عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 01-10-2010, 06:18 AM
الصورة الرمزية مصراوى22
مصراوى22 مصراوى22 غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 2,629
معدل تقييم المستوى: 19
مصراوى22 is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني
دور الأقلام الجنائية فى مرحلة التحقيق " الذى تتولاه النيابة العامة "
تكون التحقيقات الإبتدائية موضوع مناقشة الخصوم دائماً سواء أثناء إتخاذها أو بعد طرح الدعوى على القضاء ، ولذا يجب تدوينها ليستطيع من يشاء أن يحتج بما يجرى خلالها ويستنبط ما يتراءى له من نتائج . فهى المرجع لكل من أراد الاعتماد عليها .
ولم ينص المشرع صراحة على قاعدة تدوين التحقيق إلا أنها تستخلص من بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية .
فأوجبت المادة 73 منه أن يستطحب المحقق فى جميع إجراءاته كاتبا يوقع معه المحاضر – كما أوجبت المادة 113 منه على تصديق المحقق والكاتب على كل تصحيح أو شطب – وأوجبت المادة 114 منه على وضع إمضاء المحقق والكاتب على كل صفحه أولا بأول .
وهذا ما سوف نتعرض له فى دراستنا فى المباحث التالية .
المبحث الأول
سكرتير التحقيق - دوره - أهميته- جزاء عدم وجوده
أولاً : تدوين التحقيق بمعرفة كاتب مختص :
تدوين التحقق أمر لازم حتى يكون حجه على الكافة ، وتكون إجراءاته أساساً صالحاً لما قد يبنى عليها من نتائج . إذ أنه لا محل للاعتماد على ذاكره المحقق التى لا بد وأن تخونه خصوصاً بعد فترة من الزمن .
وينبغي أن يجرى تدوين التحقيق بمعرفة كاتب مختص ولا يغنى عن تدوينه بخط يد المحقق ، وفى ذلك يختلف محضر التحقيق عن محضر الاستدلال الذى يحرره بحسب الأصل نفسه مأمور الضبط القضائي .
لذا اوجب القانون على المحقق أن يصطحب معه دائما كاتباً من كتاب النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال ، ويوقع معه على المحاضر، كما أوجب حفظها مع الأوامر وباقي الأوراق فى قلم كتاب النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال .
وحضور كاتب للتدوين أمر لازم فى جميع إجراءات التحقيق التى تستلزم تحرير محاضر ، سواء كانت سماع شهود أو معاينة أو إستجواب ، وذلك حتى يتفرغ المحقق للعمل الفنى وحده .
فضلاً عن أن فى ذلك ضماناً لدقه التدوين وصحته ، ويجوز ندب غير كاتب التحقيق المختص فى حالة الضرورة – وتقديرها متروك لسلطة التحقيق تحت أشراف محكمة الموضوع . وكذلك إذا أستشعر المحقق حرجا من الاستعانة بالكاتب المختص على فطنه المساس بحسن سير التحقيق أو الإضرار بمصلحة العدالة على أية صورة من الصور .
ويترتب على عدم حضور الكاتب بطلان الإجراء بطلانا نسبياً فيسقط الحق فى التمسك به إذا لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع . ويلاحظ أن ما قد لا يصح بوصفة إجراء تحقيق لعدم حضور الكاتب مع عضو النيابة قد يصح بوصفه استدلالا ، لمحضر معاينه أو سماع أقوال المتهم أو شاهد من الشهود ، يحرره وكيل النيابة بنفسه ودون أية استغاثة بالكاتب المختص .
المبحث الثاني
إمساك دفتر حصر التحقيقات، وتحديث بياناته أول بأول
تعتبر دفاتر حصر التحقيقات المرجع الأول فى تعرف خطوات كل قضية وسجل لحصر القضايا وأنواعها وبيان ما حكم فيه منها وتاريخ الحكم فيها .
لذلك فإن هذه الدفاتر مخصصة لحصر وضبط القضايا المتداولة بالجلسات ولاستخراج الكشوف وبيان ساعة فتح وقفل الجلسات واسم هيئة المحكمة وتوقيع الأستاذ رئيس المحكمة .
ويجب على سكرتير الجلسة كتابة أسمه بخط واضح فى كل جلسة بيومية الجلسات وأن يرصد بيانا فى نهاية كل جلسة بما قدم من قضايا لهذه الجلسة وما حكم فيه وما تأجل تفصيلاً وذلك بخلاف الكشف الشهري الذى يستخرج شهرياً بهذه البيانات .
كما يجب عليه أن يثبت وقت افتتاح الجلسة على وجه التحديد فى محضر أول قضية يبدأ القاضي نظرها .
كما تقيد بيومية الجلسات جميع القضايا المتداولة سواء ما كان منها بالمرافعة وما هو محال إلى التحقيق أو ما يكون محجوزا للقرار أو الحكم وذلك بالجلسات المحدد لها وأن يوضح بها رقم كل قضية وسنتها وأسم أول مدع أو مستأنف أو متظلم وأسم أول مدعى عليه أو مستأنف عليه أو متظلم ضده .
المبحث الثالث
كيفية تحرير المحضر وبياناته الجوهرية وتوقيعه
تكون التحقيقات الإبتدائية موضوع مناقشة الخصوم دائما سواء إبان اتخاذها أو بعد طرح الدعوى على القضاء – ولذا يجب تدوينها ليستطيع مكن يشاء أن يحتج بما يجرى خلالها ويستنبط ما يتراءى له من نتائج فهى المرجع لكل من يريد الاعتماد عليه .
