عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 01-10-2010, 06:45 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
Icon114 ماده قانون الاحوال الشخصيه منهج جديد شعبه قانون

الباب الأول :الــــزواج
الفصل الأول :الخطبـــــة
إذا وقع اختيار الرجل على امرأة أو فتاه معينة للزواج منها، فإنه يتقدم إلى وليّها لخطبتها تمهيداً للزواج منها، إن لقي القبول والموافقة.
المبحث الأول
"تعريف الخطبة، وطبيعتها، وحكمة تشريعها"
أولاً : تعريف الخطبة :
- الخِطْبة في اللغة : بكسر الخاء وسكون الطاء؛ طلب التزوج بالمرأة . يقال : خطب المرأة إلى القوم: إذا طلب أن يتزوج منهم. واختطبه القوم: دعوه إلى تزويج صاحبتهم.
- وأما الخِطْبة في اصطلاح الفقهاء فهي: وعد متبادل بين الرجل والمرأة أو بين الأولياء على الزواج في المستقبل .
- فإذا أجابت المرأة أو من يمثلها، رغبة خاطبها، في أن تكون زوجة تعتبر الخِطْبةقد تمت بينهما شرعاً، فهي درجة متوسطة بين التفكير في الزواج وإبرام العقد بين الزوجين، فليست هي العقد وإنما هي وعد بإتمام العقد في المستقبل .
- والأصل أن الخِطْبة تكون من الرجل وهذا ما دعا كثير من الفقهاء إلى القول: بأن الخِطْبة: طلب الرجل التزوج من امرأة معينة. والمرأة بطبيعتها وحيائها، لا تبدي رغبتها في الزواج، وخاصة لو كانت هذه الرغبة في رجل بعينه .
- ولكن الشرع الإسلامي لا يمنع الخطبة من المرأة أو وليها . وكذلك كانت الخِطْبة قبل الإسلام . فقد عرض شُعيب "عليه السلام" إحدى ابنتيه على سيدنا موسى بعد أن سقى لهما، يقول الله تعالى : [ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ ] ونجد أن السيدة خَديجة رضي الله عنها هي التي قد بدأت الرسول قبل الرسالة، بإظهار رغبتها في التزوج منه. وكذلك المرأة التي جاءت تهب نفسها للنبي r. وكذلك عمر بن الخطاب، عرض ابنته حفصة على كبار الصحابة، وعرض الرسول r ابنته على سيدنا عثمان ابن عفان t .
- فلا حرج إذن في خِطْبة المرأة للرجل، بشرط ألا يترتب على ذلك شيء من الأذى والمضار، وأن تلتزم فيه المرأة طريق العرض أو التعريض المقترن بالحياء، وحفظ ما يتطلبه الشرع لها من كرامة وإعزاز .
· الخلاصة : يمكن تعريف الخطبة :
الخِطْبة هي إظهار الرغبة في الزواج بامرأة معينة والإفضاء بهذه الرغبة إلى المرأة أو من يمثلها، فإذا أجابت المرأة أو من يمثلها رغبة خاطبها في أن تكون زوجة، تعتبر الخطبة قد تمت بينهما شرعا، فهي درجة متوسطة بين التفكير في الزواج وإبرام العقد بين الزوجين، فليست هي العقد وإنما وعد بإتمام العقد مستقبلاً.
ثانيا : طبيعة الخِطْبة :ذكرنا عند تعريف الخِطْبة في اصطلاح الفقهاء: أن الخِطْبة هي "وعد متبادل بين رجل وولي امرأة على الزواج بها في وقت لاحق "
وواضح من هذا التعريف للخِطْبة في اصطلاح الفقهاء :
- أن الخطبة في الشريعة الإسلامية هي مجرد وعد متبادل على إنشاء عقد الزواج في المستقبل فهي إذَن ليست عقداً، حتى ولو اقترنت بقراءة الفاتحة – كما اعتاد الناس ذلك في هذه الأيام ؛ لأن قراءة الفاتحة هي من باب التَبرُّك.
