الثلاثاء الحادي عشر من ديسمبر عام 1956
تربص الفدائيون للضابط الإنجليزي [ أنتوني مورهاوس ] إبن عمة ملكة إنجلترا – الذي إتصف بكراهيته الشديدة للمصريين لذلك قرر رجال المقاومة الشعبية اختطافه واعتباره صيداً ثميناً يرسل إلي القاهرة كأسير يمكن مبادلته بمن قبض عليهم من الفدائيين وقام الفدائيون برصد طريق مروره اليومي وعهد لأفراد المجموعه الرابعة بتنفيذ تلك الملحمة البطولية فكمن ستة منهم في شارع رمسيس وهم أحمد هلال وحسين عثمان ومحمد حمد الله وعلي حسن زنجير ومحمد ابراهيم سليمان وطاهر مسعد أثنان للمراقبة والأربعة الأخرون جلسوا داخل سيارة سوداء برقم 57 قنال ودربوا أحد الأطفال علي ركوب دراجة لاستدراج مورهاوس للفخ المعد له وفي الساعة السابعة صباحاً نزل مورهاوس من سيارته ليتفقد أحد خنادق جنوده عند تقاطع شارعي صفية زغلول ورمسيس أسفل منزل الدكتور حسن جودة طبيب الأسنان .. وإذ بالطفل يظهر أمامه ويكيل له السباب ويفر مسرعاً عبر شارع رمسيس فيركب مورهاوس سيارته الجيب دون أن يأخذ حرسه وتتبع الطفل للإمساك به .. وحسب الخطة الموضوعة وصل الطفل إلي رصيف المبني الذي كانت تشغله المباحث الجنائية وتظاهر الطفل بالسقوط من دراجته علي الرصيف فنزل مورهاوس ممسكاً مسدسه يحاول الأمساك بالطفل .
وكانت السيارة السوادء قد تبعتهما ونزل منها أحد الفدائيين وأمسك بمورهاوس وع زميل أخر كان في إنتظاره حملاه داخل السيارة واتجهوا به يميناً بشارع النهضة وانطلقوا مسرعين بعد أن كممه وقيدوا يديه ورجليه وقد تقرر نقله إلي لأحد المنازل بنهاية شارع تةفيق _ عرابي حالياً – خلف مدرسة الصناعات الزخرفية حالياً وأثناء سيرهم بشارع النهضة قابلتهم دورية انجليزية فأضطرت السيارة السوداء للدخول إلي ثكنات بلوكات النظام من الباب الخلفي حيث الجراج الفسيح ولمحاولة الخروج بمورهاوس أحضروا صندوقاً حديدياً كبيراً من قلم المرور المجاور ووضعوا مورهاوس بداخله ونقل بسيارة بوليس علي أنه مهمات أحد الضباط ووصلوا به إلي منزل الدكتور أحمد هلالي تمهيداً لإرساله للقاهرة .. فخرجت الدوريات الانجليزية في البحث عن مورهاوس دون جدوي وبعد ثلاثة أيام ونظراً للحصار المضروب علي المنطقة الذي منع من دخول الفدائيين لمخبأ مورهاوس .. تم فتح الصندوق فوجد مورهاوس مختنقاً فتم دفنه أسفل سلم المنزل حتي لا تنتج عنه رائحة كريهة وحتي لا يتمكن الانجليز من التعرف علي مكانه خصوصاً أن مدرسة الصناعات كانت معسكراً لمركبات القوات البريطانية وقد علق السيد اللواء حسن حسني علي سليمان مدير مكتب الحاكم العسكري لمحافظ بورسعيد أثناء العدوان الثلاثي أنهم عندما خطفوا الضابط البريطاني مورهاوس وصلوا به في نهاية المطاف إلي منزل الدكتور أحمد الهلالي المواجه مباشرة لأحد مراكز قيادات القوات البريطانية وكان من المستبعد أن يخلد لذهن القوات الانجليزية المجاورة أن يخبأ هذا الضابط المختطف في مكان مقابل لهم فاستبعدوا فكرة اخفائه في تلك المنطقة وكانت خدعة ناجحة من قوات الفدائيين المصريين .
الأربعاء الثانى عشر من ديسمبر عام 1956
نفل برينز مقر قيادته إلى بورسعيد بعد أن كان في جنوب بورسعيد وأرسلت القيادة البريطانية له التوسط لدى الفدائيين لمعاملة مورهاوس معاملة الضابط الأسير ... وبدأت تتدفق منشورات أفراد المقاومة على المعسكرات البريطانية وذلك بتوقيع " الهاتاشاما ".
