عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 17-06-2017, 01:45 PM
سراج منير سراج منير غير متواجد حالياً
عضو خبير
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 708
معدل تقييم المستوى: 8
سراج منير is on a distinguished road
افتراضي


تغميض عينية

-ولم يكن من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تغميضُ عينيه في الصلاة، وقد تقدم أنه كان في التشهد يُومىء ببصره إلى أصبعه في الدعاء، ولا تجَاوِزُ بَصرهُ إشارتَه
وذكر البخاري في "صحيحه" عن أنس رضي الله عنه قال: كان قِرَامٌ لعائشة، سترت به جانِبَ بيتها، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمِيطِي عَنِّي قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَة لاَ تَزَالَ تصاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي في صَلاَتِي " ولو كان يُغمض عينيه في صلاته، لما عَرَضَتْ له في صلاته.

-، وأبينُ دلالةَ منه حديثُ عائشة رضي الله عنها، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى في خَمِيصَةٍ لها أعلامٌ، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: "اذْهَبُوا بِخَمِيصَتي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ، وأْتُونِي بِانْبِجانِيَّةِ أَبِي جَهمٍ، فَإِنَّهَا أَلْهَتْنى آنفاً صَلاَتِي".

وكذلك على ذلك مَدُّ يده في صلاة الكسوف ليتناولَ العُنقود لما رأى الجنة، وكذلك رؤيتهُ النَّارَ وصاحبةَ الهرة فيها، وصاحِبَ المِحْجَنِ وكذلك حديثُ مدافعته للبهيمة التي أرادت أن تمر بين يديه، وردُّه الغلامَ والجارية، وحجزُه الجاريتين، وكذلك أحاديثُ ردِّ السلام بالإِشارة على من سلم عليه والصلاة، فإنه إنما كان يُشير إلى من يراه، وكذلك حديثُ تعرُّضِ الشيطان له فأخذه فخنفه، وكان ذلك رؤيةَ عين،

-فهذه الأحاديثُ وغيرُها يُستفاد مِن مجموعها العلم بأنه لم يكن يُغْمِضُ عينيه في الصلاة.

-الفصل فى المسالة
وقد اختلف الفقهاء في كراهته، فكرِهه الإِمامُ أحمد وغيرُه، وقالوا:هو فعلُ اليهود، وأباحه جماعة ولم يكرهوه، وقالوا: قد يكونُ أقربَ إلى تحصيل الخشوع الذي هو روحُ الصلاة وسرُّها ومقصودها. والصواب أن يُقال: إن كان تفتيحُ العين لا يُخِلُ بالخشوع، فهو أفضل، وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق أو غيره مما يُشوش عليه قلبه، فهنالك لا يُكره التغميضُ قطعاً، والقولُ باستحبابه في هذا الحال أقربُ إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهة، والله أعلم.


القول بعد الانصراف من الصلاة:

: فيما كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوله بعد انصرافه من الصلاة، وجلوسِه بعدَها، وسرعةِ الانتقال منها، وما شرعه لأمته من الأذكار والقراءة بعدها

1-كان إذا سلم، استغفر ثلاثاً، وقال: "اللهُمَّ أَنْتَ السَّلاَمُ، ومنكَ السلاَمُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ"
ولم يمكث مستقبِلَ القِبلة إلا مقدارَ ما يقولُ ذلك، بل يُسرع الانتقالَ إلى المأمومين.

2-الانصراف
-وكان ينفتِل عن يمينه وعن يساره، وقال ابن مسعود: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثيراً ينصرِف عن يساره. الصحيحين -وقال أنس: أكثرُ ما رأيتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصرف عن يمينه، "مسلم" -وقال عبد الله بن عمرو: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفتِلُ عن يمينه وعن يساره في الصلاة.


3-ثم كان يُقبِل على المأمومين بوجهه، ولا يخصُّ ناحيةً منهم دون ناحية.
4-وكان إذا صلى الفجرَ، جلس في مصلاه حتى تَطْلُعَ الشمسُ.
5-وكان يقولُ في دُبُر كلِّ صلاة مكتوبة: " لاَ إله إِلاَّ الله وَحْدَه لاَ شَرِيكَ لَهُ،له المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ، اللهُمَّ لاَ مَانعَ لِمَا أَعْطَيْتَ،وَلا معْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ"

6-وكان يقول: " لاَ إله إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلهُ الْحَمدُ، وَهوَ عَلَى كُلِّ شَيء قَديرٌ، وَلاَ حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بالله، لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ، وَلا نَعْبُدُ إلاَ إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلًهُ الَفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لاَ إله إِلاًّ اللًّهُ، مُخْلصينَ لَهُ الدًّينَ وَلَو كَرِه الْكَافِرُونَ"
7- كان إذا سلَّم من الصلاة قال: " اللهُمَّ اغْفرْ لي مَا قَدًّمْتُ، وَمَا أخَّرْت، وَمَا أسْرَرْتُ، وَمَا أعْلَنْتُ، وَمَا أسْرَفتُ، وَمَا أنْتَ أَعْلَمُ به منِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ، وَأنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إلهَ إِلا اْنْتَ". مسلم
. ولمسلم فيه لفظان أحدُهما: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقوله بين التشهد والتسليم، وهذا هو الصواب
والثاني: كان يقوله بعد السلام، ولعله كان يقوله في الموضعين،

8-.وندب أمته إلى أن يقولُوا في دُبر كل صلاة:

$- سُبحانَ اللهِ ثلاثاًوثلاثون والحمدُ للَّهِ كذلك، واللهُ أكبرُ كذلك، وتمام المائة: لا إلهَ إلا الله وَحْدَه لا شريك له، لَهُ المُلْك وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَعلى كُلِّ شيءٍ قدير.
$-وفي صفة أخرى: التكبيرُ أربعاً وثلاثين فتتم به المائه

$-وفي صفة أخرى: "خمساً وعشرين تسبيحة، ومثلها تحميدة، ومثلها تكبيرة، ومثلها لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شَرِيكَ له، له الملكُ وله الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِير"
$-وفي صفةٍ أخرى: "عشر تسبيحات، وعشر تحميدات، وعشر تكبيرات"

والذى يظهر لفظ الحديث "يُسَبِّحُونَ وَيَحْمَدُونَ، وَيُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين"

ابن القيم وصفة التسبيح :

وإنما مُرَادُه بهذا أن يكون الثلاث والثلاثون في كل واحدة من كلماتِ التسبيح والتحميد والتكبير، اى "قولوا: "سُبحانَ اللهِ، والحَمْدُ للَّه، والله أكبر، ثلاثاً وثلاثين" لأن راوي الحديث سُمي عن أبي صالح السمان، وبذلك فسره أبو صالح قال: قولوا: "سُبحانَ الله والحمدُ للَّهِ، واللهُ أكبر، حتى يكون منهن كُلِّهن ثلاث وثلاثون".