- كذلك فإن تقديم بعض الهدايا من الخاطب لمخطوبته، أو حتى دفع المهر كله أو بعضه، لا يحول الخِطْبة من مجرد وعد إلى عقد، لأنها في واقع الأمر وحقيقته تعتبر مرحلة تمهيديه لعقد الزواج، تعطى كلا من طرفيه فرصة لإعداد نفسه لإتمام عقد الزواج، ومعرفة ما يلزم معرفته عن الطرف الآخر وأسرته، حتى إذا ما اطمأنت نفسه إليه أقدم على إتمام الزواج بنفس راضية وقلب مطمئن .
- وإن ظهر له في فترة الخِطْبة ما يجعله غير راض عن الطرف الآخر، بسبب ما عرفه عنه من أخلاق وصفات لم يكن على دراية بها عند الخِطْبة، فيمكنه إعادة النظر في إتمام الزواج، وذلك بالعدول عن الخِطْبة، إذا تبين له أن إتمام الزواج ليس في مصلحته، ولن يحقق له الأهداف والمعاني التي من أجلها شرع الزواج في الإسلام، والتي تضمنت أهمها الآية الكريمة: [ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَودَّةً ورَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ ](الروم : 21).
صيغة الخِطْبة : ليس للخِطْبة في الشريعة الإسلامية صيغة معينة، يلتزم بها الخاطب أو من ينيبه عنه في القيام بخطبة امرأة معينة، حيث تصح الخِطْبة بكل عبارة تفيد الرغبة في الزواج ممن تقدم لخطبتها، وموافقة الطرف الأخر على ذلك، وتواعدهما على إتمام عقد الزواج في وقت لاحق .
وإذا كان الناس قد اعتادوا قراءة الفاتحة عند إتمام الخِطْبة، فليس هذا شرطاً في صحة الخِطْبة أو من لوازم تمامها، وإنما هو من باب التَبرّك والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء أن يبارك هذا الاتفاق، وأن يكون عونًا للخاطبين في إتمام الزواج، وأن يوفقهما في مستقبل حياتهما الزوجية.
ثالثا : حكمة تشريعها :
أ- حكمة مشروعية الخِطْبة : نظراً لأهمية عقد الزواج وخطورته، إذ يترتب عليه تكوين أسرة معينة، هي لبنة من لبنات المجتمع، فقد اهتم الإسلام به، وأتاح لكل من طرفي العقد، الفرصة لمعرفة الآخر قبل إبرام العقد، والخطبة هي الوسيلة لهذه المعرفة .
- ومن ثم فقد شُرِعَتْ الخِطْبة، لتحقيق أغراض كثيرة ، أهمها :
1. تيسير سبل التعارف بين الخاطب والمخطوبة وأهليهما لأنه قد لا تتوافر سبل البحث وأسبابه كاملة عن أحوال الخاطب أو المخطوبة ، فتكون الخِطْبة باباً مفتوحاً للإطلاع على هذه الأحوال . وبذلك يتم الزواج بعد بحث وروية واطمئنان .
2. تنمية المودّة : فالخِطْبة تساعد كلاً من الخاطب والمخطوبة على التكيُّف التدريجي على العشرة. فخلال فترة الخِطْبة يتحرى كل من الخاطب والمخطوبة بحذر، ويعرف كل منهما حق الآخر ويحرص على احترامه، ويتعامل معه وكله أمل في رضاه، وكله رغبة في تحقيق مطالبه. فإذا اعتاد كل من الخاطب والمخطوبة ذلك، ثم انتهت الخِطْبة بالزواج. فقد يستمران على هذا الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في التضحية والإيثار .
3. فترة الخِطْبة مملوءة بالكثير من المشاعر والذكريات ، مما يزيد المودة بين الخاطب والمخطوبة، ويكون له أثره الطيب بعد الزواج .
