* الأمر اللافت للنظر أن ظاهرة الفقر لم تنحصرْ في الدول الفقيرة أو محدودة الدخل بل امتدت للدول ذات الدخول المرتفعة مثل الجزائر والسعودية.
- طبعا فعبر الحكام الخونة تتم سرقة ثرواتنا، وتجويع شعوبنا لترضخ للمخطط الأمريكي الصهيوني للإجهاز علينا.
* لكن من سيتصدى لهذا بالاحتجاج والإضراب سيتعرض للقمع الحكومي، وستعْتبر أمريكا وإسرائيل أن قيادات أو اتحادات بهذه الصفة تقوم بإضرابات لفك الحصار عن غزة هي قياداتٌ متطرفةٌ لتنظيمات إرهابية يجب التنكيل بها حسب المقاييس الأمريكية والصهيونية.
- بالطبع. ولكن لا بد من مقاومة العدوان الصليبي الصهيوني على أمتنا المسلمة. ويجب أن ندرك أننا نواجه حلفا شيطانيا رأسه في البيت الأبيض وأطرافه جنود الأمن المركزي، الذين ينكلون بالنساء والمتظاهرين في شوارع القاهرة والمحلة، ويفرضون الحصار على غزة، والقوات الأمريكية وأحلافها في الجيشين العراقي والأفغاني الذين يحرقون القرى في العراق وأفغانستان.
* الحديث عن الاتحادات والاحتجاجات الشعبية يذكرنا بموضوع هام، وهو أين دور العلماء في التصدي للفساد والعدوان الصليبي الصهيوني على أمتنا؟ ألا ترون أن دورهم في هذا الميدان لا يليق بهم كحملة لميراث النبوة، الذين يجب أن يكونوا قادة المجتمع؟ فما هو -في تصوركم- السبب في هذا؟
- السبب في هذا هو المخطط الاستعماري القديم بالحط من العلماء، وإبعادهم عن قيادة المجتمع، وتأميم العلم والإفتاء، وجعل العلماء موظفين لدى الحكومات، وإنشاء هيئة حكومية تحتكر الإفتاء. ولذلك يحظر على العلماء في كثير من البلدان الإسلامية إنشاء أي تنظيم مستقل. سواء التي التي تعرف النظام النقابي أو التي لا تعرف أي نظام نقابي أو سياسي مثل حكومة آل سعود، فلا تجد في تلك البلاد أي تنظيم أو رابطة أو اتحاد مستقل لعلماء الأمة. ففي مصر مثلا كثيرٌ من الفئات لها نقاباتٌ حتى الراقصين والراقصات لهم نقابةٌ، أما العلماء فممنوعٌ عليهم أي تنظيم نقابي لمراعاة شؤونهم ولكفالة من يتضرر منهم.
* ولماذا لا يصر العلماء على إنشاء تنظيم أو هيئة مستقلة تتحدث باسمهم، وترعى من يتضرر منهم؟
- إنها حالة الخوف والتردد التي أصابت مجتمعاتنا من جراء القهر، ولكن الأحداث الأخيرة دفعت الكثيرين لكسر هذه القيود، التي تجعلنا كالنعاج في يد الجزار، يسوقنا للذبح واحدة تلو الأخرى دون أي اعتراض.
* ولكن هل سيدافع الشعب عن العلماء إذا دافعوا عن حقوق الأمة؟
- إن شاء الله. الأمة في فورة، وتحتاج إلى القيادة التي تلتف حولها.
ومن الأمثلة على ذلك؛ أن علماء الأزهر في عام ألف ومائتين وتسعة هجرية أعلنوا الإضراب العام وأوقفوا الدراسة في الأزهر، وأغلقت الأسواق، احتجاجا على ظلم المماليك للناس، واضطر المماليك للرضوخ، وكتب القاضي حجة عليهم بالرجوع عن جميع المظالم والالتزام بالأحكام الشرعية، ووقّع المماليك عليها
الشيخ عمر عبد الرحمان:
أيها الإخوة لا بد أن يشترك المسجد في توجيه الحياة الإسلامية وأن يكون للعلماء دور فليست الفروع الفقهية تشغلنا عن توجيه الحياة الإسلامية. إن دولة من الدول في هذا العصر كان العذاب والإيذاء ينزل بالمسلمين وكان عالم من أكبر العلماء على بعد أمتار من هذا التعذيب الذي يستعصر فيه المسلمين فماذا كان هذا العالم مشغولا به؟ كان يقول وهو يدرس مسألة: هل إذا نبتت لحية المرأة هل يجوز إزالتها أم لا؟ هذا الذي كان يشغله يشغل عالم والمسلمون تهتك أعراضهم وتطرق أبشارهم ويصب عليهم العذاب صبا لا بد أن يشترك العلماء في توجيه الأمة الإسلامية ويوم أن ترك العلماء موقفهم وترك المسجد دوره يوم أن تصرفت الدول وتبعثرت القوة تمزق المسلمون. أيها الإخوة الأجلاء إذا كان العذاب نزل بالمسلمين من أعدائهم فإنه اليوم ينزل بالمسلمين ممن يسمون بحكامهم ينزل العذاب أشكالا وألوانا بالمسلمين من الحكام سل سجون ليبيا وسل سجون مصر سل سجون العراق وسل سجون السعودية ماذا يتم فيها.
* هل تريد من ذكر هذا المثال أن يقود علماء الأزهر تحرك الأمة ضد الظلم؟
- ليس ضد الظلم فقط، بل وضد الحملة الصليبية الصهيونية أيضا. لماذا لا يعلن مشايخ الأزهر الإضراب العام حتى يفك الحصار عن غزة، ويدعون الأمة لذلك، ويعلنون أنه طالما يحاصر أهلنا في غزة، فالأمة في احتجاج وإضراب.
* ولكن هل تتوقع أن علماء الأزهر مهيئون نفسيا للقيام بهذا الدور العظيم في تاريخ الأمة؟
- الأزهر عرين الأسود، وكان حصن الأمة في الشدائد والأزمات.
* لا تنسى أن الأزهر تخرج منه أمثال سياف ورباني ومجددي وطنطاوي.
- هؤلاء يمثلون الوجه المظلم للأزهر.
* إذن من يمثلون وجهه المشرق؟
- كثيرون بفضل الله. من أمثال الشيخ العدوي الذي أعلن بطلان ولاية الخديوي توفيق لتحالفه مع الإنجليز، والشيخ عز الدين القسام والشيخ محمد فرغلي الذي قاتل الإنجليز في القناة، والشيخ محمد الأودن والشيخ أحمد شاكر والشيخ أحمد المحلاوي والشيخ عبد الحميد كشك والشيخ عبد الله عزام رحمهم الله أجمعين، والشيخ عمر عبد الرحمن فك الله أسره. هؤلاء وأمثالهم هم أسود الأزهر ووجهه المشرق.