فيجب تحرير محاضر التحقيق بمعرفة كاتب من موظفي القلم الجنائي بالنيابة المختصة الذى عليه أن يتحرى الدقة والوضوح والنظافة فى تدوين المحضر .
ويعنون محضر التحقيق ببيان النيابة التى تقوم به ويصدر بتاريخ اليوم والساعة ومكان التحقيق واسم المحقق ووظيفته واسم النيابة التى يعمل فيها أصلا واسم النيابة التى هو منتدب لها إذا كان منتدبا واسم كاتب التحقيق سواء أكان من كتاب النيابة أو أخر ندبه المحقق بعد حلف اليمين ثم يذكر نص بلاغ الحادث وتاريخ وساعة وصوله إلى عضو النيابة ووقت قيام الأخير للتحقيق .
كما يحرر محضر التحقيق بخط واضح بغير كشط أو شطب أو تحشير وترقيم صفحاته بأرقام متتابعة ويوقع كل من المحقق والكاتب بإمضائه بعد الانتهاء من سماع أقوال كل شاهد أو متهم وبعد تلاوتها عليه وأقواله بأنه مصر عليها وتوقيعه بنهايتها فإذا أمتنع الشاهد أو المتهم عن وضع إمضائه أو ختمه أو لم يمكنه ذلك تعين إثباته فى المحضر مع بيان الأسباب الذى يبديها ويضع الكاتب إمضاء مع عضو النيابة على جميع صحف المحضر وعلى كل تصحيح أول بأول فإذا كان التصحيح أو الشطب أو التخريج خاصًا بأقوال شاهد أو متهم يعتمد بتوقيعه عليه معهما .
كما يجب أن يثبت بالمحضر اسم المتهم واسم الشهرة أن وجد وتاريخ الميلاد باليوم والشهر والسنة وجهة الميلاد والمحافظة التى تقع فيها والجنسية من واقع البطاقات الشخصية والعائلية وجوازات السفر أو اى مستند رسمي أخر كما يدون اسم الشاهد ولقبه وصناعته وسكنه وعلاقته بالمتهم ويدون دائماً الرقم المطبوع للبطاقة والرمز المقترن به قرين الرقم المسلسل المعطى للبطاقة من جهة صدورها وتثبت أسماء من سمعت أقوالهم بهوامش المحاضر قرين بداية أقوال كل منهم مع التنويه بما إذا كان شاهد إثبات أو شاهد نفـــى أو متهما .
يجب أن تثبت الأسئلة التى توجه للمتهمين والشهود وكذلك الإجابة عنها فى محضر التحقيق كاملة دون اقتضاب أو حذف أو تنقيح وذلك تحت إشراف المحقق .
يجب أن يثبت بالتفصيل أسماء المدعين بالحق المدني صفتهم فى الدعوى وقيمة المبالغ المدعى بها والمحل الذى يتخذه خصوم الادعاء المدني فى البلدة التى بها مركز المحكمة التى يجرى فيها التحقيق إذا لم يكونوا مقيمين فيها .
يجب على عضو النيابة المحقق أن يتحقق من أن كاتب التحقيق قد بادر إلى إخطار الخصوم باليوم المحدد للتحقيق ومكانه وأنه قام بإعلان الشهود المطلوبين . ويدون بهامش حضر التحقيق قرين قرارات التأجيل ما تم نحو تنفيذها مع إيضاح تاريخ ورقم الكتاب الذى نفذ بموجبه القرار ، ويراعى دائما أن يكون القرارات بكتب من أصل وصورة ويحتفظ بالصورة فى القضية . والأصل فى المحضر أن يكون صورة صادقة لما يتم من إجراءات ، بمعنى أن يعتبر عمل الكاتب بمثابة المسجل لكل ما يدور فى مكان التحقيق ، وهذا ما تقضى به القواعد العامة ، ولكن هل يتيسر إعمالها من الناحية العملية .
فكثيراً ما يستمع المحقق إلى مجمل أقوال الشخص الماثل أمامه – سواء أكان شاهداً أو متهما – ليحيط علما بالواقعة ثم يبدأ فى إثبات أقواله . وليس ثمة ما يمنع من هذا ما دام ما دون بعد ذلك يتضمن فعلا ما صدر من الشخص من أقوال ، بمعنى أن لا يغفل المحقق بعض الأقوال التى سمعها .
ومن أدق المسائل تعرف اللغة التى يجرى بها إثبات التحقيق ، بمعنى هل يجرى الإثبات باللغة العربية أم باللغة العامية ، وهل يجوز تغيير الأسلوب الذى أدلى به الفرد أمام المحقق . والإجابة على هذا السؤال يسيرة مكن تعرف حكمه تدوين التحقيق ، وهى تقدير أقوال من سمعت معلوماتهم أمام المحقق وقد يكون للهجة أو الأسلوب الذى قيل معان معينه تختلف عن المعاني التى تستفاد من اللغة العربية إذا وضع القول بها لاسيما أن هناك من الألفاظ الواحدة ذات المدلول المتعدد وفقا لاختلاف اللهجات والتقاليد من مكان إلى أخر . وهذا يؤدى إلى القول بوجوب إثبات كل قول على الصورة التى قيل بها .