4. الخِطْبة تؤدي إلى الاستقرار النفسي؛ لأنها تربط بين الخاطب والمخطوبة برباط تمهيدي. يُمكن كلا منهما من الاطمئنان على زواجه مستقبلا من الطرف الآخر دون أن يسبقه غيره إليه. خصوصا إذا تمت الخِطْبة في وقت قد لا تساعد الظروف كلا منهما أو أحدهما على إتمام الزواج بالآخر. ولا شك أن مثل هذه الظروف تسبب قلقاً كبيراً لشباب اليوم، والخِطْبة علاج لهذا القلق على الحبيب الآخر .
5. وبعد انتهاء فترة الخِطْبة، يستطيع كل من الخاطب والمخطوبة، أن يقرر رأيه النهائي في الشخص الآخر. هل سيرتبط به؟ ومن ثم يتم إبرام عقد الزواج، أم يتبين له أن هذا الشخص غير مناسب له فيعدل عن الخِطْبة، ومن ثم لا يبرم عقد الزواج، ويمضي كل منهما لحال سبيله .
ب – الدليل على مشروعية الخِطْبة :دل على مشروعية الخِطْبة : الكتاب، والسنة، والإجماع، والعرف
1- الكتـاب :دل على مشروعية الخِطْبة من الكتاب قوله تعالى: [ ولا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أو أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ولَكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَولاً مَعْرُوفاً ولا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ] ( البقرة: 235 ) .
وجه الدلالة: أن الله "عز وجل" أباح خطبة المعتدة من وفاة تعريضاً، فتكون إباحة خطبة غيرها من غير المحرمات جائزة من باب أولى .
2- السنة :وردت في السُنَة النبوية أحاديث كثيرة تدل على مشروعية الخِطْبة، نذكر منها ما يلي :
‌أ- فمن السنة القولية: قولهr: " لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب"، وهذا يدل على أن الخِطْبة مشروعة للخاطب الأول، وأنه يجب احترام حقه في الخِطْبة .
‌ب- ومن السُنَة الفعلية : وردت الآثار بأن النبي rخطب بعض زوجاته، كأم سلمة، وجويرية رضي الله عنهما .
‌ج- ومن السُنَة التقريرية: فقد ثبت أن الصحابة مارسوا الخِطْبة على عهد رسول الله r وأمَرّها ولم ينكرها. بل وقال لبعض من خطبوا، كالمغيرة بن شُعبة : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " فدل هذا على مشروعية الخِطْبة .
3- الإجمـاع : أجمع علماء المسلمين من عهد رسول اللهr وإلى يومنا هذا على جواز الخِطْبة ومشروعيتها.
4- العرف : جرى عرف المسلمين منذ زمن بعيد ، على الخِطْبة قبل الزواج ، وهو عُرّف صحيح لا يعارض نصاً في كتاب أو سُنّة .
المبحث الثاني
" شروط صحة الخِطْبة "
الخِطْبة مقدمة للزواج ووسيلة إليه، وليست مقصودة لذاتها، بل المقصود منها الزواج، حتى أن عقد الزواج لو تم بغير خطبة كان عقداً صحيحاً شرعاً لا تشوبه شائبة، وعلى ذلك لا يحل للشخص أن يخطب امرأة إلا إذا كان يجوز له العقد عليها في الحال، لأن ما يمنع انعقاد الزواج يمنع انعقاد الخِطْبة، والزواج لن ينعقد مع وجود مانع من موانعه، وكذلك الخِطْبة التي هي وسيلة إليه.
.. ولما كانت الخِطْبة مقدمة للزواج، ومرحلة تمهيدية لإتمامه كان من أهم شروطها :
- أن تكون المخطوبة صالحة للزواج بها من الخاطب لحظة التقدم لخطبتها، بمعنى ألا تكون ممن يحرم عليه الزواج بهن، سواء كانت الحُرمـة مؤبدة أو مؤقتة، وعلى ذلك فلا تجوز خطبة من يحرم الزواج بها، سواء كانت الحرمة مؤبدة أو مؤقتة، وسواء كانت بسبب النسب أو المصاهرة أو الرضاع .
