إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}
- هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع ، لتجتمع به الكلمة ، وتنفذ به أحكام الخليفة.
ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين . ودليلنا قول الله تعالى :
{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة : 30]
{يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ} [ص : 26] ،
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ}
أي يجعل منهم خلفاء ، إلى غير ذلك من الآي.
على تقديم الصديق بعد اختلاف وقع بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة في التعيين
منا أمير ومنكم أمير ، فدفعهم أبو بكر وعمر والمهاجرون عن ذلك ،
إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش ، ورووا لهم الخبر في ذلك ، فرجعوا وأطاعوا لقريش.
فلو كان فرض الإمام غير واجب لا في قريش ولا في غيرهم لما ساغت هذه المناظرة والمحاورة عليها ،
إنها ليست بواجبة لا في قريش ولا في غيرهم ، فما لتنازعكم وجه ولا فائدة في أمر ليس بواجب.
ثم إن الصديق رضي الله عنه لما حضرته الوفاة عهد إلى عمر في الإمامة ، ولم يقل له أحد هذا أمر غير واجب علينا ولا عليك ،
فدل على وجوبها وأنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المسلمين ،
اما في الأحاديث التي احتج بها في النص على علي رضي الله عنه ، وأن الأمة بهذا النص خالفت أمر الرسول
، منها قوله عليه السلام :
"من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" .
والمولى في اللغة بمعنى أولى ، فلما قال : "فعلي مولاه" بفاء التعقيب علم أن المراد بقوله "مولى" أنه أحق وأولى. فوجب أن يكون أراد بذلك الإمامة وأنه مفترض الطاعة ، وقوله عليه السلام لعلي :
"أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" .
ومنزلة هارون معروفة ، وهو أنه كان مشاركا له في النبوة ولم يكن ذلك لعلي ، وكان أخا له ولم يكن ذلك لعلي ، وكان خليفة ، فعلم أن المراد به الخلافة ، إلى غير ذلك مما احتجوا به
والجواب عن الحديث الأول :
و هو على نسق حديث ماقالة النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" مزينة وجهينة وغفار وأسلم موالي دون الناس كلهم ليس لهم مولى دون الله ورسوله" .
وهو أن الخبر وإن كان صحيحا رواه ثقة عن ثقة فليس فيه ما يدل على إمامته ، وإنما يدل على فضيلته ، وذلك أن المولى بمعنى الولي ، فيكون معنى الخبر :
{ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ}
وكان المقصود من الخبر أن يعلم الناس أن ظاهر علي كباطنه
وهو أن هذا الخبر ورد على سبب ، وذلك أن أسامة وعليا اختصما ،
أنت مولاي. فقال : لست مولاك ، بل أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال :
"من كنت مولاه فعلي مولاه" .
وهو أن عليا عليه السلام لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك في عائشة رضي الله عنها : النساء سواها كثير. شق ذلك عليها ، فوجد أهل النفاق مجالا فطعنوا عليه وأظهروا البراءة منه ،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا المقال ردا لقولهم ، وتكذيبا لهم فيما قدموا عليه من البراءة منه والطعن فيه ، ولهذا ما روي عن جماعة من الصحابة أنهم قالوا :
ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ببغضهم لعلي عليه السلام.
فلا خلاف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد بمنزلة هارون من موسى الخلافة بعده ، ولا خلاف أن هارون مات قبل موسى عليهما السلام –
" - وما كان خليفة بعده وإنما كان الخليفة يوشع بن نون ، فلو أراد بقوله :
" أنت مني بمنزلة هارون من موسى"
أنت مني بمنزلة يوشع من موسى ، فلما لم يقل هذا دل على أنه لم يرد هذا ، وإنما أراد أني استخلفتك على أهلي في حياتي وغيبوبتي عن أهلي ، كما كان هارون خليفة موسى على قومه لما خرج إلى مناجاة ربه.
إن هذا الحديث خرج على سبب ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة تبوك استخلف عليا عليه السلام في المدينة على أهله وقومه ، فأرجف به أهل النفاق
إنما خلفه بغضا وقلى له ، فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال له : إن المنافقين قالوا كذا وكذا!