دبر صلاة الفجر وهو ثانى رجلة


1-كما في السنن من حديث أبي ذر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أن يَتكَلَّمَ، لاَ إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ يُحيِي وَيُمِيتُ وهو عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّات، كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهَُ عشر سَيِّئَاتٍ، وَرُفعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذلِكَ كُلَّهُ في حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوه وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذلِكَ الْيَوْم إِلاَّ الشِّرْكَ بالله " الصحيحة

عند النوم :

1-وفي "مسند الإِمام أحمد" من حديث أم سلمة، أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علَّم ابنته فاطمة لما جاءت تسأله الخادم، فأمرها: أن تسبِّحَ الله عند النوم ثلاثاً وثلاثين، وتحمدَه ثلاثاً وثلاثين، وتكبِّره ثلاثاً وثلاثين، وإذا صلَّت الصبحَ أن تقول: "لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَبَعْدَ صَلاَةِ المَغْربِ، عَشْرَ مَرَّات ".
2-وفي "صحيح ابن حبان" عن أبي أيوب الأنصاري يرفعه: "مَنْ قَالَ إِذا أَصْبَحَ: لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْد وَهُوَ عَلَى كُلَ شىء قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كُتِبَ لَهُ بِهِنَّ عَشرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ بِهِنَّ عَشْرُ سَيئَاتٍ، وَ لَهُ بهنَّ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكُنَّ لَهُ عِدْلَ عَتَاقَةِ أَرْبَع رِقَابٍ، وَكُنَّ لَهُ حَرَساً مِنَ الشيطان حَتَى يُمْسِى، وَمَنْ قَالَهُنَّ إِذَا صَلَّى المَغْرِبَ دُبُرَ صَلاتِهِ فَمِثْلُ ذلِكَ حَتَّى يُصْبِحَ "

و في الاستفتاح كان يقول : "اللهُ أكبرُ عشراً، والحمدُ للَّهِ عشراً وسبحانَ اللَهِ عشراً، وَلاَ إلهَ إِلاَّ اللَهُ عَشْراً، ويستغفِرُ الله عشرا، ويقول: اللهم، اغفر لي، وَاهْدِني وارزقني عشراً، ويتعوذ مِن ضِيق المقام يوم القيامة عشراً"

-فالعشر في الأَذكار والدعوات كثيرة.

يقولُ عند انصرافه من صلاته

1-وقد ذكر أبو حاتم في "صحيحه"، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقولُ عند انصرافه من صلاته: "اللهُمَّ أصْلحْ لِي دِينِي الَّذي جَعَلْتَهُ عِصْمَةَ أَمْرِي، وَأَصْلحْ لي دُنْيايَ،التى جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ من نِقْمَتِكَ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ مَانعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ".
2-" عن أبي أيوب أنه قال: ما صليتُ وراء نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا سمعتُه حِين ينصرِفُ مِن صلاته يقول: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِي خطَايَايَ وَذُنُوبِي كُلَّهَا، اللهُمَّ أَنْعِمْنِي وَأَحْينِي وَارْزُقنِي، وَاهْدِنِي لِصَالِح الأعْمَالِ والأَخلاَقِ، إِنَّهُ لاَ يَهْدِي لِصَالِحِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَلاَ يَصْرِفُ عَنْ سَيئِهَا إِلاَّ أَنْتَ".

3- : قال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِي في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبة، لَم يَمْنعهُ من دُخُولِ الجَنَّةِ إِلاَّ أَنْ يَموتَ ". وفى رواية قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ في دُبُرِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ، كَانَ في ذِمَّةِ اللهِ إِلَى الصَّلاَةِ الأُخْرَى "

ابن تيمية : قال: ما تركتُها عقيبَ كُلِّ صلاة.

4-عن عُقبة بن عامر قال: "أمرني رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن أقرأ بالمُعَوِّذَاتِ في دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ ولفظ الترمذي "بالمعوذتين".
5-وأوصى معاذاً أن يقول في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ: "اللهمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ"
وَدُبُرُ الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده، وكان شيخنا يُرجِّح أن يكون قبل السلام، فراجعته فيه، فقال: دُبُرُ كُلِّ شيء منه، كدُبُرِ الحيوان.

اصلاة الى الجدار :

1-وكان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى إلى الجِدار، جعل بينه وبينه قدر ممرِّ الشاة، ولم يكن يتباعَدُ منه، بل أمر بالقُرب من السُّترة، وكان إذا صلَّى إلى عُود أو عَمود أو شَجرة، جعله على حاجبه الأيمنِ أو الأيسر، ولم يَصْمُد له صمداً، وكان يَرْكُزُ الحَربة في السفر والبرِّيَّة، فيُصلي إليها، فتكون سترتَه، وكان يُعَرِّض راحلته، فيُصلي إليها، وكان يأخذُ الرحل فيَعْدِلُه فيصلي إلى آخِرتِه، وأمر المصلي أن يستترِ ولو بِسهم أو عصا، فإن لم يجد فليخطَّ خطاً في الارض،

وقال عبد الله: الخط بالطول، وأما العصا، فتُنصب نصباً، فإن لم يكن سُترة، فإنه صح عنه أنه يقطع صلاتَه، "المرأةُ والحِمارُ والكلبُ الأسودُ".

-. وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي وعائشةُ رضي الله عنها نائمة في قبلته

وكأنَّ ذلك ليس كالمَارِّ، فإن الرجل محرَّم عليه المرورُ بين يدي المصلي، ولا يُكره له أن يكون لابثاً بين يديه، وهكذا المرأةُ يقطع مرورُها الصلاةَ دون لُبثها، والله أعلم.