- كذلك لا تجوز خطبة زوجة الغير، سواء كان ذلك بطريق التصريح أو التعريض؛ لأن في ذلك اعتداء على حق الزوج وعلى كيان أسرته، ولما قد يترتب على ذلك من فساد وفِتَن، وربما يؤدي إلى أن تفسد الزوجة حياتها مع زوجها، وتسئ معاشرته، حتى تدفعه إلى طلاقها، بعد أن كانت حياتها مع زوجها هادئة آمنة مستقرة .
- كذلك لا يجوز للمرأة أن تُعمد إلى رجل متزوج فتدعوه إلى الزواج بها، وقد تلمح له بما عندها من مميزات لا توجد عند زوجته، فيدفعه ذلك إلى طلاقها ليتزوج بهذه المرأة . وقد نهى الرسول عن ذلك بقولهr " لا تساُل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها " .
وعلى ذلك نعرض لموانع الخِطْبة : موانع الخِطْبة ثلاثة :
المانع الأول:ألا تكون المخطوبة محرمة على الخاطب بسبب من أسباب التحريم المؤبد كأمه أو أخته أو عمته أو خالته أو المؤقت كالمرتدة والمشركة، وزوجة الغير ومعتدته.
أ‌- لأن المحرمة مؤبدًا : لا يجوز له أن يتزوجها بحال من الأحوال، لأن سبب التحريم وصف لازم غير قابل للزوال، فالأمومة والأخوة والعمومة، صفات لازمة دائمة لا تقبل الإسقاط أو التنازل أو التغيير
ب‌- والمحرمة مؤقتاً : لا يجوز له الزواج بها مادام سبب التحريم قائما، لكن إذا زال التحريم بأن رجعت المرتدة، واعتنقت المشركة دينا سماويًا أو طلّق الغير زوجته وانقضت عدتها منه، فإنه يجوز لمن يريد التزوج بها أن يخطبها، لأنه يجوز له أن يتزوجها .
المانع الثاني : ألا تكون معتدّة : ومعتدة الغير إما أن يكون اعتدادها بسبب وفاة زوجها، فتسمى معتدة وفاة، وإما أن يكون اعتدادها بسبب الطلاق وتسمى معتدة طلاق سواء كان طلاقها رجعيًا أو بائنًا بينونة صغرى أو كبرى أو معتدة من نكاح فاسد أو شبهة .
المانع الثالث : ألا تكون مخطوبة لغيره وألا يكون مخطوباً لغيرها من موانع الخِطْبة ألا تكون المرأة مخطوبة لغير الخاطب، وألا يكون الرجل مخطوبًا لغيرها، وإذاً فالخطبة على الخِطْبة لها حالتان، خطبة الرجل على الرجل، وخطبة المرأة على المرأة .
الحالة الأولى: خطبة الرجل على الرجل : يختلف الحكم الشرعي في خطبة الرجل على الرجل باختلاف حال المخطوبة من : موافقة أو تردد أو رفض . ولكل صورة حكم خاص بها .
الصورة الأولى : إجابة الخاطب والرضا به .
إذا أجيب الخاطب الأول بالموافقة، ورضيت به المخطوبة فلا يجوز لخاطب آخر أن يتقدم لخطبتها، لأن ذلك يكون اعتداء وإيذاء على الخاطب الأول، وقد نهى الله تعالى عن إيذاء المؤمنين بشتى وسائل الإيذاء فقال تعالى : [ والَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وإِثْماً مُبِيناً] (الأحزاب : 58 ) .
وقد ذكر الفقهاء شروطا لتحريم الخِطْبة على الخِطْبة، يلزم توافرها، بحيث إذا فقد شرط منها كانت الخِطْبة منهياً عنها .
وهذه الشروط هي :
الشرط الأول : أن يكون الخاطب الثاني عالما بخطبة الأول ، فإذا لم يكن عالما بخطبته كان معذوراً بجهله
الشرط الثاني : أن يكون عالما بأن الخاطب الأول قد أجيب لخطبته، ويعذر بجهله لأن الأصل عدم الإجابة، ويستوي أن يكون الأول صالحًا أو فاسقًا، حتى لو كان فاسقا لا يجوز لأخر أن يخطبها ولو كان صالحا لعموم الأدلة .