"كذبوا بل خلفتك كما خلف موسى هارون" .
"أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"
. وإذا ثبت أنه أراد الاستخلاف على زعمهم فقد شارك عليا في هذه الفضيلة غيره ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف في كل غزاة غزاها رجلا من أصحابه ، منهم :
ابن أم مكتوم ، ومحمد بن مسلمة وغيرهما من أصحابه ، على أن مدار هذا الخبر على سعد بن أبي وقاص وهو خبر واحد.
وهي اربعة عشر مسالة :
الأول :
أن يكون من صميم قريش ، لقوله صلى الله عليه وسلم :
أن يكون ممن يصلح أن يكون قاضيا من قضاة المسلمين مجتهدا لا يحتاج إلى غيره في الاستفتاء في الحوادث ،
أن يكون ذا خبرة ورأي حصيف بأمر الحرب وتدبير الجيوش وسد الثغور وحماية البيضة وردع الأمة والانتقام من الظالم والأخذ للمظلوم
أن يكون ممن لا تلحقه رقة في إقامة الحدود ولا فزع من ضرب الرقاب ولا قطع الأبشار والدليل على هذا كله إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، لأنه لا خلاف بينهم أنه لا بد من أن يكون ذلك كله مجتمعا فيه ، ولأنه هو الذي يولي القضاة والحكام ، وله أن يباشر الفصل والحكم ، ويتفحص أمور خلفائه وقضاته ، ولن يصلح لذلك كله إلا من كان عالما بذلك كله قيما به.
أن يكون حرا ، ولا خفاء باشتراط حرية الإمام وإسلامه وهو السادس .
السادس :
أن يكون ذكرا ، سليم الأعضاء وهو . وأجمعوا على أن المرأة لا يجوز أن تكون إماما وإن اختلفوا في جواز كونها قاضية فيما تجوز شهادتها فيه
أن يكون بالغا عاقلا ، ولا خلاف في ذلك
الثامن :
أن يكون عدلا ، لأنه لا خلاف بين الأمة أنه لا يجوز أن تعقد الإمامة لفاسق ، ويجب أن يكون من أفضلهم في العلم " .
وفي التنزيل في وصف طالوت :
{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة : 247]
فبدأ بالعلم ثم ذكر ما يدل على القوة وسلامة الأعضاء.
معناه اختاره ، وهذا يدل على شرط النسب.
أن يكون معصوما من الزلل والخطأ ، ولا عالما بالغيب ، ولا أفرس الأمة ولا أشجعهم ،
ولا أن يكون من بني هاشم فقط دون غيرهم من قريش ،
فإن الإجماع قد انعقد على إمامة أبي بكر وعثمان وليسوا من بني هاشم.
يجوز نصب المفضول مع وجود الفاضل
خوف الفتنة وألا يستقيم أمر الأمة ، وذلك أن الإمام إنما نصب لدفع العدو وحماية البيضة وسد الخلل واستخراج الحقوق وإقامة الحدود وجباية الأموال لبيت المال وقسمتها على أهلها. فإذا خيف بإقامة الأفضل الهرج والفساد وتعطيل الأمور التي لأجلها ينصب الإمام كان ذلك عذرا ظاهرا في العدول عن الفاضل إلى المفضول ، ويدل على ذلك أيضا علم عمر وسائر الأمة وقت الشورى بأن الستة فيهم فاضل ومفضول
، وقد أجاز العقد لكل واحد منهم إذا أدى المصلحة إلى ذلك واجتمعت كلمتهم عليه من غير إنكار أحد عليهم ،
الإمام إذا نصب ثم فسق بعد انبرام العقد
إنه تنفسخ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم ، .
لا ينخلع إلا بالكفر أو بترك إقامة الصلاة أو الترك إلى دعائها أو شيء من الشريعة ، لقوله عليه السلام في حديث عبادة :
"وألا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان"
"لا ما أقاموا فيكم الصلاة"
وعن أم سلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع–
يا رسول الله ألا نقاتلهم ؟
". أي من كره بقلبه وأنكر بقلبه.
