عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 27-10-2008, 12:02 AM
الصورة الرمزية JusT DreaM
JusT DreaM JusT DreaM غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
العمر: 33
المشاركات: 2,018
معدل تقييم المستوى: 20
JusT DreaM is on a distinguished road
افتراضي

" قولي : أنــت ولـيـــد ! ولــيـــــــد ...
قولي : وليد ... أنت ولـــــيـــــــــــــــــد ! "
" أنت لــي " !!
كانت هذه هي الكلمة التي نطقت بها رغد !
( أنت لي ! )
للحظة ، بقيت اتأملها باستغراب و دهشة و عجب !
فقد بترت اسمي الجميل من الطرفين و حوّلته إلى ( لي ) بدلا من
( وليد ) !
ابتسمت ، و قلت مصححا :
" أنت وليــــــــد ! "
" أنت لـــــــــــي "
كررت جملتها ببساطة و براءة !
لم أتمالك نفسي ، وانفجرت ضحكا ....
و لأنني ضحكت بشكل غريب فإن رغد أخذت تضحك هي الأخرى !
و كلما سمعت ضحكاتها الجميلة ازدادت ضحكاتي !
سألتها مرة أخرى :
" من أنا ؟ "
" أنت لــــــــي " !
يا لهذه الصغيرة المضحكة !
حملتها و أخذت أؤرجحها في الهواء بسرور ...
منذ ذلك اليوم ، بدأت الصغيرة تألفني ، و أصبحت أكبر المسؤولين عن تهدئتها متى ما قررت زعزعة الجدران بصوتها الحاد ....
~~~~~~
انتهت العطلة الصيفية و عدنا للمدارس .
كنت كلما عدت من المدرسة ، استقبلتني الصغيرة رغد استقبالا حارا !
كانت تركض نحوي و تمد ذراعيها نحوي ، طالبة أن أحملها و أؤرجحها في الهواء !
كان ذلك يفرحها كثيرا جدا ، و تنطلق ضحكاتها الرائعة لتدغدغ جداران المنزل !
و من الناحية الأخرى ، كانت دانة تطلق صرخات الاعتراض و الغضب ، ثم تهجم على رجلي بسيل من الضربات و اللكمات آمرة إياي بأن أحملها (مثل رغد ) .
و شيئا فشيا أصبح الوضع لا يطاق ! و بعد أن كانت شديدة الفرح لقدوم الصغيرة إلينا أصبحت تلاحقها لتؤذيها بشكل أو بآخر ...
في أحد الأيام كنت مشغولا بتأدية واجباتي المدرسية حين سمعت صوت بكاء رغد الشهير !
لم أعر الأمر اهتماما فقد أصبح عاديا و متوقعا كل لحظة .
تابعت عملي و تجاهلت البكاء الذي كان يزداد و يقترب !
انقطع الصوت ، فتوقعت أن تكون أمي قد اهتمت بالأمر .
لحظات ، وسمعت طرقات خفيفة على باب غرفتي .
" أدخل ! "
ألا أن أحدا لم يدخل .
انتظرت قليلا ، ثم نهضت استطلع الأمر ...
و كم كانت دهشتي حين رأيت رغد واقفة خلف الباب !
لقد كانت الدموع تنهمر من عينيها بغزارة ، و وجهها عابس و كئيب ، و بكاؤها مكبوت في صدرها ، تتنهد بألم ... و بعض الخدوش الدامية ترتسم عشوائيا على وجهها البريء ، و كدمة محمرة تنتصف جبينها الأبيض !
أحسست بقبضة مؤلمة في قلبي ....

" رغد ! ما الذي حدث ؟؟؟ "



انفجرت الصغيرة ببكاء قوي ، كانت تحبسه في صدرها



مددت يدي و رفعتها إلى حضني و جعلت أطبطب عليها و أحاول تهدئتها .



هذه المرة كانت تبكي من الألم .



" أهي دانة ؟ هل هي من هاجمك ؟ "



لابد أنها دانة الشقية !



شعرت بالغضب ، و توجهت إلى حيث دانة ، و رغد فوق ذراعي .



كانت دانة في غرفتها تجلس بين مجموعة من الألعاب .



عندما رأتني وقفت ، و لم تأت إلي طالبة حملها ( مثل رغد ) كالعادة ، بل ظلت واقفة تنظر إلى الغضب المشتعل على وجهي .



" دانة أأنت من ضرب رغد الصغيرة ؟ "



لم تجب ، فعاودت السؤال بصوت أعلى :



" ألست من ضرب رغد ؟ أيتها الشقية ؟ "



" إنها تأخذ ألعابي ! لا أريدها أن تلمس ألعابي "



اقتربت من دانة و أمسكت بيدها و ضربتها ضربة خفيفة على راحتها و أنا أقول :



" إياك أن تكرري ذلك أيها الشقية و إلا ألقيت بألعابك من النافذة "



لم تكن الضربة مؤلمة ألا أن دانة بدأت بالبكاء !



أما رغد فقد توقفت عنه ، بينما ظلت آخر دمعتين معلقتين على خديها المشوهين بالخدوش .



نظرت إليها و مسحت دمعتيها .



ما كان من الصغيرة إلا أن طبعت قبلة مليئة باللعاب على خدي امتنانا !



ابتسمت ، لقد كانت المرة الأولى التي تقبلني فيها هذه المخلوقة ! ألا أنها لم تكن الأخيرة ....