الشرط الثالث : أن يكون عالما بتحريم الخِطْبة على الخِطْبة في تلك الحالة .
الشرط الرابع: أن تكون الخِطْبة الأولى جائزة، فإذا كانت محرمة فلا مانع من خطبته، كأن يكون الخاطب الأول في العدة، فتجوز خطبة الثاني خارج العدة، ولا عبرة لخطبة الأول.
الصورة الثانية من صور الخِطْبة على الخِطْبة :التردد بين الإجابة والرفض
جمهور الفقهاء: على أنه يجوز لآخر أن يتقدم لخطبتها في أثناء مدة التردد هذه من غير أن يكون قد ارتكب معصية الخِطْبة على الخِطْبة، واستدلوا على ذلك بما يأتي :
أولاً : بقصة فاطمة بنت قيس عندما جاءت إلى رسول الله r، بعد أن طلَّقها زوجها وانقضت عدتها منه، فأخبرته، أن معاوية بن أبى سفيان، وأبا جهم، خطباها، فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام (انكحي أسامة بن زيد) فقد دلت هذه القصة على جواز الخِطْبة أثناء فترة التردد والمشاورة، لأن فاطمة كانت مترددة، لم تقطع برأي في واحد منهما، ومن ثم خطبها الرسول r لأسامة وأشار عليها به .
ثانيا: إن حالة التردد والمشاورة حالة شك بين الإجابة والرفض، لا يتيقن واحدة منهما. ويعتبر التردد والسكوت عن الأول بمثابة الرفض الضمني وليس في ذلك اعتداء عليه لأن حقه لم يثبت بعد .
الصورة الثالثة :رد الخاطب ورفضه :
لا خلاف بين الفقهاء على أن من خطب امرأة وردَّته ؛ جاز لغيره أن يخطبها، فإن مجرد خطبتها لا يكسبه حقا يمنع الناس من التعدي عليه، ويجب على الخاطب قطع الخِطْبة لأن تماديه يؤدي إلى الإضرار بها والظلم لها في منعه بذلك غيره من خطبتها، ولا يكون حراما على المرأة ردّها خاطبها ما لم يكن الرد لأجل خطبة الثاني .
الحالة الثانية من حالات الخِطْبة على الخِطْبة : خطبة المرأة على المرأة .
سبق القول أنه لا بأس أن تخطب المرأة لنفسها رجلا فاضلاً، أو أن يخطبه لها وليها برضاها، فإذا حصل ذلك وأجاب المخطوب، أمتنع أن تخطبه امرأة أخرى بعد ذلك لأنه كما يحرم على الرجل أن يضار آخر ويؤذيه، يحرم على المرأة أن تضار أخرى وتؤذيها. غير أن تحريم خطبة المرأة مقيد بما لو كان الرجل لا يريد أن يتزوج إلا بواحدة، أو كانت المجابة يكمل بها العدد المباح له شرعا، وإلا جاز لأن من حقه أن يجمع بين أربعة متى توافرت الشروط .
وهذا التحريم محمول على ما إذا لم يكن هناك سبب يجيز ذلك : لريبة في المرأة لا ينبغي معها أن تستمر في عصمة الزوج، ويكون ذلك على سبيل النصيحة المحضة، أو الضرر يحصل لها من الزوج أو للزوج منها إلى غير ذلك من المقاصد المختلفة. وعلى هذا يجوز للمرأة أن تخطب رجلا متزوجا ويجوز لوليها أن يخطب رجلا متزوجا، أن لم يعلن هذا الرجل عن رغبته في عدم التزوج إلا بزوجه واحدة .
ويستدل لهذا بفعل عمرt حين عرض ابنته حفصة على عثمان وأبى بكرt وهما متزوجان، ولم ينكر الرسول r .
