وجبت لكم بداية الكتاب بتاع قصة الالتزام للشيخ محمد حسين يعقوب
هذه قصة رجل "عادي".... ولد هذا الرجل في ظروف "عادية" .. في بيت "عادي" من بيوت المسلمين "العاديين" .. نشأ صاحبنا في بيئة "عادية" .. وعاش طفولة "عادية" :2: .. وأتم تعليمه "العادي" .. وكان والداه يعاملانه معاملة "عادية" ..
عاش هذا الرجل حتى وصل إلى سن المراهقة "العادية" .. وبدأ يعرف الطريق إلى ارتكاب المعاصي "غير العادية" .. ولكن في المجتمع "العادي" تكون هذه الأمور "عادية" ..
ولأن فكر صاحبنا "عادي" لم يكترث .. وظل صاحبنا يتنقل بين الظروف "العادية" يشرب من وحل بيئته وحلا في التصورات, والأفكار, والمفاهيم , والمحبوبات , والمكروهات , والمألوفات ..
ومن أصحابه "العاديين" : زميل الدراسة .. وجار البيت .. والزميلة .. وأخت الزميل .. وبنت الجيران .. والمدرس والمدرسة .. ومن ألفاظ الشوارع , وصور المجلات والجرائد , وحب الإذاعة والتليفزيون , شرب صاحبنا وحلا يغرق وجه العالم بأكمله ..
فنشأ صاحبنا في هذه الظروف "العادية" .. وفي فوران الشباب زادت المعاصي "غير العادية" عن حدها .. ويتلفت صاحبنا وهو في الظلمة الظلماء ؛ فلا يرى حوله إلا ظلاما في ظلام ..
والتطور الطبيعي للمعاصي مع صحبة السوء .. من "تخميس" سيجارة .. إلى حشوها "بالبانجو" .. إلى "حتة" حشيش .. إلى "شمة" هيروين .. وصل صاحبنا بسهولة إلى كأس خمر على أنغام الموسيقى وسط الأجساد العارية .
وبعد ارتكاب الموبقات والفواحش ؛ بدأ صاحبنا "العادي" يشكو أن الأحوال صارت "غير عادية"!!!!! ... فالصداع المزمن , والالتهاب الحاد في الشعب الهوائية , والشعورالدائم بالاختناق وضيق الصدر , وتكسير المفاصل .. بعد السفريات الطويلة من " الساحل الشمالي " إلى " العين السخنة " و "فايد " إلى " دهب " .. يا قلبي فاحزن ..
ولأن صاحبنا شخص "عادي" , وقد رباه والداه تربية "عادية" ؛ ظل يدفن رأسه في الرمال .. " بكرة تعدي .. ربنا يصلح الأحوال.. بسيطة , لا يهمك ؛ إحنا أحسن من غيرنا .. ساعة لقلبك وساعة لربك .. إن الله غفور رحيم .. كل الشباب مروا بالفترة دي" .... :mf_seehea ... نموذج "عادي" لتربية بيوت المسلمين ..
وفجأة .. وفي لحظة "غير عادية" كان صاحبنا يرجع مترنحا في وف الليل , يهيم على وجهه لا يدري إلى أين يسير , ولا كيف يتوجه , ولا ماذا يفعل.. حطام إنسان .. صار جسده قبرا لقلبه .. يبحث هذا المسكين " العادي " عن شئ لكنه لا يعرفه.. ويتمنى شيئا لكنه لا يتصوره , ويشتهي أمرا ليس له تفاصي في خاطره .. يريد أن يبكي فلا يستطيع .. يتمنى أن يجد من يستمع إليه ؛ ولكنه لا يعرف إلى من يلجأ ..
إنه يريد أحدا يحتضنه ويضمه , لكن غير الأحضان "العادية " التي تعود عليها .. إنه يريد أن يأوي إلى مكان طاهر نظيف يحتمي به من الوحوش الكاسرة داخله وحوله ..
في تلك الليلة أصر على ألا يعود إلى البيت .. وبينما هو يسير ؛ إذ سمع صوت آذان الفجر .. فاضطربت جوانحه, وامتلكت جسده كله رعشة .. فجرى كي لا يسقط .. فإذا به يصطدم بشخص فيطرحه على الأرض ..
وحين أفاق من هول المفاجأة ؛ قام صاحبنا الشاب "العادي" ومد يده المهزوزة الملوثة بآخر سيجارة ؛ ليساعد هذا الراقد الذي طرحه أرضا .. وهو يريد أن يعتذر ؛ ولكن كأن لسانه اختفى فجأة ...
فلما استتم الرجل واقفا ظل كل منهما يحملق في الآخر .. ودارت في الرأس أفكار وظنون ..
__________________
[CENTER][SIZE=4][COLOR=red]ابتسم يا عبقرينو فالحياة لا تساوي شيء دون العمل لوجه الله
لا يهمني من أين يأتي الحق ولكن يهمني أن يأتي الحق أشرف السيد
|