على أنه إذا كان الشخص الذى يسأله المحقق لا يعرف اللغة العربية فانه يجوز للمحقق أن يستعين عند الضرورة – إن لم يستطع هو بنفسه – بمترجم يحلف اليمين على أداء عمله بالذمة والصدق وحينئذ تثبت الأسئلة والإجابة عليها بالغة العربية .
التوقيع على المحاضر :
يوجب القانون على المحقق أن يوقع على المحاضر ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الكاتب ، ويجب أن يتم التوقيع على كل صفحه من صفحات التحقيق هذا فضلا عن نهاية المحضر وذلك إبعاداً لأية شبهة فى مظنة التزوير . على أنه بالنسبة إلى الكاتب يكفى توقيعه مع المحقق فى نهاية المحضر ، لأن الثقة القائمة بالمحضر مستمدة من توقيع عضو النيابة .
المبحث الرابع
دور النيابة العامة فى التحقيقات المكتبية أو المعاينات بمكان الحادث
وإجراءات التحقيق التى تباشرها النيابة على نوعين :
· أولهما : خاص بجمع الأدلة .
· وثانيهما : يتعلق بالاحتياط ضد شخص المتهم للتمكن من التحقيق معه أو لمنعه من الفرار .
إجراءات جمع الأدلة
إجراءات جمع الأدلة التى أوردها قانون الإجراءات هى :
§ المطلب الأول :الانتقال والمعاينة .
§ المطلب الثاني : ندب الخبراء .
§ المطلب الثالث :التفتيش .
§ المطلب الرابع : ضبط الأشياء والتصرف فيهــــــــا .
§ المطلب الخامس : سماع الشهود .
§ المطلب السادس : سؤال المتهم .
§ المطلب السابع : الإستجواب والمواجهة .
وإجراءات جمع الأدلة التى أوردها قانون الإجراءات الجنائية لم ترد على سبيل الحصر ، لأن للمحقق أن يستعين بأية وسيلة مشروعة مفيدة فى الإثبات لا تنال من حريات الأفراد ولا حرمه مساكنهم وإسرارهم ، ولو لم يرد لها ذكر فى القانون مثل عملية العرض القانوني للاستعراف على الشخص أو الاستعانة بالبصمات أو الكلاب .
وللمحقق أن يرتب جمع الأدلة بالترتيب الذى قد يراه أكثر ملائمة لطبيعة الجريمة ولظروفها الخاصة . فله أن يبدأ تحقيقه بسماع الشهود – وهو ما يحصل عادة – إنما له أن يبدأ بالمعاينة إذا خشي على نتيجتها من فوات الوقت أو بالتفتيش إذا خشي سرعة إخفاء أدلة الجريمة ، أو بندب أحد الخبراء ، أو باستجواب المتهم إذا كان معترفاً ويخشي أن يعدل عن اعترافه ، وهكذا دون أن يقيده أي قيد غير ما يمليه عليه حسن التصرف وإتقان فن التحقيق وهو يتطلب دائما المبادرة إلى الدليل قبل أن تمتد إلية يد العبث أو التظليل .
الانتقال والمعاينة
الانتقال إلى محل الواقعة من أهم إجراءات جمع الأدلة ، فهو لازم لمعاينه " حالة الأمكنة والأشياء والأشخاص ووجود الجريمة ماديا وكل ما يلزم إثبات حالته " على حد تعبير المادة 90 إجراءات . وتستحسن المبادرة إليه قبل أن تزول أثار الجريمة أو تتغير معالم المكان . وكثيراً ما يكون الانتقال مصحوباً بالتفتيش وضبط الأشياء ، كما قد ييسر للمحقق سماع الشهود دفعة واحدة قبل ان يخضعوا لشتى المؤثرات الخارجية ومطابقة أقوالهم على معالم المكان وأثار الجريمة . وقد تتيح المعاينة فرصة إستجواب المتهم متى أمكن الإستجواب طبقا للقانون وبحضور محامية إذا كانت الواقعة جناية ، ومواجهته بالأدلة المادية فى مكان الحادث إذا كان حاضراً وإذا كان المتهم غائباً فيمكن إجراء المعاينة فى غيبته دون بطلان .
وتقدير وجوب الانتقال من عدم وجوبه أمر متروك للمحقق ( م90 إجراءات ) وقد أوجبت المادة ( 31/2 إجراءات ) على مأمور الضبط إخطار النيابة فورا بانتقاله فى الجرائم المتلبس بها وجرى العمل على قصر الإخطار على الجنايات والجنح الهامة فحسب لتقرر النيابة ما إذا كان هناك وجه لانتقالها أم لا . كما أوجبت نفس الفقرة على النيابة العامة بمجرد إخطارها بجناية متلبس بها الانتقال فورا إلى محل الواقعة وقد يترتب على عدم الإخطار أو عدم الانتقال مسئولية إدارية على المخالف / لكن لا يترتب على أيهما بطلان ما .
الاستجواب والمواجهة : الاستجواب والمواجهة من إجراءات التحقيق دائما – بعكس سؤال المتهم الذى يصح ان يجرى بمعرفة سلطة الاستدلال ، وسوف ندرس فى هذا الموضوع ( ماهية الاستجواب والمواجهة ) ثم نبين الضمانات التى رسمها القانون بالنسبة لهما إذا كانت الواقعة جناية – وهما دعوة المحامى للحضور وتمكينه من الإطلاع على الأوراق .