الجمعة الرابع عشر من ديسمبر عام 1956
لم تهدأ المقاومة الشعبية في بورسعيد فألفتت الأنظار إلى الضابط جون ويليامز ضابط المخابرات البريطانى والذى أشتهر منذ عمله في مصر منذ 25 سنة ضمن جيش الأحتلال بالصلف والشدة والبطش ضد المصريين وتعلم خلال فترته الطويلة بمصر اللغة العربية كتابة وقراءة بل أجاد العديد من اللهجات لأهل مصر ودرس عادات المصريين وطباعهم لذلك شغل عديد من المناصب بالمخابرات المصرية حتى وصل مديرا للمخابرات العسكرية للقوات المعتدية عام 1956 فأسندت له عملية تعقب الفدائيين وتعقب أخبارهم والقبض عليهم وتعذيبهم لذلك وضعت قيادة الفدائيين خطة لاغتياله وأسند تنفيذها للشاب السيد عسران الذى لم يتجاوز السابعة عشر من عمره .. وفي نفس مكان خطف مورهاوس وقف السيد عسران في انتظار مرور السيارة المدنية الصغيرة التى يستخدمها ويليامز في تنقلاته السريعة وفي التاسعة صباحا أقبلت السيارة مسرعة في شارع رمسيس وزجاجها مغلق وكان يركب مع ويليامز الكولونيل جرين بالأضافة إلى سائق السيارة .. فتقدم عسران من السيارة ولوح له بورقة على أنها تظلم مكتوبة باللغة الأنجليزية وأمسك بيده الأخرى رغيف تظاهر بأنه يقضمه وكان بداخله قنبلة يدوية قام بنزع صمام الأمان منها وما أن وقفت عربة ويليامز وفتح نافذة السيارة لكى يستمع للتظلم المزعوم فما كان من عسران الا أن القى القنبلة اليدوية داخل السيارة حتى انفجرت القنبلة وأطاحت بقدم ويليامز اليسرى وقتل الكولونيل جرين وأصيب السائق وسقط ويليامز وسط بركة من دماء .
وحضرت لنجدته القوات البريطانية من كل صوب تصاحبها عربات اسعاف نقلته إلى المستشفي في حالة خطيرة ولم يعيش طويلا ومات متأثرا بجراحه لأنه كان مصابا بمرض السكر.
السبت الخامس عشر من ديسمبر عام 1956
خطط الفدائيون لضرب معسكر تجمع الدبابات البريطانية في معسكر الحرس الوطنى الكائن بشارع 23 يوليو أمام المبرة وأسند تنفيذها لضابط رجال الصاعقة حيث قام اليوزباشى سامى خضير بتسجيلهم بدفتر المسجونين بقسم ثالث وهم على سبيل المثال الضابط طاهر الأسمر ومدحت الدرينى ونبيل الوقاد وجلال هريدى .. وأختاروا وقت الغروب حيث فترة حذر التجول وقاموا باطلاق المدافع الصاروخية المضادة للدبابات فأصابوا أربع دبابات سنتريون وعربتين مصفحتين كما أدت العملية لخسائر فادحة في الأرواح وأطلق على هذا اليوم يوم الدبابات. وعادوا سالمين بعد تنفيذ العملية إلى قسم ثالث .
الأثنين السابع عشر من ديسمبر عام 1956
انسخبت القوات البريطانية من داخل المدينة وكانوا يخلونها جزءا جزءا ويقيمون بينهم وبين الجزء أسوار من الأسلاك الشائكة ، وكانوا يختمون كل من يخرج من الجزء المحتل على معصم يده بخاتم ذو تاريخ للتعرف غليه عند العودة في ذلك اليوم
وفي هذا التاريخ أصدر الفدائيين العدد الثانى من مجلة الأنتصار وتم طبعه بمطبعة المرحوم حامد الألفي وكان صاحب فكرة دفن الشهداء في مكان سقوطهم ليقى المدينة من شرور انتشار الأوبئةلعدم كفاية عربات الأسعاف في نقل الجثث، وبعد أن هدأت الحالة تم دفنهم في مدافن الشهداء.
الثلاثاء الثامن عشر من ديسمبر عام 1956
وصلت أفواج من البوليس المصرى وبلوكات النظام على متن قطار ترفرف عليه أعلام مصر استعدادا لأستلام المدينة بعد جلاء القوات المعتدية .
الخميس العشرون من ديسمبر عام 1956
قوات الأمم المتحدة تتسلم مبنى هيئة قناة السويس وانسحب استكويل قائد القوات المعتدية على ظهر باخرة حربية وتم انزال العلم البريطانى من سارى مطار الجميل.
السبت الثانى والعشرون من ديسمبر عام 1956
القوات الفرنسية تقوم بتسليم مدينة بورفؤاد لقوات الطوارىء الدولية في العاشرة صباحا وحدد الانجليز حظر التجول في الشريط الضيق الموجودين فيه بالشمال الشرقى للمدينة لمدة 24 ساعة حتى يتمكنوا من الانسحاب وكانت في انتظارهم احدى القطع البحرية التى تفتح مؤخراتها لدخول القوات المنسحبة وكان في حماية أخرى مكونة من ثلاث بوارج أمام الشاطىء ، كذلك 300 جندى من جنود القناصة فوق اسطح المنازل المطلة على المنطقة الخاصة بالأنسحاب خوفا من بطش الفدائيين . كما انتشرت القوات الدولية وراء الأسلاك الشائكة .

رحيل الجنود المستعمرين عن بورسعيد
في هذا اليوم عادت جميع القطع البحرية الأنجليزية إلى قاعدتها في قبرص ومالطا ، كذا بالنسبة للاسطول الفرنسى الذى عاد قاعدتها بمرسيليا وتولوز ... وفي الخامسة الا ربع في ذلك اليوم غادرت أخر سفينة بريطانية حاملة جنود فرقة يورك شير وبذلك قد تم جلاء أخر جندى عن أرض مصر بغير رجعة .... وقد أعتبر هذا اليوم عيدا قوميا أطلق عليه " عيد النصر " بعد 48 يوم من غزو فاشل .