تعقد وزارة التربية والتعليم اختبارات للمدرسين والناجح منهم سيلتحق "بالكادر" أما الراسب فعليه الانتظار للملحق في العام القادم.
بصراحة هذا كلام فارغ.. وما يحدث مهزلة لا توجد في أي مكان في العالم يحترم العلم والمعلم. وهذا أكبر دليل علي أن كل شئ لدينا يسير بالمقلوب وان القرارات تتم بلا دراسة أو تخطيط وربما من أصدرها لا يدري مغزاها أو لماذا صدرت؟
في كل انحاء الدنيا يتم اختبار المدرس بدقة قبل تعيينه لأنه سيكون مسئولا عن عقل الأمة وفكرها ومستقبلها. فإذا كان مؤهلاً علميا وتربويا وتم اختياره لمهمة تعليم الاجيال فكيف بعد ذلك نختبره. وهل يصلح الاختبار بعد 20 سنة مثلا من أداء رسالته. وماذا نفعل لو اكتشفنا انه لا يصلح. وماذا عن التلاميذ الذين قام بالتدريس لهم؟
في معظم الدول يتم تنظيم دورات تدريبية مستمرة كل 3 أو 5 سنوات أو عند كل ترقية ينالها المدرس يتم خلالها تدريبه علي الأساليب الجديدة أو تعريفه بالنظريات الحديثة التي دخلت علي مادته. أو بطرق تربوية تمت تجربتها ونالت الاستحسان ولكن لا يتم أبداً اهانته باعادة امتحانه في أصل المادة التي يقوم بتدريسها منذ 20 عاما لنكتشف مثلا انه لا يصلح مما يعني اننا أجرمنا في حق 20 جيلا تخرجوا من تحت يديه.
لذلك فلا عجب أن تبدأ موجات رفض حضور الامتحانات من المعلمين وخرجت مظاهرات في المحلة الكبري وربما وصل الأمر إلي الاعتصام مثل عمال المصانع خاصة وأن هذه الاختبارات تفرغ الكادر من معناه وتجعله كأنه لم يكن ولن يستفيد منه المعلم إلا إذا دخل الاختبار ونجح.
هناك شائعات انتشرت ويرددها بعض المعلمين مثل ان المخصصات التي وصلت لوزارة التعليم لتطبيق الكادر غير كافية لذلك تم التفكير في هذا الاختبار للحد من إعداد المتمتعين بالكادر. وآخرون يقولون انها "ملعوب" للتخلص من عدد من المدرسين الأوائل الذين سيرفضون الخضوع للامتحان كالتلاميذ فيقدمون استقالاتهم. وغير ذلك من الأسباب والشائعات التي حتي وان صحت فهناك ألف طريقة أخري لايجاد حل للمشاكل دون إهانة للمعلمين أو اللجوء إلي طريقة تقلل من شأنهم أمام باقي المدرسين في الدول العربية حيث ان هذه المسألة تحولت إلي مادة للتندر علي المعلم المصري الذي "بعد ما شاب ودووه الكتاب" وإن الراسب منهم سيعاقب "بالمد علي رجليه" أو مطالبته باحضار ولي أمره علشان يحرم في المرة الجاية".
ولان شر البلية ما يضحك فإن أطرف ما قيل عن سبب "موضة امتحان الأساتذة" هو ان المسئولين في الوزارة اكتووا بنار الدروس الخصوصية ودفعوا آلاف الجنيهات لابنائهم في الثانوية العامة فأرادوا أن ينتقموا ويخلصوا ثأرهم من المدرسين فاخترعوا لهم الاختبار ليشربوا من نفس الكأس!!
أوقفوا هذه المهزلة فورا. وحاولوا ان ترفعوا شأن المدرسين ولا تنقصوا من قدرهم أمام نظرائهم في الدول المجاورة أو امام تلاميذهم. وإذا أردتم التأكد من صلاحية المعلم وانه مؤهل للمهمة ولأداء الرسالة والنهوض بالعملية التعليمية فالطريق إلي ذلك هو أن تحسنوا الاختيار من البداية ولا يتم تعيين أي مدرس إلا إذا كان كفئاً وان تنظموا دورات تدريبية لهم باستمرار حتي لا تضطروهم للغش الجماعي أو للانتحار إذا رسبوا وكفانا ثانوية عامة واحدة فلسنا في حاجة إلي "ثانوية الكادر" في كل عام.
|