ماهية الإستجواب والمواجهة
استجواب المتهم غير سؤاله لأنه يتطلب فضلا عن توجيه التهمة إليه مواجهته بالأدلة المختلفة القائمة قبله ، ومناقشته تفصيلية كى يفندها ان كان مذكرا التهمة ، أو يعترف بها إذا شاء الاعتراف .
ووظيفة الإستجواب الأولى فى التحقيق الابتدائي هى الاستعانة به فى جمع الأدلة إذ قد يؤثر المتهم الاعتراف مختاراً أو قد يصدر منه أقوال تتخذ دليلاً ضده وقد يعطيه الإستجواب فرصة ليساعد العدالة من جانبه بالعمل على تفنيد الشبهات القائمة ضده إذا كان بريئا وربما على الوصول إلى الفاعل الحقيقي ولذلك يجب أن يحظى الإستجواب بعناية خاصة عن طريق توفير الضمانات التى تكفل للمتهم حرية فى الكلام بعد تبصر فيه أما فى مرحلة المحاكمة فلا يجوز الإستجواب أصلا إلا إذا قبله المتهم هو ومحامية إن وجد . ( م 274 إجراءات ) .
وإذا كان الأصل هو جواز إستجواب المتهم فى التحقيق الابتدائي ، ولكن له رفض الإجابة على ما قد يوجه إليه من أسئلة ، ولا يجوز أن يعد امتناعه هذه قرينه ضده ، وإذا تكلم المتهم فإنما ليبدى دفاعه ، ومن حقه ، ودون غيره ، أن يختار الوقت والطريقة التى يبدى بها هذا الدفاع فلا يصح أن يتخذ من امتناع المتهم عن الإجابة قرينه على ثبوت التهمة .
والمشرع الإجرائي يوجب إستجواب المتهم أحيانا أثناء التحقيق الابتدائي فى أحوال معينه ولا يبيحه فحسب ، وأوجب سماع أقواله بعد القبض عليه (م131اجراءات )، ولو كان القبض بمعرفة مأمور الضبط القضائي بمقتضى سلطته وبعد تحويله للنيابة (م36 إجراءات ) واوجب إستجوابه عند حبسه احتياطيا (م134إجراءات ) ، ثم أوجب سماع أقواله فحسب عند مد حبسه (م142إجراءات )
أما فيما عدا حالة حبس المتهم احتياطيا فلا نجد فى نصوص التشريع الإجرائي ما يبرر القول بوجوب الإستجواب بطريقة حتمية ، لأنه وسيلة لجمع الأدلة بحسب الأصل لا وسيلة دفاع ، ومن ثم نرى أنه يعد أمراً جوازياً كما هى الحال فى جميع إجراءات جمع الأدلة التى ترك القانون تقدير اتخاذها لسلطة التحقيق . إنما قد يكون لعدم الإستجواب أثره لدى محكمة الموضوع عند تقدير الأدلة القائمة قبل المتهم والتى لم يواجه بها .
وما دام لم يحصل تعرض للمتهم فى شخصه بالحبس الإحتياطي فالإستجواب لا يعد ضمانا له بتقدير ما يعد خطراً يتهدده بالانزلاق إلى الاعتراف فإذا رأت سلطة التحقيق إجراءه – وهو الأمر المألوف الذى يستحسن أن يحصل كلما أمكن ذلك – فعندئذ يتدخل القانون ليحيط المتهم بالضمانات المطلوبة درءا لاحتمال إساءة إستعمال المحقق لهذا الإجراء ، ولاحتمال الطعن على كيفية إجرائه أما إذا لم تر ذلك فلا سند من تشريعنا ولا من طبيعة الإجراء نفسه للقول بإيجابه حتما وببطلان التحقيق الخالي منه . ولا يجوز عند إستجواب المتهم تحليفه اليمين وإلا كان الإستجواب باطلاً .
المواجهة :
مواجهة المتهم بغيره هى وضعه وجها لوجه إزاء متهم أخر أو شاهد أو أكثر كي يسمع بنفسه ما قد يصدر منهم من أقوال فى صدد ما أدلوا به من معلومات متعلقة بواقعة أو أكثر فيتولى الإجابة تأييداً أو تفنيداً . والمواجهة تشبه الإستجواب فى أنها تتضمن معنى المواجهة بدليل أو أدلة قائمة قبله لكنها تختلف عنه لأنها مقصورة على دليل واحد أو أكثر فحسب ، وبالنسبة لواقعة معينة أو أكثر . والمواجهة قد تدفع المتهم إلى الاعتراف أو إلى تقرير ما ليس فى صالحه – أن صدقا أو كذبا – لذا أحاطها القانون بنفس الضمانات التى أحاط بها الإستجواب .
ومجرد حضور المتهم أثناء سماع شاهد أو متهم أخر غيره لا يعد مواجهة حتى لو سأله المحقق عما إذا كانت لديه ملاحظات على أقوال هذا الأخير ، ما دام ذلك فى حدود الاستفهام الإجمالي ، دون ما استرسال فى المجابهة بالأدلة ومناقشته فيها وإلا لأصبح الأمر استجوابًا صريحا ، وفى الواقع لا توجد حدود فاصلة بين الأمرين ، ولعل هذا هو الاعتبار الذى حدا بالتشريع إلى الجمع بينهما فى ضمانات مشتركة .
