القصيدة كما تبدو للمتأمل مثال واضح على منطقية التصميم وإحكام التشكيل فقد توزع موقف الشاعر في حيرته وبحثه عن حقيقة النفس على ستة عناصر من الطبيعة يرى نفسه تتجاوب مع كل منها بما يتفق مع طبيعته وهذه العناصر هي : البحر والرعد والبرق والريح والفجر والشمس والبلبل وكل عنصر من هذه العناصر يشغل مقطعاً شعرياً مستقلاً في تكوينه لكنه متصل في الوقت نفسه ببقية المقاطع اتصالاً ينبع من تجانس أجزاء الموقف ووحدة التشكيل الشعري . وهكذا تبدو تلك المقاطع أشبه بموجات متوالية على مستوى واحد من القوة تتلاحق ولا تتداخل ويعزز بعضه بعضاً حتى تنتهي إلى مصب واحد وهو المقطع السابع والأخير الذي يصل فيه الشاعر للاهتداء إلى حقيقة النفس .
جاءت القصيدة تنزع إلى التأمل والبحث عن أسرار الكون والإنسان على النسق المقطعي (أي نظام المقطوعات) إذ تتألف من سبعة مقاطع إلا أن المقاطع الستة الأولى تتماثل في عدد الأبيات ، فكل منها يتكون من ستة أبيات تتساوى الأربعة الأولى منها في عدد تفعيلاتها على حين يكون لكل بيتين متواليين قافية واحدة ، فالبيت الأولى والثاني بقافية والثالث والرابع بقافية أخرى ومع تساوى البيتين الخامس والسادس في طولهما فإنهما لا يتحدان في القافية دائماً إن كان البيت السادس موحد القافية في المقاطع الستة أما المقطع السابع فهو يتكون من خمسة أبيات فقط .
|