~~~~~~



توالت الأيام و نحن على نفس هذه الحال ...



ألا أن رغد مع مرور الوقت أصبحت غاية في المرح ...



أصبحت بهجة تملأ المنزل ... و تعلق الجميع بها و أحبوها كثيرا ...



إنها طفلة يتمنى أي شخص أن تعيش في منزله ...



و لان الغيرة كبرت بين رغد و دانة مع كبرهما ، فإنه كان لابد من فصل الفتاتين في غرفتين بعيدا عن بعضهما ، و كان علي نقل ذلك السرير و للمرة الثالثة إلى مكان آخر ...



و هذا المكان كان غرفة وليد !



ظلت رغد تنام في غرفتي لحين إشعار آخر .



في الواقع لم يزعجني الأمر ، فهي لم تعد تنهض مفزوعة و تصرخ في الليل إلا نادرا ...



كنت أقرأ إحدى المجلات و أنا مضطجع على سريري ، و كانت الساعة العاشرة ليلا و كانت رغد تغط في نوم هادئ



و يبدو أنها رأت حلما مزعجا لأنها نهضت فجأة و أخذت تبكي بفزع ...



أسرعت إليها و انتشلتها من على السرير و أخذت أهدئ من روعها



كان بكاؤها غريبا ... و حزينا ...



" اهدئي يا صغيرتي ... هيا عودي للنوم ! "



و بين أناتها و بكاؤها قالت :



" ماما "



نظرت إلى الصغيرة و شعرت بالحزن ...



ربما تكون قد رأت والدتها في الحلم



" أتريدين الـ ماما أيتها الصغيرة ؟ "



" ماما "



ضممتها إلى صدري بعطف ، فهذه اليتيمة فقدت أغلى من في الكون قبل أن تفهم معناهما ...



جعلت أطبطب عليها ، و أهزها في حجري و اغني لها إلى أنا استسلمت للنوم .



تأملت وجهها البريء الجميل ... و شعرت بالأسى من أجلها .



تمنيت لحظتها لو كان باستطاعتي أن أتحول إلى أمها أو أبيها لأعوضها عما فقدت .



صممت في قرارة نفسي أن أرعى هذه اليتيمة و أفعل كل ما يمكن من أجلها ...



و قد فعلت الكثير ...



و الأيام .... أثبتت ذلك ...

آخر تعديل بواسطة JusT DreaM ، 27-10-2008 الساعة 02:34 AM
رد مع اقتباس