عرض مشاركة واحدة
  #31  
قديم 22-02-2016, 01:57 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,930
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

أبلغت مصر بخطة العدوان الثلاثي لكنهم لم يصدقوني



استطاع رفعت الجمال أن يؤمن عمله في مجال السياحة ودشن مع شريكه الدكتور وايز شركة «سي تورز»، كما تعرف على شخصيات مرموقة في المجتمع الإسرائيلي، أبرزهم موشيه ديان وعزرا وايزمان، كما استطاع أن يحصل على حجم عمل كبير من موظفي الحكومة لشركته، ليروي ما حدث بعد ذلك في مذكراته: «حان الوقت لأول رحلة عمل رسمية أقوم بها خارج إسرائيل. سافرت في أكتوبر 1956 إلى روما للتفاوض بشأن سفر مجموعة من السياح إلى إسرائيل. وبعد يومين والعديد من الإجرائات الاحترازية لتضليل أي عناصر يحتمل أن تتعقبني، سافرت إلى ميلانو حيث التقيت برئيسي المباشر، وهو المسؤول عن فريق المخابرات المصرية العامل في وسط أوروبا، حيث أبلغته أن إسرائيل عقدت اتفاقًا سريًا مع فرنسا حصلت بموجبه على أسلحة ثقيلة ومعدات عسكرية.

وبعد أن قدمت له تقريرًا كاملًا سافرت إلى فرنسا حيث بقيت بضعة أيام لكي أقابل، حسب التصور الرسمي، أسرتي. وعدت إلى إسرائيل بعد غيبة ثمانية أيام. ومضى الوقت دون تطورات تذكر والشيء الهام الوحيد الذي استطعت أن أكتشفه هو أن إسرائيل كانت تجري مفاوضات مع فرنسا للحصول على مزيد من الأسلحة، إذ كانت فرنسا مهتمة بأن تكون لها سيطرة على قناة السويس، كما أن إسرائيل لم تكن تطمئن إلى جمال عبدالناصر، وكانت تبحث مع فرنسا كيفية فرض العزلة عليه أو حتى الإطاحة به. وأعلن (عبدالناصر) تأميم قناة السويس، وهنا ثارت ثائرة العالم الغربي، وجرت مفاوضات، ولكنه رفض أي مساومة.



خلال هذه الفترة حصرت اهتمامي لكسب ثقة موشي ديان وعزرا وايزمان وسام شواب. أحسست أن ثمة شيئًا هامًا يوشك أن يحدث، وعن طريق (ديان) قابلت جولدا مائير وبن جوريون. أظهرا كلاهما ودًا شديدًا نحوي، وسرعان ما تعاملا معي مثل (ديان). وأفادني هذا في مهمتي فائدة كبيرة للغاية، وقد حرصت أشد الحرص على أن أكسب أي موقع في الصدارة يمكن الوصول إليه.

كنت حذرًا غاية الحذر، ومن ثم قضيت أطول وقت ممكن مع (ديان) و(شواب)، واكتشفت أن إسرائيل تخطط لعملية عسكرية خاصة بشبه جزيرة سيناء، أعطتها الاسم الشفري (قادش) بهدف تدمير وإضعاف القوة العسكرية المصرية قدر المستطاع.

وفي هذه الأثناء كانت مصر تتفاوض مع سوريا والأردن ظنًا منهم أنه إذا ما وقع هجوم إسرائيلي فسوف يكون ضد الأردن. وفي اللحظة التي عرفت فيها أمر الخطة رتبت أموري لمغادرة إسرائل وإبلاغ رئيسي أن إسرائيل تخطط فعلًا لتوجيه ضربة إلى مصر، وهكذا عدت مرة ثانية إلى روما، واتخذت الخطوات اللازمة لتأمين نفسي، وسافرت إلى ميلانو لمقابلة رئيسي.



فوجئ بي حين رآني، ولكن بعد أخذ ورد، وافق على أن يستمع لي، لم يصدقني، وقال إن إسرائيل ستوجه الضربة إلى الأردن، وأن جميع الدلائل تشير إلى هذا الاتجاه. استبد بي الضيق ورجوته أن يصدقني، وأكدت له أن إسرائيل ستعطي لفرنسا المبرر للتدخل، ومن ثم تستطيع فرنسا أن تسيطر على قناة السويس.

وبعد مناقشات طويلة أخذ كلامي مأخذًا جادًا، وقال لي إنه سيسافر إلى القاهرة فورًا ويبلغهم بمعلوماتي التي توصلت إليها. عدت إلى إسرائيل وعرفت أنباء الحرب من هناك، ولست أدري لماذا لم تأخذ مصر تحذيري بصورة جدية. لابد وأنهم لم يصدقوني ووقع المقدور. أحسست بالصدمة، لماذا صموا آذانهم عن كلامي؟ كان (عبدالناصر) يستطيع على الأقل أن يرد الرد المناسب في وقت مبكر. ومع ذلك وكما يقول التاريخ، فقد حول الهزيمة العسكرية إلى نصر سياسي، ومنذ ذلك الوقت هدأت الحال، ولم يكن عندي غير عملي الروتيني وهو إرسال تقارير عادية إلى رئيسي.

ومضت الأيام بصورة طبيعية إلى أن جاء فجأة في مكتبي في أكتوبر 1957 زائر لم أكن أتوقعه. إنه إيلي كوهين. صحبته إلى المقهى محاولًا أن أستكشف منه ما إذا كان يعرف أي شيء عن حقيقة عملي في إسرائيل، وتبين لي أنه لا يعرف شيئًا وأنه لا يزال يصدق أنني يهودي. تحدثنا طويلًا، وحكى لي كل ما فعله خلال الفترة الماضية التي لم نلتق خلالها، وقال لي أيضًا إنه حصل على وظيفة في وزارة الدفاع، وعينوه في إدارة التجسس في القطاع العربي. قلت في نفسي على الفور ها هو مصدر معلومات آخر جيد دون أن يعرف. وقررت أن يكون هناك اتصال منتظم بيني وبين إيلي كوهين، ذلك أن وظيفته الجديدة مهمة جدًا بالنسبة لي.

واعتدت أنا و(إيلي) أن نقضي أوقاتًا كثيرة سويًا، وقدمته إلى سام شواب، الذي كان لا يزال يعمل في الشين بيت، جهاز المخابرات الداخلية، ويعتبر إلى حد ما زميلًا لإيلي كوهين. وخاجلني شعور بأنهما يعرفان بعضهما من قبل، غير أنني كتمت هذا الشعور داخلي».
رد مع اقتباس