المبحث الخامس
حفظ أسرار التحقيق وعدم إفشائها – وجزاء مخالفة ذلك
طبقا للمادة 75 إجراءات " تعتبر إجراءات التحقيق ذاتها والنتائج التى تسفر عنها من الإسرار ويجب على قضاة التحقيق وأعضاء النيابة العامة ومساعديهم من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم عدم إفشائها ومن يخالف ذلك يعاقب طبقاً للمادة 310 من قانون العقوبات .
وهذه السرية مقصورة على من لم يكن طرفا فى الدعوى أما الأطراف فيجرى التحقيق فى مواجهتهم ، كما يجوز لهم الإطلاع عليه . وجريمة إفشاء أسرار التحقيق يؤخذ بها الموظفون القائمون بالتحقيق المتصلون به ، أو أولئك الذين يحضرونه بسبب وظيفتهم فخرج عن نطاقها الخصوم أو الشهود لو افشوا ما وصل إلى علمهم من إجراءات التحقيق والنتائج التى قد تسفر عنها .
التحقيق علني للخصوم
أوجب القانون أن يجرى التحقيق فى مواجهة من يريد الحضور من الخصوم ، وهم المتهم والمجني عليه والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها وتعتبر النيابة فيما يتعلق بالتحقيق الذى يجريه قاضى التحقيق ومن فى حكمه ، ضمن الخصوم الذين يحق لهم حضوره (م77إجراءات ) ولهذا الاعتبار أوجب إعلان الخصوم باليوم الذى يباشر فيه المحقق إجراءات التحقيق وبمكانها (م78 إجراءات ) كما اوجب على كل من المجني عليه والمدعى بالحقوق المدنية والمسئول عنها أن يعين له محلا فى البلدة الكائن فيها مركز المحكمة التى يجرى فيها التحقيق إذا لم يكن مقيما فيها ، وإلا فيجرى إعلانه فى قلم الكتاب (م79إجراءات) .
واستثناء ما تقدم سمح القانون للمحقق أن يقرر سرية التحقيق حتى عن الخصوم متى رأى ضرورة ذلك لإظهار الحقيقة ، وبمجرد انتقاء تلك الضرورة يبيح لهم الإطلاع على التحقيق (م77/1 إجراءات ) . كما أباح له فى حالة الاستعجال أن يباشر بعض إجراءات التحقيق فى غيبة الخصوم مع السماح لهؤلاء بالإطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات (م77/2 إجراءات ) .
وإجراء التحقيق أو جزء منه فى غيبه الخصوم رهن بتوافر الاستعجال أو بضرورة السرية لإظهار الحقيقة ، وبشرط أن تنتهي حتما بمجرد زوال سببها وإلا كانت الإجراءات التالية باطله . ويجوز أن تمتد السرية إلى نهاية التحقيق إذا ظلت أسبابها قائمة ، كما يجوز أن تكون مقصورة على بعض الإجراءات أو بعض الخصوم فقط طبقاً لما يقدره المحقق من مصلحة التحقيق .
ولا يجوز منع المحامى من الحضور مع موكله بحجة السرية لا سبب كان المنع لأن الخصم ومحامية يعتبران فى الدعوى شخصا واحدا فى التحقيق الابتدائي والمحاكمة فإذا قيل بالسرية لأحدهما وجب القول بها لأخر دون أية تفرقة . هذا وقد نصت المادة 125/2 إجراءات على أنه " فى جميع الأحوال لا يجوز الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق " وهذه الفقرة ولو أنها واردة فى خصوص الإستجواب إلا أن حكمها يقرر قاعدة عامة على إجراءات التحقيق الابتدائي بوجه عام خصوصاً منها تلك الماسة بحرمة الشخص أو المسكن ولأي من الخصوم أو محاميهم فضلا عن ذلك حق الإطلاع على التحقيق الابتدائي أول بأول ، ما لم تقرر سرية التحقيق وتتوافر مبرراتها الحقيقية .
وبالنسبة للمعاينة ، يحسن ترك تقدير سريتها للمحقق شانها فى ذلك شأن إجراءات التحقيق الأخرى . إذ قد يحسن فى أحوال خاصة منع المتهم من حضور المعاينة فى حضور المجني عليه والشهود درءا لاحتمال تأثيره فيهم أو لاحتمال الاعتداء عليه . أما التفتيش فينبغي دائما التقيد فيه بقيد المادة 92 إزاء نصها الصريح ولانتقاء الإعتبارات الأنفة الذكر . فلا يجوز تفتيش منزل المتهم بغير حضوره هو أو من ينيبه عنه وتفتيش منزل غير المتهم بغير حضوره هو أو من ينيبه عنه إن أمكن ذلك حتى ولو تقررت السرية بالنسبة لكافة إجراءات التحقيق ، وذلك تطبيقاً للقاعدة العامة التى وضعتها المادة 92 إجراءات . هذا فضلا عن أوجه المصلحة غير ظاهر فى عدم التقيد بهذا القيد فى التفتيش .