: في هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السنن الرواتب
1-كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحافظ على عشر ركعات في الحضر دائماً، وهى التي

-قال فيها ابن عمر: "حَفِظْتُ مِن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرَ ركعات: ركعتين قبل الظُّهرِ، وركعتين بعدَها وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتينِ بعد العشاء في بيته، وركعتينِ قبلَ الصُّبح". فهذه لم يكن يدعُها في الحضر أبداً،

- ولما فاتته الركعتانِ بعد الظهر قضاهما بعد العصر، وداوم عليهما، لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا عَمِلَ عَملاً أثبته، وقضاء. السنن الرواتب في أوقات النهى عام له ولأمته، وأما المداومة على تلك الركعتين في وقت النهي، فمختص به

-. وكان يُصلِّي أحياناً قبلَ الظهر أربعاً، كما في "صحيح البخاري" عن عائشة رضي الله عنها أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ لاَ يَدَعُ أَرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْر، وركعتين قبل الغداة "،

-: كان يفعلُ هذا، ويفعل هذا، فحكى كلٌّ عن عائشة وابن عمر ما شاهده، والحديثان صحيحان

قضاء الاربع

1-وفي السنن أيضاً عن عائشةَ رضي الله عنها: "أن رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان إذا لم يُصلِّ أربعاً قبل الظهر، صلاهُنَّ بعدها" وقال ابن ماجه: "كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا فاتته الأربعُ قبل الظهر، صلاَّها بعد الركعتين بعد الظهر" وفي التِّرمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي أربعاً قبل الظهر، وبعدها ركعتين". وذكر ابن ماجه أيضاً عن عائشة: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يصلي أربعاً قبل الظهر، يطيل فِيهِنَّ القِيام، ويحسن فيهن الركوعَ والسجود" -فهذه- والله أعلم - هي الأربع التي أرادت عائشة أنه كان لا يدعهن


-. وقد روى مسلم في "صحيحه" من حديث أمِّ حبيبة قالت: سمعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "مَنْ صَلَّى في يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَة، بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْت في الجَنَةِ " وزاد النسائي والترمذي فيه: "أَرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بعدها، وركعتينِ بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر" قال النسائي: "وركعتين قبل العصر" (بدل) "وركعتين بعد العشاء" وصححه الترمذي

-وذكر ابن ماجه عن عائشة ترفعه: "مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةَ مِنْ السُّنَّةِ، بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ: أَرْبعاً قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَها، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ".

$$-وأما الأربع قبل العصر،: فلم يصحَّ عنه عليه السلام في فعلها


$$-وأما الركعتان قبل المغرب،

- فإنه لم يُنقل عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يُصليهما، وعنه أنه أَقرَّ أصحابه عليهما، وكان يراهم يصلونهما، فلم يأمرهم ولم ينههم،

- وفى "الصحيحين" عن عبد الله المُزني، عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "صلُوا قَبْلَ المَغْرِبِ صلُّوا قَبلَ المَغْرِبِ " قال في الثَّالِثَةِ : "لِمَنْ شَاءَ كَرَاهَةَ أن يتخذها الناسُ سنة " وهذا هو الصوابُ في هاتين الركعتين، أنهما مُسْتَحبَّتَانِ مندوبٌ إليهما، وليستا راتبة كسائر السنن الرواتب.


0وكان يُصلي عامةَ السنن، والتطوع الذي لا سبب له في بيته، لا سيما المغرب، فإنه لم يُنقل عنه أنه فعلها في المسجد البتة.
وقال الإِمام أحمد في رواية حنبل: السنة أن يُصليَ الرجلُ الركعتينِ. المغرب في بيته، كذا رُويَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.

- قال السائب بن يزيد: رأيتُ الناس في زمن عمر بن الخطاب، إذا انصرفوا من المغرب، انصرفوا. حتى لا يَبقى في المسجد أحد، كأنهم لا يُصلون بعد المغرب حتى يصيروا إلى أهليهم انتهى كلامه.

فإن صلَّى الركعتين في المسجد، فهل يجزئ عنه، وتقع موقعها؟

- اختلف قولُه، فروى عنه ابنُه عبد الله أنه قال: بلغني عن رجل سماه أنه قال: لو أن رجلاً صلَّى الركعتين بعد المغرب في المسجد ما أجزأه؟ فقال: ما أحسنَ ما قال هذا الرجلُ، وما أجودَ ما انتزع وليس هذا وجهَه عند أحمد رحمه الله، وانما وجهُه أن السنن لا يُشترط لها مكان معين، ولا جماعة، فيجوزُ فعلها في البيت والمسجد، والله أعلم.

وفي سنة المغرب سنتان، إحداهما: أنه لا يُفصل بينها وبين المغرب بكلام،

- قال أحمد رحمه الله: يستحب ألا يكون قبل الركعتين بعد المغرب إلى أن يُصَلِّيَهما كلامٌ

-وقال الحسن بن محمد: رأيت أحمد إذا سلم من صلاة المغرب، قام ولم يتكلم، ولم يركع في المسجد قبل أن يدخل الدار، والسنة الثانية: أن تفعل في البيت، كما في الصحيح عن ابن عمر: حَفِظْتُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عشرَ ركعات: ركعتين قبلَ الظُّهر، وركعتينِ بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح.
وفي "صحيح مسلم" عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي في بيتي أربعاً قبل الظهر، ثم يخرج فيُصلي بالناس، ثم يدخُل فيُصلي ركعتين، وكان يُصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيُصلي ركعتين، ويُصلي، بالناس العشاء، ثم يدخل بيتي فيُصلي ركعتين.

وكذلك المحفوظ عنه في سنة الفجر، إنما كان يُصليها في بيته

". وكان هديُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعلَ السنن، والتطوع في البيت إِلا لِعارض، كما أن هديَه كان فِعلَ الفرائض في المسجد إِلا لِعارض من سفر، أو مرض، أو غيره مما يمنعُه من المسجد، وكان تعاهده ومحافظته على سنة الفجر أشدَّ مِن جميع النوافل.
ولذلك لم يكن يدعُها هي والوترَ سفراً وحضراً، وكان في السفر يُواظب على سنة الفجر والوتر أشدَّ مِن جميع النوافل دون سائر السنن، ولم يُنقل عنه في السفر أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى سنة راتبة غيرَهما

وقد اختلف الفقهاءُ: أيُّ الصلاتين آكدُ، سنة الفجر أو الوتر؟ قولين: ولا يمكن الترجيحُ باختلاف الفقهاء في وجوب الوتر، فقد اختلفوا أيضاً في وجوب سنة الفجر،

- وسمعت شيخَ الإِسلام ابن تيمية يقول: سنة الفجر تجري مجرى بداية العمل، والوتر خاتمته. ولذلك كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى سنة الفجر والوتر بسورتي الإِخلاص، وهما الجامعتان لتوحيدِ العلم والعمل، وتوحيدِ المعرفة والإِرادة، وتوحيدِ الاعتقادِ والقصد، انتهى.


{قُل هُوَ اللهُ أَحَد} تعدِل ثلثَ القران.


الاضجاع بعد سنة الفجر

وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضطجع بعد سنة الفجر على شِقه الأيمن، هذا الذي ثبت عنه فى "الصحيحين" من حديث عائشة رضي الله عنها


، وأما ابن حزم : ومن تابعه، فإنهم يوجبون هذه الضجعة، ويُبطل ابن حزم صلاةَ من لم يضجعها بهذا الحديثِ، وهذا مما تفرد به عن الأمة،

وذكر عن أنسَ بن مالك رضي الله عنهم، كانوا يضطجعون بعد ركعتي الفجر، ويأمرون بذلك،

وذكر أن ابن عمر كان لا يفعله، ويقول: كفانا بالتسليم.

وقد غلا في هذه الضجعة طائفتان، وتوسط فيها طائفةّ ثالثة، فأوجبها جماعة من أهل الظاهر، وأبطلوا الصلاةَ بتركها كابن حزم ومن وافقه، وكرهها جماعة من الفقهاء، وسموها بدعة، وتوسط فيها مالك وغيره، فلم يروا بها بأساً لمن فعلها راحة، وكرهوها لمن فعلها استناناً،

واستحبها طائفة على الإِطلاق، سواء استراح بها أم لا، واحتجوا بحديث أبي هريرة.

سئل احمد : فإن لم يضطجع عليه شيء؟ قال: لا، عائشة ترويه وابن عمر ينكره. وفى رواية إن أبا عبد الله سئل عن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر قال: ما أفعلُه، وإن فعله رجل، فحسن.

ابن القيم : وقد تقال: إن عائشة رضي الله عنها روت هذا، وروت هذا، فكان يفعلُ هذا تارة، وهذا تارة، فليس في ذلك خلاف، فإنه من المباح،

وفي اضطجاعه على شِقه الأيمن سر، وهو أن القلب معلَّق في الجانب الأيسر، فإذا نام الرجل على الجنب الأيسر، استثقل نوماً، لأنه يكون في دَعة واستراحة، فيثقل نومه، فإذا نام على شِقه الأيمن، فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم، لقلق القلب، وطلبه مستقره، وميله إليه،



في هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قيام الليل


قد اختلف السلفُ والخلف في أنه: هل كان فرضاً عليه أم لا؟ والطائفتان احتجوا بقوله تعالى: { وَمِنَ الْلَيْلِ فَتَهَجَّد بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإِسراء: 79] على قولين فرض ومنهم من قال ليس بفرض

ابن القيم : فإن قيامَ الليل في حق غيره مباحٌ، ومكفِّر للسيئات، وأما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد غَفَرَ اللهُ له ما تقدم مِن ذنبه وما تأخر، فهو يعمل في زيادة الدرجات وعلو المراتب، وغيره يعمل في التكفير.

قال مجاهد: إنما كان نافلةً للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه قد غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكانت طاعته نافلة، أي: وزيادة في الثواب، ولغيره كفارة لذنوبه،

1-ولم يكن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدع قيامَ الليل حضراً ولا سفراً، وكان إذا غلبه نوم أو وجع، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة.

واستدل ابن تيمية بذلك يقول: في هذا دليل على أن الوتر لا يُقض لفوات محله، فهو كتحية المسجد، وصلاةِ الكسوف والاستسقاءِ ونحوها، لأن المقصودَ به أن يكون آخرُ صلاة الليل وتراً، كما أن المغرب آخر صلاة النهار، فإذا انقضى الليل وصليت الصبح، لم يقع الوتر موقعَه.

عدد ركعات الليل :

-وكان قيامُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل إحدى عشرة ركعة، أو ثلاثَ عشرة، كما قال ابن عباس وعائشة، فإنه ثبت عنهما هذا وهذا، ففي "الصحيحين" عنها: ما كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة.

2-وفى "الصحيحين" عنها أيضاً، كان رسول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي من الليل ثلاثَ عشر. ركعة، يُوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء إلا في آخِرِهِن

ابن القيم : والصحيح عن عائشة الأول: والركعتان فوق الإِحدى عشرة هما ركعتا الفجر، جاء ذلك مبيناً عنها في هذا الحديث بعينه، كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر)، ذكره مسلم في "صحيحه".

وقال البخاري: في هذا الحديث: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي بالليل ثلاثَ عشرة ركعة، ثم يُصلي إذا سمع النداء بالفجر ركعتين خفيفتين

وفي "الصحيحين" : سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: كانت صلاةُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليل عشرَ ركعات، ويُوتر بسجدة، ويركع ركعتي الفجر،

وذلك ثلاثَ عشرة ركعة، فهذا مفسر مبين.
. وفي "الصحيحين" عن كُريب عنه، في قصة مبيته عند خالته ميمونة بنت الحارث، أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى ثلاث عشرة ركعة، ثم نام حتى نفخ، فلما تبيَّن له الفجرُ، صلَّى ركعتين خفيفتينِ وفي لفظ: فصلَّى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاءه المؤذِّنُ. فقام فصلَّى ركعتين خفيفتين، ثم خرج يُصلي الصبح.

مجموعُ ورده الراتب بالليل والنهار

. فإذا انضاف ذلك إلى عدد ركعات الفرض والسنن الراتبة التي كان يُحافظ عليها، جاء مجموعُ ورده الراتب بالليل والنهار أربعين ركعة، كان يُحافظ عليها دائماً سبعة عشر فرضاً، وعشر ركعات، أو ثنتا عشرة سنة راتبة، وإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعة قيامه بالليل، والمجموع أربعون ركعة، وما زاد على ذلك، فعارض غيرُ راتب،

1- كصلاة الفتح ثمان ركعات،2- وصلاة الضحى إذا قَدِمَ من سفر،3- وصلاته عند من يزوره،4- وتحية المسجد ونحو ذلك، فينبغي للعبد أن يُواظب على هذا الورد دائماً إلى الممات، فما أسرع الإِجابة وأعجل فتح الباب لمن يقرعُه كلَّ يوم وليلة أربعين مرة. والله المستعان.


: في سياق صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل ووتره وذكر صلاة أول الليل.

1-قالت عائشةُ رضي الله عنها: ما صلَّى رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العِشاء قطُّ فدخل علي، إلا صلَّى أربع ركعات، أو ست ركعات، ثم يأوي إلى فراشه.وقال ابن عباس لما بات عنده: صلَّى العِشاء، ثم جَاء، ثُمَّ صلَى، ثم نام ا أبو داود.

2-وكان إذا استيقظ، بدأ بالسواك، ثم يذكُر الله تعالىو كان يقوله عند استيقاظه، ثم يتطهر، ثم يُصلى ركعتين خفيفتين، كما في "صحيح مسلم"، عن عائشة قالت: كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام من الليل، افتتح صلاتَه بركعتينِ خفيفتين وأمر بذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "إذا قام أحدُكم مِن الليل، فليفتَتح صلاتَه بركعتين خفيفتين" "رواه مسلم"

وكان يقومُ تارة إذا انتصف الليلُ، أو قبله بقليل، أو بعدَه بقليل، وربما كان يقوم إذا سمع الصارِخَ وهو الدِّيكُ وهو إنما يصيح في النصف الثاني،

- وكان يقطع ورده تارة، ويصله تارة وهو الأكثر، ويقطعه كما قال ابن عباس في حديث مبيته عنده

، أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استيقظ، فتسوَّك، وتوضأ، وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ، والأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ الْلَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولي الألبَاب} [آل عمران: 190] فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلَّى ركعتين أطال فيهما القيامَ والركوع والسجودَ، ثم انصرف، فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاثَ مرات بست ركعات كل ذلك يَستاك ويتوضأ، ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأَذن المؤذِّن؟ فخرج إلى الصلاة وهو يقول: "اللهُمَّ اجْعَلْ في قَلبي نُوراً، وَفِي لِسَانِي. وَاجْعَلْ في سَمْعِي نُوراً، وَاجعَل في بَصَرِي نُوراً، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُوراَ، ومن أَمَامِي نُوراً، وَاجْعَل مِنْ فَوْقِي نُوراً، وَمِنْ تَحْتِي نُوراُ، اللهُمَّ أَعْطِني نوراً " رواه مسلم.

ولم يذكر ابنُ عباس افتتاحَه بركعتين خفيفتين كما ذكرته عائشة، أنه كان يفعل هذا تارة، وهذا تارة، وَإِمَّا أن تكون عائشةُ حفظت ما لم يحفظ بن عباس، وهو الأظهر لملازمتها له، ، وإذا اختلف ابنُ عباس وعائشة في شيء من أمر قيامِه بالليل، فالقولُ ما قالت عائشة.
النوع الاول :وكان قيامُه بالليل ووِترُه أنواعاً، فمِنها هذا الذي ذكره ابن عباس.
النوع الثاني : الذي ذكرته عائشة، أنه كان يفتتح صلاته بركعتين. ثم يُتمم ورده إحدى عشرة ركعة، يُسلم من كل ركعتين ويوتر بركعة.
النوع الثالث : ثلاث عشرة ركعة كذلك.
النوع الرابع: يُصلي ثمانَ ركعات، يُسلم من كل ركعتين، ثم يُوتر. سرداً متوالية، لا يجلس في شيء إلا في آخرهن.
النوع الخامس: تسع ركعات، يسرُد منهن ثمانياً لا يجلِس في شيء إلا في الثامنة، يجلِس يذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يُصلي التاسعة، يسلم ثم يقعد، ويتشهد، ويُسلِّم، ثم يُصلي ركعتين جالساً بعدما يسلم.
النوع السادس: يُصلي سبعاً كالتسع لمذكورة، ثم يُصلي بعدها ركعتين جالساً. النوع السابع: أنه كان يُصلي مَثنى مَثنى، ثم يُوتر بثلاث لا يفصِل بينهن فهذا

: سئل أحمد عن الوتر؟ قال: في الركعتين. وإن لم يسلم، رجوت ألا يضرَّه، إلا أن التسليم أثبتُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

النوع الثامن: ما رواه النسائي، عن حُذيفة، أنه صلَّى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى رمضان، فركع، فقال في ركوعه: "سُبْحَانَ رَبيَ الْعَظيمِ" مثل ما كان قائماً، ثم جلس يقول: "رَبِّ اغفرْ لي، رَبِّ اغْفِرْ لي " مثلَ مَا كان قائماً. ثم سجد، فقال: "سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلًى" مثلَ ما كان قائماً، فما صلَّى إلا أربع ركعات حتى جاء بلال يدعوه إلى الغداة،

الوتر : وأوتر أوّل الليل، ووسطه، وآخرَه. وقام ليلة تامة بآية يتلوها ويردِّدُها حتى الصباح وهي: {إنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادُكَ} [المائدة: 118].


وكانت صلاته بالليل ثلاثةَ أنواع
أحدها - وهو أكثرها: صلاته قائماً
الثاني : أنه كان يُصلي قاعداً، ويركع قاعداً
الثالث : أنه كان يقرأ قاعداً، فإذا بقي يسيرٌ مِن قراءته، قام فركع قائماً، والأنواع الثلاثة صحت عنه.

صفة جلوسه
وأما صفة جلوسه في محل القيام، وقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالساً تارة، وتارة يقرأ فيهما جالساً، فإذا أراد أن يركع، قام فركع،

وفي "صحيح مسلم" عن أبي سَلَمة قال: سألتُ عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: كان يُصلي ثلاثَ عشرة ركعةً، يُصلي ثمانَ ركعات، ثم يُوتِر، ثم يُصلي ركعتين وهو جالس، فإذا أراد أن يركع، قام فركع، ثم يُصلي ركعتين بين النداءِ والإِقامةِ مِن صلاة الصبح

وفي "المسند" عن أبي أمامة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يُصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس، يقرأ فيهما ب{إِذَا زُلزِلَت} و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}.
وروى الدارقطني نحوَه من حديث أنس رضي الله عنه.

القنوت فى الوتر

1- ولم يُحفظ عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قنت في الوتر، ولم يصحَّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قنوت الوتر قبلُ أو بعدُ شيء.

قيل لأبي عبد الله في القنوت في الوتر؟ فقال: ليس يُروى فيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء، ولكن كان عمر يقنُت من السنة إلى السنة.

دعاء القنوت :
وقد روى أحمد وأهل "السنن" من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علَّمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلماتٍ أقولهن في الوتر: "اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِني فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَولَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِك لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَاَليْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ " زاد ا والنسائي: "وَلاَ يَعِزُّ من عَادَيْتَ".وزاد النسائي في روايته: "وَصَلَّى الله عَلَى النَبيّ"



قراءتة 000 صلى الله علية وسلم

وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقَطِّعُ قراءتَه، ويقِفُ عِندَ كُلِّ آيَةٍ فيقول: "الحَمْدُ للِه رَبِّ العَالَمِين، ويقِف: الرَّحمنِ الرَّحِيم، ويقِفُ: مَالِك يَوْمِ الدِّين".
2-اى أن قراءة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت آية آية، وهذا هو الأفضل، الوقوفُ على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها، وذهب بعضُ القراء إلى تتبع الأغراض والمقاصد، والوقوف عند انتهائها، واتباعُ هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسنته أولى.

الترتيل

. وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرتِّل السورة حتى تكون أطولَ مِنْ أَطْوَلِ منها، وقام بآَية يُرَدِّدُهَا حتى الصباح.

الترتيل وقلة القراءة، أو السرعة مع كثرة القراءة: أيهما أفضل؟

وقد اختلف الناسُ في الأفضل من الترتيل وقلة القراءة، أو السرعة مع كثرة القراءة: أيهما أفضل؟ على قولين.
1-فذهب ابنُ مسعود وابن عباس رضي الله عنهما وغيرُهما إلى أن الترتيلَ والتدبر مع قلة القراءة أفضلُ مِن سرعة القراءة مع كثرتها.

والناس في هذا أربع طبقات: أهلُ القرآن والإِيمان، وهم أفضل الناس. والثانية: من عَدِم القرآن والإِيمان. الثالثة: من أوتي قرآناً، ولم يُؤت إيماناً، الرابعة: من أوتي إيماناً ولم يُؤت قرآناً.



2-وقال أصحابُ الشافعي رحمه الله: كثرة القراءة أفضلُ، واحتجوا بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قَرَأَ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ الم حَرْف، وَلَكِنْ أَلِف حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ ". رواه الترمذي. وصححه.
قالوا: ولأن عثمان بن عفان قرأَ القرآن في ركعة، وذكروا آثاراً عن كثير من السلف في كثرة القراءة.


والصواب في المسألة أن يُقال: إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجلُّ وأرفعُ قدراً، وثوابَ كثرة القراءة أكثرُ عدداً، فالأول: كمن تصدَّق بجوهرة عظيمة، أو أعتق عبداً قيمتُه نفيسة جداً، والثاني: كمن تصدَّق بعدد كثير من الدراهم، أو أعتق عدداً من العبيد قيمتُهم رخيصة، وفي "صحيح البخاري" عن قتادة قال: سألت أنساً عن قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: "كان يمدُّ مدًّا".


2-وقال شعبة: حدثنا أبو جمرة، قال: قلت لابن عباس: إني رجل سريعُ القِراءة، وربما قرأتُ القرآن في ليلة مرة أو مرتين، فقال ابنُ عباس: لأن أقرأ سورةَ واحدة أعجبُ إِلَيَّ من أن أفعل ذَلِكَ الذي تفعل، فإن كنت فاعلاً ولا بد، فاقرأ قِراءَةً تُسْمعُ أُذُنَيْك، وَيعيها قلبُك.

وقال ابن مسعود: لاَ تَهُذُّوا القُرْآنَ هَذَّ الشِّعْرِ، وَلاَ تَنْثُرُوه نَثْرَ الدَّقَل، وَقِفُوا عِنْدَ عَجَائبِهِ، وَحَرِّكُوا بِهِ القُلُوبَ، وَلاَ يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ.
وقال عبد الله أيضاً: إذا سمعتَ الله يقول: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأصغِ لها سمعك، فإنه خيرٌ تُؤمر به، أو شرٌّ تُصرف عنه.

صلاة القيام 00 اسرار ام جهر

وكان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسرُ بالقراءة في صلاة الليل تارة، ويجهر بها تارة، ويُطيل القيام تارة، ويخفِّفه تارة، ويُوتر آخر الليل - وهو الأكثر - وأوَّله تارة، وأوسطَه تارة.

التطوع بالليل والنهار على راحلته
وكان يُصلي التطوع بالليل والنهار على راحلته في السفر قِبَلَ أي جهة توجهت به، فيركع ويسجد عليها إيماءً، ويجعل سجودَه أخفضَ مِن ركوعه،

- عن أنس بن مالك، قال: "كانَ رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن يُصلي على راحلته تطوعاً، استقبل القبلة، فكبر للصلاة، ثم خلّى عن راحلته، ثم صلَّى أينما توجهت به"

فاختلف الرواة عن أحمد: هل يلزمه أن يفعل ذلك إذا قدر عليه؟ على روايتين: فإن أمكنه الاستدارةُ إلى القبلة في صلاته كلِّها مِثلَ أن يكون في مَحْمِل أو عمارية ونحوها، فهل يلزمه، أو يجوز له أن يُصلِّيَ حيث توجهت به الراحلةُ؟

قال مرة : أنه لا يُجزئُه إلا أن يستقبل القبلة، وقال اخرى :. الاستدارةُ في المَحْمِلِ شديدة يُصلي حيث كان وجهه.


هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى صلاة الضحى


1-روى البخاري في "صحيحه" عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي سُبْحةَ الضحى، وإني لأُسبِّحُها.

2-قيل لابن عمر: أتُصلي الضحى؟ قال لا، قلتُ: فَعُمَر؟ قال: لا، قلتْ: فأبو بكر؟ قال: لا. قلت: فالنبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: لا إخاله.
3-وذكر عن ابن أبي ليلى قال: ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي الضحى غيرَ أم هانىء، فإنها قالت: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل بيتَها يومَ فتح مكة، فاغتسل، وصلَّى ثمانَ ركعات، فلم أرَّ صلاةً قطُّ أخفَ مِنها، غير أنهُ يُتم الركوعَ والسجود.
4-وفي "صحيح مسلم"، عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة هل كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي الضحى؟ قالت: لا إلا أن يَجيءَ مِن مغيبه. قلتُ: هل كان رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرُنُ بين السور؟ قالت: مِن المفصل.


5-وفي "صحيح مسلم" عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله

6- وفي "الصحيحين" عن أم هانئ، أن رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى يوم الفتح ثمان ركعات وذلك ضحى.


7-وقال الحاكم في "المستدرك": عن أنس رضي الله عنه قال: رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في سفر سُبْحةَ الضُّحى، صلَّى ثمانَ ركعات، فلما انصرف، قال: "إِنِّي صَلَّيْتُ صلاَةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ، فَسَأَلْتُ رَبِّي ثَلاَثاً، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ، وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُهُ أَلاَ يَقْتُلَ أُمَّتِي بِالسِّنِينَ فَفَعَلَ، وسألتُه أَلاَّ يُظْهِرَ عَلَيْهِمْ عَدُوَّاً، فَفَعَلَ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُلبسَهُمْ شِيَعاً فَأَبَى عَلَيَّ صحيح

8-، عن مجاهد، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صلَّى الضحى ركعتين، وأربعاً، وستاً وثمانياً
9-وقال الإِمام أحمد: عائشة بنت سعد، عن أم ذرة، قالت: رأيتُ عائشة رضي الله عنها تُصلي الضُّحى وتقول: ما رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي إلا أربعَ ركعات.


-، عن جابر بن عبد الله، أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الضُّحى ستَّ ركعات.
-، عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، قالتا: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي صلاة الضحى ثنتي عشرة ركعة،
-، عن علي رضي الله عنه: "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُصلي الضحى".
الفصل فى المسالة : -. فاختلف الناس في هذه الأحاديث على طرق،

1- منهم من رجح رواية الفعل على الترك بأنها مثبتة تتضمن زيادةَ علم خفيت على النافي.

2- قالوا: وقد يجوز أن يذهب علمُ مثل هذا على كثير من الناس، ويُوجد عند الأقل.

3-قالوا: وقد أخبرت عائشة، وأنس، وجابر، وأم هانىء، وعليُّ بنُ أبي طالب، أنه صلاها. 4-قالوا: ويؤيد هذا الأحاديثُ الصحيحة المتضمنةُ للوصية بها، والمحافظةِ عليها، ومدحِ فاعلها، والثناءِ عليه، ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي محمد بصيامِ ثلاثَةِ أيام مِن كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أُوتِرَ قبل أن أنام.

وفي "صحيح مسلم"، عن أبي ذر يرفعه، قال: "يُصبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمىَ مِن أَحَدِكُم صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسبِيْحَةٍ صدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحمِيْدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وتجْزِىءُ مِن ذَلِكَ رَكْعَتانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضحَى".
وفي "مسند الإِمام أحمد"، عن مُعاذ بن أنس الجُهَني، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: "مَن قَعَدَ في مُصَلاَّهُ حينَ يَنْصَرِفُ مِنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ حَتَّى يُسَبِّحَ رَكعتَي الضُّحى لا يقول إِلاَّ خَيراً، غَفَرَ الله خَطَايَاهُ وإِن كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البحْرِ".


ابن ماجه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَن حَافَظَ على سُبْحَةِ الضُّحَى، غفِرَ لَهُ ذُنُوبُه وإِن كانَت مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ ".
وفي "المسند" والسنن، عن نعيم بن همَّار قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول "قال الله عز وجل: يا ابْنَ آدَمَ لاَ تَعْجزَنَّ عَنْ أَرْبعِ رَكَعاتٍ في أوَّلِ النَّهار أكفك آخِرَه" .
عن أنس مرفوعاً: "مَنْ صَلَّى الضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، بَنَى اللهُ لَهُ قَصْراً مِن ذَهَبٍ في الجنة".


وفي "صحيح مسلم"، عن زيد بن أرقم أنه رأى قوماً يُصلون من الضحى في مسجد قُباء، فقال: أما لقد عَلِموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضلُ إنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "صلاَةُ الأوَّابين حينَ تَرْمَض الفِصَالُ".
وقوله: ترمَضُ الفِصال، أي: يشتد حر النهار، فتجد الفِصال حرارةَ الرمضاء.

وفي "الصحيح" أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الضُّحى في بيت عِتبان بن مالك ركعتين.
-، عن أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يُحافِظُ عَلى صَلاةِ الضُّحَى إلا أَوَاب "

- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا أَذِنَ الله لِشَيء ما أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ " قال: ولعل قائلاً يقول: قد أرسله حماد بن

وفي "جامعه" -، عن أبي سعيد الخُدري، قال: كانَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي الضُّحَى حتى نقولَ: لا يدعُها، ويدعُها حتى نقولَ: لا يصليها.


أحمد في "مسنده" ، عن أبي أمامة، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: "مَنْ مَشى إلى صَلاةٍ مكَتوبَةٍ وَهوَ مُتَطَهِّر، كانَ لَه كَأَجْرِ الحاجِّ المُحرِم، ومَنْ مَشى إلى سُبحَة الضُّحَى كَانَ لَهُ كَأَجْرِ المُعتَمِرِ، وَصَلاة عَلى إِثرِ صَلاة لاَ لَغْوَ بَيْنَهمَا كِتَابٌ في عِلِّيِين " قال أبو أمامة: الغدو والرواح إلى هذِهِ المَساجِدِ مِنَ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ عزّ وَجَلّ.
وقال الحاكم: عن أبي أمامة، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقول: "مَن صَلَّى الصبحَ في مَسجِدِ جَمَاعَةٍ، ثمَّ ثبتَ فيهِ حَتَّى الضُّحَى، ثمَّ يُصلِّي سُبحَةَ الضُّحَى، كانَ لَهُ كَأَجرِ حاجٍّ أَوْ مُعْتَمِرٍ تَام لَهُ حَجَّتُه وَعُمرَتُه".


- عن أبي هُريرة رضي الله عنه، قال: بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جيشاً، فأعظموا الغنيمةَ، وأسرعوا الكَرَّة. فقال رجل: يا رسول الله ! ما رأينا بعثاً قطُّ أسرعَ كرةً ولا أعظَمَ غنيمة من هذا البَعثِ، فقال: "أَلا أُخبِركُمْ بِأَسرَعَ كَرَّةً، وَأَعْظَمَ غَنيمَةً: رَجُلٌ توضأَ في بَيتِهِ فَأَحْسَنَ وُضوءَه، ثَمَّ عَمَدَ إلى المَسجِد، فَصَلَّى فيهِ صَلاَةَ الغَداةِ، ثُمَّ أَعقَبَ بِصلاةِ الضّحَى، فَقَد أَرَعَ الكَرَةَ وَأعْظَمَ الغَنِيمَة".

ونقل عنة انة صلاها أربعاً ركعتين، ثمانياً ستاً، عشر، ثنتي عشرة، فأخبر كلُّ واحد منهم عما رأى وسمع.

وقال مجاهد: صلَّى رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً الضحى ركعتين، ثم يوماً أربعاً، ثم يوماً سِتّاً، ثم يوماً ثمانياً ثم تركَ.

فأبان هذا الخبر عن صحة ما قلنا من احتمال خبر كل مُخْبِرٍ ممن تقدم أن يكون إخبارُه لِما أخبر عنه في صلاة الضُّحى على قدر ما شاهده وعاينه.


والصواب: إذا كان الأمر كذلك: أن يُصلّيها من أراد على ما شاء من العدد.


وطائفة ثانية، ذهبت إلى أحاديث الترك،

1-، فروى البخاري عن ابن عمر، أنه لم يكن يُصليها، ولا أبو بكر، ولا عمر. قلت: فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا إخاله.

2-، عن أبي هريرة، قال: ما رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى صلاة الضحى إلا يوماً واحداً.

3-، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، قال: رأى أبو بكرة ناساً يُصلون الضحى، قال: إنكم لتصلون صلاة ما صلاها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا عامَةُ أصحابه.
4-وفي "الموطأ": عن مالك، عن ابن شهاب، عن عُروة، عن عائشة قالت: ما سبَّح رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبحةَ الضّحى قطُّ، وإني لأسبِّحُها، وإن كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليَدَعُ العمل وهو يحب أن يعمل به خشيةَ أن يعمل به الناس، فَيُفرض عليهم.

وقال أبو الحسن علي بن بطَّال: فأخذ قوم من السَّلف بحديث عائشة، ولم يَرَوا صلاةَ الضحى، وقال قوم: إنها بدعة، روى الشعبي، عن قيس بن عُبيد، قال: كنت أختلِف إلى ابن مسعود السَّنَةَ كلَّها، فما رأيتُه مصلياً الضحى.

وعن مجاهد، قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجدَ، فإذا ابنُ عمر جالس عند حُجرة عائشة، وإذا الناس في المسجد يُصلون صلاة الضحى، فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعة،. وقال مرة: ونِعمَتِ البِدْعةُ. وفى رواية قال : ما ابتدع المسلمون أفضل صلاة مِن الضحى، وسئل أنس بن مالك عن صلاة الضحى، فقال: الصلوات خمس.


وذهبت طائفة ثالثة إلى استحباب فعلها غِبّاً، فتُصلى في بعض الأيام دون بعض، وهذا أحدُ الروايتين عن أحمد، وحكاه الطبري عن جماعة،

قال: واحتجوا بما روى الجُريري، عن عبد الله بن شَقيق، قال: قلتُ لعائشة أكانَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي الضحى؟ قالت: لا إلا أن يَجيءَ مِن مغيبه ثم ذكر حديث أبي سعيد: كان رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي الضحى، حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول: لا يصليها،

وذكر: كان ابنُ عباس يُصليها يوماً، ويدعها عشرة

، عن ابن عمر، أنه كان لا يُصلي الضحى. فإذا أتى مسجد قُباء، صلَّى، وكان يأتيه كلَّ سبت.

.
الفصل فى المسالة

وأما قولُ عائشة: لم يكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلي الضحى إلا أن يَقْدَمَ مِنْ مغيبه، فهذا من أبين الأمور أن صلاته لها إنما كانت لسبب، فإنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا. قَدِمَ من سفر، بدأ بالمسجد، فصلى فيه ركعتين.
فهذا كان هديَه، وعائشةُ أخبرت بهذا وهذا، وهي القائلةُ: "ما صلَّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاةَ الضحى قطّ".
فالذي أثبتته فعلها بسبب، كقدومه من سفر، وفتحه، وزيارتِه لقوم ونحوه، وكذلك إتيانُه مسجد قباء للصلاة فيه،

درر00 من الحكم

1- قال قتادة: فأدوا للّه من أعمالكم خيراً في هذا الليل والنهار، فإنهما مطيَّتان يُقحِمَان الناسَ إلى آجالهم، ويُقرِّبان كلَّ بعيد، ويبليان كلَّ جديد، ويَجيئان بكلَّ موعود إلى يوم القيامة.


2-وقال شقيق: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: فاتتني الصلاةُ الليلة، فقال: أدرك ما فاتك مِن ليلتك في نهارك، فإن الله عزّ وجل جعل الليلَ والنهار خِلفة لمن أراد أن يذّكّر أو أراد شُكورا.
قالوا: وفِعل الصحابة رضي الله عنهم يدل على هذا، فإن ابن عباس كان يُصليها يوماً، ويدعها عشرة، وكان ابنُ عمر لا يصليها، فإذا أتى مسجد قُباء، صلاها، وكان يأتيه كلَّ سبت وقال سفيان، عن منصور: كانوا يكرهون

يتبع ان شاء الله تعالى

رد مع اقتباس