- ويجب عليه أن يخلع نفسه إذا وجد في نفسه نقصا يؤثر في الإمامة.
فأما إذا لم يجد نقصا فهل له أن يعزل نفسه ويعقد لغيره ؟
اختلف الناس فيه ، فمنهم من قال : ليس له أن يفعل ذلك وإن فعل لم تنخلع إمامته. ومنهم من قال :
والدليل على أن الإمام إذا عزل نفسه انعزل
قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه :
لا نقيلك ولا نستقيلك ، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فمن ذا يؤخرك! رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا فلا نرضاك!
فلو لم يكن له أن يفعل ذلك لأنكرت الصحابة ذلك عليه
ليس لك أن تقول هذا ، وليس لك أن تفعله. فلما أقرته الصحابة على ذلك علم أن للإمام أن يفعل ذلك ،
ولأن الإمام ناظر للغيب فيجب أن يكون حكمه حكم الحاكم ، والوكيل إذا عزل نفسه. فإن الإمام هو وكيل الأمة ونائب عنها ،
ولما اتفق على أن الوكيل والحاكم وجميع من ناب عن غيره في شيء له أن يعزل نفسه ، وكذلك الإمام بجب أن يكون مثله.
إذا انعقدت الإمامة باتفاق أهل الحل والعقد أو بواحد على ما تقدم وجب على الناس كافة مبايعته على السمع والطاعة ، وإقامة كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن تأبى عن البيعة لعذر عذر ، ومن تأبى لغير عذر جبر وقهر ، لئلا تفترق كلمة المسلمين. وإذا بويع لخليفتين فالخليفة الأول و*** الآخر ، واختلف في ***ه هل هو محسوس أو معنى فيكون عزله ***ه وموته. والأول أظهر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إذا بويع لخليفتين فا***وا الآخر منهما"
. رواه أبو سعيد الخدري أخرجه مسلم.
وفي حديث عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول : "ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه أن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوه عنق الآخر" .
"فاضربوه بالسيف كائنا من كان" .
وهذا أدل دليل على منع إقامة إمامين ، ولأن ذلك يؤدي إلى النفاق والمخالفة والشقاق وحدوث الفتن وزوال النعم ، لكن إن تباعدت الأقطار وتباينت كالأندلس وخراسان جاز ذلك ، .
لو خرج خارجي على إمام معروف العدالة وجب على الناس جهاده ، فإن كان الإمام فاسقا والخارجي مظهر للعدل لم ينبغ للناس أن يسرعوا إلى نصرة الخارجي حتى يتبين أمره فيما يظهر من العدل ، أو تتفق كلمة الجماعة على خلع الأول ، وذلك أن كل من طلب مثل هذا الأمر أظهر من نفسه الصلاح حتى إذا تمكن رجع إلى عادته من خلاف من ما أظهر.
فأما إقامة إمامين أو ثلاثة في عصر واحد وبلد واحد فلا يجوز إجماعا لما ذكرنا.
والذي عندي فيه أن عقد الإمامة لشخصين في صقع واحد متضايق الخطط والمخاليف غير جائز وقد حصل الإجماع عليه.
فأما إذا بعد المدى وتخلل بين الإمامين شسوع النوى فللاحتمال في ذلك مجال وهو خارج عن القواطع.
يجوز ذلك في إقليمين متباعدين غاية التباعد لئلا تتعطل حقوق الناس .
والجواب أن ذلك جائز لولا منع الشرع منه ،
فلم يدع الإمامة لنفسه وإنما ادعى ولاية الشام بتولية من قبله من الأئمة.
ومما يدل على هذا إجماع الأمة في عصرهما على أن الإمام أحدهما ، ولا قال أحدهما إني إمام ومخالفي إمام.
العقل لا يحيل ذلك وليس في السمع ما يمنع منه.
الداعى للخير كفاعلة----------------==============
===============لاتنسى===================
=======جنة عرضها السموات والارض======
======سؤال رب العالمين ======
=======ماذا قدمت لدين الله======
====انشرها فى كل موقع ولكل من تحب واغتنمها فرصة اجر كالجبال=======