انوار ودرر من مواعظ لقمان وحكمة
(ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد.
-هو لقمان بن عنقاء بن سدون
وكان رجلا صالحا ذا عبادة وعبارة وحكمة عظيمة.
ويقال كان قاضيا في زمن داود عليه السلام فالله أعلم.
قلت لجابر بن عبد الله ما انتهى إليكم في شأن لقمان ؟
قال: كان قصيرا أفطس من النوبة. ذو مشافر مشقق القدمين
مصفح القدمين أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة
جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله فقال له سعيد:
لا تحزن من أجل أنك أسود فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان
بلال ومهجع مولى عمر ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر.
فأتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم فقال له: ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟
أما سوادي فظاهر فما الذي يعجبك من أمري
قال وطئ الناس بساطك وغشيهم بابك ورضاهم بقولك
يا ابن أخي إن صنعت ما أقول لك كنت كذلك
غضي بصري وكفي لساني، وعفة مطمعي، وحفظي فرجي، وقيامي بعدتي، ووفائي بعهدي، وتكرمتي ضيفي، وحفظي جاري، وتركي ما لا يعنيني
وقد ذكر يوما لقمان الحكيم
ما أوتي عن أهل، ولا مال، ولا حسب، ولا خصال
ولكنه كان رجلا ضمضامة، سكيتا طويل التفكر، عميق النظر، لم ينم نهارا قط، ولم يره أحد يبزق، ولا يتنحنح، ولا يبول، ولا يتغوط، ولا يغتسل، ولا يعبث، ولا يضحك، وكان لا يعيد منطقا نطقه إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد
، وكان قد تزوج وولد له أولاد فماتوا فلم يبك عليهم
وكان يغشى السلطان ويأتي الحكام لينظر ويتفكر ويعتبر
أنه كان حكيما وليا ولم يكن نبيا،
وقد ذكره الله تعالى في القرآن فأثنى عليه،
وحكى من كلامه فيما وعظ به ولده الذي هو أحب الخلق إليه،
وهو أشفق الناس عليه فكان من أول ما وعظ به أن قال:
(يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)
فنهاه عنه وحذره منه.
وقد قال البخاري:
، عن علقمة عن عبد الله قال لما نزلت:
(الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم)
شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
إنه ليس بذاك ألم تسمع إلى قول لقمان: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)
ثم اخبر المولى عن لقمان فيما وعظ به ولده
-(يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الارض يأت بها الله إن الله لطيف خبير)
ينهاه عن ظلم الناس ولو بحبة خردل
فإن الله يسأل عنها ويحضرها حوزة الحساب ويضعها في الميزان
: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)
: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين)
وأخبره أن هذا الظلم لو كان في الحقارة كالخردلة، ولو كان في جوف صخرة صماء، لا باب لها ولا كوة، أو لو كانت ساقطة في شئ من ظلمات الارض أو السموات في اتساعهما وامتداد أرجائهما، لعلم الله مكانها
أي علمه دقيق فلا يخفى عليه الذر مما ترا آي للنواظر، أو توارى
: (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)
(وما من غائبة في السماء والارض إلا في كتاب مبين)
(عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين)
، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان "
أي أدها بجميع واجباتها من حدودها وأوقاتها وركوعها وسجودها وطمأنينتها وخشوعها وما شرع فيها واجتنب ما ينهى عنه فيها.
(وامر بالمعروف وانه عن المنكر)
أي إن استطعت باليد فباليد،
وذلك أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في مظنة أن يعادى وينال منه،
، ولهذا أمره بالصبر على ذلك ومعلوم أن عاقبة الصبر الفرج وقوله:
التي لا بد منها ولا محيد عنها.
لا تتكبر على الناس وتميل خدك حال كلامك لهم وكلامهم لك على وجه التكبر عليهم والازدراء لهم.
وأصل الصعر داء يأخذ الابل في أعناقها فتلتوي رؤوسها فشبه به الرجل المتكبر الذي يميل وجهه إذا كلم الناس أو كلموه على وجه التعظم عليهم.
وكنا قديما لا نقر ظلامة * إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها
: (ولا تمش في الارض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور)
ينهاه عن التبختر في المشية على وجه العظمة والفخر على الناس
(ولا تمش في الارض مرحا إنك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولا)
يعني لست بسرعة مشيك تقطع البلاد في مشيتك هذه،
ولست بدقك الارض برجلك تخرق الارض بوطئك عليها،
ولست بتشامخك وتعاظمك وترفعك تبلغ الجبال طولا،
فاتئد على نفسك فلست تعدو قدرك.
بينما رجل يمشي في برديه يتبختر فيهما، إذ خسف الله به الارض فهو يتجلل فيها إلى يوم القيامة
" إياك وإسبال الازار فإنها من المخيلة لا يحبها الله "
(إن الله لا يحب كل مختال فخور)
ولما نهاه عن الاختيال في المشي أمره بالقصد فيه،
فإنه لا بد له أن يمشي فنهاه عن الشر وأمره بالخير،
أي لا تتباطأ مفرطا ولا تسرع إسراعا مفرطا ولكن بين ذلك قواما
: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)
يعني إذا تكلمت لا تتكلف رفع صوتك، فإن أرفع الاصوات وأنكرها صوت الحمير.
