2- لمس امرأة بشهوة :-
اختلف الفقهاء فى نقض الوضوء بلمس المرأة .
الحنفية وفى رواية عن الإمام احمد : أن لمس المرأة غير المحرم بشهوة أو بغير شهوة غير ناقض للوضوء .
واستدلوا : بما روى عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ".
وأيضاً : "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو حامل أُمامه بنت زينب رضي الله عنها فكان إذا سجد وضعها وإذا قام رفعها ".
المالكية : إن لمس بشهوة انتقض و إلا فلا .
الشافعية : إن لمس بشرتي الرجل والمرأة حدث ينقض الوضوء فى الجملة .
والقول الراجح :
أن اللمس لا ينقض إلا إذا كان لشهوة للجمع بين الآية " لو لامستم النساء " والإخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم .
لأنه روى عن عائشة رضي الله عنها : قالت :
" فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدمه وهو فى المسجد ، وهما منصوبتان " .
ونصبهما دليل على انه كان يصلى .
وقالت عائشة " أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى واني لمعترضة ُ بين يديه اعتراض الجنازة فإذا أراد أن يسجد غمزنى فقبضت رجلي " .
والظاهر أن غمزه رجليها كان من غير حائل .
ولان اللمس ليس يحدث فى نفسه ، وإنما هو داع إلى الحدث ، فاعتبرت الحالة التي يدعو فيها إلى الحدث ، وهى حالة الشهوة . وينتقض الوضوء مس بشرتها لشهوة ، لأنها ملامسة تنقض الوضوء فاستوى فيها الذكر والأنثى كالجماع.
وسبب الاختلاف فى هذه المسألة : اشتراك اسم اللمس فى كلام العرب ، فان العرب تطلقه مرة على اللمس الذي هو باليد ، ومرة تكنى به عن الجماع .
أما لمس الأجنبي :
لمس الشخص البالغ جسم شخص يشتهى عادة ، سبب قوى من أسباب الحدث، لأنه يثير الشهوة فى الجسم ، ولا ينتقض اللمس إلا إذا كان من شخص بالغ أما الصبي فلا ينتقض وضوؤه باللمس إذ لا شهوة له .
ولا بد أن يكون الشخص الملموس يشتهى عادة ، لا طفلة صغيرة أو طفلا صغيرا أو دمية أو حيوانا فإذا كانت فتاه أو صبياُ يشتهى ولو دون البلوغ انتقض الوضوء بلمسه متى قصد اللذة أو وجدها ، وسواء لمس لحمه أو شعره أو أظافره لا مجرد ملابسه .
ويشترط أن يكون اللمس من غير حائل أو مع حائل خفيف لا يمنع طراوة الجسم ،فإذا كان الحائل كثيفاً بحيث لو قبض المتوضئ جسم لابسه لم يشعر إلا بالملابس فلا نقض .
ويشترط أيضا أن يجد الشخص لذة بهذا اللمس أو يكون قاصداً لها ، فان كان لمسا عارضاً لا قصد للذة معه ولا وجود لها فلا نقض ، والوضوء صحيح على ما هو حتى لو وجد لذة بعد ذلك .
فالشروط ثلاثة :
1- قصد اللذة أو وجودها .
2 - كون اللمس بلا حائل .
3- كون الملموس يشتهى عادة .
وهذا الحكم ينطبق على المرأة والرجل على السواء ، فإذا لمست الأنثى ذكرا بقصد اللذة أو وجدتها فسد وضوءها بهذه الشروط ، ولا ينتقض بلمس أنثى مثلها .
والشخص الملموس ينتقض وضوؤه أيضا إذا وجد لذة من لامسه ، أو تعرض له لك يلمسه فلمسه ، ولو لم يجد لذة ، لأنه قصدها .
ويستثنى من وجود اللذة تقبيل البالغ شخصاً يشتهى على فمه ، فهذه القبلة تنقض الوضوء مطلقاً وجد لذة أم لم يجد وقصدها أو لم يقصدها ، وينتقض بها وضوء المقبِِِِـِل والمقبـَل إن كانا بالغين ،او وضوء البالغ منهما ، فمن غافل أنثى فقبلها بفمها أو اكرهها على هذه القبلة انتقض وضوءهما معاً ، وأما القبلة على غير الفم فحكمها حكم اللمس فى أي مكان من الجسم .
ولا ينتقض الوضوء بلذة ناشئة من تفكر أو نظر إلى امرأة أو صبى ولو أنغط بسبب ذلك ، وكذا لو وجدت المرأة اللذة أو قصدتها بلمس طفل أو تقبيله ، وأما من كملت ذكورته فإنما ينتقض بلمسه وضوء المرأة إن قصدت لذة أو وجدتها.
هذا مجمل ما يقال فى موضوع لمس الأجنبي .
3- مس الرجل ذكره.
هذا موضوع خاص بالرجل البالغ . إذا مست يده عضو تناسله من غير حائل انتقض وضوءه ، سواء قصد لذة أم لم يقصد ، وجد لذة أم لم يجد وإنما ينتقض الضوء إذا مسه ببطن يده أو ببطن أصابعه أو جانبهما ، فإذا لمسه بظاهر كفه أو بذراعه فالوضوء غير منتقض ، ويحدث النقض ولو كان الإصبع الذي لمس به اصبعاً زائداً على أصابعه الخمسة ، كما يوجد أحياناً فى بعض الناس ، لكن هذا الإصبع قد يكون مشلولا فاقد الحس ، فلا ينتقض الوضوء بلمسه ، كما أن أى إصبع تصاب فتشل وتفقد شعورها لا ينتقض الوضوء بمسها .
فان كان المس من فوق حائل ولو كان خفيفاً فلا نقض، إلا أن يكون خفيفاً جداً ، ولا يستوي نقض الوضوء أن يكون عمداً أو سهواً أو لمجرد المصادفة.
ولا ينتقض الوضوء بمس الأنثيين ولا بمس الدبر ولا بإدخال شيء فيه من مجس أو إصبع أو أكثر لسبب ما فهذا الموضوع خاص بالذكور .
آراء الفقهاء :
-الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام احمد : يتنقض الوضوء بمس فرج الآدمي بباطن الكف ولا ينتقض بغيره .
واحتجوا بحديث بسرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ "
وبحديث أم حبيبة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من مس فرجه فليتوضأ " .
-أبو حنيفة وأصحابه : لا ينقض مطلقا.
واحتجوا بحديث طلق بن على رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن مس الذكر فى الصلاة فقال : هل هو إلا بضعه منك " .
ويعترض على هذا الحديث بأنه ضعيف باتفاق الحفاظ وقد بين البيهقى وجوها من وجوه تضعيفه .
الرأي الراجح : أن الوضوء ينتقض بمس الفرج وذلك لقوة الدليل على هذا .