المبحث السادس
إثبات الحضور – واستيفاء الدمغات – وتدوين أقوال المستجوبين بكل دقه
أولاً : إثبات الحضور
يتطلب إجراء التحقيق فى غالب الأحيان حضور المتهم شخصيا كما قد يخشى من هربه أو اتصاله بالشهود أو أن تمتد يده إلى العبث بالأدلة أيا كان نوعها لذلك *** القانون للنيابة – ولسلطة التحقيق بصفه عامة – أن تتخذ فى حقه إجراء أو أكثر من الإجراءات الآتية :
المطلب الأول : الأمر بالحضور .
المطلب الثاني : الأمر بالقبض أو القبض والإحضار .
المطلب الثالث : الحبس الإحتياطي .
المطلب الأول
الأمر بالحضور .
للمحقق فى جميع الأحوال أن يكلف المتهم بالحضور بمقتضى أمر يصدره ( م 126 إجراءات ) وهو مجرد دعوة للمتهم بان يحضر فى مكان وزمان معينين ، وهى غير ملزمه له ولا تجيز لمن يحملها الحق فى تنفيذها بالقوة ، لأن للمتهم الخيار التام لأن يلبيها أو يرفض تلبيتها ، فهي كدعوة الشاهد للحضور لسماع أقواله . لكن إذا تخلف المتهم عن الحضور بعد تكليفه قانونا دون عذر مقبول ، جاز إصدار الأمر بالقبض عليه وإحضاره ولو كانت الواقعة مما يجوز فيها الحبس الإحتياطي ( م130 إجراءات ) .
والأمر بالحضور ويطلق عليه أحيانا التكليف بالحضور جائز فى جميع الجرائم وينبغي أن يشمل – شأن كل أمر يصدره المحقق ويمس شخص المتهم – على أسم المتهم ولقبه وصناعته ومحل إقامته والتهمة المنسوبة إلية وتاريخ الأمر وإمضاء من أصدره والختم الرسمي ، فضلاً عن وجوب اشتماله على ميعاد معين ( م127/2،1 إجراءات ). وهو يعلن إلى المتهم بمعرفة أحد المحضرين أو أحد رجال السلطة العامة وتسلم للمتهم صورة منه (م128 إجراءات ) ، ويكون نافذاً فى جميع أراضى الجمهورية .
المطلب الثاني
الأمر بالقبض أو القبض والإحضار .
إذا كان المتهم حاضرا جاز للمحقق أن يصدر أمر بالقبض عليه ، أما إذا كان غائباً فله أن يصدر امرأ بالقبض عليه وإحضاره ، والأمر بالقبض أو بالقبض والإحضار لا يجوز أن يصدر إلا فى الأحوال الآتية :
1. إذا كان المتهم يجوز حبسه احتياطياً .
2. إذا لم يحضر بعد تكليفه بالحضور دون عذر مقبول .
3. إذا خيف هربه .
4. إذا لم يكن له محل أقامه معروف .
5. إذا كانت الجريمة فى حالة تلبس .
والأمر بالقبض والإحضار لا يختلف فى غايته عن الأمر بالحضور لأنه يهدف مثله إلى حضور المتهم الغائب أمام المحقق ، إلا أنه يشتمل فضلاً عنه على تكليف رجال السلطة بالقبض على المتهم وإحضاره إذا رفض الحضور طوعا فى الحال (م126/1 إجراءات ) وهو يشبه الحبس الإحتياطي فى أنه مثله إجراء ماس بحرية المتهم الشخصية ، والفرق بينهما هو فى مدة الحجز فحسب ., لذا فالأصل فيه أنه لا يجوز إلا إذا كانت الجريمة مما يجوز فيها الحبس الإحتياطي ، وأما الأحوال الأربعة الأخرى فهي إستثناء من هذا الأصل .
ويعد الأمر بالقبض والإحضار فى موضع وسط بين الأمر بالحضور من جانب ، والحبس الإحتياطي من جانب أخر ، من حيث أنه أكثر من الأول خطورة وتقيداً لحرية المتهم واقل من الثاني .
وهو يجوز فى الجنايات والجنح إذا توافرت شروطه ، ولا يجوز فى المخالفات .
ويجب سماع أقوال المتهم المقبوض عليه فوراً وإذا تعذر ذلك يودع فى السجن إلى حين سماعها ، ويجب إلا تزيد مدة إيداعه على أربع وعشرين ساعة فإذا مضت وجب عل مأمور السجن تسليمه إلى النيابة العامة (م131إجراءات ) ، وعليها أن تسمع أقواله . وبعد ذلك تخلى سبيله أو تأمر بحبسه احتياطياً فى الأحوال التي يجوز فيها ذلك .
ويشترط فى الأمر بالقبض والإحضار أن يشتمل على البيانات العامة التي تتضمنها الأوامر القضائية التي تصدرها سلطة التحقيق على نحو ما تضمنه المادة 127 من قانون الإجراءات الجنائية ، فضلا عن تكليف رجال السلطة العامة بالقبض على المتهم وإحضاره أمام المحقق إذا رفض الحضور طوعا فى الحال . هذا وقد نصت المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه فى الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يرى من *** إجراءه على المقبوض عليه صحيحاً أيا كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعمومية الصيغة التي ورد بها النص . لما كان البادي مما أثبته الحكم أن القبض على الطاعن قد وقع صحيحاً فإن تفتيشه بمعرفة الضابط قبل إيداعه سجن مركز الشرطة تمهيداً لتقديمه لسلطة التحقيق يكون صحيحاً أيضا وكذلك فإن بطلان القبض لعدم مشروعيته يبنى عليه التعويل فى الإدانة على أي دليل يكون مترتباً عليه أو مستمداً منه .
