الآية 75 {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
قوله تعالى :
{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ}
هذا استفهام فيه معنى الإنكار ، كأنه أيأسهم من إيمان هذه الفرقة من اليهود ، أي إن كفروا فلهم سابقة في ذلك.
والخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وذلك أن الأنصار كان لهم حرص على إسلام اليهود للحلف والجوار الذي كان بينهم.
الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ،
. أي لا تحزن على تكذيبهم إياك ، وأخبره أنهم من أهل السوء الذين مضوا.
: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ {يَسْمَعُونَ {كَلامَ اللَّهِ} .
والمراد السبعون الذين اختارهم موسى عليه السلام ، فسمعوا كلام الله فلم يمتثلوا أمره ، وحرفوا القول في إخبارهم لقومهم.
إن السبعين سمعوا ما سمع موسى فقد أخطأ ، وأذهب بفضيلة موسى واختصاصه بالتكليم.
لم يطيقوا سماعه ، واختلطت أذهانهم ورغبوا أن يكون موسى يسمع ويعيده لهم ، فلما فرغوا وخرجوا بدلت طائفة منهم ما سمعت من كلام الله على لسان نبيهم موسى عليه السلام ،
{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}
- وإنما الكلام شيء خص به موسى من بين جميع ولد آدم
، فإن كان كلم قومه أيضا حتى أسمعهم كلامه فما فضل موسى عليهم ، وقد قال وقوله الحق :
{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي}
واختلف الناس بماذا عرف موسى كلام الله ولم يكن سمع قبل ذلك خطابه ، 1.- فمنهم من قال :
إنه سمع كلاما ليس بحروف وأصوات ، وليس فيه تقطيع ولا نفس ، فحينئذ علم أن ذلك ليس هو كلام البشر وإنما هو كلام رب العالمين.
إنه لما سمع كلاما لا من جهة ، وكلام البشر يسمع من جهة من الجهات الست ، علم أنه ليس من كلام البشر.
إنه صار جسده كله مسامع حتى سمع بها ذلك الكلام ، فعلم أنه كلام الله.
إن المعجزة دلت على أن ما سمعه هو كلام الله ، وذلك أنه قيل له :
ألق عصاك ، فألقاها فصارت ثعبانا
، فكان ذلك علامة على صدق الحال ، وأن الذي يقول له :
إنه قد كان أضمر في نفسه شيئا لا يقف عليه إلا علام الغيوب ، فأخبره الله تعالى في خطابه بذلك الضمير
فعلم أن الذي يخاطبه هو الله جل وعز
و : هم علماء اليهود الذين يحرفون التوراة فيجعلون الحرام حلالا والحلال حراما اتباعا لأهوائهم.
{مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}
أي عرفوه وعلموه. وهذا توبيخ لهم ،
أي إن هؤلاء اليهود قد سلفت لآبائهم أفاعيل سوء وعناد فهؤلاء على ذلك السنن ، فكيف تطمعون في إيمانهم
ودل هذا الكلام أيضا على أن العالم بالحق المعاند فيه بعيد من الرشد ، لأنه علم الوعد والوعيد ولم ينهه ذلك عن عناده.
واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين
انشرها فى كل موقع ولكل من تحب