الرجال فكيف بالنساء وهن أرق قلوبا وألين عاطفة.
ولقد استخدم رسول الله كثيرا الهدية كوسيلة من
وسائل ترقيق القلوب واجتلاب المحبة لما علم من
عظم تأثيرها فيقول صفوان بن أمية رضي الله عنه وهو الذي ظل يبغض النبي طيلة حياته –
فيروي مسلم عنه قوله: (واللهِ! لقد أعطاني رسولُ اللهِ ما أعطاني،
وإنه لأبغضُ الناسِ إلي، فما برح يعطيني حتى إنه لأحبُّ الناسِ إلي).
ترجم العالم الغربي مارشال سالينز هذا المعنى حين قال:
"إذا كان الأصدقاء يتبادلون الهدايا فإن الهدايا هي التي تصنع الأصدقاء".
والهدية تجلب الحب بين الناس، كما جاء عن النبي : "تهادوا تحابوا".
جعلنا الله جميعا إخوة وأخوات متحابين فيه
آخر تعديل بواسطة عزة عثمان ، 25-11-2016 الساعة 07:26 AM
|