فضلا عن وجوب الإفراج عن المتهم فورا . وكذلك الشأن عند مرور أكثر من المدة المطلوبة وهى مدة الإيداع المؤقت فى الحبس فيترتب عليه بطلان القبض التالي لهذه الفترة ومن باب أولى الحبس الإحتياطي ، وما قد يسفر عنه القبض من أدله ولو كانت مستمدة من التلبس أو الاعتراف .
ولا يجوز تنفيذ أوامر الضبط والإحضار وأوامر الحبس بعد مضى ستة أشهر من تاريخ صدورها ما لم تعتمد لمدة أخرى (م139/2 ،201/2 إجراءات )
المطلب الثالث
الحبس الإحتياطي .
حبس المتهم احتياطيا أجراء شاذ وخطير ،ويمثل عقوبة مقنعه ومعجلة لمساسه بالحرية الشخصية للمتهم ، إذا أن الأصل هو إلا تسلب حرية الإنسان إلا تنفيذا لحكم قضائي واجب النفاذ إعمالا للمادة 67 من الدستور ، لكن قد تقتضيه مع ذلك مصلحة التحقيق منعا لتأثير المتهم فى الشهود وعدا أو وعيداً ، أو العبث بالأدلة أو درءا لاحتمال هروبه من الحكم الذي قد يصدر ضده ، باعتبار أن الحبس الإحتياطي كأحد أوامر التحقيق التي تستهدف تامين الأدلة من العبث بها إذا بقى حراً .
وإذا كانت القاعدة الأصولية تقضى بأن الضرورة تقدر بقدرها ، وإن القاعدة هي عدم مسئولية الدولة عن أضرار الحبس الإحتياطي ، فأنه يجب أن يكون الحبس الإحتياطي مقروناً بالضمانات التي أملته حتى لا يتعارض مع طريق البراءة ويتعين بالتالي الإفراج عن المتهم إذا زالت مبررات الحبس الإحتياطي .
فالكفالة المالية لها وظيفة الحبس الإحتياطي ، خاصة وأنه لم يقصد به تحقيق وظائف العقوبة ، بل نبالغ إذا قلنا أن الضمان المالي يفضل الحبس الإحتياطي ، لأنه أجراء غير مكلف للدولة .
ثانياً : استيفاء الدمغات
نص قانون المحاماة على وجوب لصق تمغة – المحاماة بمعرفة السادة المحامين – بواسطة أقلام كتاب النيابيات والمحاكم على اختلاف أنواعها ..... وأن لا تقبل هذه الجهات حضور المحامى ولا تقبل أوراقا منه إلا إذا سدد الدمغة أولا .
وإذا تعدد المحامون تعددت الدمغة .
فيجب على المحامى أن يسدد رسم دمغة المحاماة عند الحضور أمام النيابة ما لم يكن قد سددها فى الدعوى ذاتها قبل ذلك وإذا تعدد المحامون فى الدعوى الواحدة تعددت الدمغة .
وعلى كاتب الجلسة عدم الاكتفاء بذكر ما يدل على أن المحامى وعد بسداد الدمغة فى جلسه قادمة .... بل عليه أن يحصلها بلصق ما يوازى قيمتها من طوابع الدمغة .. فإن لم يفعل واثبت حضور المحامى اعتبر هذا دليلا على سدادها ويكون فى هذه الحالة مسئولا شخصيا عن توريد الدمغة إن لم يكن قد وردت مع تكليف أقلام مراجعة الرسوم بملاحظة استيفاء دمغه المحاماة عند مراجعة رسوم العرائض ورسوم القضايا المحكوم فيها والتأكد من تنفيذ هذه التعليمات – وتكليف المفتشين الإداريين بدورهم بمراقبة ذلك .
ثالثاً : تدوين أقوال المستجوبين بكل دقة وموضوعية .
تقضى القواعد العامة فى الإجراءات الجنائية بوجوب تدوين التحقيق باعتباره ضمانا للخصوم ، فيستطيع كل منهم الرجوع إلى ما جرى فيه ليبنى دفاعه على أساسة ونحن هنا نتكلم على التدوين من الناحية العملية ، ويقتصر على الإجراءات الأولية باعتبار أن باقي الإجراءات المتعلقة بالتحقيق يجرى إثباتها على حقيقتها .
1. وجود كاتب للتحقيق .
الأصل فى الإجراءات الجنائية أن يوجد مع المحقق كاتب للتحقيق يقوم بإثبات جميع إجراءاته ولن نعرض هنا ما يترتب على عدم اصطحاب المحقق معه لأحد الكتاب من بطلان أو صحة ، فهذه المسالة قد اختلف فيها الرؤى ودرسها مؤلفات الفقه فى شرح قانون الإجراءات الجنائية ، وإنما نفترض دوما ان المحقق يصطحب معه كاتباً .
فإذا اخطر عضو النيابة بالحادث وقرر الانتقال فانه إما أن يكون بمقر النيابة أو أن يكون قد بارحها . فى الحالة الأولى يصطحب معه أحد كتاب النيابة ، وفى الصورة الأخرى يقوم بالتنبيه بأخطار الكاتب الذي يلازمه فى الانتقال لمباشرة إجراءات التحقيق .
