6-لدفع بلاءٍ أشد
أي أن البلاء أحياناً ينزل بالعبد ليدفع عنه بلاءً أشد وأكبر قد لا يعلمه، الله تعالى يعلمه، كما في قوله تعالى:
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (
فالقتال وما يترتب عليه من *** وجراحات وآلام بلاء عظيم،
ولكنه شُرع لدفع بلاء أشد وأعظم مما يمكن أن يترتب على ال*** والقتال، وإن كان هذا الشر المترتب على ترك القتال ـ على المدى القريب ـ لا نعلمه .. أو كان الخير الراجح المترتب على ال*** والقتال كذلك نجهله ولا نعلمه .. فإن الله يعلمه
) وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (.
بل كم من خيرٍ أحدنا يتمناه ويسعى له سعيه
ثم يتبين له فيما بعد أن هذا الخير كان شراً محضاً وأن الخير كل الخير في أن الله تعالى لم يقدره له
فيحمد الله على ذلك
وما أكثر القصص والشواهد الدالة على ذلك لو أردنا الاستدلال على ذلك!
وكم من شرٍّ يكرهه الإنسان ويحذره، ويتمنى لو أنه لم ينزل بساحته
ثم فيما بعد يتبين له أن هذا الشر الذي كان يكرهه ويحذره ولا يريده ولا يتمناه كان خيراً .. فيحمد الله تعالى أن قدره له .. وما أكثر القصص والشواهد الدالة على ذلك لو أردنا الاستدلال على ذلك.
وفي الحديث فقد صح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال:
" ألا تسألوني مما ضحكت؟
قلنا يا رسول الله مما ضحكت؟ قال
: رأيت ناساً من أمتي يُساقون إلى الجنة في السلاسل ما أكرهها إليهم!
قلنا من هم؟ قال
: قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلون في الإسلام "
وفي الأثر:
" لو اطلعتم على الغيب لرضيتم بالواقع ".
لأن الله تعالى لا يصدر عنه إلا الحكمة والعدل المطلق، علم من علم وجهل من جهل .. ورضي من رضي وسخط من سخط!
7-ليعود العبد إلى خالقه
فمن مقاصد البلاء وغاياته كذلك أن يُعيد العبد إلى رشده وصوابه، وإلى خالقه إن كان العبد من ذوي الطغيان والنسيان والمعاصي والشرود عن الطاعة،
وما أكثر هذا الصنف من الناس في هذا الزمان!
من الناس من تجده قد تمادى في غيه وظلمه وطغيانه
لا تؤثر به الموعظة ولا الكلمة
فيحتاج إلى بلاء ينزل بساحته يذكره بربه وبحقه عليه
والغاية من وجوده في هذه الحياة
ويُعيده إلى الرشد والصواب.
كثير هم الذين لا يذكرون الله
ولا يقولون يا رب
ولا يعرفون للرب جلا وعلا حقاً
إلا بعد نزول البلاء بساحتهم
فيتنبهون
فيستغفرون ويتوبون!
الله تعالى من صفاته أنه غيور .. يغار على عباده .. لا أحد أغير منه جلا وعلا .. وهو
عندما يرى عبده قد تناوشته الأهواء والمشارب الباطلة .. وضل عنه إلى ما سواه .. فانصرف عن عبادته وطاعته إلى عبادة وطاعة ما سواه
ثم هو مع ذلك لا يردعه ولا يوقفه عن غيه خطاب ولا تذكير ..
نرى أن الله تعالى يُقدر عليه البلاء الذي يوقظه من ثباته وسكرته، ويعيده إلى جادة الحق والصواب، والطاعة والاستقامة.
كما قال تعالى:
) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ
أي بالفقر والضيق في العيش،
) وَالضَّرَّاءِ (
وهي الأمراض والأسقام والآلام،
) لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (
. أي يدعون الله ويتضرعون إليه ويخشعون
وهو الغاية والمقصد من نزول البأساء والضراء بهم لو كانوا يعلمون.
وقال تعالى:
) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا (،
قال ابن كثير في التفسير:
أي يبتليهم بنقص الأموال والأنفس والثمرات اختباراً منه لهم ومجازاة على صنيعهم
) لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
أي عن المعاصي ويتقون الله.
ونحو ذلك قوله تعالى:
) وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ (
أي بالرخاء والشدة
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (
عن المعاصي ويدخلون في التوبة والاستغفار، والطاعة والاستقامة.
لكن هناك فريق من الناس من ذوي الكفر المركب والمغلظ لا ينفع معه سراء ولا ضراء، ولا رخاء ولا شدة؛ فإن أخذوا بالسراء وبلاء الرخاء ازدادوا طغياناً وكفراً وفسوقاً،
وإن أخذوا بالضراء والشدة ازدادوا كذلك عناداًً وطغياناً وكفراً وإعراضاً،
والقرآن الكريم قد أشار لهذا الصنف من الناس، كما قال تعالى:
) وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ . وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (
وقال تعالى:
) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
فهم لشدة كفرهم وقساوة قلوبهم لا يتضرعون إلى الله بالدعاء والاستغفار والإنابة ليكشف عنهم الضراء!
وهؤلاء سنة الله تعالى فيهم الهلاك، والدمار، والزوال، ولو بعد حين، كما قال تعالى:
) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً
وقال تعالى:
) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ (
88888888888888888888888888888888888888888888888888 888888888888888888888888
88888888888888888888888888888888888888888888888888 8
88888888888888888888888888888888
88888888888888888888888888
88888888888888
وان الحمد لله رب العالمين
يتبع ان شاء الله فى التعليقات لطول الموضوع