-وقد ثبت في الصحيحين الامر بالاستعاذة عند سماع صوت الحمير بالليل فإنها رأت شيطانا \
- دليل على تعريف قبح رفع الصوت في المخاطبة والملاحاة بقبح أصوات الحمير لانها عالية.
- هذه الآية أدب من الله تعالى بترك الصياح في وجوه الناس تهاونا بهم، أو بترك الصياح جملة)
، ولهذا نهى عن رفع الصوت حيث لا حاجة إليه، ولا سيما عند العطاس فيستحب خفض الصوت، وتخمير الوجه كما ثبت به الحديث من صنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم
-فأما رفع الصوت بالاذان، وعند الدعاء إلى الفئة للقتال، وعند الاهلال ونحو ذلك فذلك مشروع
فهذا مما قصه الله تعالى عن لقمان عليه السلام في القرآن من الحكم والوصايا النافعة الجامعة للخير المانعة من الشر وقد وردت آثار كثيرة في أخباره ومواعظه وقد كان له كتاب يؤثر عنه يسمى
ونحن نذكر من ذلك ما تيسر إن شاء الله تعالى.
عن ابن عمر قال أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن لقمان الحكيم كان يقول إن الله إذا استودع شيئا حفظه "
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني إياك والتقنع فإنه مخونة بالليل مذمة بالنهار ".
وقال أيضا:
قال لقمان لابنه: " يا بني إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك "
يا بني إذا أتيت نادي قوم فادمهم بسهم الاسلام - يعني السلام - ثم اجلس بناحيتهم فلا تنطق حتى تراهم قد نطقوا، فإن أفاضوا في ذكر الله فاجل سهمك معهم، وإن أفاضوا في غير ذلك فحول عنهم إلى غيرهم:
(ولقد آتينا لقمان الحكمة)
قال الفقه والاصابة في غير نبوة.
: يا بني اتخذ طاعة الله تجارة تأتك الارباح من غير بضاعة.
يا بني اتق الله ولا تري الناس أنك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فاجر.
،
كان لقمان عبدا حبشيا نجارا فقال له سيده: ا*** لي شاة، ف*** له شاة،
فقال ائتني بأطيب مضغتين فيها فأتاه باللسان والقلب،
: أما كان فيها شئ أطيب من هذين.قال: لا.
فسكت عنه ما سكت ثم قال له ا*** لي شاة ف*** له شاة
وألق أخبثها مضغتين فرمى باللسان والقلب
.فقال أمرتك أن تأتيني بأطيبها مضغتين فأتيتني باللسان والقلب، وأمرتك أن تلقي أخبثها مضغتين فألقيت اللسان والقلب،
: إنه ليس شئ أطيب منهما إذا طابا،
-في هذا المعنى رفع أكثر من حديث من ذلك
" ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت الجسد كله ألا وهي القلب "
وجاء في اللسان قوله صلى الله عليه وسلم: "
من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة ;ما بين لحييه ورجليه ".
لا ترغب في ود الجاهل فيرى أنك ترضى عمله، ولا تهاون بمقت الحكيم فيزهده فيك.
ألا أن يد الله على أفواه الحكماء، لا يتكلم أحدهم إلا ما هيأ الله له.
يا بني ما ندمت على السكوت قط،
وإن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
يا بني اعتزل الشر يعتز لك فإن الشر للشر خلق.
قال لقمان لابنه وهو يعظه:
يا بني اختر المجالس على عينك، فإذا رأيت المجلس يذكر فيه الله عزوجل فاجلس معهم
فإنك إن تك عالما ينفعك علمك
وإن يطلع الله عليهم برحمة تصيبك معهم.
يا بني لا تجلس في المجلس الذي لا يذكر الله فيه،
فإنك إن تك عالما لا ينفعك علمك،
وان يطلع الله إليهم بعد ذلك بسخط يصيبك معهم
يا بني لا تغبطوا أمراء رحب الذراعين يسفك دماء المؤمنين فإن له عند الله قاتلا لا يموت.
وليكن وجهك بسطا تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء.
وقال
مكتوب في الحكمة أو في التوراة:
قال: ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لم يكن لقمان نبيا ولكن كان عبدا كثير التفكر حسن اليقين، أحب الله تعالى فأحبه
فمن عليه بالحكمة وخيره في أن يجعله خليفة يحكم بالحق.فقال: رب، إن خيرتني قبلت العافية وتركت البلاء ; وان عزمت علي فسمعا وطاعة
: قيل للقمان أي الناس أصبر ؟
قال من ازداد من علم الناس إلى علمه
ولكن الغني الذي إذا التمس عنده خير وجد وإلا أغنى نفسه عن الناس.
- وقال عبد الله بن أحمد:
، عن أبي سعيد قال قال لقمان لابنه
: يا بني لا يأكل طعامك إلا الاتقياء وشاور في أمرك العلماء.
واخر دعوانا ان الحمد للة رب العالمين
انشرها فى كل موقع ولكل من تحب