... وعلى ذلك فموانع الخِطْبة ثلاثة :
المانع الأول: ألا تكون المخطوبة محرمة على الخاطب بسبب من أسباب التحريم المؤبد أو المؤقت .
المانع الثاني : ألا تكون معتدة .
المانع الثالث : ألا تكون مخطوبة لغيره .
شروط صحة الخِطْبة :
نظرا لأهمية الخِطْبة، كتمهيد لعقد الزواج ومقدمة من مقدماته، وضع لها الشارع الحكيم شروطا لابد من توافرها، حتى تكون صحيحة، وتصلح بعدها للمضي في أبرام عقد الزواج.
... والشروط التي يجب توافرها في الخِطْبة هي :
الشرط الأول: أن تكون المرأة المراد خطبتها صالحة لعقد الزواج عليها في الحال، فإذا كانت غير صالحة لعقد الزواج عليها في الحال فلا تجوز خطبتها . وقد سبق إيضاح ذلك في موانع الخِطْبة
الشرط الثاني : ألا تكون المرأة مخطوبة للغير : يشترط لجواز الخِطْبة ألا تكون المرأة مخطوبة لشخص آخر قبل الخاطب، فإذا كانت المرأة قد سبق أن خطبها شخص آخر، ولا تزال مخطوبة، فلا يجوز لأحد أن يتقدم لخطبتها والحكمة من النهي عن خطبة المرأة المخطوبة: هي منع العداوة والبغضاء بين الناس . ومنع الاعتداء على حق الخاطب الأول
الشرط الثالث : أن يعرف كل منهما هيئة وشخصية الآخر :
ولا سبيل إلى ذلك إلا برؤية الخاطبين لبعضهما. ولهذا كان من محاسن التشريع الإسلامي إباحة النظر إلى المخطوبة والتحدث إليها، بل جعل ذلك مندوباً مرغوباً فيه .
الشرط الرابع : أن يجتهد كل واحد من الطرفين في معرفة حال الآخر:
وما نشأت عليه نفسه من اختلاف وعادات تصلح في نظره أساس لدوام هذه العشرة وتحقيق ثمرتها. وطريق هذه المعرفة هو البحث والتحري، وسؤال من يخالط الأسرتين ويعرف عاداتهما وتقاليدهما لأن الإنسان يتأثر بمن يحيط به ويعاشره .
الشرط الخامس : موافقة المرأة على الخِطْبة :
- تشترط الشريعة الإسلامية أن يؤخذ رأي المرأة عندما يتقدم أحد لخطبتها، لأن الخِطْبة تؤدي إلى الزواج، وقد اشترطت الشريعة موافقة المرأة على الزواج سواء أكانت بكراً أم ثيباً ولأن رابطة الزواج تقوم على شركة بين اثنين، فيجب لقيام هذه الشركة، موافقة الشريكين موافقة صادرة عن رضا واقتناع .
- وكما يشترط رضاء المرأة وموافقتها، فيشترط أيضا رضاء الولي، لقولهr :" لا نكاح إلا بولي" إلا أنه لا يجوز للولي، أن يتعنت، فيمنعها من الزواج بدون سبب معقول، إذا كان المتقدم للزواج كفئاً لقولهr : " ثلاث لا يؤخرون : الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها زوجاً "
... وعلى ذلك فهناك خمسة شروط لصحة الخِطْبة :
الشرط الأول : أن تكون المرأة المراد خطبتها صالحة لعقد الزواج عليها في الحال .
الشرط الثاني : ألا تكون المرأة مخطوبة للغير .
الشرط الثالث : أن يعرف كل طرف هيئة وشخصية الآخر .
الشرط الرابع : أن يسعى كل واحد من الطرفين التعرف على حال الآخر .
الشرط الخامس : موافقة المرأة على الخِطْبة .
وكما يشترط رضاء المرأة وموافقتها، فيشترط أيضاً رضاء الولي لقوله r : "لا نكاح إلا بولي ".