التحريف والتبديل === وحزو القذة بالقذة
قال علماؤنا رحمة الله عليهم :
نعت الله تعالى أحبارهم بأنهم يبدلون ويحرفون
{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ}
وذلك أنه لما درس الأمر فيهم ، وساءت رعية علمائهم ، وأقبلوا على الدنيا حرصا وطمعا ، طلبوا أشياء تصرف وجوه الناس إليهم ، فأحدثوا في شريعتهم وبدلوها
، وقالوا لسفهائهم هذا من عند الله ، ليقبلوها عنهم فتتأكد رياستهم وينالوا به حطام الدنيا وأوساخها. وكان مما أحدثوا فيه أن 1.قالوا :
ليس علينا في الأميين سبيل ،
أي ما أخذنا من أموالهم فهو حل لنا.
وكان مما أحدثوا فيه أن 2. قالوا :
لا يضرنا ذنب ، فنحن أحباؤه وأبناؤه ، تعالى الله عن ذلك!
"يا أحباري ويا أبناء رسلي"
"يا أحبائي ويا أبنائي" فأنزل الله تكذيبهم :
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} [المائدة : 18].
لن يعذبنا الله ، وإن عذبنا فأربعين يوما مقدار أيام العجل ، فأنزل الله تعالى : {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً}
يعني توحيدا ، بدليل قوله تعالى :
{إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً}
{فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}
{بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
فبين تعالى أن الخلود في النار والجنة إنما هو بحسب الكفر والإيمان ،
واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين
:اهل الكتاب وهذة الامة حزو القذة بالقذة
1-قَسَّمَ اللَّهُ مَنْ ذَمَّهُ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ
إلَى مُحَرِّفِينَ وَأُمِّيِّينَ حَيْثُ يَقُولُ :
{ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
{ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ }
{ أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ }
{ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ }
{ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ .
2-وَفِي هَذَا عِبْرَةٌ لِمَنْ رَكِبَ سَنَنَهُمْ مِنْ أُمَّتِنَا
؛ فَإِنَّ الْمُنْحَرِفِينَ فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالصِّفَاتِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْأَوَامِر : " قَوْمٌ "
يُحَرِّفُونَهُ إمَّا لَفْظًا وَإِمَّا مَعْنًى
لِمَا أَثْبَتَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُحُودًا وَتَعْطِيلًا وَيَدَّعُونَ أَنَّ هَذَا مُوجَبُ الْعَقْلِ الصَّرِيحِ الْقَاضِي عَلَى السَّمْعِ .
" لَا يَزِيدُونَ عَلَى تِلَاوَةِ النُّصُوصِ لَا يَفْقَهُونَ مَعْنَاهَا وَيَدَّعُونَ أَنَّ هَذَا مُوجَبُ السَّمْعِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ
وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ مِنْ عِبَادِهِ فَهْمَ هَذِهِ النُّصُوصِ فَهُمْ
{ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إلَّا أَمَانِيَّ }
{ وَإِنْ هُمْ إلَّا يَظُنُّونَ }
. ثُمَّ يُصَنِّفُ أَقْوَامٌ عُلُومًا
إنَّهَا دِينِيَّةٌ وَأَنَّ النُّصُوصَ دَلَّتْ عَلَيْهَا وَالْعَقْلَ وَهِيَ دِينُ اللَّهِ ؛ مَعَ مُخَالَفَتِهَا لِكِتَابِ اللَّهِ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ .
4- فَتَدَبَّرْ كَيْفَ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ
وَقَوْلُهُ فِي صِفَةِ أُولَئِكَ :
{ أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ }
حَالُ مَنْ يَكْتُمُ النُّصُوصَ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا مُنَازِعُهُ
حَتَّى إنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَحَادِيثِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ أَمْكَنَهُمْ
كِتْمَانُ الْقُرْآنِ لَكَتَمُوهُ لَكِنَّهُمْ يَكْتُمُونَ
مِنْهُ وُجُوهَ دَلَالَتِهِ مِنْ الْعُلُومِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْهُ
وَيُعَوِّضُونَ النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا يَكْتُبُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ
وَيُضِيفُونَهُ إلَى أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ .
{ بتصريف من مجموع الفتاوى لشيخ الاسلام }
واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين
انشرها فى كل موقع ولكل من تحب
واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين