للفقر مقومات أظن أننا برعنا في الوصول إليها وتنفيذها بكل دقة!! فالله يقول: (وَمَنْ أعْرَضَ عَن ذِكْري فَإنَّ لهُ مَعِيشَةٌ ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يوْمَ القِيامَةِ أعْمَي) (سورة طه الآية ١٢٤)، ونحن نتسابق للإعراض عن ذكره!
ففي مصر قوانين نصفق لها، ونصدر الأحكام باسم الشعب بمقتضاها، حيث تراهم يحاسبون الناس قانوناً علي حالة السكر إذا ما سببت ضرراً للغير فقط! لكن المسطول له شأن آخر، فبمجرد أن يتناول عقاراً مُسطِلاً فإنه يعاقب، بل ويعاقب أيضاً علي إحرازه العقاقير المسطلة، فلماذا لا نقيم تشريعاً يحرم الخمر، كما هو الحال في المخدرات وأقراص الهلوسة، أم نخاف من الفقر إن أغضبنا شاربيها؟!، ولا نخاف من إفقار الله لنا لمعاصينا فيها، وكيف نرخص حانات لشرب الخمر من دواوين المحافظات، فهل ذلك هو مفهوم المحافظة عندنا؟!
وكيف بالفتاة التي ترتمي في أحضان الشباب بهواها، ولا تتقاضي أجراً لا يتم تأثيمها قانوناً، لارتكابها جريمة ممارسة الهوي بلا ضابط من الشريعة؟؟، بزعم أن التأثيم ينحصر في الإتجار بالهوي فقط!!
وكيف يبيح القانون الدياثة، فيعفو عن شريك الزنا لمن خانت زوجها إذا عفا زوجها عن زناها، فتعفي المحكمة عن العشيق!! إن هذه هي نصوص قانون العقوبات المصري، التي تطبقها المحاكم المصرية باسم الشعب، ولست أدري أي شعب؟؟... إننا لا نرضي بالدياثة، فكيف تصدر هذه الأحكام باسمنا؟؟.... وكيف نأكل أموال الناس بالباطل علي ذمة قانون الإيجارات، ألا نخشي الله، حين يسألنا عن قهر أصحاب الأملاك لصالح المستأجرين؟؟...
وكيف توجه الأولويات لإصدار ما يسمي بقانون المرور وشنطة الإسعاف، وقانون الطفل، وقانون الضريبة العقارية، وغير ذلك ولا ننتبه إلي قوانين إغضاب الله، فنزيلها من حياتنا، هل يتصور مجلس الشعب أنه يرسي دعائم الانضباط والاقتصاد؟؟ أري أن الالتزام الحزبي يضعهم تحت طائلة قوله تعالي في سورة البقرة: (وَإذَا قِيلَ لهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأرْض قالوا إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(١١) ألا إنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلكِن لاَّ يشْعُرُونَ (١٢)). بل وأري أنهم يقودونا إلي الفقر، بل ونجحوا نجاحاً باهراً، بينما يضعون هالات الكمال والحق علي رؤوسهم!!
إن ارتباك الأولويات واختلاط الأهداف، وسعار إرضاء الناس علي حساب رب الناس، ورهبة المؤسسة الدينية أن تقوم بواجبها حيال ما تزعم أنها تخصصت فيه!! وقيام المفكرين الإسلاميين بتأليف الكتب في موضوعات وشروح للكتاب والسُنة، دون أن يصيحوا صيحة لله، وعدم امتناع أحد أن يعتذر عن الحكم بمثل تلك القوانين، ورضاء قطاع المستأجرين عما لا يرضونه لأنفسهم من أكلهم أموال الملاك باسم القانون، كل ذلك يدفعنا إلي المعيشة الضنك التي أعدها الله للغافلين عن ذكره، ومن يصيحون بقابلية شريعته للتبديل والتعديل وأمثالهم
|