على أن هناك من الأحوال التى لا يكون فيها بالنيابة من يصاحب المحقق من الكتبة لا سبب من الأسباب ، أو قد ينتقل عضو النيابة قبل وصول الكاتب . وفى هذه الصورة لا يمكن أن تتعطل الإجراءات وإنما تبدأ مباشرتها على أن يستعين المحقق بأحد الأفراد العاديين – وغالبا من رجال الحفظ أو الضبط القضائي – ويحلفه اليمين القانونية بان يؤدى أعماله بالذمة والصدق ويثبت هذه الواقعة فى صدر المحضر . وينبغي على المحقق حينئذ أن يشرف إشرافا كاملا على الكاتب وفى توجيهه لقصور خبرته أو انعدامها . فإذا حضر كاتب التحقيق المختص تولى هو إتمام المحضر على أن يثبت وجوده .
ويجوز لعضو النيابة مباشرة بعض الإجراءات بنفسه حتى حضور كاتب التحقيق متى وكانت طبيعة الإجراء أو دواعي الحال تقتضى ذلك . فيجوز له أن يقوم بمعاينة محل الحادث واثبات ما يرى إثبات حالته . وقد ينتقل إلى المجني عليه أو إلى المتهم أن كان أيهما مشرفا على الموت ويقوم بسؤاله بصفه فورية إذا لو تريث قليلاً لوجد احتمال الوفاة وضياع الدليل .
2. افتتاح المحضر .
قد يكون لما يثبت فى افتتاحية المحضر أهمية بالغة فى تقدير الدليل الذي يستخلص من الأوراق ولذا تنبغي العناية بها عناية فائقة ، وهى تتناول عدة بيانات نوردها فيما يلي :
‌أ- أول ما تجب العناية بإثباته هو تاريخ افتتاح المحضر ووقت افتتاحه والتاريخ يثبت فيه أي أيام الأسبوع قد جرى التحقيق فيها واليوم والشهر والسنة بالتقويمين الميلاد والهجري ، وهذا التاريخ الأخير كثيراً ما يفيد فى تعرف حالة الضوء فى الليالي القمرية ، إذا كان الحادث قد وقع ليلاً وأخيرا يجب إثبات ساعة افتتاح المحضر . وذلك لأن حساب الزمن الفاصل بين فتح المحضر والتبليغ الأول قد يكون له أثره فى تكوين عقيدة القاضي عن احتمال العبث بالدليل . وأخيرا يجب ذكر مكان تحرير المحضر فكثيراً ما يفيد الخصوم من تعرف مكان التحقيق ، فقد تتأثر المحكمة حسب الأحوال بين ما إذا كان التحقيق يجرى فى دار النيابة أو فى السجن أو قسم شرطة أو دار العمدة وهكذا .
‌ب- ويثبت المحقق اسمه وصفته ، وأهمية هذا البيان تبدو فى تحديد ما إذا كان للمحقق حق مباشرة التحقيق من عدمه ، فمعاون النيابة – مثلا بمصر – لا تجوز له مباشرته بغير ندب لذلك ، وهناك خلاف حول إختصاص وكلاء النيابة الكلية ثم أن صفة المحقق تبين ما إذا كان مختصاً مكانياً من عدمه .
ويتلو بيان اسم المحقق بيان اسم كاتب التحقيق سواء أكان من كتاب النيابة العامة أو أخر انتدبه المحقق بعد حلف اليمين ، مع إثبات ذلك الحلف على ما سلف بيانه .
فازا كان المحقق منتدبا لتحقيق الواقعة تعين عليه أن يذكر أمر الندب الصادر له وصفه مصدر الأمر ، حتى تتبين صحة الإختصاص المركزي أو بطلانه .
‌ج- ويعقب هذا إثبات مجمل الإجراءات السابقة على بدء مباشرة وكيل النيابة لإجراءات التحقيق ، من تلقيه للبلاغ وانتقاله إن انتقل ، ومضمون محضر الاستدلالات إن وجد .
فيجب على المحقق أن يثبت البلاغ الذي تلقاه عن الحاث على الصورة التي وردت إليه فكثيراً ما يستند إلى الإشارة الأولى عن الحادث للاستدلال على إسناده إلى المتهم . ويحدث هذا فى الصورة التي لا يتهم المجنى عليه فيها أحدا بارتكاب الجريمة ، ثم إسنادها إلى فرد معين . أو أن يذكر بالبلاغ إن عدد الأعيرة التي أطلقت ثلاثة تم يثبت من المعاينة أنها أكثر أو اقل وهكذا . فقد تطمئن المحكمة فى تكوينها لرأيها إلى ما جاء بالبلاغ الأول لانتقاء مظنة العبث به . على أنه أن وجد خلاف بين البلاغ وبين ما يثبت فى الأوراق تعين على المحقق العناية باستجلاء ذلك الخلاف . ومما ينبغي على المحقق مراعاته وجوب إثبات ساعة وصول البلاغ إليه وتأشيره بذلك عليه ، لأن الوقت الفاصل بين وقوع الحادث والتبليغ وبدء التحقيق على ما سبق أن اشرنا – له أثر كبير فى تقدير الدليل .
فإذا قرر المحقق الانتقال وجب إثبات ساعة الانتقال ، وساعة الوصول وهى الغالب ساعة افتتاح المحضر .