إذا كان الغش هو سيد الموقف فمن حق أي مشاهد لهذا الموقف أن يسخر من المعلمين ، و إذا كنا نحن المعلمون أكثر الناس حرصاً على أن نغش في هذا الامتحان فإن العيب ليس عيب الوزير أو عيب أساتذة الجامعات و لكنه عيبنا نحن ...
أما و قد رضينا بأن نذهب للإمتحان فإنه وجب علينا أن نلتزم بأخلاقيات و مثل المعلمين المحترمين ، و من أبسط هذه الأخلاقيات ألا نحاول -مجرد محاولة- أن نغش وإلا فالمقاطعة .
يحزنني أن أرى زملائي و هم محط سخرية من البعض ، ويحزنني أكثر أن أكون معهم حينئذ لأن نظرية السخرية ستشملني و عندها سأتمنى ألا أكون حياً أشعر و أعى هذه اللحظة القاسية ، و مثال على ذلك ما كان يحدث في امتحانات الترقي القديمة و مهازلها ،فبأي وجه نريد أن نقول لأساتذة الجامعات و غيرهم أننا معلمون محترمون ؟
التجربة العملية التي تحدث أمامهم هي أقدر على توصيفنا نحن لا الكلمات المعسولة المتوقعة منا نحن المعلمون ....
و إذا اعترض أحدنا على ما أقول فليقل لي لم يحرص معظمنا على الغش ، و إذا حدث و كان القليل منا يرفض مبدأ الغش فكيف يتصرف هذا القليل في ساعات الامتحان و الضوضاء تملأ المكان ، و إذا لم يشترك في الغش فماذا يقول عليه الآخرون ؟
أنا لم أحضر الامتحانات حتى الآن و لكني أتوقع ما سوف يحدث لأنني سبق و حضرت امتحانات ترقي قبل ذلك ، و أقول أن ما يحدث هو دليل على استشهاد القيم و المبادئ على أيدينا نحن ورثة الأنبياء .
و في النهاية أقول أننا لسنا بمعزل عن باقي أفراد الشعب الذي أصبح يأكل و يشرب و يلبس و يتنفس ويشعر و ......... فساداً دون أن يدري ، فقد أصبح الفساد سمة من سماتنا و صفة من صفاتنا و مكون أساسي من مكونات دمائنا مثله مثل كرات الدم الحمراء.
أعرف أن هذا الكلام سيغضب الكثيرين و لكن على المعترض على ما أقول أن يقول لي هل يعرف أحد لم يتعامل بالرشوة ؟ و هل يعرف أحد لم يتعامل بالواسطة ؟ و هل .......... و هل ......... و هل ..........
لن أقول كل و لكن غالبية الشعب يتعامل بها و كأنها شئ عادي جداً - كما قلت كما نتنفس نرشو أو نفسد- و عندما أقول أن معظم و ليس كلنا فاسد ، فهذا لا يبعد الصفة عنا جميعاً لأننا مشتركون فيها بمعرفتنا إياها و سكوتنا عليها ، و هذة ليست مشكلة حكومة أو حكام و لكنها مشكلة شعب ، و نحن من الشعب .
|